Thursday, September 29, 2016

مراسلات زعماء الإصلاح

جريدة الرؤية : الثلاثاء 27/9/2016
زاهر بن حارث المحروقي



بَعْد استقرار السيِّد سعيد بن سلطان في زنجبار، أصبحتْ تلك الجزيرة المنسية درّة الإمبراطورية العمانية (آنذاك)، وعاصمة دبلوماسية مهمَّة في الشرق الإفريقي، وأقامت الدول الكبرى علاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع زنجبار، فغدتْ مركزاً تجارياً عالمياً بمقاييس تلك الفترة، ما لبثت أن أصبحت قبلة لزعماء الإصلاح في العالم الإسلامي، يتفاعلون مع سلاطينها في قضايا الأمة الإسلامية والأمور الثقافية وغيرها من القضايا المعاصرة.
وقد اهتمَّ الكثيرون من الباحثين بهذه الحقبة، منهم من اهتم بالجانب الاقتصادي، مثل د.سليمان بن عمير المحذوري الذي قدَّم دراسة مهمة عن التاريخ الاقتصادي لزنجبار في كتابه "زنجبار في عهد السيد سعيد بن سلطان"؛ أما الباحثان د.محمد بن ناصر المحروقي، وأ.سلطان بن عبد الله الشهيمي فقد اهتما  بمراسلات زعماء الإصلاح في الوطن الإسلامي إلى سلطانَيْ زنجبار، حمود بن محمد، وعلي بن حمود البوسعيديَّين، ما بين عامَيْ 1896 و1919م، التي صدرت ضمن منشورات جامعة نزوى، وبذل المؤلفان جهداً بحثياً كبيراً، تجلّى في منهج اختيار وترتيب الوثائق التي بلغ عددها 130 رسالة، وقدّما ملخصاً وافياً لمضامين مراسلات زعماء الإصلاح للسلطانَيْن، وهي لمجموعة من العلماء وكذلك رسائل لأئمة الحرمين الأشراف والمؤرِّخين والكتّاب والشعراء والأعوان، ومراسلات صحفية وصلتهم من وكالة رويترز والجريدة الزنجبارية وبعض الصحف والمجلات العربية. جاءت معظم الرسائل الواردة في هذا الكتاب من الأرشيف الوطني بزنجبار أثناء رحلة بحثية قام بها د.محمد المحروقي مع فريق البحث الإستراتيجي لـ"مصادر تاريخ علاقة عمان بشرق إفريقيا 1624-1663م".
يبرُز الكتاب الدور الثقافي للسلطانَيْن حمود بن محمد وابنه علي، في دعم الجهود الإصلاحية لعلماء وكُتَّاب وصحفيي العالم العربي في مطلع القرن العشرين؛ وذلك من خلال مجموعة كبيرة من الوثائق التي قام الباحثان بجمعها وفرزها وتحليل مضامينها. وتمَّ اختيار وثائق هذا الكتاب -حسب المقدمة- ضمن مجموعة مئات الرسائل المصورة التي تتناول موضوعات وأشكالاً شتى، كالمراسلات السياسية بين أقطاب العالم آنذاك وسلاطين زنجبار، منذ عهد السيد سعيد بن سلطان، ومراسلات أسرية بين أفراد في عُمان وأقاربهم، أو وكلائهم في زنجبار وشرق إفريقيا، وبعض الوثائق التي تخص أحكاماً قضائية وصكوكاً، لم ينفض الغبار عنها، من ممباسا والجزيرة الخضراء خصوصاً، كما أشار إلى ذلك د.محمد المحروقي في مقدمة الكتاب، وأوضح منهجية اختيار هذه الرسائل: "لقد قمنا بقراءة تلك الوثائق وفرزنا منها ما يتصل بالسلطانَيْن، ممّا كُتب إليهما أو في زمانهما، ممّا يتصل بمساهماتهما في رفد الثقافة العربية، وتعزيز جهود الإصلاحيين على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم، ولقد أفضى الفرز التحليلي لمضامين الوثائق إلى تحديد أربعة أقسام أساسية تندرج ضمنها تلك الوثائق المنتخبة، وهذه الأقسام هي العلماء، والشعراء، والأقران والأعوان، والصحافة؛ وكلُّ قسم يضم مجموعات أصغر، وقد وضعنا جداول لترتيب هذه الوثائق أخذاً في الاعتبار الأقدمية، ووضع الرسائل القادمة من مصدر واحد معاً، وفي هذه الجداول حرصنا على تعبئة الحقول باسم المُرْسِل والمُرْسَل إليه، ومحتوى الوثيقة وتاريخها وحقل الملحوظات".
لقد اجتهدَ الباحثان في فك طلاسم خطوط الرسائل الواردة إلى السلطانَيْن؛ حيث نشرا صورة من الرسالة الأصلية في الصفحة المقابلة فيما نشرت الرسالة بطباعة حديثة على يمين الصفحة تسهيلاً للقراء؛ بمعنى أنه تم نشر أصل تلك الرسائل بخطوط كُتّابها، ووصف ما تتضمنه تلك الرسائل من مادة علمية في متنها، لتسهيل قراءتها؛ حيث يتيح الفرصة للقارئ أن يقرأ الرسالة مطبوعة أو كما كتبها مرسلها. ويبدو من الصور المنشورة للرسائل أنّ كُتّاب السلاطين كانوا يعيدون كتابة الرسائل الواردة بالخط المغربي، بالخط المشرقي تسهيلاً للقراءة، وتكشف معظم الرسائل جمال الخط العربي، وجمال التعبير، ولولا الجهد المبذول في إعادة كتابة هذه الرسائل بالطباعة الحديثة فإنّ الجيل الجديد يصعب عليه قراءة تلك الخطوط.
يضمُّ القسم الأول مراسلات العلماء والأئمة والأشراف والكتّاب؛ منها: رسائل من الشيخين محمد بن يوسف أطفيش والإمام محمد رشيد رضا، وتتركز مراسلات الشيخ أطفيش حول متابعة طبع كتبه في زنجبار والقاهرة، فيما يكتب الشيخ محمد رشيد رضا رسالة إلى السلطان حمود بن محمد يُعرِّفه فيها برسالة صحيفة "المنار" التي أسسها، طالباً الدعم المادي؛ والرسالةُ دليلٌ على إسهام سلاطين زنجبار في دعم الصحافة العربية، "في وقت تخلّى عن هذا الدور الكثيرون من ولاة الأمر لعدم رغبة الدولة العثمانية في تنشيط حرية الرأي بين العرب للحفاظ على استمرارها"، كما أشار الشيخ رضا في رسالته. ثم هناك رسالة ثانية من صاحب "المنار" يعرِّف فيها السلطان حمود بمشروع جديد له، وهو تأسيس "جمعية العلم والإرشاد" بالآستانة ويطلب فيها دعم السلطان أيضاً، وقد تكون رسالة الشيخ محمد رشيد رضا -حسب رأيي- من أهمِّ الوثائق الواردة في هذا الكتاب؛ فهو يشرح للسلطان أهداف إنشاء هذه الجمعية ويقول: "يعلم مولانا السلطان ما عليه المسلمون من جميع الفرق من الضعف في العلوم والفنون والصناعات والآداب الاجتماعية والشؤون المدنية، ويعلم أنّ علة العلل لذلك هو سوء فهم الدين الإسلامي وكثرة البدع والتقاليد فيه، وجهل علمائه بتطبيق أصوله وأحكامه على مصالح البشر في هذا العصر، وتعصبهم لمذاهبهم التي فرَّقت الأمة الإسلامية وجعلتها شيعاً يعادي بعضها بعضاً. وقد دققتُ النظر في ذلك، فلم أر له علاجاً إلا تأليف جمعية إسلامية دينية علمية خيرية تجمع الإعانات وتربِّي طائفة من العلماء والمرشدين تبثهم على نفقتها في البلاد الإسلامية لإنارة عقول المسلمين، وأن تكون هذه الجمعية مؤلفة من جميع المذاهب الإسلامية كالسُّنيّة والشيعة والإباضية، وأن يكون ما أجمع عليه المسلمون هو معقد الارتباط فيها بين المسلمين، ويعذر بعضهم بعضاً في مسائل الخلاف ولا يتعادون في ذلك، وأن لا تشتغل الجمعية بالسياسة لا ظاهراً ولا باطناً".
وفي الكتاب رسائل ترد من صحفيين من مختلف أنحاء العالم، وكذلك مراسلات من الأديب جرجي زيدان صاحب مجلة الهلال ومؤلف الروايات التاريخية الإسلامية، وكذلك مكاتبات من عبد المسيح الأنطاكي صاحب مجلة العمران، يرسلها إلى كاتب السلطان الشيخ محمد بن سالم الرواحي يطلب فيها صورة السلطان علي وأبيه حمود، لطبعها في كتاب خاص عن ذكرى وفاة السلطان حمود.
أما رسائل الشعراء، فتأتي إلى السلاطين من عُمان والجزائر والشام، ومجملها  قصائد المديح، ومن بين الشعراء: محمد بن شيخان السالمي، وشاعر يدعى سالمين، ومن الشاعرات أنيسة عطا الله وروجينا عوّاد والكسندرا مليادي دي فيرينوه، وبعض القصائد تتصل بالشعر الغنائي الذي كانت تغنيه الفرق الموسيقية، بعضُها باللغة العربية الفصحى، وبعضها باللهجة الحضرمية.
ويُعتبر كتاب "مراسلات زعماء الإصلاح إلى سلطانَيْ زنجبار حمود بن محمد وعلي بن حمود" من الكتب المهمة لأنه يوثِّق التواصلَ الثقافي العماني العربي في فترة هامة، كان العالم يشهد فيه نهضة كبرى في المجالات كافة؛ وكثيرٌ من التاريخ العماني مجهول، لأنه بين ثنايا الوثائق المنتشرة في الهند والبرتغال وأوروبا وأمريكا وأفريقيا تحتاج إلى من ينقِّب عنها وفيها، لأنّ الجهل بالتاريخ يؤدي غالباً إلى التشكيك، ويجب أن يكون الاهتمام بالتاريخ باباً لبناء الحاضر والمستقبل وليس من باب التغني بالماضي فقط.

Thursday, September 22, 2016

Tuesday, September 20, 2016

المسلمون في زنجبار

موقع الإسلام الدعوي
الاثنين 3 ذو الحجة 1432

مجموعة دول شمال شرقي أفريقيا وشرقها: (إثيوبيا ـ إرتريا ـ أوجادين وأوروميا ـ كينيا ـ تنزانيا ـ زنجبار ـ أوغندا ـ موزمبيق ـ ملاجاش ـ موريشيوس ـ ريونيون ـ سيشل)
يرتبط الحديث عن تنزانيا بالأحداث المؤلمة التي وقعت في زنجبار في سنة 1964م، وأعقبها إعلان ضم زنجبار عنوة إلى تنجانيقا في اتحاد يحمل اسم تنزانيا، قام على أشلاء 23 ألف عربي من أبناء زنجبار قتلوا في الانقلاب الذي حدث بالجزيرة في (12 يناير سنة 1964م)، وتتكون كلمة زنجبار من (زنج) وهي كلمة عربية تطلق على بعض السلالات الأفريقية، و(بار) وهي كلمة فارسية ويقصد بها الساحل، وهكذا تعني زنجبار (ساحل الزنج)، وقد أطلقه العرب على كل ما عرفوه من ساحل شرقي أفريقيا.
الموقع والأرض:
تشمل زنجبار جزيرتي زنجبار وبمبا وعددًا آخر من الجزر الصغيرة، وتصل جملة مساحتها حوالي 2.460 كيلو مترًا مربعًا، والجزيرة الكبرى (زنجبار) تبعد عن الساحل الأفريقي بحوالي 35 كيلو مترًا، ويصل طولها 85 كيلو مترًا وعرضها حوالي 40 كيلو مترًا، أما الجزيرة الثانية (بمبا) فيبلغ طولها قرابة 78 كيلو مترًا وعرضها 23 كيلو مترًا، ولا تبعد كثيرًا عن الساحل الأفريقي، ويتكون أغلب سطح الجزيرتين من الرواسب المرجانية، ويمكن رؤية الساحل الأفريقي من الجزيرتين.
وموقع الجزيرتين يمتد بين دائرتي العرض الخامسة، والسابعة جنوبي الدائرة الاستوائية أمام ساحل شرقي أفريقيا المطل على المحيط الهندي، وتفصلهما قناة زنجبار عن اليابس الأفريقي، وتتصف أرض الجزيرتين بعدم وعورة التضاريس فيسودهما المظهر المنبسط، والمناخ السائد شبه استوائي، لطف من أحواله الموقع الجزري وسط المحيط الهندي، فعدل من الحرارة وزاد من تساقط الأمطار، غير أن الرطوبة المرتفعة والمطر يسقط معظم شهور السنة.

السكان والنشاط البشري:
يعيش بالجزيرتين قرابة 700 ألف نسمة، نصفهم من الشيرازيين، وربعهم من العرب، والباقي من الأفريقيين، ومعظمهم يعمل بالزراعة كحرفة أولى للسكان، وأهم الحاصلات القرنفل وقد أدخلت زراعته مذ عدة قرون، ويعتبر أهم الحاصلات النقدية لزنجبار، ويوجد حوالي 3 ملايين شجرة من القرنفل في جزيرة بمبا، وحوالي مليون شجرة في جزيرة زنجبار، وتمثل هذه المنطقة المصدر الأساسي للقرنفل في العالم، وإلى جانب هذا يزرع النرجيل والأرز وبعض الحاصلات الأخرى كالذرة، وقصب السكر.
كيف وصل الإسلام زنجبار؟
تاريخ الإسلام بهذه المنطقة مرتبط بوصول الهجرات العربية والشيرازية، إلى شرقي أفريقيا في نهاية القرن الهجري الأول، ومن أوائل الهجرات هجرة من قبيلة الأزد في سنة 95هـ وهجرة من قبيلة الحارث، ثم تلتها هجرات من الشيرازيين، وهكذا نقلت هذه الهجرات الإسلام إلى شرقي أفريقيا في وقت مبكر، وأصبحت زنجبار القطب الرئيسي لانتشار الدعوة الإسلامية في شرقي أفريقيا مع مرور الزمن، وانتقل منها إلى داخل القارة الأفريقية، وتأسست إمارات إسلامية على طول الساحل الأفريقي من الصومال شمالًا إلى موزمبيق جنوبًا، وظهرت دول إسلامية بشرقي أفريقيا، منها دولة الزنج وكانت مدينة كلوة عاصمتها. 
وبدأت مرحلة جديدة من تاريخ الإسلام بالمنطقة، وذلك عندما تصدت عمان لمقاومة النفوذ البرتغالي بشرقي أفريقيا، وخاضت حربًا شرسة ضدهم، وتمكن العمانيون بقيادة أسرة آل بو سعيد من تقليص نفوذ البرتغال بشرقي القارة، وبدأت نقطة تحول في تاريخ شرقي أفريقيا، بقيام سلطنة زنجبار في عهد السلطان سعيد، ونقل عاصمته من عمان إلى زنجبار، وقامت أول دولة آسيوية أفريقية، وأخذ الإسلام يتوغل مع قوافل التجارة إلى داخل القارة الأفريقية، وظلت الدولة الإسلامية في زنجبار تنعم بالاستقرار حتى ظهر الاستعمار الأوربي مرة أخرى بالمنطقة، فنفذت السياسة الاستعمارية إلى دولة آل بو سعيد، واقتسمت كل من بريطانيا وألمانيا شرق أفريقيا، وكانت زنجبار من نصيب بريطانيا إثر هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، واستقلت زنجبار في سنة 1383هـ - 1963م.

الانقلاب الدامي:
تكون حزبان سياسيان في زنجبار قبل استقلالها وفقًا لسياسة بريطانيا: حزب زنجبار الوطني في سنة 1375هـ / 1955م وقام على أساس العضوية المفتوحة لكافة المواطنين من كل جنس، وكان سكرتيره العام علي محسن، ثم الحزب الأفروشيرازي، ورأسه عبيد كرومي، وظهر على حلبة الصراع حزب ثالث، وهو حزب الشعب برئاسة محمد شامت، وهكذا نجحت بريطانيا في تفتيت وحدة الجزيرة بإثارة العصبية العنصرية بين القوميات الثلاث التي يتكون منها سكان الجزيرة، وخلال هذا الصراع زار الجزيرة جوليوس نيرري رئيس حزب تانو في تنجانيقا، ونجح في ضم الأفريقيين والشيرازيين في حزب واحد هو الحزب الأفروشيرازي نفسه، على أنه حزب الفقراء المدافع عن القومية الزنجبارية، وفاز في الانتخابات الحزب الوطني بـ12 مقعدًا، وحزب الشعب بـ6 مقاعد، والحزب الأفروشيرازي بـ13 مقعدًا، وأعلن استقلال زنجبار في (9 ديسمبر سنة 1963م). 
وفي (12 يناير سنة 1964م)، قام الحزب الأفروشيرازي بثورة مسلحة، وخلع سلطان زنجبار جمشيد بن عبد الله خليفة، وتوالت أحداث الانقلاب الدامي، ففي (ليلة 12 يناير سنة 1964م) وصلت ميناء زنجبار باخرة تحمل أسلحة لثوار أنجولا، وموزمبيق، وكانت وجهتها دار السلام بتنجانيقا، فحولت إلى ميناء زنجبار، وبترتيب خاص استولى اتحاد عمال زنجبار وبمبا المنشق عن الحزب الوطني بزعامة عبد الرحمن بابو، وأقاموا حزب الأمة، واستولوا على الأسلحة من الباخرة، ووزعوها داخل الجزيرة، وكان انفصال حزب الأمة عن الحزب الوطني إخلالًا بميزان القوة بالجزيرة، وساعد هذا على استيلاء الحزب الأفروشيرازي على السلطة.

تطورات الأحداث:
بدأت بمظاهرات وتجمعات صغيرة في أنحاء الجزيرة، وأخذت تتجه إلى قلب العاصمة في طريقها إلى قصر السلطان، وقاد المظاهرة عبيد كرومي، ولقد بدأ التخطيط لهذه الأحداث في تنجانيقا، حيث تسلل من دار السلام نحو 600 شخص بمراكب الصيد إلى زنجبار، وتوافرت الأسلحة عن طريق الاستيلاء على حمولة الباخرة الجزائرية (ابن خلدون) كما سبق فتوجهت إلى زنجبار بأمر وزير خارجية تنجانيقا (كميونا)، وكان رئيس لجنة تحرير أفريقيا، ولقد شاركت بريطانيا في هذه المذبحة بالتدبير، حيث عمد رئيس شرطة زنجبار البريطاني إلى تسريح الضباط الوطنيين في عطلة نهاية الأسبوع وأخفى مفاتيح مخازن السلاح، وهكذا كان التدبير المبيت لأحداث الانقلاب. 
ولقد سادت الفوضى مراحل الانقلاب التي استغرقت 12 ساعة، فكان قتل الأطفال والنساء والشيوخ العرب أمرًا عاديًا، وهجم المتظاهرون على قصر السلطان والحامية التي كانت تقوم بحراسته، وتمكنوا من دخول القصر بعد أربع ساعات، ولجأ السلطان إلى سفينة بريطانية حملته إلى بريطانيا، وقاوم على مسحن غير أنه هزم ولم يعرف مصيره، وأسفرت المجازر عن قتل 23 ألف عربي بجزيرة زنجبار، وتولى الحكم كرومي زعيم الحزب الأفروشيرازي، وظل يحكم زنجبار ممثلًا لاتحاد تنزانيا، والذي أعلن بعد الانقلاب في 26 أبريل سنة 1964م، وفي سنة 1392هـ - 1972م، اغتيل عبيد كرومي في مقر الحزب بزنجبار، ونفذ الاغتيال الضابط محمود علي سيف وهو شقيق إحدى زوجات كرومي من أصل عربي، وتولى الحكم عبود جمبي النائب الثاني لعبيد كرومي، ثم تولى الحكم بعده علي حسن الذي أصبح فيما بعد رئيسًا للجمهورية التنزانية، ثم خلفه إدريس عبد الوكيل.

أسباب الانقلاب:
تعود الأسباب لعدد من العوامل بعضها خارجي، والبعض الآخر داخلي، أو قد تعود إلى الميراث التاريخي لسكان زنجبار.  
أما الأسباب الخارجية فترجع إلى ظروف استعمار المنطقة، واقتسام النفوذ فيها بين قوى مختلفة، فلقد لعب التنافس الاستعماري دورًا هامًّا في هذا، ورغم اختلاف القوى الاستعمارية إلا أنها كانت متفقة على تنشيط التنصير المسيحي وحمايته، ونجحت في هذا إلى حد جعل معظم حكام شرقي أفريقيا من تلاميذ الإرساليات، وانعكس هذا الأمر على علاقة السكان ببعضهم، ولقد أثارت هذه السياسة النعرة العنصرية، واستخدم الاستعمار وما تبعه من بعثات تنصيرية أساليب ملتوية لإثارة التفرقة العنصرية، فلقد اتهموا المسلمين بارتكاب فظائع تجارة الرقيق وممارستها بين الشعوب الأفريقية، وهذا اتهام ضد المسلمين يتسبب في غضب الشعوب الأفريقية، واستغلت البعثات التنصيرية هذا بمهارة، فلقد أفاضت المؤلفات الأوربية في تلفيق تهم تجارة الرقيق، وهي عقدة أفريقيا النفسية. 
وفي مدينة زنجبار كنيسة قديمة مقامة في أحد الميادين القريبة من قصر السلطان، لا بد للسائح من زيارتها، ليعرف قصتها. كما أرادها المنصرون، فلقد نسجوا حولها قصة، ملخصها: أنها أقيمت مكان سوق الرقيق الذي أغلق في سنة 1883م، ويرمز وجودها إلى دور التنصير في إلغاء تجارة الرقيق، وزيادة في إتقان هذا الدور أن الصليب القائم على يسار الهيكل بداخلها صنع من الشجرة التي حددت قبر ليفنجستون، ولقد نسي هؤلاء أن الإسلام دين المساواة، والعدو الأول للتفرقة بين البشر، وتحول قصر السلطان في زنجبار إلى متحف يهدف إلى تشويه تاريخ العرب المسلمين في شرقي أفريقيا، وأطلق عليه (قصر العجائب)، فماذا يحتوي هذا المتحف؟ يضم مجموعات من الصور واللوحات تحمل الكراهية وتبثها بين المسلم الأفريقي والمسلم العربي. فبعضها تصور مجموعة من الأفارقة المكبلين في الأغلال تجرهم الخيول إلى أسواق الرقيق، وأخرى تصور أحد الحقول الزراعية ويعمل بها الأفارقة والسياط تلهب ظهورهم، والفاعل وفقًا للوحة عربي، وأخرى تمثل عربة يجرها الأفارقة ويجلس عليها عربي وحوله أسرته، وهكذا الدس الرخيص لبذور التفرقة بين المسلم وأخيه، وتحول هذا النشاط الدعائي إلى رصاص وجه إلى صدور العرب في زنجبار، واستطاعت الدعاية المغرضة أن تحمل العرب وحدهم مسئولية تجارة الرقيق، بينما لم يكن للعرب أي ذنب في نقل ملايين الأرقاء من أفريقيا إلى العالم الجديد، وهم الآن عشرات الملايين في الأمريكتين ومنطقة البحر الكاريبي. 
ومن الأسباب الخارجية أطماع الدول الأفريقية التي استقلت حديثًا في شرقي أفريقيا، فلقد زاد التنافس بين كينيا وتنجانيقا لضم زنجبار، ورغب جوموكينياتا في أن تتحد زنجبار مع كينيا، ولكن رفض عبيد كرومي معللا رفضه بسبب النفوذ البريطاني في كينيا، وشجعه نيرري على ذلك، ولهذا خطط نيرري للانقلاب الدامي، وفازت تنجانيقا بالاتحاد، ويضاف إلى الأسباب الخارجية لحدوث الانقلاب الدامي في زنجبار تجاهل بريطانيا لما كان يحدث بل شاركت فيه. 
ومن الأسباب الداخلية، أخطاء سلطان زنجبار في سياسة حكمه للطوائف المختلفة من السكان وفتح ميدان التنصير دون رقابة، وتغلغل نفوذ المنصرين والسماح لهم بتشويه تاريخ العرب بالجزيرة وشرقي أفريقيا، مما زاد فجوة الخلاف بين مختلف الطوائف، والتعاون مع السلطات البريطانية دون قيد أو شرط مما جعل الحزب الأفروشيرازي يربط بين الأسرة الحاكمة في زنجبار والاستعمار البريطاني، وتحمل 23 ألف قتيل من العرب أخطأ غيرهم، ولو لاحظنا أن عدد سكان دولة زنجبار كان حوالي 300 ألف، وأن العرب يشكلون ربع سكانها، أدركنا أن ثلث السكان العرب في زنجبار قد ذهبوا ضحية الانقلاب، وهذه خسارة فادحة تمثلت في قتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ. 
ورغم أن الغالبية العظمى من سكان زنجبار يعتنقون الإسلام، والشريعة السمحاء تناهض التفرقة العنصرية، وتساوي بين الناس، وأكد الإسلام هذا الهدف النبيل، إلا أن الحقد الذي أثاره المنصرون طغى على النفوس وأعمى القلوب فجعل المسلم الزنجباري يقتل أخاه المسلم. 
ومن الملاحظ أن زنجبار تتمتع بأغلبية إسلامية، فعدد المسيحيين بها لا يتجاوز 5%، ولكن إمكانيات البعثات التنصيرية المتفوقة جعلت منهم أقلية ذات شأن تحت سياسة العلمانية التي تتبعها تنزانيا، فهناك كنيسة لكل 100 مسيحي، وهذا توسع كنيسي ليس له ما يبرره في دولة إسلامية، ولا يتلقي المسلمون في زنجبار أية مساعدة من الحكومة، وذلك بسبب علمانيتها، لهذا يعتمدون على جهودهم الذاتية في تدبير شؤون دينهم.

ماذا بعد الانقلاب الدامي؟
بعد أن قتل عبيد كرومي تولى حكم زنجبار عبود جمبي كنائب لرئيس جمهورية تنزانيا، وسار في طريق إصلاح ما أفسده كرومي مما أثار غضب نيريري وحزبه، فوضعوا العراقيل والمتاعب في مواجهة جمبي، فاضطر إلى تقديم استقالته، وتولى حكم زنجبار بعده علي حسن الذي أصبح فيما بعد رئيس جمهورية تنزانيا، وعين بعده إدريس عبد الوكيل، ورأس الوزارة سيف شريف، وسعى رئيس الوزراء إلى العديد من الإصلاحات في زنجبار، وأخذ يجتهد لإعادة الهيكل الإسلامي لزنجبار مما دفع نيريري وحزبه إلى إقالة سيف شريف وتقديمه للمحاكمة بتهمة محاولة فصل زنجبار، وحاولت السلطات التنزانية تغيير الملامح الإسلامية لزنجبار مما دفع إلى قيام ثورة الشباب الزنجباري، وقتل البعض برصاص التنزانيين وسجن البعض الآخر، ودخل سيف شريف السجن بحجة محاولة فصل زنجبار عن الاتحاد، ويطالب شعب زنجبار الاستفتاء على الانفصال عن تنزانيا.

التطهير العرقي بزنجيار

زنجبار ارض مسلمة منذ القرن الأول الهجري حكمها العرب العمانيون قرابة ألف عام وما زال الحنين بين أهل سلطنة عمان وأهل زنجبار قائما فكثيرا من عائلات الطرفين جذورها في ارض الآخر . وقد تم ضم الجزيرة قسرا مع منطقة تنجانيقا ليتم تشكيل ما يسمى الآن بدولة تنزانيا 1964. ولكن الآثار العمرانية الاقتصادية والإسلامية في زنجبار ما زالت شاهدة على الأخوة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ بين الارضين العمانية والزنجبارية كما يشهد جهل الكثير من أبناء الإسلام بتاريخ ومكان الجزيرة على التشرذم بين أراضى الإسلام والذي لم يعد هناك وقت للإبقاء عليه.
مقدمات زوال الحكم العربي الاسلامى
على الرغم مما حققه السلطان سعيد بن سلطان في تقدم وازدهار زنجبار وإعلاء شأنها فيما حولها من بلدان إلا انه زرع بذور ضياع هذه الجزيرة الغنية الجميلة من يد العرب والحكم الاسلامى دون ان يدرى.
وذلك ان السلطان وكان قد اطمأن إلى حكمه في شرق أفريقيا وافق على التعاون مع عدد من الدول الغربية ومنها أمريكا وبريطانيا معه خاصة في المجال التجاري حيث سارعت هذه الدول إلى التقرب إليه بالهدايا والمشاريع والسلاح كعادتها في عدم ترك اى مكان غنى وجميل في الدنيا دون ان يكون لها فيه نصيب . وكان لبريطانيا النصيب الأكبر في السيطرة على اقتصاد الجزيرة أوصلهم إلى السيطرة على أمورها سياسيا بل ورفع علمهم عليها عام 1843 في ظل حكمه .
وفى 19 أكتوبر من عام 1856 توفى السلطان سعيد على متن الباخرة فيكتوريا (لاحظ ما يوحى إليه هذا الاسم من تقارب بريطاني) ودفن في زنجبار فوقع الخلاف بين أولاده على الحكم وبعد تقسيمه كانت الجزيرة من نصيب يرعش بن سعيد وذلك بعد ان تدخلت بريطانيا في تقسيم الملك بزعم فض الخلاف بين الإخوة مما أسفر عن انفصال زنجبار عن المملكة البوسعيدية بعمان ولكن بشكل غير تام حينئذ .
وفى عهد السلطان على بن سعيد أعلنت بريطانيا الوصاية (الاحتلال) على الجزيرة نوفمبر عام 1890 ولم يكتف الغرب بذلك بل مدت أمريكا ذراعها هي الأخرى في إدارة البلاد . واستمرت هذه الوصاية حوالي 70 عاما وعندما أرادت الانسحاب قامت كعادتها بترتيب خطة تستطيع بها البقاء الفعلي بعد خروجها ظاهريا فكانت المؤامرة التي دبرته للإطاحة التامة بالحكم العربي الاسلامى والذي تم عام 1964 .
التنازل عن مقديشو في 1905 لإيطاليا وممباسا لكنيا في 1963.
استقلت من بريطانيا كسلطنة ذات سيادة في 19 ديسمبر 1963.
دخلت تنجانيقا مع زنجبار في اتحاد فدرالي ليشكلا تنزانيا (بأخذ الحرفين الأولين من كل منهما) في 12 يناير 1964.
12 يناير 1964 - عبيد كرومي يقوم بإنقلاب ضد السلطان جمشيد بن عبد الله في سلطنة زنجبار (الواقعة حاليا في تنزانيا) والتي كانت خاضعة لحكم البوسعيديين بعمان، ويعلن قيام الجمهورية.
وقد قتل خلال هذا الانقلاب 16 ألف عربي، وعدد كبير من المسلمين. في مذبحة تطهير عرقي مريعة جدا.
مؤامرة الاستعمار والانقلاب
قبل 9 سنوات من إعلان الاستقلال الرسمي الوهمي بدأت بريطانيا في تنفيذ سياستها (فرق تسد) فعمدت إلى تكوين حزبين سياسيين يفرقان بين المسلمين من اصل عربي والمسلمين من اصل افريقى وشيرازي تمهيدا لحرب أهلية تطيح بالعرب المسلمين وحكمهم. وهذان الحزبان تشكلا كالآتي:
(1) - حزب زنجبار الوطني : وتكون سنة 1955 على أساس عضوية مفتوحة لكل الاهالى وسكرتيره على محسن.
(2) - الحزب الافروشيرازى : ويضم الإفريقيين والشيرازيين في جبهة واحدة بزعامة عبيد كرومي وكان للقس جوليوس نيريرى من تنجانيقا دورا في ذلك .
(3) - وظهر بعد ذلك في الحلبة حزب الشعب بزعامة محمد شامت . وجرت انتخابات فاز فيها الحزب الوطني الانقلاب الأحمر: في عام 1964 وبالتحديد في شهر يناير كشف الحزب الافروشيرازى عن حقيقته البشعة - والتي لم تكن تمثل كل المسلمين الإفريقيين والشيرازيين كشعب بل يمثل أقلية فاسدة منهم -
ذلك ان قام بثورة مسلحة في غفلة من نظام الحكم ومن الشعب عبر مكيدة تفاصيلها كالآتي:
1- الاستيلاء على سفينة أسلحة جزائرية تسمى ابن خلدون ذاهبة إلى موزنبيق عبر 600 قارب صيد تم استقدامهم سرا من تنجانيقا المجاورة لتوفير السلاح .
2- قام رئيس شرطة زنجبار الانجليزى بتسريح الضباط الوطنيين العرب واخفاء مفاتيح السلاح حتى ينقطع السلاح عن ايدى المسملين العرب .
3- نظم الحزب الفروشيرازى مظاهرات بقيادة رئيسه كرومى وتم توجيهها إلى قصر السلطان جمشيد بن عبد الله خليفة وقد لجأ السلطان إلى سفينة بريطانية حملته إلى بريطانيا (دولة الاحتلال السابقة) .
وبدأت المذبحة التي خططت لها بريطانيا قبل 9 سنوات حيث سادت الفوضى وقام بعض المأجورين من الأفارقة والشيرازيين بهجوم شامل على العرب وخلال دقائق أصبح التفكير في قتل شيخ أو امرأة عربية أسهل من التفكير في قتل نملة وقاوم على محسن زعيم الحزب الوطني حتى قبض عليه ولم يعرف مصيره وانتهى الأمر باستشهاد أكثر من عشرين ألف عربي على حد ما ذكرته بعض المصادر .
أسباب الانقلاب:
من الصعب جدا تخيل ما حدث للعرب المسلمين على يد مسلمين مثلهم بعد ان عاشوا سويا قرابة مائة عام يربط بينهم عامل واحد هو الدين يرفعونه فوق كل اعتبار فما هي الأسباب التي رسمت هذه الواقعة ؟
أسباب داخلية:
1- النشاط التنصيرى المسيحي مما جعل كثير من كبار الساسة من تلاميذه.
2-إثارة النعرة العنصرية بين المسلمين خاصة بعد ان أشاع الاستعمار ان العرب كانوا من تجار الرقيق في تجاهل للاتفاقية التي وقعها السلطان سعيد بن سلطان مع بريطانيا لإلغاء هذه التجارة التي كان يقوم عليها الغزو الغربي.
3- مطامع دول الجوار وخاصة كينيا وتنجانيقا في ضم زنجبار إليها واستقطاعها من حكم الدول العمانية ويؤكد ذلك دور تنجانيقا في تسليح من قاموا بالمذبحة .
4- رغبة الدول الغربية في تقويض الإسلام في زنجبار خاصة نظام الحكم لأنها كانت بوابة أفريقيا الشرقية ومنها دخل الإسلام لأغلب الدول الأفريقية الشرقية والوسطي.
أسباب أخرى:
أخطاء سلطان زنجبار في سياسة حكمه للطوائف حيث فتح باب التنصير دون رقابة فتغلغل وشوه تاريخ العرب.
2- توثيق العائلة الحاكمة لعلاقاتها ببريطانيا منذ عهد السلطان سعيد بين سلطان مما أثار سخط المسلمين الأفارقة وشعورهم بان العرب هم من جلب الاحتلال إلى بلادهم .
تبعات الانقلاب والسنوات التالية
بعد المذبحة تولى الحكم عبيد كرومى الذي حكم زنجبار باعتبارها تابعة (قصرا) لاتحاد تنزانيا والذي أعلن عقب الانقلاب وتكون من زنجبار وتنجانيقا وقد قتل كرومى 1392 ه - 1972 م في مقر حزبه على يد الضابط محمود على سيف شقيق أحدى زوجاته من اصل عربي .
وكان يحكم اتحاد تنزانيا آنذاك القس جوزيف نيريرى الذي سبق وان شارك في التخطيط للانقلاب الدموي وكانت سياسته وديدنه إزالة أثار الحكم العربي الاسلامى في البلاد سواء تنزانيا بشكل عام أو زنجبار بشكل خاص
حتى انه كان يقيل كل من يجد لديه النية أو الحنين إلى الوجه العربي والمسلم للجزيرة مثل سيف شريف .
- توسع النشاط التبشيري التنصيرى حتى أصبح لكل مسيحي 100 كنيسة في بلد يشغل فيه المسيحيون اقل من 3% وصار اقتصاد البلاد بأيديهم وكذلك الوظائف الحكومية المرموقة .
السنوات التالية:
من ابرز نتائج ما سبق ان أصبحت زنجبار تتبع الحكم العلماني الذي انتهجته تنزانيا مما اضعف كثيرا من تعريف الأجيال الجديدة بتاريخها وإسلامها.
-تتمتع زنجبار بحكم ذاتي في ظل الاتحاد من حيث التمثيل الوظيفي (رئيس - مجلس نواب- رئيس وزراء ) . ولكن الوزارات الهامة كوزارة الدفاع والخارجية والتعليم بيد الحكومة الاتحادية النصرانية. ومن المضحك المبكى انه تم في عام 2001 تعيين وزير "نصراني"
لرئاسة الوزارة الخاصة بالشؤون الدستورية وهى المخولة بإدارة الإفتاء والأوقاف والمحاكم .الإسلامية في زنجبار‍
- أصبح المسلمون يعتمدون على الجهود الذاتية لا على الدولة في دعم وتدبير شئونهم وخاصة الدينية والدعوية بسبب علمانية الحكومة .
- قامت ثورة قادها الشباب الزنجبارى احتجاجا على مساعي الحكومة التنزانية لتغيير الملامح الإسلامية في الجزيرة فقتل بعضهم بالرصاص وسجن البعض الأخر .
- يطالب الشعب الزنجبارى بالاستقلال وإعادة الحكم والوظائف القيادية إلى مسلميه وتطبيق الشريعة الإسلامية
- خلال الانتخابات التي جرت عام2000 تكشف للعالم حقيقة الحكم الحالي لتنزانيا حيث خرجت مظاهرات كبيرة في زنجبار تؤكد على ان الانتخابات غير شرعية وتم فيها تزوير كبير أفضى عن فوز مرشح الحكومة الاتحادية النصرانية إمام مرشح حزب "الجبهة المدنية المتحدة" وهو الحزب الاسلامى بزنجبار.
التقرير من إعداد/ أختكم نسائم الإيمان
المصدر وكالة نبأ الإسلامية للأخبار

الاحتلال الأوربي لشرق أفريقيا

قصة الإسلام 
2/5/2010

التحرك الصليبي ضد الإسلام

وللحديث عن هذا العهد سنقسِّم دول شرق إفريقيا إلى دول ذات أغلبية مسلمة، وأخرى ذات أقلية مسلمة. أما الدول ذات الأغلبية المسلمة فهي الموضحة بالجدول التالي:
-       الصومال .. 100%
-       جيبوتي .. 100%
-       جزر القمر .. 99.5%
-       إريتريا .. 85%
-       تنزانيا .. 65%
-       إثيوبيا .. 65% .. ورغم أن الأغلبية المسلمة إلا أن الأرثوذكسية هي الدين الرسمي للدولة!!
-       موزنبيق .. 55% [1]
بدأت الصليبية العالمية في التحرك عقب سقوط الأندلس عام 1492م، فتوحَّدت كل القوى الصليبية بمباركة البابوية، والهدف هو تَعَقُّب المسلمين، والقضاء على آخر معاقلهم على الساحل الإفريقي، ترتَّب على ذلك أن قامت الحملات الاستعمارية المتتالية في محاولة جادَّة لتطويق المسلمين، وذلك بمساندة ملوك إفريقيا النصارى، وعلى رأسهم ملك الحبشة، فلمع نجم البرتغاليين والأسبان من القرن الخامس عشر حتى القرن التاسع عشر الميلادي، لكن الصبغة التي انتحاها كلٌّ من البرتغاليين والأسبان كانت صبغة صليبية صِرفة، من أجل القضاء على المسلمين، وتتبُّع الهاربين من الأندلس[2].
كان "فاسكو دي جاما" قد وصل إلى نهاية القارة الإفريقية عام 1491م ودار حول القارة الإفريقية حتى وصل إلى الساحل الشرقي، وقد رسا بأسطوله عند مصب نهر أطلق عليه الرحمة، فوصل إلى ثغر موزمبيق في مارس عام 1498م، وبعد رحيل فاسكو دي جاما قَدِم فرنسيسكو ألميدا[3]، وبدأت ظاهرة جديدة هي الاستعراض بالسلاح، من خلال الأساطيل البحرية البرتغالية في المحيط الهندي. وعلى الرغم من الترحيب الذي كان يَلْقَاه البرتغاليون من العرب والأفارقة إلا أن السياسة البرتغالية المتَّبعة كانت تعتمد على استعراض القوَّة، والبطش في التعامل، ولما احتلَّ البرتغاليون جزيرة زنجبار في الساحل الشرقي الإفريقي كان الهدف الأساسي لها هو محاربة الإسلام، وإجهاض الإمارات الإسلامية في شرق إفريقيا، وهو ما اتَّضح جليًّا حينما "استطاعت البرتغال عام 1542م أن تساعد الحبشة المسيحية، وأن تمنع القوَّة التركيَّة الموجودة في سلطنة عدن الصومالية من دخول المملكة الحبشية المسيحية"[4].
استقرَّ الأمر للبرتغاليين في الفترة ما بين 1498م إلى 1698م، قاموا خلالها بتكثيف مخططهم، وهو الدعوة للإنجيل والمسيح، وكانت الحروب الشرسة التي قامت بين البرتغاليين وقاطني المناطق الشرقية من إفريقيا -خاصَّة المسلمين منهم- بمنزلة حروب صليبية حقيقية على غرار ما كانت من الأوربيين أنفسهم في حوض البحر المتوسط خلال القرن الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين.
وحينما سقطت البرتغال في يد ملك إسبانيا فليب الثاني، وإعلانها تابعة لسلطان إسبانيا عام 1580م، بدأت البرتغال في فُقْدَان مستعمراتها الإفريقية، بسبب ضعف مواردها البشرية؛ فهي دولة صغيرة محدودة المساحة والسكان، وهو ما أدَّى إلى "عدم قدرتها على السيطرة التامة على هذه الإمبراطورية الساحلية الكبيرة، التي بسطت نفوذها عليها"[5].

الصراع العربي الأوربي في شرق إفريقيا

وعندما تحرَّرت عُمَان من الاستعمار البرتغالي عام 1650م في عهد الأمير سلطان بن سيف، هبَّ هذا السلطان في نفس العام لمهاجمة المستعمرات البرتغالية في السواحل الشرقية لإفريقيا، وبدأت الحاميات البرتغالية الممتدَّة على الساحل الشرقي في السقوط والتقهقر، حتى كانت النهاية الفاجعة للبرتغاليين والمتمثِّلة في سقوط قلعة يسوع المسيح، وإخضاع ممبسة عام 1698م، وبعد ضعف دولة اليعاربة في عُمَان، استقلَّت معظم الإمارات الإفريقية الشرقية، وكان ذلك في عام 1744م[6].

أسباب الاحتلال الأوربي للقارة الإفريقية

ولم تكد هذه الدُّول تستقرُّ حتى بدأت قوًى استعمارية أخرى لا تَقِلُّ خطورة عن البرتغاليين والأسبان، فتكالبت كلٌّ من فرنسا، وألمانيا، وإنجلترا، وبلجيكا، وهولندا، وإيطاليا، بجانب البرتغال وإسبانيا، على القارَّة الإفريقية العاجزة، وكان من جملة الأسباب الرئيسية في احتلال الأوربيين للقارة الإفريقية ما حدث بعد هزيمة الفرنسيين على يَدِ بسمارك المستشار الألماني، وعَقْدِ معاهدة فرانكفورت عام 1871م، التي أَجْبَرَت فرنسا على التنازل عن إلزاس واللورين[7]لألمانيا، وهو ما أهَّل ألمانيا من الناحية المعنوية وخاصَّة عند الشباب الألماني، والناحية المادَّية -والمتمثلة في زيادة الثروات الاقتصادية- في البحث عن مناطقَ جديدةٍ لفرض السيطرة، ولزيادة قدرتها التنافسية، من أَجْلِ تحسين صناعتها، وتطوير التجارة الألمانية.
صورة جنود أفارقة بمستعمرة الكاميرون الألمانية
ومع كلِّ هذه المخططات الألمانية لم تَكُنْ ألمانيا على استعداد في مواجهة جديدة ضدَّ أي قوَّة أوربية أخرى، خشية أن تَعْتَرِضَها فرنسا التي لم تَثْأَرْ لهزيمتها بعدُ، فاتَّجهت ألمانيا إلى القارة الإفريقية، وكوَّنت في غضون عام واحد أربع مستعمرات شملت كُلًّا من تنجانيقا -تنزانيا حاليًّا- في شرق إفريقيا، والكاميرون وتوجو في الغرب، وناميبيا في جنوب غرب القارة الإفريقية[8].

كلُّ هذه التحرُّكات الألمانية وما قابلها من تحرُّكات فرنسية استعماريَّة في إفريقيا، دفعت بريطانيا للخروج من عزلتها وانحيادها في التحرُّك في جنوب القارة، فبدأت الصراعات بين القوى الثلاث، وبدأت المحالفات بين ألمانيا والبرتغال مذكِّرة الأخيرة ما كان لها من مجد قويٍّ يجب إحياؤه من جديد، وقد لاقت المعاهدة البريطانية البرتغالية الموثَّقة في عام 1884م معارضة قويَّة، أحدثت تقاربًا بين كُلٍّ من ألمانيا وفرنسا[9]، فأسرعت كلُّ قوَّة من هذه القوى في السيطرة على مناطق جديدة في القارة، فتطلعت إيطاليا في السيطرة على بعض الأجزاء وخاصَّة في المناطق الشرقية من إفريقيا، وفكَّر ملك بلجيكا ليوبولد في السيطرة على حوض نهر الكونغو، الذي كان منطقة إستراتيجية[10]، كلُّ هذا بهدف بناء الإمبراطوريات، وتحقيق الأمجاد القوميَّة، وسيادة الرجل الأبيض، وتطبيق النظريَّات العنصرية، كلُّ هذه الأسباب جعلت الدول الأوربية تسعى سعيًا حثيثًا للجلوس معًا للتفاهم، وهو ما كان مسوِّغًا أساسيًّا في عقد مؤتمر برلين عام 1884- 1885م.

تقسيم إفريقيا

دَعَتْ بريطانيا ألمانيا إلى عقد مؤتمر دَولي لشئون إفريقيا في برلين، يجمع الدُّول المتصارعة مع روسيا، والنمسا، والدنمارك، والسويد، وإيطاليا، وتركيا، والولايات المتحدة، واتخذ المؤتمر مجموعة من القرارات، كانت في مجملها تَنُصُّ على حُرِّيَّة التجارة في حوض الكونغو والنيجر، وإلغاء الرقيق، وحياد إقليم الكونغو، ووَضْعِه تحت سيطرة ملك بلجيكا، وقرَّر المؤتمر حُرِّيَّة الملاحة، في حوضه وحوض النيجر، وأصدر المؤتمر قراراته التي وضعت اتجاهات تجزئة القارة دون حسابٍ لحقوق مواطنيه[11]؛ فوقع شرق إفريقيا بعد التقسيم تحت الاستعمار، فكانت ممتلكات فرنسا في الشرق الإفريقي الصومال الفرنسي (جيبوتي) ومدغشقر، واحتلَّت إيطاليا الصومال الجنوبي وإريتريا، واحتلَّت بريطانيا الجزء الشمالي من الصومال المعروف حاليًّا بجمهورية أرض الصومال، وجزيرتَيْ زنجبار وتنجانيقا، وكينيا وأوغندا، كما احتلَّت ألمانيا تنجانيقا (إفريقيا الشرقية الألمانية)، واحتلَّت البرتغال موزمبيق[12].
وبالرغم من خروج المؤتمر بالعديد من القرارات والموادِّ، إلاَّ أن المسائل المُهِمَّة والمتمثلة في القضايا الإقليمية الكبرى قد تمَّت دراستها والاتِّفاق بشأنها في سلسة من الاتِّفاقيات الثنائية امتدَّت عَشْرَ سنوات متواصلة بعد المؤتمر.
صورة مكتوب عليها الاتفاق الأوربي على تقسيم أفريقيا
وكانت السياسة المتَّبعة مع دُول شرق إفريقيا من جانب المستَعْمِر أن يتعامل معها تَبَعًا لموقعها الجغرافي والاستراتيجي، فكانت الصومال وكينيا وأوغندا من الأهداف الإستراتيجية لبريطانيا لتأمين مصر خصوصًا بعد افتتاح قناة السويس عام 1869م؛ فأوغندا منبع النيل، وهو ما يجعل الوضع مستقرًّا في مصر، واحتلال الصومال الشمالي يؤمِّن للإمبراطورية البريطانية حماية الطريق المؤدِّيَة للهند، أما موزمبيق بالنسبة للبرتغال فهي بمنزلة افتخار لحركات الكشوف الأولى للقارة الإفريقية، التي يرجع الفضل فيها للبرتغاليين أنفسهم، خصوصًا أن موزمبيق قد احتُلَّت مدَّة خمسة قرون كاملة.
وطِبْقًا لمؤتمر برلين لم تُقَسَّم إفريقيا بالتساوي، فلم ترضَ كلٌّ من ألمانيا وإيطاليا عن نصيبيهما، فبدأت ألمانيا في زيادة قدراتها الحربية والعسكرية، بإنشاء الأساطيل الألمانية البحرية في عام 1897م، مسيطرةً بذلك على بحر الشمال، ثم بَدَأ النزاع بين فرنسا وألمانيا على القضية المراكشية[13]، فكان ممَّا لا بُدَّ منه وقوع نزاع جديد لإعادة تقسيم القارة والمستعمرات.
ونشبت الحرب العالمية الأولى، ولتفوُّق الحلفاء العسكري -وخاصَّة من الناحية البحرية- وعَجْزِ ألمانيا على حماية البحار الواقعة تحت سيطرتها، استطاعوا إخراجها من إفريقيا، وكان وراء هذا الصراع معاهدات سرِّيَّة، فمنها معاهدة لندن السرِّيَّة (26 من إبريل 1915م)؛ فقد قدَّمت كلٌّ من بريطانيا وفرنسا وَعْدًا إلى إيطاليا لحصولها على أجزاءٍ من إفريقيا، ووافقت الدولتان على تقسيم ممتلكات ألمانيا، بِنَاء على هذه الاتِّفاقيات السرِّيَّة، ثم هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، فوقعت المستعمرات الألمانية تحت الانتداب، فوُضِعَتْ إفريقيا الشمالية الشرقية التي كانت مستعْمَرَة ألمانية تحت الانتداب البريطاني، وسُحبت تنجانيقا، واستُثْنِيَت رواندا أوروندي فانْتُدِبَتْ لها بلجيكا[14].
كل هذه الانتدابات ذات الأهداف التي كانت تدور في مجملها على تنمية الشعوب، ورفاهيتها، ورفع مستواها السياسي، كانت في حقيقتها مجموعة من الأباطيل؛ إذ هدف الاستعمار في حقيقته استنزاف الشعوب، والقضاء على خيراتها.

العالم الإسلامي تحت الاحتلال

وفي هذه الأثناء كان العالم العربي الإسلامي في سُبَاتٍ عميق، وتحت وطأة استغلال بغيض، فقد الْتَفَّت بريطانيا حول الوطن العربي، فاحتلَّت عدن في عام 1839م، كما احتلَّت فرنسا إفريقيا الشمالية (الجزائر)، ثم احتلَّت بريطانيا مصر في عام 1882م، وهو ما جعل شوكة هذه الدُّول في الازدياد والقوة، فوقعت معظم دول إفريقيا، ومنها شرقي إفريقيا تحت وطأة الاحتلال الأوربي.
ونظرًا لهذا الضعف العامِّ الذي أصاب العالم الإسلامي، ففقد هيبته أمام المجتمع الدُّولي، ظلَّ المحتلُّ الغربي جاثمًا على صدور الأفارقة -واتسم الغالبية منهم بالإسلام- مستنزِفًا لثرواتهم، ومضيِّعًا لحقوقهم، إلا أن هناك مجموعة من الدُّول استطاعت التحرُّر والاستقلال، وساعدت بكل ما أُوتِيَت من قوَّة كل الدُّول الإفريقية الأخرى في التحرُّر؛ ففي اجتماع "أكرا" عاصمة "غانا" في إبريل عام 1958م -والذي اشتركت فيه مجموعة الدُّول الإفريقية الثماني[15] عدا جنوب إفريقيا- طالب الأعضاء بضرورة مساعدة الشعوب غير المستقلَّة في نضالها من أجل الاستقلال[16].
ثم إن الدول الأوربية المستعمِرة كانت قد انتهجت أسلوبًا جديدًا في فلسفة الاستعمار ومفهومه، وهو استنزاف خيرات الدول، وتسيير مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية دون وقوعِ خسائرَ في الأموال والأنفس، خاصة بعد قيام الحركات التحررية في إفريقيا (1955م - 1965م) بالجهاد ضدَّ المستعمر.
وإذا كُنَّا فيما مضى نتحدث عن شرق إفريقيا بصفة عامَّة، فالحال هنا مختلف؛ نظرًا لما أصاب هذا الشرق من تفكُّك بعد الاحتلال، وتفكيكُ التكتلاتِ الكبيرة هي وسيلة استعمارية لا تتغيَّر، يَتَّبعها المحتلُّون لتقطيع أوصال الضحيَّة، حتى يَسْهُلَ السيطرة عليها، ومن ثَمَّ نتحدَّث عن هذه الدُّولِ كلٍّ على حِدَة.

[1] انظر: د. شوقي أبو خليل: أطلس دول العالم الإسلامي، طبعة دار الفكر العربي، بيروت 2001م.
[2] عبد الله عبد الرازق: الإسلام وتحدّي الاستعمار الأوربي في إفريقيا ص9، 10 بتصرف.
[3] هو أحد قوّاد الملك "مانويل الأول" ملك البرتغال أرسله لاحتلال الهند، واستكشاف المناطق الساحلية المواجهة لبحر العرب.
[4] عبد الفتاح مقلد الغنيمي: الإسلام والمسلمون في شرق إفريقيا ص173.
[5] المصدر السابق ص185.
[6] السابق نفسه ص190-200 باختصار وتصرف.
[7] منطقتان فرنسيتان احتُلتا من قِبَلِ ألمانيا أثناء الحرب الألمانية الفرنسية عام 1871م، وقد استردتها فرنسا عقب هزيمة الألمان في الحرب العالمية الثانية.
[8] عبد الله عبد الرازق: الإسلام وتحدّي الاستعمار الأوربي في إفريقيا ص18، 19 بتصرف.
[9] المصدر السابق.
[10] يُعتبر حوض نهر الكونغو منطقة استراتيجية بالنسبة لكل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، باعتباره منطقة مهمة للنفوذ التجاري لكل من البلدان السابقة.
[11] عبد العزيز رفاعي: مشاكل إفريقيا في عصر الاستقلال ص56 بتصرف.
[12] المصدر السابق ص57 بتصرف.
[13] الأزمة المراكشية: أرادت ألمانيا أن تَحُولَ بها دون عزم فرنسا على توطيد نفوذها في مراكش، غير أن الحكومة الألمانية لم تنلْ في هذه الأزمة سوى نجاح جزئي؛ لأن مؤتمر الجزيرة الذي انتهى في نيسان 1906م، أعاق عمل فرنسا بجعل القضية المراكشية تحت ضمان دُولي، ولكنه خوَّل فرنسا وكذلك إسبانيا حقَّ تنظيم الضابطة (الشرطة) المراكشية.
[14] عبد العزيز رفاعي: مشاكل إفريقيا في عهد الاستقلال ص55-60 بتصرف.
[15] المقصود بالدول الإفريقية الثماني: غانا وليبريا ومصر وتونس وليبيا والسودان ومراكش وجنوب إفريقيا.
[16] عبد الله عبد الرازق إبراهيم: موسوعة التاريخ والسياسة في إفريقيا ص10 بتصرف.

المسلمون في تنزانيا وجزر القمر

قصة الإسلام 
2/5/2010

من الدُّول ذات الأغلبية المسلمة في شرقي إفريقيا، والتي عانت كذلك من ويلات الاستعمار "تنزانيا" فقد كانت تحت سيطرة العُمَانِيِّين، إلا أنه بعد اتفاق برلين 1884م اعْتُبِرَت تنزانيا (زنجبار وتنجانيقا)[1] من أملاك ألمانيا، وقد وقَّع السلطان العُمَانِيُّ "السيد خليفة" في عام 1888م تنازلًا للشركة الألمانية عن أملاكه الواقعة على الشريط الساحلي فيما بين خليج "تونجي" ومصبِّ نهر "وانجا"، وفي عام 1890م اتَّفقت كل من ألمانيا وإنجلترا على أن الجزء الشرقي -وهو ما عُرف بمستعمرة شرق إفريقيا- يقع تحت سُلطة ألمانيا، وأن "زنجبار" تقع من نصيب بريطانيا.
وبعد الحرب العالمية الأولى وهزيمة ألمانيا صارت تنجانيقا (تنزانيا) تحت الانتداب البريطاني.
وقد استقلَّت تنجانيقا من بريطانيا في عام 1961م، ثم استقلَّت "زنجبار" وضُمَّت إلى تنجانيقا؛ لتكون فيما بعدُ جمهورية تنزانيا عام 1964م.
وقد تَلا ذلك قيام انقلاب عسكري بقيادة "عبيد كرومي" ضدَّ السلطان جمشيد بن خليفة، وقد نُكِبَتْ هذه الأسرة العربية المسلمة، وأصبح القسُّ يوليوس نيريري رئيسًا للجمهورية الاتحادية، وعبيد كرومي نائبًا له؛ فقد حوَّلا البلاد إلى الماركسية وألغيا عددًا من التقاليد الإسلامية، حتى إنه أصدر مرسومًا أَجْبَر بمقتضاه الفتياتِ المسلماتِ على الزواج من النصارى.
وبعد مقتل عبيد كرومي في عام 1972م هَدَأَت أحوال المسلمين، وتولى حكم زنجبار عبود جمبي، وقد سار في طريق الإصلاح، لكن رئيس الدولة "نيريري" أجبره على الاستقالة، وكلُّ مَن أتى بعدَ ذلك محاوِلًا إعادة البلاد إلى هُوِيَّتها الإسلامية يَلْقى كثيرًا من العوائق والعراقيل من رئيس الجمهورية القسِّ "نيريري"، وبعد وفاته بدأت في تنزانيا صحوة إسلامية متنامية، فانتشر المسلمون في أداء شعائرهم الدينية، وتحوَّل أكبر مساجد زنجبار "ماليندي" إلى مركز تجمع للمسلمين، لتعلُّم أمور دينهم[2].
جزر القم ترفع راية الإسلام:
كما تُعَدُّ جزر القمر "Comoros" من جُملة الدُّول الإسلامية الموجودة في شرق إفريقيا في المحيط الهندي، وقد استعمرها الفرنسيون في القرن التاسع عشر الميلادي، وبعد عدَّة محاولات من الجانب البريطاني والألماني في السيطرة على الجزيرة، ورَفْضِ السلطان القمري لهذه الضغوط قَبِلَ السلطان في نهاية الأمر بأن تكون جزر القمر تحت الحماية الفرنسية، وفي عام 1912م صدر قرارٌ صارت هذه الجزر مِن بَعْدِه مستَعْمَرَة فرنسية.

موقع جزر القمر
وظلَّت هذه الجزر تُحْكَم كجزء من مدغشقر إلى أن صدر دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة عام 1946م، وحَصَلَت على قَدْرٍ من الاستقلال والحكم الذاتي، وفي عام 1968م حَصَلت على استقلال داخلي، وصار لها مجلس حكومي يرأسه رئيس الوزراء.

وبَعْدَ مجموعة من المحاولات والاستفتاءات على الاستقلال، وافقت فرنسا على استقلال جزر القمر في عام 1975م، وتَسَمَّت باسم "جمهورية جزر القمر الاتحادية الإسلامية"[3].
ومن السلبيات التي توجد في جزر القمر أنها تمتلك مساحات شاسعة صالحة للزراعة ومع ذلك لم يُستَثْمَر منها إلا 7% فقط، ورغم كثرة الثروة السمكية التي تمتاز بها جزر القمر إلا أنها تحتاج إلى رءوس الأموال، ثمَّ إن المؤسَّسات التعليميَّة تُخرِّج كل عام ما بين خمسة وستَّة آلاف خرِّيج ليس فيهم فنِّيُّون أو مِهَنِيُّون متخصِّصون.

Tuesday, September 6, 2016

تأسيس المدن الإسلامية في شرق أفريقيا

موسى بن خميس بن محمد البوسعيدي
مجلة التفاهم، العدد 39 ،2013
بمجيء القرن السابع الميلادي اتخذت بعض الهجرات إلى شرق أفريقيا طابعاً متميزاً، بسبب عوامل مؤثرة، كان أساسها ظهور الإسلام في جزيرة العرب، وهروب المسلمين الجدد من الاضطهاد الداخلي من قبل قبائل قريش بمكة المكرمة، والاتجاه إلى الحبشة (أثيوبيا)، مما خلق نوعاً آخر من الاحتكاك العربي الإسلامي، وعزّز مكانة العرب المسلمين في تلك المنطقة، ولذلك يعدّ الإسلام بداية لصفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين العرب والحبشة (أثيوبيا) في شرق أفريقيا. كما أن التوجه بالهجرة إلى الحبشة لم يكن عشوائيا؛ وإنما كان ثمرة للعلاقات التجارية السابقة بين تجارة قريش والحبشة، التي اتسمت بالأمن والسلام والتجارة الحسنة، إلى جانب حسن العلاقة بين قريش وسكّان ساحل البحر الأحمر. إضافة إلى ذلك انتشار خبر النبيّ -صلَّى الله علية وسلَّم- إلى الحبشة عن طريق التجار وقيامه -صلَّى الله علية وسلَّم- في السنة الخامسة من البعثة عام (614م) بإرسال وفد إلى ملك الحبشة، واستغرقت رحلة هذا الوفد حوالي أربعة أشهر مكث منها الوفد فترة كافية بالحبشة، ثم عاد إلى مكة، وتحسس النبيّ -صلَّى الله علية وسلَّم- من خلال ذلك قدرة النجاشي على حماية المسلمين، ولذلك قال الرسول -صلَّى الله علية وسلَّم- لأصحابه: "لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتَّى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه"، فتمّت هجرة المسلمين عن طريق مركبين في البحر الأحمر، نقلاهم إلى الحبشة في العام نفسه، وكان عددهم (132) نفرا(1).

وفي الحبشة وأمام (الملك النجاشي)، كان الالتحام الفكري والعقدي بين المسلمين، وبين من قدموا من مكة من غير المسلمين، بقصد محاولة الوقيعة بينهم وبين النجاشي، إلا أن العرض الذي قام به (جعفر بن أبي طالب) لقضية الإسلام أقنع النجاشي بموقف المسلمين. ولأجل تقوية أواصر العلاقة قام النبيّ -صلَّى الله علية وسلَّم- في السنة السادسة للهجرة عام (627م) بعقد صُلح الحديبية، وإرسال كتاب إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام، وفي السنة التاسعة للهجرة عام (630م)، أرسل -صلَّى الله علية وسلَّم- الهدايا إلى النجاشي، واستمرت الرسائل متبادلة بين النبيّ -صلَّى الله علية وسلَّم- وبين النجاشي، وذلك دليل على اتسام العلاقة بالود المتبادل، والاستقرار المحترم للمسلمين الذين مكثوا في الحبشة حوالي أربعة عشر عاما، كانت فترة كفيلة بإحداث مؤثرات فعالة في المسلمين أنفسهم وفي الشعب الحبشي(2).

كما شكّل الإسلام حقبة جديدة من الانتشار العربي في شرق أفريقيا، فبدأت تتجه إلى الساحل الأفريقي أمواج جديدة من العرب المسلمين؛ لأسباب ودوافع عديدة، في مقدمتها نشر الإسلام، والتوسع في التجارة ثانيا، إلى جانب البحث عن الرخاء ثالثا. وبعد أن اضطرب الحال -بسبب الخلافات التي نشأت بين الأمويين ثم العباسيين وخصومهم ومنافسيهم- فإن كثيرا من العرب المسلمين لاذوا بأنفسهم وأفكارهم، متجهين إلى الشواطئ العربية والأفريقية(3).

على أن الهجرة العربية الإسلامية التي اتفق عليها عدد كثير من المؤرخين ترجع إلى عهد الدولة الأموية لا سيّما زمن حكم عبدالملك بن مروان (75هـ-95هـ/ 695م-714م)، حيث كثرت الاضطهادات ضد المعارضين للولاة الأمويين في بلدان الجزيرة العربية، وسنوضح ذلك في هذا الباب، باعتباره أحد العوامل الأولية الرئيسة لبداية الاتصال العماني الإسلامي بشرق أفريقيا.

وفي خلال القرنين الأول والثاني للهجرة اتخذت هجرات العرب المسلمين وخاصة العمانيين إلى سواحل شرق أفريقيا شكلاً جماعياً (4)، بفعل التدخلات والاضطهادات من قبل ولاة الدولة الأموية والعباسية، ومن أبرز الأمثلة في ذلك هجرة الأخوين (سعيد وسليمان) ابني عباد بن عبد بن الجُلندى، ملوك (عُمان) وقتذاك(5)، اللذين هاجرا إلى سواحل شرق أفريقيا مع مجموعة عمانية، وذلك عام (83هـ/702م) واستقرا في أرخبيل جزر (موفيه ولامو) بالساحل الكيني، وكونوا دولة إسلامية، نشروا الدين الإسلامي والمذهب الإباضي، وصارت تلك المنطقة مركزاً هاماً بالساحل الشرقي الأفريقي، استقطبت حولها وفود جماعات عربية من جنوب الجزيرة والشام(6).

وقد دلّت الاكتشافات الأثرية أن أقدم مسجد موجود في شرق أفريقيا يعود إلى بناء ذاك الرجلين العمانيين المسلمين، ويوجد في جزيرة بيمبا التي سمّاها العرب بـ(الجزيرة الخضراء)(7).

ويستنتج من هجرة العمانيين الأوائل من (آل الجُلندى) وجود علاقات أو هجرات عُمانية عربية سابقة إلى شرق أفريقيا استقرت هناك، وإلا فما كان يضير آل الجُلندى من التوجه إلى بلاد فارس أو أرض الهند وأرض الصين وغيرها من بلاد العالم، لولا وجود العمانيين بشرق أفريقيا قبل آل الجُلندى، مما أسهم في ظهور المؤثرات العربية الإسلامية بشرق أفريقيا(8).

ومما يؤكد ذلك أن بعض المؤرخين يرون أن العناصر العمانية كان لها وجود فعلي في شرق أفريقيا منذ القرن الأول الميلادي، ولها مراكز وطيدة ذات نفوذ على امتدا الساحل الشرقي الأفريقي(9).

يقول الدكتور نايف السهيل: "كان الوجود العماني في شرق أفريقيا أكبر كثافة وأكثر عمقاً بكل المقاييس، ولذلك كان تأثيرهم في هذه المنطقة من قارة أفريقيا أشد وأقوى عن وجودهم في جنوب شرقي آسيا؛ ذلك أن هجرتهم لجنوب شرق آسيا كانت هجرات فردية وغير دائمة، أما وجودهم في شرقي أفريقيا فاعتمد الهجرات الدائمة والجماعية والمنتظمة، إلى جانب اعتمادهم على الروابط الملاحية والتجارية، والتي أسهمت طبيعة المنطقة الجغرافية على تثبيتها وانتظامها"(10).

ويقول أيضاً: "وقد كان أهل المراكب من العمانيين يقطعون (خليج بربرة) الممتد بين الحبشة والصومال، أمام باب المندب إلى جزيرة (مبنول) وهي جزيرة (مدغشقر) حالياً، من بحر الزنج، وكانت مراكبهم تصل (سفالة)، وهي أقاصي بلاد الزنج، وهي غاية مقاصدهم في أسافل بحر الزنج. وقد أبحر المسعودي نفسه في القرن الرابع للهجرة من [ميناء] صُحار[شمال عُمان] إلى ساحل شرقي أفريقيا، ثم أبحر من جزيرة (قنبلو) إلى عُمان، مستعملاً هذا الخط الملاحي المعروف الذي كان يربط عُمان بساحل شرقي أفريقيا. ونستطيع القول: إن كافة المصادر تؤكد على وثوق الصلة بين عُمان وبين الشرق والجنوب الأفريقي، حتَّى أنهم وصلوا تنزانيا، ومدغشقر، وجنوب الصومال، وجزر القمر، ومنطقة نورديفان، وكلْوَه، وبيمبا، وزنجبار، وأن هذا الوصول بشكل رئيس عن طريق ركوب البحر ذلك هو خط الاتصال الأول بين عُمان وشرق أفريقيا"(11).

ومهما يكن من أمر؛ فإن تلك العوامل كلها أدت إلى انتقال جماعات من العرب إلى شرق أفريقيا، فاندمج بعضهم مع السكان الأفارقة، وأسسوا محطات ومراكز تجارية، تطورت وأصبحت مُدناً مزدهرة فيما بعد، وصار لها دورٌ مهم في تلك المنطقة الأفريقية، حيث قام العرب بشق طريقين الأول من جهة الشمال الشرقي لأفريقيا، شمل مدن بلاد الحبشة (أثيوبيا)، والصومال، وأرتيريا، والثاني من جهة الجنوب الشرقي لأفريقيا، شَمِل مدن (ممباسا، وماليندي، وجزيرتي زنجبار وبيمبا، وكلوه) بالساحل الشرقي الأفريقي، و(تنجانيقا، وأوغندا، والكونغو "زائير"، وبوروندي، ورواندا) بداخل الوسط الأفريقي، بالإضافة إلى جزر المحيط الهندي شملت (جزر القمر، ومضيق موزمبيق، وجزيرة مدغشقر)، كل ذلك بفعل العامل الأساسي لنجاح أولئك العرب ووصولهم إلى البقاع الشرقية للساحل الأفريقي، وهو درايتهم بالملاحة البحرية والرياح الموسمية.

التأثير العماني في مدن وسواحل شرق أفريقيا: (نذكرها من الشمال إلى الجنوب)، هي:

1- جزر أرخبيل لامو: "باتا / بتـّه، وسيوى، ومافيه، ولامو ": التي تقع على الساحل الكيني، بالقرب من ممباسا، وأصبحت تلك الجزر إحدى مراكز الهجرات العربية في صدر الإسلام منذ القرن الأول الهجري، لا سيما بعد هجرة الأخوين (آل الجُلندى) ملوك (عُمان) وقتذاك واستقرارهما بذلك الساحل، وكانت منطلقاً للهجرات العربية، والانتشار الإسلامي والتجارة في شرق أفريقيا، وتطور ذلك بالاندماج الاجتماعي والثقافي العماني مع الأفارقة، ونشوء اللغة السواحلية، والمجتمع السواحلي، وما تبعه من تغيرات ثقافية في الفترات اللاحقة(12).

2- ممباسا: وهي إحدى المواني المشهورة على الساحل الكيني بشرق أفريقيا، ويذكر المؤرخون أن تأسيسها كان منذ زمن الدولة الأموية في القرن (الأول الهجري/ السابع الميلادي)، وذلك عندما نشب النزاع بين الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان (65هـ-86هـ / 685م-705م)، وخصومه، مما اضطر البعض منهم للهجرة إلى شرق أفريقيا، فاستقرت إحدى المجموعات في مدينة (ممباسا)، وأسست بها سلطنة عربية إسلامية، أطلق عليها اسم (بساسه)، ثم أطلق عليها المسعودي (ت: 346هـ/ 956م)(13) اسم (منبسي)، أما ياقوت الحموي (ت: 626هـ / 1228م) فأطلق عليها اسم (منبسه)، وقال: "إنها مدينة كبيرة بأرض الزنج ترفأ إليها المراكب"(14).

ويذكر بعض المؤرخين والباحثين أن البرتغال هم من سمّوا المدينة بـ (ممباسا) عندما احتلوها في القرن (9هـ/15م)، ويزعمون أنه اسم لأحد قادتهم المسمى (منفسه)، وكان اسمها قبل ذلك (غنغوبا) وهو اسم سواحلي، وسميت كذلك (أمفيت) بمعنى حرب(15).

وقد شهدت (ممباسا) هجرات مستمرة من التجار العرب المسلمين، وخاصة من أهل عُمان واليمن، كما كانت مركزاً لإنتاج وتصدير الحبوب، وكذلك العاج والذهب، وهي منتوجات كانت تصدّر إلى مواني المحيط الهندي، هذا إلى جانب اشتهار ممباسا بتصدير الحديد والنحاس والجلود إلى مواني الهند، وظهرت فيما بعد صناعة المعادن (16).

ولما زار ابن بطوطه (ت: 799هـ / 1369م)(17) ممباسا في القرن (8هـ/14م) لم يذكر عنها خبراً مهما، ولا ذكر أن بها سلطاناً،إلا ما ذكره من عادات أهلها الساكنين بها(18).

3- جزيرتي بيمبا(الجزيرة الخضراء) وزنجبار:

حيث عثر الباحثون على أقدم كتابة عربية معروفة في شرق أفريقيا جنوب زنجبار بمنطقة تسمَّى (كيزيماكي)، وهي عبارة عن نقش على جدار يقول " إن الشيخ السيد أبا عمران أمر ببناء المسجد في اليوم الأول من شهر ذي القعدة لعام 500هـ"، ويوافقه 27تموز/ يوليو1107م، كما وصفها المؤرخ البرتغالي (بربوسا Brbross) حينما زارها عام 1503م فيقول: "سكان زنجبار وملوكها مسلمون... وفي الجزيرة مساجد كثيرة والسكان متمسكون بالدين"(19).

وتشير الروايات إلى أنه قد قامت أسرة حاكمة عربية إسلامية في جزيرة (قنبلو)، وهي التي ذكرها المؤرخ المسعودي، إن هذه الأسرة كانت من (قبيلة الأزد) العُمانية، التي كانت تعمل في التجارة فاختلطت مع السكان الزنوج، وأقنعتهم بالإسلام. ولذلك يشير المؤرخون إلى أن (ميناء قنبلو) يُعد من أقدم المواني التي أنشأها العرب على الساحل الشرقي لأفريقيا، واختلفت الروايات في تحديد موقع هذا الميناء، فبعضهم قال: إنه على (الجزيرة الخضراء) إلى الشمال من زنجبار، وبعضهم قال: إن (قنبلو) هي جزيرة زنجبار، وقال المؤرخ الألماني (كيركمان Kearkman): إنها إحدى جزر القمر، وقال آخرون: إنها جنوب ممباسا(20).

وأما اسم (زنجبار)، فهي كلمة فارسية تتكون من مقطعين (زنج) و(بار) وتعني (ساحل الزنج) محرفة وأصلها (برالزنج)، ويقال لها بالسواحلية: (أنغوجاء) مركبة من كلمتين (أنغو) بمعنى الصحن الواسع، و(جاء) بمعنى امتلاء، فيكون معنى كلمة (زنجبار) الصحن الواسع الممتلئ. وكانت تسمَّى في القرن الأول الميلادي باسم (منشونيا) أو(منشونياس)، ولا يعرف معنى هذا الاسم، وأكثر مساحة أرضها حجرية، وتصلح في أرضها زراعة الأرز والحبوب ما عدا القمح، ويجود فيها القرنفل إلى جانب وجود مختلف أنواع أشجار الفاكهة المثمرة وأشجار جوز الهند، وأكبر أنهارها (نهر مويرا) وهو ينبع من وسط الجزيرة، ويبلغ طوله (خمسة أميال) ثم يغيب في باطن الأرض، كما توجد بزنجبار عين غزيرة المياه في جهة الشمال، وتـُعد زنجبار غير منفصلة عن البر الأفريقي من ناحية التنوع البيئي، بحكم وجود الأشجار الموجودة في البر الأفريقي نفسها ووجود مختلف الحيوانات المأكولة والمفترسة، هذا إلى جانب عمق مياه ساحلها، كما تتميز بتعدد البلدان والقرى والتي استقر فيها العمانيون خلال عهد الحكم البوسعيدي(21).

وتقع (جزيرة زنجبار) على المحيط الهندي على خط عرض (6 درجات)، وتبعد عن البر الأفريقي مسافة (25 ميلاً)، جنوب ممباسا، و(35 ميلاً) جنوب جزيرة بيمبا، و(29 ميلاً) شمالي مدينة دار السلام، ونحو (ثمانية آلاف ميل) عن لندن(بريطانيا)، و(2200ميل) عن مسقط (عُمان)، و(1700 ميل) عن عَدَن (اليمن)، و(2500 ميل) عن بمباي(الهند)، و(750 ميلاً) عن مدغشقر، و(500 ميل) عن جزر القمر. ويبلغ طولها من أوسع نقطة منها مسافة (524ميل)، وعرضها من أوسع نقطة منها (24ميلاً)(22).

وتُعد (زنجبار) من أبرز الجزر بشرق أفريقيا، والمشهورة بالموقع الاستراتيجي والتميز التجاري، وإحدى مواطن الجذب؛ لما تمتاز به من طبيعة ساحرة وثروات متنوعة، ولذلك كانت مقصداً للتجار العرب القادمين من شبة الجزيرة العربية، والتجار القادمين من الهند، وذلك منذ القرن الأول (ق.م)، كما وفدت عليها القبائل العربية من عُمان واليمن وحضرموت، وازدهرت بمجيء الإسلام وانتشاره فيها(23).

ومن الجدير بالذكر أن (زنجبار) الحالية قد اشتهرت وذاع صيتها بعد وفود العرب العُمانيين إليها في القرن التاسع عشر الميلادي، أيام دولة السيد السلطان سعيد بن سلطان (1221هـ/1806م-1272هـ/1856م)، الذي جعلها عاصمة للمملكة العُمانية الأفريقية، وصارت مركزاً اقتصاديا وسياسيا بارزاً في الشرق الأفريقي والمحيط الهندي قاطبة.

4- مدينة (كلوَه)(24): وهي من أشهر المراكز والمدن التجارية الأفريقية على المحيط الهندي، التي ظهرت بوضوح في العصور الوسطى، نظراً لموقعها المتوسط على ساحل شرق أفريقيا، فأصبحت (كلوَه) مركزاً مهما، تقصده السفن العربية القادمة من شبة الجزيرة العربية، ومقصداً لتجارة قبائل البانتو الزنجية بشرق أفريقيا، حيث اتجهت إلى الاستقرار بالقرب من الساحل، لتسهيل عملية التبادل التجاري مع التجار وأهل السفن القادمين من شبة الجزيرة العربية، حيث كانت (كلوه) تصدر سلع العاج والذهب والجلود وغيرها، كما أن آثار الأبنية فيها تتشابه مع نمط العمارة بالجزيرة العربية، من قلاع وحصون وأسوار، تدل على الترابط والعلاقة مع شعوب وأهالي كلوَه (25).

ونظراً لأهمية (كلوَه) فقد كُتبت فيها مؤلفات وسيَر تحكي قصة حضارتها، وحكامها وسلاطينها، ونشاطها الاقتصادي، من ذلك كتاب (السلوه في أخبار كلوه)(26 الذي ألّف في القرن(9هـ/15م) ويحتوي على عشرة أبواب قصيرة، وتأكيداً لأهميته قام الشيخ سعيد بن علي المغيري العُماني بسرده بين ثنايا كتابه (جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار) في إشارة إلى ترابط تاريخ المدينتين(27).

آراء الباحثين في أسبقية استقرار العرب بمدينة كلوة قبل الشيرازيين:

تؤكد الأحداث التاريخية أن العرب المسلمين أيام الدولة العباسية، هم الذين أسسوا مدينة (كلوه) حوالي عام (266هـ/976م)، إلا أن كثيراً من المراجع التاريخية العربية والأجنبية تذكر أن تأسيس مدينة (كلوَه) يرجع إلى هجرة الشيرازيين من بلاد فارس، الذين هاجروا بزعامة (الحسن بن علي) وأبنائه الستة وجماعتهم، في سبع سفن وذلك عام (346هـ/975م) فارين بأنفسهم من (طغرل السلجوقي)، فوصلوا إلى ساحل شرق أفر يقيا، ونزلوا في عدة مدن بالساحل، وأسسوا مدينة (كلوَه) وجعلوها عاصمة لهم، استمرت من القرن (3هـ/10م) وحتى القرن(9هـ/16م)(28). 

وكانت بداية تأسيسها عبارة عن محطة تجارية يديرها التجار في منطقة المحيط الهندي، للحصول على الذهب والعاج، الذي تميزت به (كلوَه)، في مقابل بيع الأقمشة القطنية والحريرية والأواني الخزفية والفخارية، التي يجلبها التجار من الجزيرة العربية والهند(29).

وقد قام المؤرخ (المغيري) بتحقيق تلك المسألة التاريخية(30)، وذَكر معلومات مهمة في تاريخ كلوه ومؤسسيها، منتقدا ما جاء في كتاب (السلوَه في تاريخ كلوَه)، فذكر أن هجرة (حسن بن علي الشيرازي) هو وأولاده في القرن (3هـ/10م) في سبع سفن لا يوجد بشأنها اتفاق الباحثين على حدوثها ووصولها إلى (كلوَه)، وتأكيدا لهذه المعلومة تقابل (المغيري) مع أحد المشايخ المسنين لما زار (كلوَه)، وأفاده أن آثار القلاع والأسوار في كلوه تنسب لهارون الرشيد العباسي، وأن العرب هم أول من فتح كلوه ونشروا الإسلام فيها، وليس الشيرازيين، وأن هجرة حسن بن علي إلى كلوه لا أساس لها من الصحة، وذكر على ذلك عدة أدلة، من ذلك أن (سلطان كلوه) المذكور في (كتاب السلوه) ليس شيرازياً، وإنما هو عربي ينتسب إلى قبيلة المهدي من عرب الحجاز بالجزيرة العربية، ويؤكد ذلك أن الرحالة الشهير (ابن بطوطه) لما زار مدينة (كلوَه) في القرن (8هـ/14م) أيام ازدهارها ذكر اسم سلطانها (أبي المواهب) وأن لها اتصالات وروابط بعلماء الحجاز، ولم يذكر شيئا عن علاقة ملك كلوه بشيراز، وأكد (المغيري) بأن المكاتبات والصكوك القديمة التي وجدها منذ مائة سنة منذ وصوله الأول لزنجبار عام (1322هـ/1904م) لم يكن فيها لفظة (الشيرازيين)، وأن هذه اللفظة كثـُر استخدامها بعد قدوم الإنجليز وأسردوها في مؤلفاتهم خاصة منذ بدء عهد السلطان (خليفه بن حارب) في عام (1329هـ/1911م)، وانتشار حرية الرأي وقيام بعض الأهالي بكتابة اسم قبيلته بلفظة السواحلي ثم تطورت اللفظة إلى الشيرازي(31).

وعلى اعتبار صحة هجرة (الحسن بن علي الشيرازي)، فقد جاء في كتاب (السلوة في أخبار كلوه) الإشارة إلى أن (العمانيين) هم الذين استقبلوا (الشيرازيين) في (كلوَه) حيث جاء فيها: "ولمّا وصل أهل المركب الذي دخل كلوَه وجدوها جزيرة محيطاً بها البحر..، فنزلوا فيها، فوجدوا رجلاً من المسلمين مع من تبعه من عياله وأولاده، بنى مسجداً واحداً"، وهو التاجر العماني الواسع الثراء (محمد بن الحسين المنذري) الذي استطاع أن يحكم كلوه مدة اثنتي عشرة سنة، بمساعدة قبيلة (مواتاماندلين) صاحبة دولة (موزمبيق) وقتذاك، وأرغموا حاكمها بالفرار إلى جزيرة زنجبار، وجاءت الإشارة إلى ذكر اسمه في تلك السيرة وجاء ذكر اسمه في "الباب الثاني والرابع" من تلك السيرة، وأنه هو من أمر ببناء المسجد في كلوه، وهو من أمر بتأليف كتاب السلوه، وأنه توفي بتلك المدينة(32).

كما يفهم من كتابات (السيد سعيد بن سلطان) -سلطان زنجبار- ومراسلاته إلى حكّام (كلوَه)، قوة العلاقة العربية بين أهالي كلوه وحكامها، وبين السلاطين العُمانيين في زنجبار(33).

وكان من نتاج تأثير الإسلام مدينة (كلوَه) تشييد المساجد، وبناء المنازل من الحَجَر. والبناء الوحيد الذي ظل قائما إلى اليوم بأطلاله هو المسجد الجامع، الذي بُني في القرن (6هـ/12م)، حيث عُدَّ مثالا رائعاً للعمارة العربية السواحلية في شرق أفريقيا، كما دلت الحفريات على أن قصر سلطانها كان من القصور الرائعة الشبيه بقصور الأمويين والعباسيين(34).

وقد وصف (كلوَه) المؤرخ البرتغالي المعروف (دوراتي بربوسا Dorati Brbrossa) الذي وصلها أوائل القرن (10هـ/16م)، فقال: "بأنها مدينة إسلامية...يرتدي سكانها ثيابا حسنة من القطن والحرير المقصّب، ولغتهم العربية، وهم مُسلِمون ورِعُون"، وقال: "بدت المدينة من سفننا جميلة ببيوتها البديعة، ومآذن مساجدها وبساتينها، مما جعل رجالنا يتشوقون للاستيلاء عليها ". وفعلا قد حدث ذلك، إذ استولى البرتغال عليها فور وصولهم وذلك عام (910هـ/ 1505م)،كما أن رجلا ألمانيا كان مرافقاً للحملة الاستعمارية البرتغالية واسمه (هانس ماير Hanes Mayaer) قال: "إن في كلوه العديد من المساجد ذات الأروقة والقباب، يشبه أحدها جامع قرطبة"(35).

5- سُفالة/سوفالا(36): هي إحدى أقاليم (موزمبيق)(37) منذ العصور القديمة، وكانت الرحلة إليها شاقة وطويلة وتحتاج لنوع كبير من السفن التجارية، ولخطورة الرحلة استقرت بها جاليات عربية كبيرة قبل الإسلام،وفي العصور الإسلامية تحول أهلها إلى الإسلام، بحيث أصبحت مرتبطة بالنشاط الإسلامي في شرق إفريقيا، الأمر الذي أدهش البرتغاليين، حينما شاهدوا حاكماً مسلماً وحوله رجال ومستشارون من العرب(38).

وتقع (سُفالة) عند نهر الزمبيزي الذي يمر بوسط (جمهورية موزمبيق)، كما تعتبر آخر المحطات الهامة للرحلات التجارية العربية، حيث وصلت إليها السفن التجارية القادمة من (عُمان)، و(اليمن) وبلدان الخليج العربي وغيرها(39).

وارتبطت (سفالة) بتجارة الذهب منذ العصور القديمة، وأصبحت أحد المنافذ الحضارية إلى العالم الخارجي، ومقصداً للسفن التجارية العربية حتَّى بداية العصور الإسلامية. يقول عنها المسعودي بأنها "غاية مقصد السفن القادمة من (عُمان) و(سيراف)، وينتهي بحر الزنج في بلاد (سُفالة)، وفي بلاد (الواق واق)، وهي بلاد تنتج التِبر بكثرة، ومناخها دافئ وتربتها خصبة ", كما ذكر البرتغاليون منطقة هامة لذهب سفالة وتسمَّى (ماتوكا)(41).

واشتهرت (سُفالة) بتصدير خام الحديد بكثرة، كونه أهم السلع لحضارات العصور القديمة في المحيط الهندي، خاصة الهند وبلاد الرافدين، التي اعتمدت في صناعتها وعمرانها على خام حديد سفالة، كمستورد رئيس من خلال التجار العرب من أهل الجزيرة العربية خاصة، الذين اتبعوا عملية التبادل التجاري بين ذهب سفالة وبين سلع التجار وذلك عن طريق المقايضة بالأقمشة والعملات وغير ذلك(42).

6- جزيرة مدغشقر"مالاجاشي"(43): وهي التي هاجر إليها مجموعات من العمانيين، واستقروا فيها، حيث اتصفت علاقتهم هناك بمبدأ التسامح في التعامل، ونشر الدين الإسلامي، فعمدوا على نشر المذهب الإباضي، وبمرور الوقت أثمر ذلك في ترسيخ مفاهيم الإسلام الصحيحة في شعوب الأفارقة، وكان من نتاج تأثيرهم في مدغشقر إطلاق اسم (مسلج) عليها، اشتقاقا لاسم مدينة (مسقط) العمانية، وإطلاقهم على محطة تجارية في شمال الجزيرة وتسميتها باسم (سلالا) تيمناً بمثيلتها (صلاله) بجنوب عُمان(44).

ودليل ذلك ما ذكره المؤرخ المسعودي عندما زار (جزيرة مدغشقر) في مركب سيرافي خلال القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، سنة (304هـ/916م) قوله: "إنها جزيرة عامرة فيها قوم من المسلمين، إلا أن لغتهم زنجية غلبوا على هذه الجزيرة"(45).

ويؤكد ذلك الرحالة (بزرك بن شهريار) المعاصر للمسعودي، فيقول: "إن يزيد العماني النواخذة حدّثه من أنه رأى في بلاد الزنج جبلين عظيمين، وأن النواخذة العماني ذكر له أنه خرج هو وجماعة من البحارة من (عُمان) في مركبه، يريد قبيلة مالاجاس (مدغشقر) في عام 310هـ/922م"(46).

كما لاحظ المسعودي أن هناك نشاطاً مزدهراً للسفن العربية في الجزيرة، خاصة سفن أهل عُمان، كما أشار إلى نشاط سفن أهل سيراف، وذكر أن أغلبية أهل الجزيرة كانوا وثنيين من الزنوج. ووصف المسعودي الأحوال المناخية الصعبة التي تواجه السفن العربية المتجه إلى مدغشقر من الأمواج العاتية والأمواج العالية فقال: "موجه عظيمٌ كالجبال الشواهق وموجه لا ينكسر"، ورغم تلك الأحوال استطاع العرب الوصول إلى تلك المنطقة للتجارة وجلب السلع وغير ذلك(47).

وتدل الآثار المكتشفة أن السفن العربية قد وصلت إلى تلك الجزر منذ العصور القديمة، خاصة سفن أهل عُمان واليمن، وذلك للظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها منطقة جنوب الجزيرة العربية، التي أدت إلى الهجرات المستمرة للجاليات العربية إلى جزيرة مدغشقر(48).

تلك هي أبرز المدن الواقعة على الساحل الشرقي الأفريقي بالمحيط الهندي، التي كان للوجود العربي الإسلامي تأثير واضح في العمران والثقافة فيها، بقيت معالمه واضحة حتَّى اليوم. 

وبقطع النظر عن المؤثرات الدينية والاقتصادية التي جاءت نتيجة للهجرات العربية؛ فإن أوضح أثر تركه هذا الاتصال المستمر هو نشوء وتكوين (اللغة السواحلية)(49), التي أصبحت لغة التعامل في شرق أفريقيا، والتي انتشرت في مدن الساحل ومدن الداخل والوسط الأفريقي والجزر المجاورة، بفعل الحركة التجارية والتأثيرات والانتقالات الاجتماعية والثقافية للعادات والتقاليد، مما يدل على عمق الأثر العربي الطويل في تلك المنطقة الأفريقية، الذي كان مصدره وبلا أدنى شك من جهة (عُمان واليمن)، وهكذا استطاع الاتصال العربي الأول أن يُوجد نواة الوجود العربي في شرق أفريقيا، وأن يوجد معه أداة لغوية واسعة الانتشار(50).

وقد قسّم الباحث (سبنسر ترمنجهام Sbinsaer Trngham) ((51) الاتصالات العربية في عهد الإسلام إلى ثلاث فترات، تضمنت الفترة الأولى تمركز المسلمين في الأماكن الساحلية، التي خضعت لحكم الزنج من قبائل البانتو الذين اعتنق بعضهم الإسلام، وتضمنت الفترة الثانية تكوين مجموعات صغيرة على الساحل وفي جزر القمر، وهي الفترة التي تسمَّى بالفترة الشيرازية(53). وأما الفترة الثالثة فهي التي أعقبت الانهيار البرتغالي، إذ تزايد النفوذ السياسي لعُمان(54).

ولعله يقصد هنا الاتصال الرسمي للعمانيين بشرق أفريقيا، الذي كان في عهد (دولة اليَعاربة) بعُمان، فقاموا بتلبية نداء الإغاثة والتحرير، ونصرة إخوانهم المسلمين في مدينة ممباسا، فتم طرد المستعمرين البرتغال، وأسهم ذلك الانتصار في تعزيز الوجود الفعلي للعمانيين بمناطق شرق أفريقيا، وتطور ذلك بظهور (دولة البوسعيد) والإمبراطورية العمانية الأفريقية.

وخلاصة القول: أن الهجرات العربية من شبه الجزيرة إلى شرق إفريقيا قد أوجدت نواة الجنس العربي في تلك القارة، وهو سابق لظهور الإسلام، وبمجيء الإسلام أحدث العرب المسلمون تأثيرًا منقطع النظير، لما قدموه من إسهامات في نشر الدين الإسلامي، وزيادة الوجود العربي، وما حدث من الاندماج والتزاوج وتعدد العلاقات الاجتماعية، التي أدت إلى وجود العنصر السواحيلي في حضارته وثقافته ولغته، مما كان لها الأثر في نشوء وازدهار الحضارة العربية الأفريقية، لا سيّما وبشكل خاص في عهد دولة البوسعيد العُمانية، التي أرست جذور الثقافة العربية في شرق أفريقيا في شتى مجالاتها، واستمرت حتَّى منتصف القرن العشرين الميلادي.

****************************

الهوامش:

*) أكاديمي وباحث من سلطنة عُمان.

(1) ينظر: ابن هشام، أبو محمد بن عبدالملك المعافري: السيرة النبوية، تحقيق وشرح وفهارس، مصطفى السقا، إبراهيم الأبياري، عبدالحفيظ شلبي، دار ابن كثير للطباعة والنشر (د.ت)، ج1، ص321، الغنيمي، عبد الفتاح مقلد: الإسلام والمسلمون في شرق أفريقيا، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1998م، ص41-42.

(2) ينظر: الغنيمي، المرجع السابق ص43- 44.

(3) ينظر: المرجع السابق ص43.

(4) المرجع السابق، ص48.

(5) توجد رسالة للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وجهها إلى ملكي عُمان (عباد وعبد ابني الجلندى)، خاطبهما فيها بالملك ودعاهما إلى الإسلام، وهي (وثيقة تاريخية) مشهورة تدل على مكانة أهل عُمان قبل وبعد الإسلام، فأسلما طوعاً، وأشاد الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأهل عُمان، كما أشاد بهم أبي بكر الصديق في خطبة مشهورة سطرتها مصادر التاريخ والأدب العربي.

(6) ينظر: الخليلي، سماحة الشيخ أحمد بن حمد: العمانيون وأثرهم في الجوانب العلمية والمعرفية بشرق أفريقيا، بحوث ندوة فعاليات المنتدى الأدبي، ج1، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عُمان، إصدار ديسمبر 1993م، ص178، الجمل، شوقي: دور مصر وعمان في أفريقيا، بحوث ندوة العلاقات العمانية المصرية، ج2، ص140-141، المالكي، سليمان عبدالغني: دور العرب وتأثيرهم في شرق أفريقيا، في كتاب (العرب في أفريقيا) بحوث الندوة الثانية، إشراف رؤوف عباس حامد، كلية الآداب، جامعة القاهرة، إبريل - 1987م، الناشر: دار الثقافة العربية، ص128، قرقش، محمد: المدخل إلى تاريخ الإسلام في أفريقية مع دراسة للدور العماني، مطبعة بسمة للطباعة والنشر، صحار، سلطنة عمان (د.ت) ص409 - 412.

(7) ينظر: المغيري: سعيد بن علي: جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار، تحقيق: الصليبي، محمد علي، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ط 4، 2001م، ص171 - 172، الخليلي: المرجع سابق، ص178.

(8) المغيري: المصدر السابق، ص176، الخليلي: المرجع سابق، ص178.

(9) المغيري: ص69، العقاد، صلاح، وقاسم، جمال زكريا: زنجبار، مكتبة الإنجلو المصرية، القاهرة، 1959م، ص8، الغيث، حمامة خلفان: التأثيرات العمانية في زنجبار, رسالة ماجستير, جامعة القاهرة، 1988م، ص64.

(10) السهيل، نايف عيد جابر: الإباضية في الخليج العربي في القرنين الثالث والرابع الهجريين، الناشر: مكتبة الاستقامة، مسقط، ط2، 1998م، ص185.

(11) المرجع سابق، ص186-187.

(12) ينظر: المغيري، الشيخ سعيد بن علي: مصدر سابق، ص170، السالمي، العلامة عبدالله بن حميد: تحفة الأعيان في سيرة أهل عمان، مكتبة الاستقامة، سلطنة عمان 1997م، ج1- ص71- 73، الجمل، شوقي: دور مصر وعُمان الحضاري في أفريقيا، حصاد ندوة العلاقات العمانية المصرية، ج2، ص140 - 141، الجهضمي: زايد بن سليمان: حياة عمان الفكرية حتَّى نهاية الإمامة الأولى، 134هـ، مطبعة النهضة، سلطنة عمان، 1998م، ص70،.قرقش، محمد: المدخل إلى تاريخ الإسلام في أفريقية مع دراسة للدور العماني، مطبعة بسمة للطباعة والنشر، صحار، سلطنة عمان (د.ت)، ص136، 409 - 412. وسنوضح تفاصيل ذلك في الفصل الثاني من هذا الباب.

(13) يعتبر المسعودي من أبرز الرحالة العرب المسلمين الذين تميزوا بكتابة التاريخ من واقع المشاهدة في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر، وقد أفرد العُمانيين بالذكر في القرن (4هـ/10م) فقال: "إن أهل المراكب من العمانيين يقطعون هذا الخليج إلى جزيرة قنبلو من بحر الزنج"، حيث صحب البحارة العرب من (عُمان) عام (299هـ/912م) ووصل معهم إلى أقصى الجنوب، وربما يكون قد وصل مدغشقر أو موزنبيق، وعند عودته إلى عُمان سجّل مشاهداته وانطباعاته قبل أن يجوب صحراء أفريقيا، في رحلة استنفدت سنوات طويلة من عمره، سجّل وقائعها عند عودته إلى القاهرة التي توفي فيها.[ينظر: المسعودي: أبو الحسن علي بن الحسين الهذلي: مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج1، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت، 1986م، ج1، ص106، فليجه، أحمد نجم الدين: أفريقيا دراسة عامة وإقليمية لجنوب الصحراء، مركز الإسكندرية للكتاب،2006م، ص20، ديفيد سون بازيل: أفريقيا تحت أضواء جديدة، ترجمة جمال محمد أحمد، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع (د.م), 1961م، ص214- 215، 218، بغدادي: مرجع سابق ص99].

(14) ينظر: المسعودي: مصدر سابق، ج3 ص77، الحموي، ياقوت: معجم البلدان، ط 1، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1979م، ج8، ص171.

(15) المغيري: المصدر سابق، 163، قاسم، جمال زكريا: دولة البوسعيد في عُمان وشرق أفريقيا، القاهرة، 1967م، ص32، قاسم، جمال زكريا: استقرار العرب في أفريقيا، حوليات جامعة عين شمس، المجلد العاشر، القاهرة، 1967م، ص342 - 348.

(16) قرقش: مرجع سابق ص134.

(17) يُعد (ابن بطوطه المغربي) واحداً من أعظم الرحالة العرب المسلمين الذين أسهموا في الكشف عن امتداد الساحل الشرقي لأفريقيا، فقد أبحر سنة (731هـ/1330م) من مدينة (عَدَن) بجنوب الجزيرة العربية، متجها صوب امتداد ساحل شرق أفريقيا، فنزل في كل من المدن (براوه ومقديشو وممباسا وكلوه)، وقابل هناك عربا آخرين وصلوا بدورهم إلى ميناء سوفالا. إلا أن أهم رحلات ابن بطوطة كانت في غرب أفريقيا حيث بدأ رحلته من مدينة (فاس) سنة (752هـ/1351م) وعبر جبال الأطلس، واخترق الصحراء الكبرى، ونجح في الوصول إلى (مملكة مالي) الأفريقية. وسجّل رحلاته ومشاهداته في كتابه الشهير (تحفة الأنظار في الأمصار وعجائب الأستار).[أبو عيانه، فتحي محمد: جغرافية أفريقيا، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1994م، ص25].

(18) المغيري: المصدر سابق ص160.

(19) ينظر: الخوند: الأقليات المسلمة في العالم، ط 2، 2006م، universal company, بيروت، ج1، ص44.

(20) ينظر: المرجع السابق، ص44، الغنيمي: مرجع سابق، ص50.

(21) المغيري: المصدر السابق، ص73 - 75.

(22) المصدر السابق، ص73، الجمل، شوقي: تاريخ كشف أفريقيا، ص36، الجمل، شوقي: دور العرب الحضاري في أفريقيا، بحوث ندوة (العرب في أفريقيا)، ص141

(23) ينظر: العقاد، صلاح وقاسم، جمال زكريا: زنجبار، ص4-5.

(24) تقع مدينة كلوه في الساحل الجنوبي بالقرب من رأس دلجادو جنوب زنجبار، وتتبع حالياً جمهورية تنزانيا الاتحادية. 

(25) ينظر: علي، أحمد: كلوه تاريخها وحضارتها من القرن(10م) حتَّى القرن (15م)، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة 1983م، ص56، قرقش: مرجع سابق، ص134.

(26) هذا الكتاب عبارة عن مخطوطة محفوظة في المتحف البريطاني بمؤلف مجهول الاسم، ويحتوي على مقدمة طويلة ذكر فيها المؤلف السبب من تأليف كتاب السلوه، وقد قام بتحقيق الكتاب الأستاذ/ محمد علي الصليبي، ونشرته وزارة التراث والثقافة بسلطنة عمان. 

(27) قام الشيخ المغيري بتأليف كتاب (جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار) عام 1357هـ زمن السلطان (السيد خليفه بن حارب البوسعيدي) سلطان زنجبار، ويُعد هذا الكتاب من المصادر المهمة في تاريخ شرق أفريقيا وخاصة زنجبار؛ إذ يحتوي على كثير من المعلومات عن تاريخ السكان الأصليين في زنجبار والدور العُماني فيها، كما ذكر كثيراً من الوثائق والمراسلات للسلاطين البوسعيديين والولاة في زنجبار، إلى جانب الوقائع والأحداث المتزامنة مع عصر المؤلف.[ينظر: مقدمة المحقق في المغيري: مصدر سابق(مقدمة المحقق)، ص21- 23]. وسيأتي التعريف بالمغيري في المبحث الأخير بالباب الثاني.

(28) ينظر: المغيري، مصدر السابق (مقدمة المحقق)، ص31، وص103، 133، الغنيمي، عبد الفتاح مقلد: مرجع سابق، ص63.

(29) الخوند، مسعود:مرجع سابق، ج1، ص43.

(30) أوضح الشيخ المغيري أن تاريخ رواية هجرة (حسن بن علي) وأبنائه وجماعته في سبع سفن إلى كلوه والتي جاء ذكرها في تاريخ السيرة الكلوية ليس لها أساس من الصحة، وإنما هي من قبيل الزعم الذي ذكر في أول سطر من تلك السيرة، إذ لم تذكر التواريخ ولا المكاتبات سواء العربية أو الأعجمية منذ القرن التاسع إلى القرن الثالث عشر الهجري شيئا عن وقوع هجرة شيرازية أو اسم شيراز، إلا ما يدعيه الأهالي في كلوه في بدايات القرن العشرين الميلادي (عصر حياة المغيري) أنهم من الشيرازيين. وللعلم أن كتاب السيرة الكلوية أو المسمى بـ(السلوه في أخبار كلوه) موجود في ثنايا كتاب (جهينة الأخبار) للمغيري، حيث أفرده في الفصل الثالث من الكتاب ص101 - 131. 

(31) ينظر: المغيري: المصدر سابق ص133-137، 143 - 144، 174- 177.

(32) المصدر السابق ص105، 107، 114، حيث يوجد كتاب السلوه في ثنايا كتاب المغيري، وينظر: السهيل، نايف: مرجع سابق، ص216-217.

(33) ينظر: نص الرسالة في المغيري: المصدر السابق ص138.

(34) ينظر: الخوند، مسعود: مرجع سابق، ص43.

(35) ينظر: المرجع السابق، ص44.

(36) سفاله أو سوفالا لفظة أصلها سامي تعني الأرض المنخفضة، وسُمّيت في المصادر العربية بسفالة الذهب لتوافر معدن الذهب في أرضها، وهي مدينة تقع على الساحل الجنوبي، تتبع جمهورية موزمبيق حاليا.[العراقي، سيد أحمد: معالم الحضارة الإسلامية في ساحل شرق أفريقيا في العصور الوسطى، مجلة دراسات إفريقية، الخرطوم، العدد الثاني، إبريل 1986م، ص102، سالم، سحر عبدالعزيز: مرجع سابق، ج2، ص22].

(37) هي جمهورية موزمبيق الشعبية حاليا، ولغتها الرسمية البرتغالية، نتيجة لحقبة الاستعمار البرتغالي خلال فترة ما قبل القرن التاسع عشر الميلادي وبعده، حتَّى تحررت عن استعمارهم في 25/6/1975م، وتنتشر فيها حاليا الديانات الوثنية الأفريقية إلى جانب وجود كثافة لانتشار الإسلام والمسيحية فيها، عاصمتها (مابوتو) الواقعة في أقصى الجنوب على الساحل، وعملتها تسمَّى (متكال/متقال). [العزيزي، هاني عبدالرحيم: موسوعة دول العالم، دار النبراس للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 1990م، ص220-222].

(38) قرقش: مرجع سابق، ص133.

(39) المرجع سابق ص132.

(40) المسعودي: مصدر سابق ج1،ص125.

(41) قرقش: مرجع سابق ص132.

(42) المرجع السابق ص132. وينظر المسعودي: مصدر سابق، ج1 ص125.

(43) هي حاليا جمهورية مدغشقر الديموقراطية، وتقع هذه الجزيرة في جنوب غرب المحيط الهندي، استقلت عن فرنسا في 26/6/1960م، عاصمتها (أنتاناناريفو) تقع بوسط شرقي الجزيرة، ونظام حكمها جمهوري، بها ست مناطق، ولغتها الرسمية تسمَّى (ملاغاشي)، وعملتها (فرنك مدغشقر)، وأبعاد مساحة الجزيرة (571. 1كم) جهة شمال شرق وجنوب غرب، و(570 كم) جهة شرق جنوب شرق وغرب شمال غرب، وعدد سكانها أكثر من أحد عشر مليون نسمة(5%) من مساحتها مزروعة(58%) مراعي(21%) غابات(2%) أنهار وبحيرات(8%) مناطق مهجورة(6%) استخدامات أخرى.[العزيزي، هاني: موسوعة دول العالم، ص209 - 211].

(44) السهيل، نايف: مرجع سابق، ص197-201.

(45) المسعودي: مصدر سابق، ج1، ص97.

(46) السهيل، نايف: مرجع سابق، ص206، نقلا عن بزرك: )عجائب الهند)، ص50-51.

(47) المسعودي: مروج الذهب، ج1، ص107. قرقش: مرجع سابق ص130.

(48) دافيدسون، بازل: أفريقيا تحت أضواء جديدة، ترجمة: جمال محمد أحمد، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1961م، ص244، قرقش: مرجع سابق، ص130.

(49) أصل هذه اللغة هو من لغات قبيلة (البانتو) الأفريقية، المبنية في أصلها على قبيلة (جرباما) التي تعيش في الجزء الشمالي من ممباسا الكينية، ولا يستبعد أن يكون الاتصال الأول بالمهاجرين العرب الأوائل قد تم في هذا الإقليم، ثم أخذ ينتشر تدريجيا في كل اتجاه.[الغنيمي: المرجع السابق، ص33].

(50) ينظر: الغنيمي: المرجع السابق، ص33.

(51) هو مستشرق ومؤرخ إنجليزي، وأستاذ بجامعة جلاسجو كالدونيال، إحدى أكبر الجامعات باسكتلندا بالمملكة المتحدة، تأسست عام 1875م، قضى ترمنجهام أربعة أشهر كاملة من صيف عام 1961م في التنقل في مناطق شرق أفريقيا وفي الجزر المتاخمة، متفرغاً وباحثاً يشاهد ويتحرى للحياة الإسلامية في تلك المناطق، ويعد أبرز المؤلفين الغربيين الذين كتبوا عن الإسلام إلى جانب آخرين أمثال (توماس آرنولد، وهوبير ديشامب), وانتهى ترمنجهام من رحلته تلك إلى تأليف كتابه المشار إليه، وقد جاء كتابه مثالا للمؤلفات الغربية الفكرية المتميزة بالأدبيات والمؤلفات الكلاسيكية التي كتبت عن الإسلام خاصة في فترة الستينيات من القرن العشرين، فقد استخدم فيه أدوات واقترابات تحليلية معينة لفهم الإسلام وطرق انتشاره في شرق أفريقيا، وركز على الممارسات الصوفية كإحدى الطوائف الإسلامية المعينة لفهم الإسلام، علماً بأن بعض أنواع تلك الطرق طقوس وممارسات خارجة عن الإسلام، وشبهت بعضها برياضة اليوغا الهندية، ورغم أهمية الكتاب فهو لا يخلو من أخطار ومغالطات فكرية، مثل محاولة المزج بين الإسلام كعقيدة وبين الطوائف الصوفية وبين التقاليد الإفريقية القبلية المحلية كالشعوذات والسحر وغيرها وربطها بالقرآن، مما يتعارض مع الإسلام، وقد استفاض في شرح تفاصيلها وإلصاقها بالثقافة الإسلامية في كتابه المذكور ص181 -184، 194 - 200. علماً بأن المؤرخ المذكور له تأليف بعنوان (الفرق الصوفية في الإسلام) ترجمة عبدالقادر البحراوي.[ينظر: النواوي، محمد عاطف، مقدمة ترجمة كتاب (الإسلام في شرق أفريقيا)، ص6، حمدي عبد الرحمن حسن : الإسلام في أفريقيا، مقال منشور في الموقع الإلكتروني (إسلام أون لاين)، صفحة أخبار وتحليلات، الثلاثاء، 20 مايو 2008م].

(52) ترمنجهام، سبنسر: مرجع سابق، ص34.

(53) ينظر: المرجع سابق، ص42، الغنيمي: مرجع سابق ص63.

(54) ترمنجهام، مرجع سابق، ص34.