أثير: 15 يونيو 2014م
أينما وجد العماني وجدت بطولاته ، ووجدت آثاره وتأثيراته التي ما زالت شاهدة على عظمته حتى الآن، هنا سوف نتحدث عن أحد الشخصيات العمانية البارزة التي شهد لها التاريخ في مقاومة المستعمر الألماني الغاشم بالبر الأفريقي بتلك الحقبة الزمنية من الاستعمار، هي ملحمة بالبطولات سطرها ذلك العماني الشهم الذي لم يتوان لحظة لقيادة الجيوش ، ومقاومة الإستعمار وتكبيده خسائر جمة، إننا نتحدث هنا عن الشيخ الشهيد العماني بشير بن سالم الحارثي الذي ولد في ظل عائلة ثرية كريمة حيث إن والده الشيخ سالم بن بشير الحارثي أحد أثرياء زنجبار الذين وقفوا مع السيد برغش ضد تقسيم الامبراطورية العمانية آنذاك.
لقد كان اندفاع المستعمر الألماني الغاشم بجرائمه نحو الساحل الشرقي لأفريقيا في منتصف ثمانينيات القرن التاسع عشر الميلادي سبب رئيسياً في تصدي العمانيين لهم تحت راية الجهاد والتحرير مع أخوانهم الأفارقة من وقع عليهم الظلم نتيجة استغلالهم وسرقة ثرواتهم من قبل المستعمرين الألمان والإنجليز على السواء.
لم يستطع الشيخ الشهيد بشير بن سالم الحارثي أن يظل مكتوف الأيدي ، وهو يرى حجم الظلم ، والدمار الذي خلفه المستعمر الألماني بالبر الأفريقي دون أن تثير ثائرته ، ويعلن الجهاد مع مجموعات كبيرة من المقاتلين الأفارقة ضد الألمان في الوقت الذي استطاعت من خلاله ألمانيا توقيع الكثير من الأتفاقيات التجارية لبسط نفوذها مع زعماء القبائل الأفريقية وبريطانيا مما تمخض عنه تقسيم مناطق النفوذ في السواحل الأفريقية بين الأنجليز والألمان باتفاقية ابرمت عام 1886م ، فتم تقسيم الاقليم الواقع بين نهري روفوما وتانا إلى منطقة نفوذ بريطانية ألمانية والخط الفاصل بينهما يمر من مصب نهر أومبا إلى الشمال الغربي حتى جنوب ساحل بحيرة فيكتوريا.
وقد ترتب على ذلك ردة فعل قوية لا يستهان بها من قبل السكان المحليين ضد أطماع هذا الإستعمار الذي عاث فساداً ونهباً في كل المناطق التي استولى عليها في البر الأفريقي، ولذا فإن الثورة ضد الوجود الألماني شملت الجميع بقيادة الشيخ بشير بن سالم الحارثي الذي عرف بتدينه ،وعفته ، وشجاعته حيث استطاع أن يجمع معه العرب والأفارقة بثورة عرفت في التاريخ بالثورة العربية السواحلية الأفريقية.
ولقد كانت هجمات الثوار بقيادة الشيخ بشير تتسم بالكر ، والفر بينهم وبين الألمان ، وخلفت الكثير من القتلى في صفوف المستعمرين الذين كانوا يستخدمون كل قواهم لدك الثوار ومحاولة التخلص من قائدهم العماني الشيخ الحارثي لأنهم يعلمون تماماً بأنه سبب قوة الثوار واستمراريتهم في تكبيد الجيش الألمان الكثير من الخسائر.
لم يتوان الألمان في جمع قواهم للنيل من القائد العماني حيث تم استدعى قوات ألمانية من المناطق الشمالية بقيادة فون جرافتراوت في 19 اكتوبر عام 1889م وتمكنت هذه القوات وبرفقتها أعداد هائلة من المرتزقة الأفارقة من مهاجمة الشيخ بشير وأصحابه في يومبو، ودارت معركة عنيفة غير متكافئة بين الطرفين وذلك لتطور الأسلحة الألمانية التي رجحت كفتهم في هذه المعركة، مما تسبب ذلك في تشتيت قوات الشيخ بشير وقتل الكثير من أصحابه المجاهدين، وقد حاول الشيخ التراجع واللجوء إلى جبال أوساجارا قاصداً منطقة فنجاني ، ولكن القدر لم يمهل الشيخ بشير بن سالم الحارثي حيث تم إلقاء القبض عليه وبالتعاون مع بعض الخونة من قبل القوات الألمانية في المنطقة الواقعة بين فنجاني وكومبي هو ومن معه من العرب العمانيين وبعض البلوش الذين اجتمعوا للجهاد ضد الإستعمار الألماني الغاشم .
وبعد ثلاثة أيام من إلقاء القبض عليه قامت السلطات الألمانية وبدون أي محاكمة بإعدام الشيخ الشهيد القائد العماني بشير بن سالم الحارثي شنقاً أمام العامة في قرية فنجاني وذلك في 15 ديسمبر من عام 1889م ، لتنتهي بذلك فصول قصة هذا المناضل العماني تاركاً خلفه تاريخا ناصعاً من الجهاد والمقاومة ضد الطغيان والاستعمار .
الشهيد بشير بن سالم الحارثي قبيل إعدامه بلحظات عام
١٨٨٩ م
No comments:
Post a Comment