Wednesday, January 6, 2016

زنجبار: الآثار العمانية قبلة السياح والزوار

 
منتديات ستار تايمز
 
22/11/2006
 
 
مثل الآثار العمانية المتعلقة بفترة الوجود العماني في شرق أفريقيا لاسيما زنجبار ثروة هامة وقيمة في هذه الجزيرة..ويحرص الزوار لاسيما الأوروبين على مشاهدة وزيارة هذه الآثار والتي تؤرخ لفترة وحقبة تاريخية عمانية في هذا الأرخبيل من القصور والمباني الحكومية التي استخدمتها الدولة العمانية في زنجبار حتى عام 1964 ..بيد أن الكثير من المباني الحكومية تم تحويلها الى فنادق ومطاعم سياحية تمتلكها الحكومة المحلية هناك وبعضها تم بيعه الى التجار ورجال ألأعمال.
وتمثل هذه الآثار موردا ماليا للحكومة المحلية هناك من خلال الإيجارات السنوية أو من الرسوم التي تفرض على السياح.
في الجانب الآخر يحرص الزوار العمانيون على زيارة هذه المواقع كما أن العمانيين الباقين في زنجبار يترددون مع زوارهم القادمين من السلطنة على زيارتها وتعريفهم بهذه الموروثات التي ظلت ردحا من الزمن عامرة بالحركة والنشاط ضمن حركة حكم السلاطين في الشطر الأفريقي.لكن حال هذه الآثار يبعث على الأسى بعضها يقاوم الاندثار
ولدت زنجبار من جديد في 1964 عندما أطاح انقلاب دموي بحكم السلاطين في الفرع الافريقي من الامبراطورية العمانية.. قادها الرئيس كرومي أو كما يسميه أهل الجزيرة على عملاتهم المعدنية"الشيخ عبيدي كرومي"وفي لحظات ليست بالطويلة انهار الحكم العماني في هذه الجزيرة التي كانت العالم الجديد للعمانيين الهاربين أنذاك من جحيم الفقر والجوع والمرض من الشطر العماني الآسيوي الى الشطر العماني الأفريقي حيث الطرق والعمل والمال والثروة والتعليم والموسيقى والسيارات والحارات العمانية والاهل والاصدقاء والحلوى العمانية.كان ذلك كفيلا بتبديد أي شعور بالاغتراب فالجزيرة عمانية حكامها عمانيون هم من الاسرة المالكة ..والتي حكمت زنجبار وأستقلت عن الوطن الام"عمان"بعد وفاة مؤسس الامبراطورية العمانية السيد سعيد بن سلطان وتنازع أبناؤه الحكم والاستقلال..حدث ماحدث..في لحظات وجد السيد جمشيد آخر السلاطين العمانيين في زنجبار نفسه وعائلته وما تبقى من حاشيته ومستشاريه على ظهر باخرة إنجليزية في نفس اليوم الذي تعلن فيه بريطانيا إنسحابها من الجزيرة وإنتهاء حمايتها لزنجبار لتترك أهل الجزيرة حكم أنفسهم بنفسهم وهكذا وجد آخر السلاطين العمانيين في زنجبار نفسه أمام طوفان سياسي اكبر من حركة التاريخ التي لاترحم ولاتتوقف.

أسواق تقليدية

الجولة في السوق ممتعة ليس لمتعة التسوق بل لأريحية المكان وبساطته..فالبضائع متشابهة لاسيما التحف فكلها منحوتات معضمها تماثيل للوجوه الافريقية والحيوانات ..غير أن أهم شيء يمكن أن يلفت النظر وهو لازال باقيا حتى يومنا هذه هي المناديس الخشبية المزخرفة بالنقوش الهندسية عبر مسامير صفراء ..تذكرت هذه المناديس التي كانت تنتشر في منازلنا قديما يوم لم تعرف البيوت العمانية بعد خزانات الملابس التي أبتكرها لنا الاسيويون..غير أن هذه الصناعة لازالت تقاوم الاندثار بخجل حيث تتولى العمالة الوافدة صنعها بدلا من العمانيين واصبحت وضيفتها تجميلية فقط .
في السوق الذي أعتدت الذهاب عليه كل صباح شكلت علاقة أبوية مع صالح الهدابي الذي لايعرف من العربية إلا النزر اليسير بيد أنه يعرف موطن أباءه في عمان وصالح رجل ستيني يبيع القهوة في السوق فنجان القهوة بـ30 شلنجا أي أقل من بيستين هاجر والده الى زنجبار وتزوج فأنجب أولادا منهم صالح
بعد 40 عاما من نهاية الحقبة السياسية العمانية على الجزيرة لايزال التاريخ ماثلا ربما سيصمد لسنوات كثيرة لكنه حتما سينتهي "الحارات..الاسواق..الكلمات..المأكولات.. الملابس.. الكمة العمانية أو الكوفية كما يطلقون عليها..سعر الكمة يصل الى 10 آلاف شلنج وهي خياطة آلية وليست يدوية فالسعر سياحي واغلى بكثير عن السعر في عمان.
في نينجوي وهي من المناطق الساحلية وتبعد عن مدينة الحجر حوالي 70 كم يمكن ملاحظة مدى تأثير الوضع الاقتصادي على حياة السكان فالبيوت التقليدية القديمة المبنية من الطين أو روث الأبقار والذي يكسى بالطين لازالت منتشرة بين الناس ..طلاب المدارس والأطفال في الحارات لازالوا يلعبون بكرة قدم مصنوعة من مجموعة من الأكياس البلاستيكية التي لفت مع بعضها البعض وربطت ليستمتع الأطفال باللعب..سعر الكرة لايمكن في ظل الوضع الاقتصادي أن تشتريها أي عائلة..كنت أمام ملعب لطلاب مدرسة محلية ..توجهت إلى أحد المحلات القريبة ..طلبت كرة قدم..أعطاني سعرا سياحيا لها..قلت له لأريدها لي أريدها لأولئك الطلاب حصلت على تخفيض بسيط..رميت الكرة على أنها هدية من عمان سألت عن "الكابتن" الكل أدعى أنه كابتن رميت الكرة وبدأت المعركة الكرة تنتقل من يد لأخرى واخيرا وبعد معركة طويلة بينهم أنتهت الكرة بين يدي المعلم الذي قال أنه سيحتفظ بها لهم..صدقته ورحلت.
كما قلت تعيش زنجبار على السياحة من الرسوم التي تفرض على السياح..رسوم دخول بيت العجائب وقصر الحكم..رسوم المطارات الاسعار الخاصة بالسياح..البيوت الأثرية والمباني الحكومية السابقة تم تحويلها الى متاحف أو بيعها على التجار أو تأجيرها لتتحول إلى مطاعم سياحية كمبنى الجمارك الذي أصبح مطعما لأحد المواطنين الهنود.

متحف القصر:
صباحا قررت أن أزور متحف القصر الذي سكنه آخر السلاطين حتى 1964 ..كان يسمى قبل 64 قصر الحكم أو الحكومة لكنه أستبدل بعد 64 بمتحف القص..والذي خصص جزء منه للحكم والاخر للعائلة.
دفعت 3500 شلنج أي مايعادل ريال و100 بيسة وهو بالطبع سعرا سياحيا ثم دخلت إلى التاريخ ..يقع قصر الحكم في الوسط مواجها الشاطيء على يساره بيت العجائب وعلى يمينه مقبرة السلاطين.
في الداخل تبرز لوحة كبيرة تحكي تاريخ زنجبار السياسي الممتد من 1800 وحتى 1856 وهو التاريخ الذي أصبحت فيه زنجبار تابعة للإمبراطورية العمانية و1856 العام الذي توفي فيه السيد سعيد بن سلطان وانفصال زنجبار عن عمان بعد صراع الاخوين ماجد وثويني وتدخل بريطاني للصلح بينهما.. كنت العماني الوحيد في الداخل.. كما كنت متوقعا.. لن أجد عمانيين يزورون هذه المعالم هربا من ذكرى الأندلس الثانية.. فيما كان السياح الاوروربيين يتأملون كثيرا معالم القصر ولوحاته ومواده وتراثه.. مع مرشدين سياحيين.. البعض يتحدث عن الحقيقة والبعض منهم يزايد عليه ويشوهها.. هذا هو التاريخ.. لايرحم أحد ولايعتق أحدا على لوحة كبيرة داخل قصر الحكم أو متحف القصر تدلت صورة السيد سعيد بن سلطان.. الصورة الزيتية التي رأيناها في المناهج الدراسية عندما كنا ندرس عن التاريخ .. عن أقدامنا أين وصلت بنا ومغامراتنا البحرية أين أوصلتنا.. على اللوحة كتبت "السيد سعيد بن سلطان.. سلطان زنجبار.. 1804 -1856 وصورة أخرى عن ميناء زنجبار في القرن التاسع عشر.
في ركن آخر وثيقة نص معاهدة الصداقة التجارية بين سلطان مسقط وفرنسا التي عقدت في زنجبار كونها العاصمة العمانية حيث اتخذها السيد سعيد بن سلطان عاصمة له في 1804 في جانب آخر صورة لأول سفير عماني عربي الى الولايات المتحدة الامريكية إذ أرسله السيد سعيد الى نيويورك عام 1840 بالإضافة الى صورة لقبره والكتاب الذي يتحدث عن يوميات الرحلة من زنجبار الى نيويورك..في المتحف توجد ساعة السلطان وهي ساعة حائط ذات شهرة واسعة في القرن التاسع عشر ولايقتنيها إلا الحكام والسلاطين وتوجد في القصر أكثر من ساعة في الكثير من الزوايا في الطابق السفلي والعلوي.
في مكان آخر توجد لوحة شجرة عائلة البوسعيد حكام عمان وزنجبار والتي تبدأ من الامام أحمد بن سعيد وتنتهي مع جلالة السلطان.

غرفة السيدة سالمة

تحتوي غرفة السيدة سالمة على بعض متعلقاتها..نص الرسالة التي أرسلتها الى أخيها السيد ماجد ..الملابس ذات النقوش العمانية..خزانة الملابس..صندوق للملابس..مرايا طويلة..زعفران.لوحة كتب عليها"ماشاء الله"..ولدت السيدة سالمة عام 1842 وتوفت عام 1924 عن عمر يناهز 82 عاما..في مكان آخر صور كبيرة على ممرات القصر في الطابق العلوي لسلاطين زنجبار"ماجد بن سعيد وبرغش بن سعيد وحمد بن محمد بن سعيد وحمود بن محمد بن سعيد"
في غرفة الحكم التي تطل على البحر حيث كان السلطان يشاهد حركة السفن القادمة والراحلة والعابرة والقادمة من عمان كان السلطان يناقش ويسير أمور الحكم اليومية من هذه الغرفة..يستقبل خلالها وزرائه ومتشاريه ويستمع الى مظالم الناس واحتياجاتهم أيضا.تحتوي الغرفة على مقاعد ذات نقوش نباتية وهي بأحجام مختلفة وقد جلبت المقاعد والاثاث من الهند والصين وخلف مقعد السلطان توجد الساعات الاوروربية ومرايا متعددة .. وفي هذه الغرفة الكبيرة التي تأخذ شكل المستطيل تتم استقبالات العيد وتأدية القسم أمام السلطان. وعلى مدخل غرفة الحكم كانت الساعة قد أعلنت الخامسة عصرا بتوقيت زنجبار حيث دقت الساعة بنفس دقات ساعة بج بنج اللندنية الشهيرة.
انتقلت الى الطابق الثاني عبر درج خشبي جميل سهل الصود لايزال نظيفا ..هذا الطابق هو مقر العائلة وسكن للمعيشة..لوحة كبيرة تدل على"بعد أن اصبحت زنجبار تحت الحماية البريطانية أصبحت سلطات السلطان قليلة "ويتميز هذا الطابق أيضا بكثرة المرايا وتوجد غرف نوم السلطان والسلطانة وطلي هذا الطابق باللون الأبيض والبني من الاسفل .. خزانة تضم تحفا كالأفيال وأواني الخزف الصيني، صورة أخرى أيضا على اليمين للسيد خليفة بن حارب سلطان زنجبار من 1911 وحتى 1960 ..دورات المياه غطيت بالقاشاني.
بعد أن كبرت العائلة خصصت غرفة للأولاد واخرى للسلطان..وسقف الغرف حاليا متصدع وتكثر به الشقوق واصبح موطنا للطيور كالحمام.
دخلت غرفة الطعام ذات النمط الانجليزي..مائدة وعلى كل جانب 4 كراسي وكرسيين على رأس الطاولة ومؤخرتها..وفي الخلف توجد أباريق الماء وعلى حائط الغرفة تدلت ساعة بريطانية الصنع.
في قاعة جلوس العائلة..الارضية حاليا متشققة كالسطح أيضا..في هذه الغرفة كان السلطان يستقبل ضيوفه الخاصين وزوجاته وجلب أثاثها أيضا من الهند والصين.
المقبرة السلطانية
أستمرت رحلتي في قصر الحكم حوالي الساعة وكانت تشير الى السادسة عندما توجهت لزيارة المقبرة السلطانية والتي تجاور قصر الحكم..حيث يدفن السلاطين قر ب القصر..مازالت هذه المقبرة صامدة حتى اليوم في السابق كانت السيارات تمر أمام المقبرة التي دفن فيها السلاطين حكام زنجبار وعلى رأسهم السيد سعيد بن سلطان..لكن تحركا دبلوماسيا أنهى مرور السيارات بقرب المقبرة وتم تسويرها وإنشاء باب على الجانب الغربي منها..بالرغم من ذلك فإن المقبرة هي مكان لبعض النفايات ..علب المشروبات الغازية والمعلبات الغذائية وأوراق التنظيف كما أن الحشائش تغطي وتنمو على جوانب القبور وفوقها ..أكبر شاهد قبر يوجد على قبر السيد سعيد بن سلطان..كتب عليه الاسم والزمان والمكان..وفي المقبرة كانت تدفن السيدات أيضا استطعت قراءة شاهد لقبر السيدة شريفة كما ظهلر الاسم والسيدة رقية والسيد حمد بن ثويني..القبور متجاورة غير متباعدة كما يجاور المقبرة مسجد العائلة المالكة الذي تؤدى فيه الصلاة واصبح هذا المسجد اليوم باليا يبدو أنه لم يرمم منذ مدة طويلة واليوم تصلي فيه العامة من الناس .

فرضاني.
فرضاني هي من الفرضة أو "العرصة" كما يطلق أهل عمان على مكان البيع والشراء اليومي..نشأت الفرضة امام بيت العجائب على الساحل وتحديدا أمام الحديقة السلطانية التي أنشأها السيد خليفة بن حارب بمناسبة مرور 25 عاما على توليه الحكم في ثلاثينيات القرن الماضي وفي وسط الحديقة التي أصبحت اليوم مكانا للبيع والشراء واصطياد السياح الاجانب من أمام بيت العجائب بني مدرج صغير دائري للفرقة الموسيقية.. يبدأ حضور الناس في فرضاني من الساعة الخامسة عصرا حتى الواحدة ليلا..كل شيء يباع في الفرضاني لكن ما يميز الفرضاني هو بيع المشاكيك ويطلق عليها بالسواحلية "مشكاكي"الكل يبيع المشاكيك والاسعار تتفاوت طبقا لحذاقة وذكاء البائع اليوم ستشتري مشكاكا واحدا بـ200 شلنج أي مايعدال 50 بيسة تقريبا وغدا ستشتريه بـ100 شلنج ..
وفي الفرضاني كان يلتقي العمانيين القادمين من عمان وكانت نقطة انطلاقتهم إلى الجزيرة الخضراء والشامبا أي المزارع أو الريف
.


No comments:

Post a Comment