حسن صالح
شهاب
مجلة نزوى،العدد16،
سبتمبر 2009م
علاقة عمان البحرية بأرض ( السواحل ) ، علاقة مغرقة جدا في القدم . وأرض (
السواحل ) هي ما كانت تعرف ، قديما، بأرض ( الزنج ) ، وتمتد من ( مقديشو) شمالا الى
ما يسمى بجمهوريته ( موزمبيق ) جنوبا، وتشمل سواحل ( كينيا) و( تنزانيا) ، وهي
معروفة الى اليوم بهذا الاسم (1).
وأقدم أشارة الا هذه العلاقة في الاسلام ، هي تلك التي وردت في مصادر التاريخ
العماني عن سليمان وسعيد ابني عباد بن عبدالجلندي. فبعد أن هزما جيش الحجاج الذي
أرسله الى عمان ، تحت قيادة مجاعة بن شعوة ، أرسل مجاعة الى الحجاج يطلب مزيدا من
الامدادات ، فاخرج الحجاج "في طريق البر عبدالرحمن بن سليمان في خمسة آلاف عنان من
بادية الشام ". فاستشعر سليمان وسعيد ابنا الجلندي العجز حينما علما بمسير هذه
القوة الى عمان ، فحملا ذراويهما ومن خرج معهما من قومهما، ولحقا ببلاد الزنج ،
وماتا هناك (2).
ولا تعني هذه الاشارة أن العلاقة البحرية بين عمان وشرق افريقيا بدأت منذ هذا
التاريخ ، أي منذ عهد الحجاج ، في القرن الأول الهجري ونما هي دليل على أن لجوء آل
الجلندي بلاد ( السواحل ) التي تفصلها عن أرض عمان بحار خطرة تمتد آلاف
الكيلومترات، جاء بعد حقبة طويلة ، عرف العمانيون خلالها الطرق الآمنة في هذه
البحار، ومواسم السفر فيها ، وعرفوا أرض السواحل ، مسكانها، وتجارتها ، وأقاموا
خلالها مستوطنات في جزر كانوا يتاجرون منها مع سكان الساحل والبر الداخلي من
افريقيا ففي (بريبلوس البحر الاريتري) The Periplus of The Erythraean Sea تقرير
يوناني عن سواحل المحيط الهندي ، وأهم موانيه التجارية وطرق الملاحة فيه ، كتب –
على الأرجح في أواخر القرن الثاني الميلادي، يرد ذكر تردد المراكب العربية بالتجارة
على موانيء ساحل افريقيا الشرقي، الى الجنوب من (حافون . أو open كما ورد في هذا
التقرير – وعلى موانيء ساحل الهند الغربي ، من شبه جزيرة (كنباية ) باقليم (جوزرات
) ، شمالا ، الى (مليبار) أو (منيبار) جنوبا.
وقبل أن يكتشف البحار اليوناني (هيبالوس ) Hipalus موسم الرياح التي كانت
المراكب العربية تسافر بها الى الهند. كانت المراكب اليونانية والرومانية لا تجرؤ –
كما ذكر (بريبلوس ) _على السفر الى المواني، على الجانب الأخر من ساحل بحر الهند ،
وانما كانت تأتي جميعها من مصر الى المواني، العربية ، وتقايض في أسواقها ما جلبته
من السلع من مصر بتوابل الهند وطيوب جزيرة العرب ،وغيرها من السلع الثمينة ´و
العالم القديم(3).
ومخاطر البحار التي كانت المراكب العمانية تسلكها في السفر الى بلاد (السواحل )
والعودة منها ، نجد وصفها في مؤلفات بعض الرحالة والجغرافيين العرب كالمسعودي
والمقدمي، ففي «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ، يقول المقدسي: ومن (المنام )
(يعني «المندب ) "يتلجج البعر الى عمان ، وترى ما ذكر الله امواجا كالجبال الرأسيات
، إلا إنه سليم في الذهاب مخوف في الرجعة من العطب والغرق (4) .
هذا البحر كان يعرف بالخليج البربري ، ويسمى الأن بخليج عدن ، وقد جعله المسعودي
جزءا من بحر المزنج ، وتقطعه المراكب عرضا في سفرها من عمان الى السواحل / والعودة
منها، وتقطعه أيضا طولا في سفرها بين الهند والبحر الأحمر. وقد قطع المسعودي هذا
البحر في مركب عماني سافر به من عمان الى جزيرة أسماها (قنبلو) من جزر السواحل ،
وقطعه مرة أخرى مع بحارة عمان ايضا في طريق عودته من (السواحل ) الى عمان ، ويقول
في وصفه :
"وموجه يرتفع كارتفاع الجبال ، وينخفض أكثر ما يكون من الأودية ، لا يتكسر موجه
، ولا يظهر من ذلك زبد كتكسر أمواج سائر البحار". وأهل البحر يزعمون أنه موج مجنون
." وهؤلاء القوم الذين يركبون هذا البحر من أهل عمان ، عرب من الأزد، فإذا توسطوا
هذا البحر ، ودخلوا بين ما ذكرناه ، والأمواج ترفعهم وتخفضهم يرتجزون ويقولون:
بربرا وحافوني وموجها المجنوني
حافوني وبربرا وموجها كما ترى
وقال :" ويقطع أهل المراكب من العمانين هذا الخليج الى جزيرة (قنبلو) من بحر
الزنج "، وانه ركب عدة بحار ، كبحر الصين والروم ، والخرز، والقلزم ، وأصابه فيها
من الأهوال ما يحصيه كثرة ، فلم يشاهد أهول من بحر الزنج . وأن بحارة عمان ينتهون
أدمن بحر الزنج الى جزيرة (قنبلو)، على ما ذكرنا والى بلاد (سفالة )، و(الواق واق
)، من أقاصي أرض الزنج (5)".
ورحلات المسعودي هذه ربما كانت في أوائل القرن الرابع أواخر القرن الثالث من
الهجرة ، فرفاته كانت في العقد الخامس من القرن الرابع الهجري. وهذا دليل على أن
رحلات امراكب العمانية الى سواحل شرقي افريقيا الجنوبية ، إن لم تكن قد ازدادت بعدا
في محيطها فإنها لم تتوقف طيلة القرنين الثاني والثالث من الهجرة ، اي من تاريخ
لجوء آل الجلندي الى هذه السواحل الى اي من تاريخ لجوء آل الجلندي الى هذه السواحل
الى تاريخ وفاة المسعودي.
وجزيرة (قنبلو) التي كانت تنتهي اليها رحلات المراكب العمانية القادمة من (صحار)
، هي في رأي بعض الباحثين جزيرة (مدغشقر)، لكن المسعودي يقول إن بحارة عمان يقدرون
المسافة بين (صحار) قصبة عمان القديمة ، وبين جزيرة (قنبلو) خمسمائة فرسخ ، ومن
الواضح أن هذه المسافة لا تتجاوز نصف المسافة الحقيقية بين جزيرة (مدغشقر) وميناء
(صحار) وفي رأينا أن (قنبلو ) ربما كانت جزيرة (زنجبار) أو (الجزيرة الخضراء)
غيرهما من الجزر المجاورة لساحل (تنزانيا) ، والتي ظلت تابعة لعمان عدة قرون ،
فالمسافة بينها وبين ساحل عمان الجنوبي تقترب من المسافة التي كانت البحارة تجعلها
بين (صحار) و(قنبلو) ، ثم إن المسعودي وصل أو جعل الوصول الى (قنبلو) قبل الوهسرل
الى (سفالة )، وهذا يؤيد أيضا أن (قنبلو) ليست (مدغشقر) ، فالمراكب تصل الى (سفالة
) قبل (مدغشقر)، وليس العكس وكانت لم مدغشقر) تعرف حتى أيام ابن ماجد، بجزيرة
(القمر)، ثم اقتصر هذا الاسم على الجزر الصغيرة ، المتناثرة في شمال مضيق (موزمبيق
) بين جزيرة امدغشقر) وساحل (موزمبيق ). كما كان للمراكب العربية موسم للسفر الى
جزيرة (القمر) يختلف عن موسم السفر الى موانيء ساحل افريقيا الشرقي والجزر المجاورة
لها، ولها طرق خاصة بها، تختلف البحارة في وصف جهاتها مما يدل على إنهم كانوا قليلي
التردد عليها، حتى في أيام ابن ماجد(6 ).
أما (سفالة ) فهي على نفس الطريق المحاذية للساحل القادمة من (منباسة ) و(دار
السلام ) و( كلوة ) وهي الآن أحد موانيء (موزمبيق ) ، وكانت قديما ميناء بلاد الذهب
، ويسميها ابن بطوطة بلاد (الليميين )، وقال إن معدن الذهب على مسيرة شهر من (سفالة
)(7). وهي من المواني، التي مازالت محتفظة بأسمائها العربية على هذا الساحل .
واذا ذكرت (سفالة ) ، عند الجغرافيين العرب ، تذكر بعدها بلاد (الواق واق ) ،
وهم غير (واق واق ) الصين ، ويسميهم ابن الفقيه (واق واق ) اليمن ، أي الجنوب ،
تمييزا لهم عن (واق واق )الشرق (8). وكان هذا الاسم يطلق على من لهم اذناب من
البشر، لكن (واق واق ) افريقيا ، لم يكن لهم اذناب طبيعية كاذناب بعض سكان جزر
(الفليبين ) و(أندونيسيا) وهي اذناب الواحد منها بحجر إصبع الخنصر. أما (واق واق )
جنوب افريقيا ، فكانوا يلبسون جلود الحيوانات المفترسة دون أن يفصلوا عنها الأذناب
، فكانوا إذا مشوا يهزون الأذناب خلفهم كما تفعل الحيوانات .
مواسم الرحلات
لم يذكر المسعودي الرياح التي جرى بها مركبه من (وصحار) الى ( قنبلو) ولا التي
عاد بها الى (صحار). كما لم يذكر مواسم رحلاته ، وطرقها. والمقدسي أيضا لم يذكر
الرياح التي سافر بها مركبه في ( الخليج البربري) من (باب المندب ) الى ساحل عمان
الجنوبي، ولا طريقه فيه . فمثل هذه المسائل الملاحية ، لا يهتم بمعرفتها عادة ، إلا
البحار، أما غيره من ركاب السفينة ، فلا يهتم إلا بوصف أهوال البحر ومشات
السفر.
لكن ذلك لا يعني أن مواسم الملاحة وطرقها عند بحارة عصر المسعودي تختلف عن
مواسمها وطرقها عند بحارة العصور المتأخرة ، فطبيعة تكوين أي بحر ومواسم الرياح
وجهاتها فيه هي التي تحدد مواسم ركوبه والطرق الأمنة فيه . ومن المعلوم أن الرياح
السائدة في الجزء الغربي من المحيط الهندي ، فيما بين شرقي افريقيا والهند هي
الرياح الجنوبية الغربية ، أو الدبور ، ويبدأ موسمها غالبا في عرض البحر في شهر
مايو وينتهي قبل نهاية سبتمبر ، وتسمى ( الكوس ) عند البحارة .
ومن أواخر شهر سبتمبر يبدأ، عادة موسم هبوب الرياح الشمالية الشرقية ، أو الأريب
، وهي تقابل في مهبها الرياح الجنوبية الغربية ، وينتهي موسمها في أوائل شهر مايو
تقريبا.
ويحدث في أيام الشتاء أن تهب الريح من الناحية الشمالية الغربية فتسمى عند
البحارة بريح الشتاء. وريح (البنات ) نسبة الى مجموعة كواكب (بنات نعش الكبرى) .
المعروفة عند الفلكيين بكواكب (الدب الأكبر) ، لأن هذه الريح تهب من جهة مغيب هذه
الكواكب ، فتقاطع طريق المركب الذي يسير بالرياح الشمالية الشرقية الى الجهة
الغربية والجنوبية الغربية . غير أن مثل هذه الريح لا تدوم إلا فترة قصيرة ، تعود
بعدها الريح الى مهبها الأصلي .
ومثل هذه الريح التي تقاطع مجرى الرياح الشمالية الشرقية ، ولا تهب إلا في فصل
الشتاء وبعض من فصل الربيع ، الريح الجنوبية الشرقية ، وتهب من ناحية مطلع كوكبة
(العقرب ) فتسمى عند البحارة بالريح ( العقربي). وقد تهب الريح من ناحية الجنوب .
فتعترض طريق المسافر من شمالي ساحل الهند الغربي الى عمان وساحل اليمن الجنوبي.
وتهب في فصل الشتاء أيضا وتسمى عند البحارة بـ(الدفانة ).
تلك هي الرياح التي كانت المراكب الشراعية تقطع بها القسم الغربي من المحيط
الهندي طولا وعرضا، وكذلك البحار المتفرعة منه ، وأثناء موسم الرياح الجنوبية
الغربية ، في فصل الصيف ، تكون الريح في كل من البحر الأحمر والخليج شمالية وتسمسر
بريح (الشمال ) ، وهي غير ريح الشتاء أو (البنات )المتقدم ذكرها.
وأثناء فترة شدة الرياح الجنوبية الغربية من أول شهر (يونيو) الى منتصف (أغسطس )
تقريبا تتوقف الملاحة الشراعية في عرض المحيط بين سواحل شرقي افريقيا وجنوبي جزيرة
العرب ، وغربي الهند، وتسمى هذه الفترة (الغلق ) ، لأن البحر يفلق خلالها، ولا
ينفتح للملاحة إلا حينما تخف حدتها من أواخر شهر أغسطس الى حين توقفها في أواخر شهر
سبتمبر ، ويسمى موسم السفر في هذه الفترة (الداماني) و(الديماني) و(المفتاح )، لأن
البحر ينفتح فيها للملاحة . وتسافر فيه المراكب من سواحل جزيرة العرب الجنوبية الى
الهند، ومن شرقي افريقيا الى كل من الهند وجزيرة العرب . ويكاد السفر لا يتوقف طوال
العام بين ساحل عمان الشرقي والجزء الشمالي من ساحل الهند الغربي، أو ما يعرف
باقليم (جوزرات ) . وهناك مواسم أخر تسافر فيه المراكب بالرياح الجنوبية الغربية ،
بين الأماكن المذكورة يسمى موسم (رأس الريح ) و(الغلق )، لأن البحر يفلق بعده كما
ذكرنا . قال ابن ماجد في "الحاوية ":
ينبغي معرفة الأرياح ومغلق البحر والمفتاح
فغلقه يمكث ربع عام مدة تسعون من الأيام
ففي (مايو) الشهر الأول من موسمها أعني الريح ، لا تكون عنيفة ، فتسافر فيه
المراكب ، وتصل الى الهند قبل أول شهر (يونيو) ، فموسما السفر بالريح الجنوبية
الغربية – كما نرى – ضيقان جدا. فمن تأخر سفره في موسم (الديماني) ترده الريح
الشمالية الشرقية قبل وصوله الى الهند، ومن تأخر سفره في موسم (رأس الريح ) تشتد
عليه الريح فلا يسلم من التلف قبل أن يصل الى الهند.
وليس صحيحا ما اعتقده بعضهم من أن العالم الروماني (بليني) يعني بقوله : أن
المراكب اليونانية والرومانية التي تريد السفر الى الهند، كانت تقلع من ( برينك )
أحد موانيء مصر على البحر الأحمر، في أول شهر (يوليو) – لا يعني أن هذه المراكب
كانت تقطع بحر الهند في ايام شدة الرياح الجنوبيه الغربيه (10). فهو يقول أيضا أن
المراكب تصل الى مضيق ( باب المندب ) في نهاية ( يوليو). وهذا يعني أن المراكب
الرومانية كانت تصل الى موانيء ساحل جزيرة العرب الجنوبي في أول شهر أغسطس ، الشهر
الذي كانت المراكب العربية تستعد فيه حتى في أيام ابن ماجد ، للسفر الى الهند في
موسم ( الأيماني) ، المتقدم ذكره .
أما موسم الرياح الشمالية الشرقية فإن السفر خلاله لا يتوقف خاصة في جزيرة العرب
والهند والسند الى سواحل شرقي افريقيا، إلا في الأيام التي يتوقع فيها حدوث عواصف
بحرية ، أو طوفانات ، كما تسمى عند البحارة ، كأيام ريح (الشتاء) أو ( البنات ) ،
وطوفانها يضرب من جزيرة (مسيرة ) الى قرب (باب المندب ) وقد يشمل المناطق المجاورة
لهما، ويسمى ( طوفان البنات ) . ويضرب في شهر يناير ، فيتوقف السفر غالبا فيه بين
عمان وشرقي افريقيا، إلا أن الطوفانات لا تحدث كل سنة . واذا حدث أن بدت علائم قرب
هبوب عاصفة ، فإن المركب يلجأ الى أقرب مرسى ، أو تنزل أشر عته إذا كان في عرض
البحر، ويفصل الدقل الكبير إذا رأى النواخذة في بقائه أثناء العاصفة خطرا على
المركب ، وريح الشتاء التي تثير هذه العاصفة تأتي من الناحية الشمالية الغربية ،
وفي شهر اكتوبر قد تهب في بعض السنين عاصفة بحرية في ( الخليج البربري) تثيرها ريح
تهب من ناحية الجنوب الشرقي، من مطلع كواكب ( العقرب )، وهي مشهورة عند البحارة بـ
(طوفان الأحيمر). وفي أواخر شهر ديسمبر، تهب عاصفة قوية ، في بعض السنين ، في خليج
( هرمز) والمياه المجاورة له واعظم طوفان هو ( الطوفان التسعيني)، ويسميه بعضهم (
الشلي )، فهو إن كان قويا يعم جميع نواحي المحيط الهندي، وبحر الصين واندونيسيا،
يضرب في شهر ( مارس ) وقد يتقدم في بعض السنين ، أو يتأخر ، ورياحه تهب من الناحية
الشمالية الشرقية .
هذه هي أشهر العواصف البحرية التي تتوقع البحارة حدوثها أثناء موسم الرياح
الشمالية الشرقية ، من أول ( أكتوبر) الى أواخر (ابريل ) والعجيب أن أصدق علامة على
قرب هبوب العاصفة أو الطوفان ، كانت معروفة لدى البحارة منذ عهدهم الأول بالملاحة
في المحيط . وهي "حرارة الماء وظهور السرطان على سطحه " ولم يكتشفها العلماء الا
منذ عدة سنوات . أما الرياح الجنوبية الغربية فتثير الأمواج العظيمة في (الخليج
البربري) وغيره من البحار لكن لاتخالطها طوفانات .
والسفر من (عمان ) الى بلاد ( السواحل ) لا يتوقف من أول موسم هبوب رياح الأريب
، أي الرياح الشمالية الشرقية ، الى نهاية شهر ( فبراير) . أما العودة من ( السواحل
) الى عمان برياح الدبور، الجنوبية الغربية ،
فكان لها موسمان . أولهما في أواخر شهر ( ابريل ). والثاني في أواخر شهر ( أغسطس
).
الطرق
للسفر في البحر طريقان طريق تسير بحذاء الساحل ولا تفارقه ، وتسمى (الطريق
البرية ) أو (الديرة البرية )، كالطريق من (صحار) الى ( رأس الحد) . والطريق الآخر
هي التي تفارق البر، وتقطع عرض البحر، الى بر آخر، وتسمى (الطريقة المطلقة ) أو
(ديرة المطلق ) ، كالطريق من (رأس الحد) الى ساحل (جوزرات ) بالهند.
وعلى هذين الطريقين كانت امراكب تسافر (عمان ) الى (السواحل ) وعليهما كانت تعود
من ( السواحل ) الى (عمان ) . فمن (صحار) الى (رأس الحد) ومن ( الحد) تنطلق الى
جزيرة ( مصيرة ) ، أى تفارق البر الى (مصيرة) أو من (نوس) تنطلق في (ديرة المطلق )
الى جزيرة (عبدا لكوري). بين جزيرة (سقطرة ) ورأس (غرد فوي) أو (غردفون)، ويسمى
انطلاقها من جزيرة الى جزيرة أخر آخر، أو من بر الى بر اخر منفصل عنه _ يسمى (عبرة)
عند البحارة المتأخرين ، ويكون هجراها من (مصيرة)أو (نوس) نحو جهة (مغيب الحمارين)
على ثلاث وثلاثين درجة ودرجة إلا ربعا غربي ( القطب الجنوبي) الى جزيرة (عبد
الكوري) ومن (عبد الكوري) تنطلق مرسى (حافون) على ساحل الصومال الشرقي، ومن (حافون)
تساير هذا الساحل الى موانيء بلاد ( السواحل ) : (كينيا) و(تنزانيا) . وتقطع
(الخليج البربري) في طريقها الى جزيرة ( عبد الكوري) وتدفعها الرياح الشمالية
الشرقية من المؤخرة ، وتسمى ( ياهوم ) عند البحارة المتأخرين ، أو تدفعها من أحد
جانبي المؤخرة ، فتسمى ( ريح القنديل ) . وتكون الريح في هذه الحال ملائمة هجراها ،
أعني مجرى المراكب ، من ( مسيرة ) الى ( عبد الكوري) ، بحيث تقطع هذه المسافة في
أسبوع تقريبا، إن لم تعترض هجراها ريح ( البنات ) وأمواجها.
وطريق العودة من ( السواحل ) هي نفس طريق السفر اليها ، ولكن بعكس اتجاهها ، فمن
المواني، الجنوبية كميناء ( كوة ) و( سفالة ) تساير امراكب الساحل الافريقي الى
ميناء (حافون ) ، بمساعدة الرياح الجنوبية الغربية ( الكوس )، وقبل وصولها الى خط
الاستواء، تتعرض عادة ، للامطار في هذا الموسم . ومن (حافون ) تنطلق الى جزيرة (
عبدا لكوري)، في اتجاه ( مطلع النعش ) على اثنتين وعشرين درجة ونصف شرقي (القطب
الشمالي ) ، وتستعين على تحديد جهته بالنظر الى بيت الابرة (الديرة ) ( البوصلة ) .
وعكس هذا المجرى ( مغيب سهيل ) من (عبدالكوري) الى (حافون ). ومن (عبدالكوري) تنطلق
بالرياح الجنوبية الغربية عبر ( الخليج البربري) في اتجاه ل مطلع الناقة ) على ثلاث
وثلاثين درجة ودرجة الا ربعا ، شرقي ( القطب الشمالي ) ، فتقابلها في الخليج
الأمواج العظيمة المعروفة بالزحرن عند البحارة والتي شاهد أهوالها كل من المقدسي ،
المسعودي، وكان بعض المراكب لا يقطع ( الخليج البريدي) إلا فيما بين ( نوس ) على
ساحل (ظفار) وجزيرة ( عبد الكوري) في السفر الى ( السواحل ) والعودة منها .ومن (نوس
) تساير ساحل عمان الجنوبي ثم الشرقي الى (صحار) . ولم تتوقف رحلات السفن الشرعية
هذه إلا منذ عهد قريب جدا.
1-انظر كتابي " البعد الجغرافي للملاحة العربية في المحيط الهندي" إصدار وزارة
التراث القومي والثقافة (مسقط 1994).
2- العلاقة نور الدين عبدالله بن حميد السالمي، تحفة الاعيان بسيرة أهل عمان ج1
ص 74-76.
1-The Periplus of the Erythraean Sea , Trans, by W.H.. Schoff (New York 1919
) PP. 28- 32.
4-المقدسي ، احسن التقاسيم في معرفة الاقاليم( ليدن 1906). ص 11-12.
5- أبو الحسن على بن الحسين المسعودي (ت 346هـ) مروج الذهب ومعادن الجواهر، ج1
ص122(دار الاندلس- بيروت).
6- شهاب الدين أحمد بن ماجد ،أرجوزة (السفالة)، تحقيق (شوموفسكي) ترجمة الدكتور
منير مرسي (عالم الكتب- القاهرة).
7-أبو عبدالله محمد بن عبدالله المعروف بابن بطوطة ، تحفة النظار في غرائب
الامصار وعجائب الاسفار ،ج1 ص 163 ( القاهرة 1967).
8-ابن الفقيه، مختصر كتاب البلدان، (عن الترجمة العربية لكتاب جورج حوارني"
العرب والملاحة في المحيط الهندي"
9- Basli Aavidson, The African Past PP.134 –41.
10- The Periplus, p.227.
No comments:
Post a Comment