Tuesday, September 6, 2016

تأسيس المدن الإسلامية في شرق أفريقيا

موسى بن خميس بن محمد البوسعيدي
مجلة التفاهم، العدد 39 ،2013
بمجيء القرن السابع الميلادي اتخذت بعض الهجرات إلى شرق أفريقيا طابعاً متميزاً، بسبب عوامل مؤثرة، كان أساسها ظهور الإسلام في جزيرة العرب، وهروب المسلمين الجدد من الاضطهاد الداخلي من قبل قبائل قريش بمكة المكرمة، والاتجاه إلى الحبشة (أثيوبيا)، مما خلق نوعاً آخر من الاحتكاك العربي الإسلامي، وعزّز مكانة العرب المسلمين في تلك المنطقة، ولذلك يعدّ الإسلام بداية لصفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين العرب والحبشة (أثيوبيا) في شرق أفريقيا. كما أن التوجه بالهجرة إلى الحبشة لم يكن عشوائيا؛ وإنما كان ثمرة للعلاقات التجارية السابقة بين تجارة قريش والحبشة، التي اتسمت بالأمن والسلام والتجارة الحسنة، إلى جانب حسن العلاقة بين قريش وسكّان ساحل البحر الأحمر. إضافة إلى ذلك انتشار خبر النبيّ -صلَّى الله علية وسلَّم- إلى الحبشة عن طريق التجار وقيامه -صلَّى الله علية وسلَّم- في السنة الخامسة من البعثة عام (614م) بإرسال وفد إلى ملك الحبشة، واستغرقت رحلة هذا الوفد حوالي أربعة أشهر مكث منها الوفد فترة كافية بالحبشة، ثم عاد إلى مكة، وتحسس النبيّ -صلَّى الله علية وسلَّم- من خلال ذلك قدرة النجاشي على حماية المسلمين، ولذلك قال الرسول -صلَّى الله علية وسلَّم- لأصحابه: "لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق حتَّى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه"، فتمّت هجرة المسلمين عن طريق مركبين في البحر الأحمر، نقلاهم إلى الحبشة في العام نفسه، وكان عددهم (132) نفرا(1).

وفي الحبشة وأمام (الملك النجاشي)، كان الالتحام الفكري والعقدي بين المسلمين، وبين من قدموا من مكة من غير المسلمين، بقصد محاولة الوقيعة بينهم وبين النجاشي، إلا أن العرض الذي قام به (جعفر بن أبي طالب) لقضية الإسلام أقنع النجاشي بموقف المسلمين. ولأجل تقوية أواصر العلاقة قام النبيّ -صلَّى الله علية وسلَّم- في السنة السادسة للهجرة عام (627م) بعقد صُلح الحديبية، وإرسال كتاب إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام، وفي السنة التاسعة للهجرة عام (630م)، أرسل -صلَّى الله علية وسلَّم- الهدايا إلى النجاشي، واستمرت الرسائل متبادلة بين النبيّ -صلَّى الله علية وسلَّم- وبين النجاشي، وذلك دليل على اتسام العلاقة بالود المتبادل، والاستقرار المحترم للمسلمين الذين مكثوا في الحبشة حوالي أربعة عشر عاما، كانت فترة كفيلة بإحداث مؤثرات فعالة في المسلمين أنفسهم وفي الشعب الحبشي(2).

كما شكّل الإسلام حقبة جديدة من الانتشار العربي في شرق أفريقيا، فبدأت تتجه إلى الساحل الأفريقي أمواج جديدة من العرب المسلمين؛ لأسباب ودوافع عديدة، في مقدمتها نشر الإسلام، والتوسع في التجارة ثانيا، إلى جانب البحث عن الرخاء ثالثا. وبعد أن اضطرب الحال -بسبب الخلافات التي نشأت بين الأمويين ثم العباسيين وخصومهم ومنافسيهم- فإن كثيرا من العرب المسلمين لاذوا بأنفسهم وأفكارهم، متجهين إلى الشواطئ العربية والأفريقية(3).

على أن الهجرة العربية الإسلامية التي اتفق عليها عدد كثير من المؤرخين ترجع إلى عهد الدولة الأموية لا سيّما زمن حكم عبدالملك بن مروان (75هـ-95هـ/ 695م-714م)، حيث كثرت الاضطهادات ضد المعارضين للولاة الأمويين في بلدان الجزيرة العربية، وسنوضح ذلك في هذا الباب، باعتباره أحد العوامل الأولية الرئيسة لبداية الاتصال العماني الإسلامي بشرق أفريقيا.

وفي خلال القرنين الأول والثاني للهجرة اتخذت هجرات العرب المسلمين وخاصة العمانيين إلى سواحل شرق أفريقيا شكلاً جماعياً (4)، بفعل التدخلات والاضطهادات من قبل ولاة الدولة الأموية والعباسية، ومن أبرز الأمثلة في ذلك هجرة الأخوين (سعيد وسليمان) ابني عباد بن عبد بن الجُلندى، ملوك (عُمان) وقتذاك(5)، اللذين هاجرا إلى سواحل شرق أفريقيا مع مجموعة عمانية، وذلك عام (83هـ/702م) واستقرا في أرخبيل جزر (موفيه ولامو) بالساحل الكيني، وكونوا دولة إسلامية، نشروا الدين الإسلامي والمذهب الإباضي، وصارت تلك المنطقة مركزاً هاماً بالساحل الشرقي الأفريقي، استقطبت حولها وفود جماعات عربية من جنوب الجزيرة والشام(6).

وقد دلّت الاكتشافات الأثرية أن أقدم مسجد موجود في شرق أفريقيا يعود إلى بناء ذاك الرجلين العمانيين المسلمين، ويوجد في جزيرة بيمبا التي سمّاها العرب بـ(الجزيرة الخضراء)(7).

ويستنتج من هجرة العمانيين الأوائل من (آل الجُلندى) وجود علاقات أو هجرات عُمانية عربية سابقة إلى شرق أفريقيا استقرت هناك، وإلا فما كان يضير آل الجُلندى من التوجه إلى بلاد فارس أو أرض الهند وأرض الصين وغيرها من بلاد العالم، لولا وجود العمانيين بشرق أفريقيا قبل آل الجُلندى، مما أسهم في ظهور المؤثرات العربية الإسلامية بشرق أفريقيا(8).

ومما يؤكد ذلك أن بعض المؤرخين يرون أن العناصر العمانية كان لها وجود فعلي في شرق أفريقيا منذ القرن الأول الميلادي، ولها مراكز وطيدة ذات نفوذ على امتدا الساحل الشرقي الأفريقي(9).

يقول الدكتور نايف السهيل: "كان الوجود العماني في شرق أفريقيا أكبر كثافة وأكثر عمقاً بكل المقاييس، ولذلك كان تأثيرهم في هذه المنطقة من قارة أفريقيا أشد وأقوى عن وجودهم في جنوب شرقي آسيا؛ ذلك أن هجرتهم لجنوب شرق آسيا كانت هجرات فردية وغير دائمة، أما وجودهم في شرقي أفريقيا فاعتمد الهجرات الدائمة والجماعية والمنتظمة، إلى جانب اعتمادهم على الروابط الملاحية والتجارية، والتي أسهمت طبيعة المنطقة الجغرافية على تثبيتها وانتظامها"(10).

ويقول أيضاً: "وقد كان أهل المراكب من العمانيين يقطعون (خليج بربرة) الممتد بين الحبشة والصومال، أمام باب المندب إلى جزيرة (مبنول) وهي جزيرة (مدغشقر) حالياً، من بحر الزنج، وكانت مراكبهم تصل (سفالة)، وهي أقاصي بلاد الزنج، وهي غاية مقاصدهم في أسافل بحر الزنج. وقد أبحر المسعودي نفسه في القرن الرابع للهجرة من [ميناء] صُحار[شمال عُمان] إلى ساحل شرقي أفريقيا، ثم أبحر من جزيرة (قنبلو) إلى عُمان، مستعملاً هذا الخط الملاحي المعروف الذي كان يربط عُمان بساحل شرقي أفريقيا. ونستطيع القول: إن كافة المصادر تؤكد على وثوق الصلة بين عُمان وبين الشرق والجنوب الأفريقي، حتَّى أنهم وصلوا تنزانيا، ومدغشقر، وجنوب الصومال، وجزر القمر، ومنطقة نورديفان، وكلْوَه، وبيمبا، وزنجبار، وأن هذا الوصول بشكل رئيس عن طريق ركوب البحر ذلك هو خط الاتصال الأول بين عُمان وشرق أفريقيا"(11).

ومهما يكن من أمر؛ فإن تلك العوامل كلها أدت إلى انتقال جماعات من العرب إلى شرق أفريقيا، فاندمج بعضهم مع السكان الأفارقة، وأسسوا محطات ومراكز تجارية، تطورت وأصبحت مُدناً مزدهرة فيما بعد، وصار لها دورٌ مهم في تلك المنطقة الأفريقية، حيث قام العرب بشق طريقين الأول من جهة الشمال الشرقي لأفريقيا، شمل مدن بلاد الحبشة (أثيوبيا)، والصومال، وأرتيريا، والثاني من جهة الجنوب الشرقي لأفريقيا، شَمِل مدن (ممباسا، وماليندي، وجزيرتي زنجبار وبيمبا، وكلوه) بالساحل الشرقي الأفريقي، و(تنجانيقا، وأوغندا، والكونغو "زائير"، وبوروندي، ورواندا) بداخل الوسط الأفريقي، بالإضافة إلى جزر المحيط الهندي شملت (جزر القمر، ومضيق موزمبيق، وجزيرة مدغشقر)، كل ذلك بفعل العامل الأساسي لنجاح أولئك العرب ووصولهم إلى البقاع الشرقية للساحل الأفريقي، وهو درايتهم بالملاحة البحرية والرياح الموسمية.

التأثير العماني في مدن وسواحل شرق أفريقيا: (نذكرها من الشمال إلى الجنوب)، هي:

1- جزر أرخبيل لامو: "باتا / بتـّه، وسيوى، ومافيه، ولامو ": التي تقع على الساحل الكيني، بالقرب من ممباسا، وأصبحت تلك الجزر إحدى مراكز الهجرات العربية في صدر الإسلام منذ القرن الأول الهجري، لا سيما بعد هجرة الأخوين (آل الجُلندى) ملوك (عُمان) وقتذاك واستقرارهما بذلك الساحل، وكانت منطلقاً للهجرات العربية، والانتشار الإسلامي والتجارة في شرق أفريقيا، وتطور ذلك بالاندماج الاجتماعي والثقافي العماني مع الأفارقة، ونشوء اللغة السواحلية، والمجتمع السواحلي، وما تبعه من تغيرات ثقافية في الفترات اللاحقة(12).

2- ممباسا: وهي إحدى المواني المشهورة على الساحل الكيني بشرق أفريقيا، ويذكر المؤرخون أن تأسيسها كان منذ زمن الدولة الأموية في القرن (الأول الهجري/ السابع الميلادي)، وذلك عندما نشب النزاع بين الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان (65هـ-86هـ / 685م-705م)، وخصومه، مما اضطر البعض منهم للهجرة إلى شرق أفريقيا، فاستقرت إحدى المجموعات في مدينة (ممباسا)، وأسست بها سلطنة عربية إسلامية، أطلق عليها اسم (بساسه)، ثم أطلق عليها المسعودي (ت: 346هـ/ 956م)(13) اسم (منبسي)، أما ياقوت الحموي (ت: 626هـ / 1228م) فأطلق عليها اسم (منبسه)، وقال: "إنها مدينة كبيرة بأرض الزنج ترفأ إليها المراكب"(14).

ويذكر بعض المؤرخين والباحثين أن البرتغال هم من سمّوا المدينة بـ (ممباسا) عندما احتلوها في القرن (9هـ/15م)، ويزعمون أنه اسم لأحد قادتهم المسمى (منفسه)، وكان اسمها قبل ذلك (غنغوبا) وهو اسم سواحلي، وسميت كذلك (أمفيت) بمعنى حرب(15).

وقد شهدت (ممباسا) هجرات مستمرة من التجار العرب المسلمين، وخاصة من أهل عُمان واليمن، كما كانت مركزاً لإنتاج وتصدير الحبوب، وكذلك العاج والذهب، وهي منتوجات كانت تصدّر إلى مواني المحيط الهندي، هذا إلى جانب اشتهار ممباسا بتصدير الحديد والنحاس والجلود إلى مواني الهند، وظهرت فيما بعد صناعة المعادن (16).

ولما زار ابن بطوطه (ت: 799هـ / 1369م)(17) ممباسا في القرن (8هـ/14م) لم يذكر عنها خبراً مهما، ولا ذكر أن بها سلطاناً،إلا ما ذكره من عادات أهلها الساكنين بها(18).

3- جزيرتي بيمبا(الجزيرة الخضراء) وزنجبار:

حيث عثر الباحثون على أقدم كتابة عربية معروفة في شرق أفريقيا جنوب زنجبار بمنطقة تسمَّى (كيزيماكي)، وهي عبارة عن نقش على جدار يقول " إن الشيخ السيد أبا عمران أمر ببناء المسجد في اليوم الأول من شهر ذي القعدة لعام 500هـ"، ويوافقه 27تموز/ يوليو1107م، كما وصفها المؤرخ البرتغالي (بربوسا Brbross) حينما زارها عام 1503م فيقول: "سكان زنجبار وملوكها مسلمون... وفي الجزيرة مساجد كثيرة والسكان متمسكون بالدين"(19).

وتشير الروايات إلى أنه قد قامت أسرة حاكمة عربية إسلامية في جزيرة (قنبلو)، وهي التي ذكرها المؤرخ المسعودي، إن هذه الأسرة كانت من (قبيلة الأزد) العُمانية، التي كانت تعمل في التجارة فاختلطت مع السكان الزنوج، وأقنعتهم بالإسلام. ولذلك يشير المؤرخون إلى أن (ميناء قنبلو) يُعد من أقدم المواني التي أنشأها العرب على الساحل الشرقي لأفريقيا، واختلفت الروايات في تحديد موقع هذا الميناء، فبعضهم قال: إنه على (الجزيرة الخضراء) إلى الشمال من زنجبار، وبعضهم قال: إن (قنبلو) هي جزيرة زنجبار، وقال المؤرخ الألماني (كيركمان Kearkman): إنها إحدى جزر القمر، وقال آخرون: إنها جنوب ممباسا(20).

وأما اسم (زنجبار)، فهي كلمة فارسية تتكون من مقطعين (زنج) و(بار) وتعني (ساحل الزنج) محرفة وأصلها (برالزنج)، ويقال لها بالسواحلية: (أنغوجاء) مركبة من كلمتين (أنغو) بمعنى الصحن الواسع، و(جاء) بمعنى امتلاء، فيكون معنى كلمة (زنجبار) الصحن الواسع الممتلئ. وكانت تسمَّى في القرن الأول الميلادي باسم (منشونيا) أو(منشونياس)، ولا يعرف معنى هذا الاسم، وأكثر مساحة أرضها حجرية، وتصلح في أرضها زراعة الأرز والحبوب ما عدا القمح، ويجود فيها القرنفل إلى جانب وجود مختلف أنواع أشجار الفاكهة المثمرة وأشجار جوز الهند، وأكبر أنهارها (نهر مويرا) وهو ينبع من وسط الجزيرة، ويبلغ طوله (خمسة أميال) ثم يغيب في باطن الأرض، كما توجد بزنجبار عين غزيرة المياه في جهة الشمال، وتـُعد زنجبار غير منفصلة عن البر الأفريقي من ناحية التنوع البيئي، بحكم وجود الأشجار الموجودة في البر الأفريقي نفسها ووجود مختلف الحيوانات المأكولة والمفترسة، هذا إلى جانب عمق مياه ساحلها، كما تتميز بتعدد البلدان والقرى والتي استقر فيها العمانيون خلال عهد الحكم البوسعيدي(21).

وتقع (جزيرة زنجبار) على المحيط الهندي على خط عرض (6 درجات)، وتبعد عن البر الأفريقي مسافة (25 ميلاً)، جنوب ممباسا، و(35 ميلاً) جنوب جزيرة بيمبا، و(29 ميلاً) شمالي مدينة دار السلام، ونحو (ثمانية آلاف ميل) عن لندن(بريطانيا)، و(2200ميل) عن مسقط (عُمان)، و(1700 ميل) عن عَدَن (اليمن)، و(2500 ميل) عن بمباي(الهند)، و(750 ميلاً) عن مدغشقر، و(500 ميل) عن جزر القمر. ويبلغ طولها من أوسع نقطة منها مسافة (524ميل)، وعرضها من أوسع نقطة منها (24ميلاً)(22).

وتُعد (زنجبار) من أبرز الجزر بشرق أفريقيا، والمشهورة بالموقع الاستراتيجي والتميز التجاري، وإحدى مواطن الجذب؛ لما تمتاز به من طبيعة ساحرة وثروات متنوعة، ولذلك كانت مقصداً للتجار العرب القادمين من شبة الجزيرة العربية، والتجار القادمين من الهند، وذلك منذ القرن الأول (ق.م)، كما وفدت عليها القبائل العربية من عُمان واليمن وحضرموت، وازدهرت بمجيء الإسلام وانتشاره فيها(23).

ومن الجدير بالذكر أن (زنجبار) الحالية قد اشتهرت وذاع صيتها بعد وفود العرب العُمانيين إليها في القرن التاسع عشر الميلادي، أيام دولة السيد السلطان سعيد بن سلطان (1221هـ/1806م-1272هـ/1856م)، الذي جعلها عاصمة للمملكة العُمانية الأفريقية، وصارت مركزاً اقتصاديا وسياسيا بارزاً في الشرق الأفريقي والمحيط الهندي قاطبة.

4- مدينة (كلوَه)(24): وهي من أشهر المراكز والمدن التجارية الأفريقية على المحيط الهندي، التي ظهرت بوضوح في العصور الوسطى، نظراً لموقعها المتوسط على ساحل شرق أفريقيا، فأصبحت (كلوَه) مركزاً مهما، تقصده السفن العربية القادمة من شبة الجزيرة العربية، ومقصداً لتجارة قبائل البانتو الزنجية بشرق أفريقيا، حيث اتجهت إلى الاستقرار بالقرب من الساحل، لتسهيل عملية التبادل التجاري مع التجار وأهل السفن القادمين من شبة الجزيرة العربية، حيث كانت (كلوه) تصدر سلع العاج والذهب والجلود وغيرها، كما أن آثار الأبنية فيها تتشابه مع نمط العمارة بالجزيرة العربية، من قلاع وحصون وأسوار، تدل على الترابط والعلاقة مع شعوب وأهالي كلوَه (25).

ونظراً لأهمية (كلوَه) فقد كُتبت فيها مؤلفات وسيَر تحكي قصة حضارتها، وحكامها وسلاطينها، ونشاطها الاقتصادي، من ذلك كتاب (السلوه في أخبار كلوه)(26 الذي ألّف في القرن(9هـ/15م) ويحتوي على عشرة أبواب قصيرة، وتأكيداً لأهميته قام الشيخ سعيد بن علي المغيري العُماني بسرده بين ثنايا كتابه (جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار) في إشارة إلى ترابط تاريخ المدينتين(27).

آراء الباحثين في أسبقية استقرار العرب بمدينة كلوة قبل الشيرازيين:

تؤكد الأحداث التاريخية أن العرب المسلمين أيام الدولة العباسية، هم الذين أسسوا مدينة (كلوه) حوالي عام (266هـ/976م)، إلا أن كثيراً من المراجع التاريخية العربية والأجنبية تذكر أن تأسيس مدينة (كلوَه) يرجع إلى هجرة الشيرازيين من بلاد فارس، الذين هاجروا بزعامة (الحسن بن علي) وأبنائه الستة وجماعتهم، في سبع سفن وذلك عام (346هـ/975م) فارين بأنفسهم من (طغرل السلجوقي)، فوصلوا إلى ساحل شرق أفر يقيا، ونزلوا في عدة مدن بالساحل، وأسسوا مدينة (كلوَه) وجعلوها عاصمة لهم، استمرت من القرن (3هـ/10م) وحتى القرن(9هـ/16م)(28). 

وكانت بداية تأسيسها عبارة عن محطة تجارية يديرها التجار في منطقة المحيط الهندي، للحصول على الذهب والعاج، الذي تميزت به (كلوَه)، في مقابل بيع الأقمشة القطنية والحريرية والأواني الخزفية والفخارية، التي يجلبها التجار من الجزيرة العربية والهند(29).

وقد قام المؤرخ (المغيري) بتحقيق تلك المسألة التاريخية(30)، وذَكر معلومات مهمة في تاريخ كلوه ومؤسسيها، منتقدا ما جاء في كتاب (السلوَه في تاريخ كلوَه)، فذكر أن هجرة (حسن بن علي الشيرازي) هو وأولاده في القرن (3هـ/10م) في سبع سفن لا يوجد بشأنها اتفاق الباحثين على حدوثها ووصولها إلى (كلوَه)، وتأكيدا لهذه المعلومة تقابل (المغيري) مع أحد المشايخ المسنين لما زار (كلوَه)، وأفاده أن آثار القلاع والأسوار في كلوه تنسب لهارون الرشيد العباسي، وأن العرب هم أول من فتح كلوه ونشروا الإسلام فيها، وليس الشيرازيين، وأن هجرة حسن بن علي إلى كلوه لا أساس لها من الصحة، وذكر على ذلك عدة أدلة، من ذلك أن (سلطان كلوه) المذكور في (كتاب السلوه) ليس شيرازياً، وإنما هو عربي ينتسب إلى قبيلة المهدي من عرب الحجاز بالجزيرة العربية، ويؤكد ذلك أن الرحالة الشهير (ابن بطوطه) لما زار مدينة (كلوَه) في القرن (8هـ/14م) أيام ازدهارها ذكر اسم سلطانها (أبي المواهب) وأن لها اتصالات وروابط بعلماء الحجاز، ولم يذكر شيئا عن علاقة ملك كلوه بشيراز، وأكد (المغيري) بأن المكاتبات والصكوك القديمة التي وجدها منذ مائة سنة منذ وصوله الأول لزنجبار عام (1322هـ/1904م) لم يكن فيها لفظة (الشيرازيين)، وأن هذه اللفظة كثـُر استخدامها بعد قدوم الإنجليز وأسردوها في مؤلفاتهم خاصة منذ بدء عهد السلطان (خليفه بن حارب) في عام (1329هـ/1911م)، وانتشار حرية الرأي وقيام بعض الأهالي بكتابة اسم قبيلته بلفظة السواحلي ثم تطورت اللفظة إلى الشيرازي(31).

وعلى اعتبار صحة هجرة (الحسن بن علي الشيرازي)، فقد جاء في كتاب (السلوة في أخبار كلوه) الإشارة إلى أن (العمانيين) هم الذين استقبلوا (الشيرازيين) في (كلوَه) حيث جاء فيها: "ولمّا وصل أهل المركب الذي دخل كلوَه وجدوها جزيرة محيطاً بها البحر..، فنزلوا فيها، فوجدوا رجلاً من المسلمين مع من تبعه من عياله وأولاده، بنى مسجداً واحداً"، وهو التاجر العماني الواسع الثراء (محمد بن الحسين المنذري) الذي استطاع أن يحكم كلوه مدة اثنتي عشرة سنة، بمساعدة قبيلة (مواتاماندلين) صاحبة دولة (موزمبيق) وقتذاك، وأرغموا حاكمها بالفرار إلى جزيرة زنجبار، وجاءت الإشارة إلى ذكر اسمه في تلك السيرة وجاء ذكر اسمه في "الباب الثاني والرابع" من تلك السيرة، وأنه هو من أمر ببناء المسجد في كلوه، وهو من أمر بتأليف كتاب السلوه، وأنه توفي بتلك المدينة(32).

كما يفهم من كتابات (السيد سعيد بن سلطان) -سلطان زنجبار- ومراسلاته إلى حكّام (كلوَه)، قوة العلاقة العربية بين أهالي كلوه وحكامها، وبين السلاطين العُمانيين في زنجبار(33).

وكان من نتاج تأثير الإسلام مدينة (كلوَه) تشييد المساجد، وبناء المنازل من الحَجَر. والبناء الوحيد الذي ظل قائما إلى اليوم بأطلاله هو المسجد الجامع، الذي بُني في القرن (6هـ/12م)، حيث عُدَّ مثالا رائعاً للعمارة العربية السواحلية في شرق أفريقيا، كما دلت الحفريات على أن قصر سلطانها كان من القصور الرائعة الشبيه بقصور الأمويين والعباسيين(34).

وقد وصف (كلوَه) المؤرخ البرتغالي المعروف (دوراتي بربوسا Dorati Brbrossa) الذي وصلها أوائل القرن (10هـ/16م)، فقال: "بأنها مدينة إسلامية...يرتدي سكانها ثيابا حسنة من القطن والحرير المقصّب، ولغتهم العربية، وهم مُسلِمون ورِعُون"، وقال: "بدت المدينة من سفننا جميلة ببيوتها البديعة، ومآذن مساجدها وبساتينها، مما جعل رجالنا يتشوقون للاستيلاء عليها ". وفعلا قد حدث ذلك، إذ استولى البرتغال عليها فور وصولهم وذلك عام (910هـ/ 1505م)،كما أن رجلا ألمانيا كان مرافقاً للحملة الاستعمارية البرتغالية واسمه (هانس ماير Hanes Mayaer) قال: "إن في كلوه العديد من المساجد ذات الأروقة والقباب، يشبه أحدها جامع قرطبة"(35).

5- سُفالة/سوفالا(36): هي إحدى أقاليم (موزمبيق)(37) منذ العصور القديمة، وكانت الرحلة إليها شاقة وطويلة وتحتاج لنوع كبير من السفن التجارية، ولخطورة الرحلة استقرت بها جاليات عربية كبيرة قبل الإسلام،وفي العصور الإسلامية تحول أهلها إلى الإسلام، بحيث أصبحت مرتبطة بالنشاط الإسلامي في شرق إفريقيا، الأمر الذي أدهش البرتغاليين، حينما شاهدوا حاكماً مسلماً وحوله رجال ومستشارون من العرب(38).

وتقع (سُفالة) عند نهر الزمبيزي الذي يمر بوسط (جمهورية موزمبيق)، كما تعتبر آخر المحطات الهامة للرحلات التجارية العربية، حيث وصلت إليها السفن التجارية القادمة من (عُمان)، و(اليمن) وبلدان الخليج العربي وغيرها(39).

وارتبطت (سفالة) بتجارة الذهب منذ العصور القديمة، وأصبحت أحد المنافذ الحضارية إلى العالم الخارجي، ومقصداً للسفن التجارية العربية حتَّى بداية العصور الإسلامية. يقول عنها المسعودي بأنها "غاية مقصد السفن القادمة من (عُمان) و(سيراف)، وينتهي بحر الزنج في بلاد (سُفالة)، وفي بلاد (الواق واق)، وهي بلاد تنتج التِبر بكثرة، ومناخها دافئ وتربتها خصبة ", كما ذكر البرتغاليون منطقة هامة لذهب سفالة وتسمَّى (ماتوكا)(41).

واشتهرت (سُفالة) بتصدير خام الحديد بكثرة، كونه أهم السلع لحضارات العصور القديمة في المحيط الهندي، خاصة الهند وبلاد الرافدين، التي اعتمدت في صناعتها وعمرانها على خام حديد سفالة، كمستورد رئيس من خلال التجار العرب من أهل الجزيرة العربية خاصة، الذين اتبعوا عملية التبادل التجاري بين ذهب سفالة وبين سلع التجار وذلك عن طريق المقايضة بالأقمشة والعملات وغير ذلك(42).

6- جزيرة مدغشقر"مالاجاشي"(43): وهي التي هاجر إليها مجموعات من العمانيين، واستقروا فيها، حيث اتصفت علاقتهم هناك بمبدأ التسامح في التعامل، ونشر الدين الإسلامي، فعمدوا على نشر المذهب الإباضي، وبمرور الوقت أثمر ذلك في ترسيخ مفاهيم الإسلام الصحيحة في شعوب الأفارقة، وكان من نتاج تأثيرهم في مدغشقر إطلاق اسم (مسلج) عليها، اشتقاقا لاسم مدينة (مسقط) العمانية، وإطلاقهم على محطة تجارية في شمال الجزيرة وتسميتها باسم (سلالا) تيمناً بمثيلتها (صلاله) بجنوب عُمان(44).

ودليل ذلك ما ذكره المؤرخ المسعودي عندما زار (جزيرة مدغشقر) في مركب سيرافي خلال القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، سنة (304هـ/916م) قوله: "إنها جزيرة عامرة فيها قوم من المسلمين، إلا أن لغتهم زنجية غلبوا على هذه الجزيرة"(45).

ويؤكد ذلك الرحالة (بزرك بن شهريار) المعاصر للمسعودي، فيقول: "إن يزيد العماني النواخذة حدّثه من أنه رأى في بلاد الزنج جبلين عظيمين، وأن النواخذة العماني ذكر له أنه خرج هو وجماعة من البحارة من (عُمان) في مركبه، يريد قبيلة مالاجاس (مدغشقر) في عام 310هـ/922م"(46).

كما لاحظ المسعودي أن هناك نشاطاً مزدهراً للسفن العربية في الجزيرة، خاصة سفن أهل عُمان، كما أشار إلى نشاط سفن أهل سيراف، وذكر أن أغلبية أهل الجزيرة كانوا وثنيين من الزنوج. ووصف المسعودي الأحوال المناخية الصعبة التي تواجه السفن العربية المتجه إلى مدغشقر من الأمواج العاتية والأمواج العالية فقال: "موجه عظيمٌ كالجبال الشواهق وموجه لا ينكسر"، ورغم تلك الأحوال استطاع العرب الوصول إلى تلك المنطقة للتجارة وجلب السلع وغير ذلك(47).

وتدل الآثار المكتشفة أن السفن العربية قد وصلت إلى تلك الجزر منذ العصور القديمة، خاصة سفن أهل عُمان واليمن، وذلك للظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها منطقة جنوب الجزيرة العربية، التي أدت إلى الهجرات المستمرة للجاليات العربية إلى جزيرة مدغشقر(48).

تلك هي أبرز المدن الواقعة على الساحل الشرقي الأفريقي بالمحيط الهندي، التي كان للوجود العربي الإسلامي تأثير واضح في العمران والثقافة فيها، بقيت معالمه واضحة حتَّى اليوم. 

وبقطع النظر عن المؤثرات الدينية والاقتصادية التي جاءت نتيجة للهجرات العربية؛ فإن أوضح أثر تركه هذا الاتصال المستمر هو نشوء وتكوين (اللغة السواحلية)(49), التي أصبحت لغة التعامل في شرق أفريقيا، والتي انتشرت في مدن الساحل ومدن الداخل والوسط الأفريقي والجزر المجاورة، بفعل الحركة التجارية والتأثيرات والانتقالات الاجتماعية والثقافية للعادات والتقاليد، مما يدل على عمق الأثر العربي الطويل في تلك المنطقة الأفريقية، الذي كان مصدره وبلا أدنى شك من جهة (عُمان واليمن)، وهكذا استطاع الاتصال العربي الأول أن يُوجد نواة الوجود العربي في شرق أفريقيا، وأن يوجد معه أداة لغوية واسعة الانتشار(50).

وقد قسّم الباحث (سبنسر ترمنجهام Sbinsaer Trngham) ((51) الاتصالات العربية في عهد الإسلام إلى ثلاث فترات، تضمنت الفترة الأولى تمركز المسلمين في الأماكن الساحلية، التي خضعت لحكم الزنج من قبائل البانتو الذين اعتنق بعضهم الإسلام، وتضمنت الفترة الثانية تكوين مجموعات صغيرة على الساحل وفي جزر القمر، وهي الفترة التي تسمَّى بالفترة الشيرازية(53). وأما الفترة الثالثة فهي التي أعقبت الانهيار البرتغالي، إذ تزايد النفوذ السياسي لعُمان(54).

ولعله يقصد هنا الاتصال الرسمي للعمانيين بشرق أفريقيا، الذي كان في عهد (دولة اليَعاربة) بعُمان، فقاموا بتلبية نداء الإغاثة والتحرير، ونصرة إخوانهم المسلمين في مدينة ممباسا، فتم طرد المستعمرين البرتغال، وأسهم ذلك الانتصار في تعزيز الوجود الفعلي للعمانيين بمناطق شرق أفريقيا، وتطور ذلك بظهور (دولة البوسعيد) والإمبراطورية العمانية الأفريقية.

وخلاصة القول: أن الهجرات العربية من شبه الجزيرة إلى شرق إفريقيا قد أوجدت نواة الجنس العربي في تلك القارة، وهو سابق لظهور الإسلام، وبمجيء الإسلام أحدث العرب المسلمون تأثيرًا منقطع النظير، لما قدموه من إسهامات في نشر الدين الإسلامي، وزيادة الوجود العربي، وما حدث من الاندماج والتزاوج وتعدد العلاقات الاجتماعية، التي أدت إلى وجود العنصر السواحيلي في حضارته وثقافته ولغته، مما كان لها الأثر في نشوء وازدهار الحضارة العربية الأفريقية، لا سيّما وبشكل خاص في عهد دولة البوسعيد العُمانية، التي أرست جذور الثقافة العربية في شرق أفريقيا في شتى مجالاتها، واستمرت حتَّى منتصف القرن العشرين الميلادي.

****************************

الهوامش:

*) أكاديمي وباحث من سلطنة عُمان.

(1) ينظر: ابن هشام، أبو محمد بن عبدالملك المعافري: السيرة النبوية، تحقيق وشرح وفهارس، مصطفى السقا، إبراهيم الأبياري، عبدالحفيظ شلبي، دار ابن كثير للطباعة والنشر (د.ت)، ج1، ص321، الغنيمي، عبد الفتاح مقلد: الإسلام والمسلمون في شرق أفريقيا، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1998م، ص41-42.

(2) ينظر: الغنيمي، المرجع السابق ص43- 44.

(3) ينظر: المرجع السابق ص43.

(4) المرجع السابق، ص48.

(5) توجد رسالة للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وجهها إلى ملكي عُمان (عباد وعبد ابني الجلندى)، خاطبهما فيها بالملك ودعاهما إلى الإسلام، وهي (وثيقة تاريخية) مشهورة تدل على مكانة أهل عُمان قبل وبعد الإسلام، فأسلما طوعاً، وأشاد الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأهل عُمان، كما أشاد بهم أبي بكر الصديق في خطبة مشهورة سطرتها مصادر التاريخ والأدب العربي.

(6) ينظر: الخليلي، سماحة الشيخ أحمد بن حمد: العمانيون وأثرهم في الجوانب العلمية والمعرفية بشرق أفريقيا، بحوث ندوة فعاليات المنتدى الأدبي، ج1، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عُمان، إصدار ديسمبر 1993م، ص178، الجمل، شوقي: دور مصر وعمان في أفريقيا، بحوث ندوة العلاقات العمانية المصرية، ج2، ص140-141، المالكي، سليمان عبدالغني: دور العرب وتأثيرهم في شرق أفريقيا، في كتاب (العرب في أفريقيا) بحوث الندوة الثانية، إشراف رؤوف عباس حامد، كلية الآداب، جامعة القاهرة، إبريل - 1987م، الناشر: دار الثقافة العربية، ص128، قرقش، محمد: المدخل إلى تاريخ الإسلام في أفريقية مع دراسة للدور العماني، مطبعة بسمة للطباعة والنشر، صحار، سلطنة عمان (د.ت) ص409 - 412.

(7) ينظر: المغيري: سعيد بن علي: جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار، تحقيق: الصليبي، محمد علي، وزارة التراث والثقافة، سلطنة عمان، ط 4، 2001م، ص171 - 172، الخليلي: المرجع سابق، ص178.

(8) المغيري: المصدر السابق، ص176، الخليلي: المرجع سابق، ص178.

(9) المغيري: ص69، العقاد، صلاح، وقاسم، جمال زكريا: زنجبار، مكتبة الإنجلو المصرية، القاهرة، 1959م، ص8، الغيث، حمامة خلفان: التأثيرات العمانية في زنجبار, رسالة ماجستير, جامعة القاهرة، 1988م، ص64.

(10) السهيل، نايف عيد جابر: الإباضية في الخليج العربي في القرنين الثالث والرابع الهجريين، الناشر: مكتبة الاستقامة، مسقط، ط2، 1998م، ص185.

(11) المرجع سابق، ص186-187.

(12) ينظر: المغيري، الشيخ سعيد بن علي: مصدر سابق، ص170، السالمي، العلامة عبدالله بن حميد: تحفة الأعيان في سيرة أهل عمان، مكتبة الاستقامة، سلطنة عمان 1997م، ج1- ص71- 73، الجمل، شوقي: دور مصر وعُمان الحضاري في أفريقيا، حصاد ندوة العلاقات العمانية المصرية، ج2، ص140 - 141، الجهضمي: زايد بن سليمان: حياة عمان الفكرية حتَّى نهاية الإمامة الأولى، 134هـ، مطبعة النهضة، سلطنة عمان، 1998م، ص70،.قرقش، محمد: المدخل إلى تاريخ الإسلام في أفريقية مع دراسة للدور العماني، مطبعة بسمة للطباعة والنشر، صحار، سلطنة عمان (د.ت)، ص136، 409 - 412. وسنوضح تفاصيل ذلك في الفصل الثاني من هذا الباب.

(13) يعتبر المسعودي من أبرز الرحالة العرب المسلمين الذين تميزوا بكتابة التاريخ من واقع المشاهدة في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر، وقد أفرد العُمانيين بالذكر في القرن (4هـ/10م) فقال: "إن أهل المراكب من العمانيين يقطعون هذا الخليج إلى جزيرة قنبلو من بحر الزنج"، حيث صحب البحارة العرب من (عُمان) عام (299هـ/912م) ووصل معهم إلى أقصى الجنوب، وربما يكون قد وصل مدغشقر أو موزنبيق، وعند عودته إلى عُمان سجّل مشاهداته وانطباعاته قبل أن يجوب صحراء أفريقيا، في رحلة استنفدت سنوات طويلة من عمره، سجّل وقائعها عند عودته إلى القاهرة التي توفي فيها.[ينظر: المسعودي: أبو الحسن علي بن الحسين الهذلي: مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج1، دار الكتب العلمية، ط1، بيروت، 1986م، ج1، ص106، فليجه، أحمد نجم الدين: أفريقيا دراسة عامة وإقليمية لجنوب الصحراء، مركز الإسكندرية للكتاب،2006م، ص20، ديفيد سون بازيل: أفريقيا تحت أضواء جديدة، ترجمة جمال محمد أحمد، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع (د.م), 1961م، ص214- 215، 218، بغدادي: مرجع سابق ص99].

(14) ينظر: المسعودي: مصدر سابق، ج3 ص77، الحموي، ياقوت: معجم البلدان، ط 1، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1979م، ج8، ص171.

(15) المغيري: المصدر سابق، 163، قاسم، جمال زكريا: دولة البوسعيد في عُمان وشرق أفريقيا، القاهرة، 1967م، ص32، قاسم، جمال زكريا: استقرار العرب في أفريقيا، حوليات جامعة عين شمس، المجلد العاشر، القاهرة، 1967م، ص342 - 348.

(16) قرقش: مرجع سابق ص134.

(17) يُعد (ابن بطوطه المغربي) واحداً من أعظم الرحالة العرب المسلمين الذين أسهموا في الكشف عن امتداد الساحل الشرقي لأفريقيا، فقد أبحر سنة (731هـ/1330م) من مدينة (عَدَن) بجنوب الجزيرة العربية، متجها صوب امتداد ساحل شرق أفريقيا، فنزل في كل من المدن (براوه ومقديشو وممباسا وكلوه)، وقابل هناك عربا آخرين وصلوا بدورهم إلى ميناء سوفالا. إلا أن أهم رحلات ابن بطوطة كانت في غرب أفريقيا حيث بدأ رحلته من مدينة (فاس) سنة (752هـ/1351م) وعبر جبال الأطلس، واخترق الصحراء الكبرى، ونجح في الوصول إلى (مملكة مالي) الأفريقية. وسجّل رحلاته ومشاهداته في كتابه الشهير (تحفة الأنظار في الأمصار وعجائب الأستار).[أبو عيانه، فتحي محمد: جغرافية أفريقيا، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1994م، ص25].

(18) المغيري: المصدر سابق ص160.

(19) ينظر: الخوند: الأقليات المسلمة في العالم، ط 2، 2006م، universal company, بيروت، ج1، ص44.

(20) ينظر: المرجع السابق، ص44، الغنيمي: مرجع سابق، ص50.

(21) المغيري: المصدر السابق، ص73 - 75.

(22) المصدر السابق، ص73، الجمل، شوقي: تاريخ كشف أفريقيا، ص36، الجمل، شوقي: دور العرب الحضاري في أفريقيا، بحوث ندوة (العرب في أفريقيا)، ص141

(23) ينظر: العقاد، صلاح وقاسم، جمال زكريا: زنجبار، ص4-5.

(24) تقع مدينة كلوه في الساحل الجنوبي بالقرب من رأس دلجادو جنوب زنجبار، وتتبع حالياً جمهورية تنزانيا الاتحادية. 

(25) ينظر: علي، أحمد: كلوه تاريخها وحضارتها من القرن(10م) حتَّى القرن (15م)، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات الأفريقية، جامعة القاهرة 1983م، ص56، قرقش: مرجع سابق، ص134.

(26) هذا الكتاب عبارة عن مخطوطة محفوظة في المتحف البريطاني بمؤلف مجهول الاسم، ويحتوي على مقدمة طويلة ذكر فيها المؤلف السبب من تأليف كتاب السلوه، وقد قام بتحقيق الكتاب الأستاذ/ محمد علي الصليبي، ونشرته وزارة التراث والثقافة بسلطنة عمان. 

(27) قام الشيخ المغيري بتأليف كتاب (جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار) عام 1357هـ زمن السلطان (السيد خليفه بن حارب البوسعيدي) سلطان زنجبار، ويُعد هذا الكتاب من المصادر المهمة في تاريخ شرق أفريقيا وخاصة زنجبار؛ إذ يحتوي على كثير من المعلومات عن تاريخ السكان الأصليين في زنجبار والدور العُماني فيها، كما ذكر كثيراً من الوثائق والمراسلات للسلاطين البوسعيديين والولاة في زنجبار، إلى جانب الوقائع والأحداث المتزامنة مع عصر المؤلف.[ينظر: مقدمة المحقق في المغيري: مصدر سابق(مقدمة المحقق)، ص21- 23]. وسيأتي التعريف بالمغيري في المبحث الأخير بالباب الثاني.

(28) ينظر: المغيري، مصدر السابق (مقدمة المحقق)، ص31، وص103، 133، الغنيمي، عبد الفتاح مقلد: مرجع سابق، ص63.

(29) الخوند، مسعود:مرجع سابق، ج1، ص43.

(30) أوضح الشيخ المغيري أن تاريخ رواية هجرة (حسن بن علي) وأبنائه وجماعته في سبع سفن إلى كلوه والتي جاء ذكرها في تاريخ السيرة الكلوية ليس لها أساس من الصحة، وإنما هي من قبيل الزعم الذي ذكر في أول سطر من تلك السيرة، إذ لم تذكر التواريخ ولا المكاتبات سواء العربية أو الأعجمية منذ القرن التاسع إلى القرن الثالث عشر الهجري شيئا عن وقوع هجرة شيرازية أو اسم شيراز، إلا ما يدعيه الأهالي في كلوه في بدايات القرن العشرين الميلادي (عصر حياة المغيري) أنهم من الشيرازيين. وللعلم أن كتاب السيرة الكلوية أو المسمى بـ(السلوه في أخبار كلوه) موجود في ثنايا كتاب (جهينة الأخبار) للمغيري، حيث أفرده في الفصل الثالث من الكتاب ص101 - 131. 

(31) ينظر: المغيري: المصدر سابق ص133-137، 143 - 144، 174- 177.

(32) المصدر السابق ص105، 107، 114، حيث يوجد كتاب السلوه في ثنايا كتاب المغيري، وينظر: السهيل، نايف: مرجع سابق، ص216-217.

(33) ينظر: نص الرسالة في المغيري: المصدر السابق ص138.

(34) ينظر: الخوند، مسعود: مرجع سابق، ص43.

(35) ينظر: المرجع السابق، ص44.

(36) سفاله أو سوفالا لفظة أصلها سامي تعني الأرض المنخفضة، وسُمّيت في المصادر العربية بسفالة الذهب لتوافر معدن الذهب في أرضها، وهي مدينة تقع على الساحل الجنوبي، تتبع جمهورية موزمبيق حاليا.[العراقي، سيد أحمد: معالم الحضارة الإسلامية في ساحل شرق أفريقيا في العصور الوسطى، مجلة دراسات إفريقية، الخرطوم، العدد الثاني، إبريل 1986م، ص102، سالم، سحر عبدالعزيز: مرجع سابق، ج2، ص22].

(37) هي جمهورية موزمبيق الشعبية حاليا، ولغتها الرسمية البرتغالية، نتيجة لحقبة الاستعمار البرتغالي خلال فترة ما قبل القرن التاسع عشر الميلادي وبعده، حتَّى تحررت عن استعمارهم في 25/6/1975م، وتنتشر فيها حاليا الديانات الوثنية الأفريقية إلى جانب وجود كثافة لانتشار الإسلام والمسيحية فيها، عاصمتها (مابوتو) الواقعة في أقصى الجنوب على الساحل، وعملتها تسمَّى (متكال/متقال). [العزيزي، هاني عبدالرحيم: موسوعة دول العالم، دار النبراس للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 1990م، ص220-222].

(38) قرقش: مرجع سابق، ص133.

(39) المرجع سابق ص132.

(40) المسعودي: مصدر سابق ج1،ص125.

(41) قرقش: مرجع سابق ص132.

(42) المرجع السابق ص132. وينظر المسعودي: مصدر سابق، ج1 ص125.

(43) هي حاليا جمهورية مدغشقر الديموقراطية، وتقع هذه الجزيرة في جنوب غرب المحيط الهندي، استقلت عن فرنسا في 26/6/1960م، عاصمتها (أنتاناناريفو) تقع بوسط شرقي الجزيرة، ونظام حكمها جمهوري، بها ست مناطق، ولغتها الرسمية تسمَّى (ملاغاشي)، وعملتها (فرنك مدغشقر)، وأبعاد مساحة الجزيرة (571. 1كم) جهة شمال شرق وجنوب غرب، و(570 كم) جهة شرق جنوب شرق وغرب شمال غرب، وعدد سكانها أكثر من أحد عشر مليون نسمة(5%) من مساحتها مزروعة(58%) مراعي(21%) غابات(2%) أنهار وبحيرات(8%) مناطق مهجورة(6%) استخدامات أخرى.[العزيزي، هاني: موسوعة دول العالم، ص209 - 211].

(44) السهيل، نايف: مرجع سابق، ص197-201.

(45) المسعودي: مصدر سابق، ج1، ص97.

(46) السهيل، نايف: مرجع سابق، ص206، نقلا عن بزرك: )عجائب الهند)، ص50-51.

(47) المسعودي: مروج الذهب، ج1، ص107. قرقش: مرجع سابق ص130.

(48) دافيدسون، بازل: أفريقيا تحت أضواء جديدة، ترجمة: جمال محمد أحمد، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1961م، ص244، قرقش: مرجع سابق، ص130.

(49) أصل هذه اللغة هو من لغات قبيلة (البانتو) الأفريقية، المبنية في أصلها على قبيلة (جرباما) التي تعيش في الجزء الشمالي من ممباسا الكينية، ولا يستبعد أن يكون الاتصال الأول بالمهاجرين العرب الأوائل قد تم في هذا الإقليم، ثم أخذ ينتشر تدريجيا في كل اتجاه.[الغنيمي: المرجع السابق، ص33].

(50) ينظر: الغنيمي: المرجع السابق، ص33.

(51) هو مستشرق ومؤرخ إنجليزي، وأستاذ بجامعة جلاسجو كالدونيال، إحدى أكبر الجامعات باسكتلندا بالمملكة المتحدة، تأسست عام 1875م، قضى ترمنجهام أربعة أشهر كاملة من صيف عام 1961م في التنقل في مناطق شرق أفريقيا وفي الجزر المتاخمة، متفرغاً وباحثاً يشاهد ويتحرى للحياة الإسلامية في تلك المناطق، ويعد أبرز المؤلفين الغربيين الذين كتبوا عن الإسلام إلى جانب آخرين أمثال (توماس آرنولد، وهوبير ديشامب), وانتهى ترمنجهام من رحلته تلك إلى تأليف كتابه المشار إليه، وقد جاء كتابه مثالا للمؤلفات الغربية الفكرية المتميزة بالأدبيات والمؤلفات الكلاسيكية التي كتبت عن الإسلام خاصة في فترة الستينيات من القرن العشرين، فقد استخدم فيه أدوات واقترابات تحليلية معينة لفهم الإسلام وطرق انتشاره في شرق أفريقيا، وركز على الممارسات الصوفية كإحدى الطوائف الإسلامية المعينة لفهم الإسلام، علماً بأن بعض أنواع تلك الطرق طقوس وممارسات خارجة عن الإسلام، وشبهت بعضها برياضة اليوغا الهندية، ورغم أهمية الكتاب فهو لا يخلو من أخطار ومغالطات فكرية، مثل محاولة المزج بين الإسلام كعقيدة وبين الطوائف الصوفية وبين التقاليد الإفريقية القبلية المحلية كالشعوذات والسحر وغيرها وربطها بالقرآن، مما يتعارض مع الإسلام، وقد استفاض في شرح تفاصيلها وإلصاقها بالثقافة الإسلامية في كتابه المذكور ص181 -184، 194 - 200. علماً بأن المؤرخ المذكور له تأليف بعنوان (الفرق الصوفية في الإسلام) ترجمة عبدالقادر البحراوي.[ينظر: النواوي، محمد عاطف، مقدمة ترجمة كتاب (الإسلام في شرق أفريقيا)، ص6، حمدي عبد الرحمن حسن : الإسلام في أفريقيا، مقال منشور في الموقع الإلكتروني (إسلام أون لاين)، صفحة أخبار وتحليلات، الثلاثاء، 20 مايو 2008م].

(52) ترمنجهام، سبنسر: مرجع سابق، ص34.

(53) ينظر: المرجع سابق، ص42، الغنيمي: مرجع سابق ص63.

(54) ترمنجهام، مرجع سابق، ص34.

No comments:

Post a Comment