Tuesday, December 16, 2014

شراكة اقتصادية مع إفريقيا

جريدة الرؤية: الاثنين 16 ديسمبر 2014م
حمود بن علي الطوقي

خمسة أيام كانت كافية لطرح نحو خمسين ورقة بحثية في المؤتمر الدولي الثالث؛ الذي نظّمته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية؛ حول الدور الحضاري والتاريخي العماني في دول البحيرات العظمى الإفريقية بالتعاون مع جمهورية بوروندي..
خمسة أيام سلط فيها الباحثون أضواء كاشفة على الوجود العماني في ذلك الجزء العزيز من القارة السمراء، ثمنوا خلالها الدور الحضاري العماني على مدار القرون الماضية..
ومؤكد أنّها أيّام لن تكون كافية لاكتشاف كنوز بوروندي هذا البلد الجميل، أو بناء تصوّر عن مستقبل هذا الجزء من القارة الإفريقية، وسيكون من الجيد أن نسير على خطى الأسلاف والأجداد الأولين، الذين حاولوا أن يتلمسوا منذ القدم معنى التنوع الاقتصادي والبحث عن موارد اقتصادية جديدة عندما كانوا تجارًا ونواخذة هناك.. فهذا التواصل منه شأنه أن يتيح لعمان فرصًا استثمارية جديدة لا سيما بعد التطور ودخول الآلة الحديثة والتكنولوجيا التي ساعدت على طرق العديد من الفرص الاقتصادية في كثير من مناحي الاقتصاد والخدمات، في وقت نحن أحوج ما فيه إلى مزيد من توظيف وإنشاء الاستثمارات الناجحة والمجدية سواء داخل السلطنة أم خارجها.
مشاهد عديدة سجلتها أثناء تواجدي ومشاركتي في هذا المؤتمر العماني البوروندي المهم، وهي جديرة بأن تعرض وتُطرح للجمهور حتى يتعرّف الجيل الجديد على الإرث الحضاري العماني الذي خلفه الأجداد على مدار العصور السابقة في دول البحيرات العظمى.
لن أخوض في هذه المشاهد، ولن أتناول هذه المرة القضايا المحوريّة التي تهم بعض الأسر العمانية التي ما زالت تتخذ من بوروندي موطنًا لها، وسأترك هذا الأمر للجهات المسؤولة؛ فهي الأدرى بفحوى هذه القضايا وكيفية معالجتها، وسأكتفي هنا بتناول جانب الاستثمار، والذي بدوره سأتطرق فيه إلى جزئية محددة تتعلق بكيفية الاستفادة من علاقاتنا التاريخية بدول البحيرات العظمى في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وكابوس انخفاض أسعار النفط الذي أثر وسيؤثر على استقرار ومستقبل الاقتصاد العالمي ككل، كوننا دولة مازالت تعتمد على النفط بوصفه سلعة أساسية تبني عليه الدولة الجزء الأكبر من خططها وموازناتها الاقتصادية وإستراتيجيتها المستقبليّة من حيث النمو والتقدم.. الصلات التاريخية بين السلطنة ودول البحيرات الإفريقية من شأنها أن تمد جسورًا من التواصل الاقتصادي والشراكة الحقيقية بين الجانبين والقائمة على تبادل المنافع والمصالح الاقتصادية، لاسيما أنّ تلك الدول تملك كما شاسعًا من الأراضي الزراعية الخصبة غير المستغلة، حيث تستطيع السلطنة عبر الشراكة معها تأمين مخزون غذائي وافر، يساهم في تحقيق الأمن الغذائي للجانبين، والذي بدوره بات هو الآخر همًا يقض مضجع العالم في ظل التناقص المتسارع للموارد الطبيعية بسبب الكوارث البشرية والطبيعية.
يجب أن نستغل الفرصة الآن، وأن نكون سباقين لعقد تلك الشراكات الاقتصاديّة، وأن نسارع بتوقيع عدد من الاتفاقيات طويلة المدى مع هذه الدول التي احتضنت واستقبلت أسلافنا قبل نحو خمسة قرون وما زالت ترحب بنا وبوجودنا في أراضيها كمواطنين ومستثمرين تربطهم صلات تاريخية بتلك المنطقة..
ولعلّ حديث الرئيس البوروندي حول تمنياته بأن يرى استثمارات عمانية في بلاده ينم عن حجم تلك الصلات الضاربة بجذورها في القدم، ومؤكد أنها ستكون فاتحة خير لعقد تلك الشراكة الاقتصادية، وتبشر بمزيد من التعاون الثنائي بين الجانبين.

No comments:

Post a Comment