عماد بن جاسم البحراني
يعد الشيخ هاشل بن راشد المسكري (1895-1968م)، من أبرز رواد الصحافة العمانية خلال القرن العشرين، وتحديدًا في الجزء الشرقي من أفريقيا إبان التواجد العماني في تلك البقعة من القارة الإفريقية والذي امتد لقرون من الزمن.
أدى الشيخ هاشل المسكري دورًا هامًا في تطوير العمل الصحفي في زنجبار، سواء من خلال عمله رئيسًا لتحرير صحيفة الفلق – كان أول رئيس لتحرير الصحيفة- التي رأت النور في إبريل من العام 1929م، أو من خلال قلمه المبدع، الذي سطر عبره مقالات وقصائد شعرية ونصوص أدبية عديدة ساهمت مع أقرانه من الكتاب والأدباء العمانيين في زنجبار في ازدهار الحركة الثقافية هناك، ونشر الحضارة العربية الإسلامية فيها.
قال عنه الإمام محمد بن عبدالله الخليلي رحمه الله: «ونظرنا في الولد هاشل فرأيناه شخصاً يحب ترقي أمته».
وسوف نحاول في هذا المقال أن نتعرف على هذه الشخصية الفذة، ونستكشف جوانب من سيرتها ومسيرتها.
  • مولده ونشأته:
 ولد الشيخ هاشل بن راشد بن هاشل بن راشد بن علي المسكري عام 1895م، في قرية العلاية التابعة لولاية إبراء في المنطقة الشرقية من عُمان، وينتمي الشيخ هاشل إلى فخيذة أولاد ربيعة كبرى فخائذ قبيلة المساكرة.
نشأ يتيم الأبوين، حيث توفيت والدته وهو طفل، ثم توفي والده وهو في سن العشر سنوات.
ونتيجة لهذه الوضع قام أبناء عمه سالم: (سعيد ومسعود وسيف) بنقله الى زنجبار من أجل الاهتمام بتربيته ورعايته.
  • تعليمه وثقافته:
 بعد وصوله الى زنجبار قام أبناء عم الشيخ هاشل بإدخاله الى المدرسة العربية في زنجبار، حيث تلقى هناك علوم الدين والفقه واللغة والأدب.
وبعد أن أنهى من دراسته في زنجبار عاد إلى وطنه عمان وهو في بداية سن الشباب.
وفي عُمان تعمق الشيخ هاشل في دراسة علوم الدين والأدب والثقافة على يد الشيخ العلامة سيف بن علي بن عامر المسكري.
وخلال هذه الفترة التي امتدت ما يقارب الخمسة أعوام، اكتسب الشيخ هاشل الكثير من الجوانب المتصلة بالثقافة العمانية المحلية، من شؤون السياسة والقبائل والزراعة والأفلاج وما شابه ذلك من الجوانب المتصلة بالحياة اليومية.
  • العودة إلى زنجبار:
نظراً للأوضاع السياسية والاقتصادية القائمة في عُمان آنذاك، والتي آثرت بشكل سلبي على الوضع التعليمي والثقافي في البلاد، قرر الشيخ هاشل العودة مجدداً إلى زنجبار، لشغفه إلى العلم والمعرفة، وتطوير  ذاته.
وجد الشيخ ضالته في الجمعية العربية التي كانت ملتقى للشباب العربي في زنجبار حينها. ومن خلال الجمعية  بدأ الشيخ هاشل المسكري أولى خطواته نحو العمل العام.
ففي عام 1926م إنضم إلى الهيئة الإدارية للجمعية العربية، ثم عُين بوظيفة كاتب سر بها. وبعد ذلك انتخب سكرتيراً لإدارة الجمعية على مدى ثلاث دورات إدارية، إبتداءاً من عام 1932م.
وشارك الشيخ هاشل بفعالية في عضوية عدد من اللجان الحكومية بزنجبار مثل:
  • اللجنة الإستشارية لمنتجات النسيج.
  • اللجنة التطوعية لمساعدة منكوبي الحروب.
  • لجنة الإحتفال للمولد النبوي الشريف.
  • لجنة الإحتفال باليوبيل الفضي لتولي السلطان خليفة بن حارب البوسعيدي عرش زنجبار، وذلك في عام 1935م.
  • صحيفة الفلق:
 نتيجة للدور الفاعل للشيخ هاشل المسكري في المشهد الثقافي والاجتماعي بزنجبار،أسندت إليه الجمعية العربية رئاسة تحرير صحيفة الفلق، التي دشنت في إبريل 1929م.
وقد صدرت الصحيفة بتشجيع من الشيخ سالم بن كنده رئيس الجمعية والشيخ ناصر بن سليمان اللمكي.
ويعد تحرير صحيفة الفلق أهم مسؤولية تقلدها الشيخ هاشل في زنجبار، ومرت رئاسته لتحرير الصحيفة على ثلاثة مراحل:
  • الأولى: استمرت ثلاث سنوات من إبريل 1929 إلى إبريل 1932م.
  • الثانية: استمرت ما يقارب الثماني سنوات بدءاً من يناير 1946 لغاية اكتوبر 1953م.
  • الثالثة: استمرت سنة ونصف فقط ، من يونيو 1954 الى سبتمبر 1955م.
أي أن الشيخ هاشل تولى رئاسة تحرير الفلق مدة اثنا عشر سنة. ولذلك تعتبر فترة رئاسته لتحرير الفلق الأطول بين رؤوساء تحرير الصحيفة .
ويحكي الشيخ هاشل في مقالة له عن تجربته في صحيفة الفلق بقوله: ” ان أكبر الأعمال التي قمت بها وأخطرها – ولي الشرف- هي مهنة التحرير لهذه الصحيفة (جريدة الفلق) منذ 1347هـ/1929م، وقد استقلت سابقاً، ثم عدت الى مزاولة تحريرها مرة ثانية، فمسكت قلم التحرير بيد من حديد، إجابة لرغبة الجمعية،على الرغم من أنني شبت وشاب قلمي وأفكاري فقضيت في تحريرها خمسة عشر شهراً.. وهآنذا اليوم تضطرني الأحوال للاستقالة من التحرير مرة ثالثة.. لأني أدركت أن حريتي في التحرير ستضمحل.
انني عرفت من مهنة التحرير ما لم أعرفه من قبل وسمعت من رجال السلطة من التخبط والتهويل مالم أسمعه، وكل ذلك لم يزعزعني عن القيام بواجب الصحافة الصادقة من حث للنهوض ودفاع عن حقوق العرب في هذه البلاد”.
  • وفاته:
عاد الشيخ هاشل الى عمان سنة 1962م قبل عامين من وقوع الانقلاب الدموي في زنجبار ضد الوجود العربي العماني في الجزيرة عام 1964م، ولم يدر في خلد الشيخ هاشل أنه لن يرجع الى زنجبار مجدداً. وربما أراد القدر أن يعود الى موطنه ويتوفى ويدفن بين أهله وذويه، ففي فبراير 1968م توفي الشيخ هاشل بن راشد المسكري، إلا أن نتاجه الفكري والثقافي ما زال حياً حتى وقتنا الحاضر.
  • المراجع:
    – سالم بن حمود السيابي، العنوان عن تاريخ عمان، سلطنة عمان (د. ت – ط).
  • سعيد بن علي المغيري، جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار، وزارة التراث والثقافة، ط4، سلطنة عُمان، 2001م.
  • جامعة السلطان قابوس، دليل أعلام عمان، المطابع العالمية ، روي (سلطنة عمان)، 1991م.
    – محسن الكندي، الصحافة العمانية المهاجرة، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2001م.