Sunday, September 6, 2015

الوثيقة السريّة التي تحكي تفاصيل انهيار الامبراطورية العمانية

مجلة أثير الالكترونية
6/9/2015

بعد وفاة السيد سعيد بن سلطان مؤسس الإمبراطورية العمانية التي امتدت أجزاؤها في الجناح الآسيوي، وعاصمتها مسقط، والجناح الأفريقي، وعاصمتها زنجبار، دبّ، وللأسف الصراع بين أبنائه على حكم الإمبراطورية، وتحديدا بين السيد ثويني سلطان مسقط، والسيد ماجد سلطان زنجبار، ليتم بعدها إحالة موضوع التحكيم، وحل هذا النزاع بين الأخوين للحكومة البريطانية التي كانت أصلا تهيمن على المنطقة، وتربطها علاقات مميزة، واتفاقيات تجارية مع الإمبراطورية العمانية منذ أيام السيد أحمد بن سعيد، وأبنائه الذين تعاقبوا على حكم عمان.

 


ولذلك، وبرضى من الأخوين المتنازعين شكلت الحكومة البريطانية لجنة لتقصي الحقائق في مسقط وزنجبار قبل الوصول إلى تسوية نهائية ترغم جميع الأطراف بالموافقة عليها تمهيدا لتقسيم الإمبراطورية العمانية، وللأبد، لينفصل الجناح الآسيوي عن الأفريقي، وبكل حزن بعدما كانت بوحدتها من أقوى الإمبراطوريات في المنطقة.

 


من المهم هنا أن نعلم تفاصيل حكاية ذلك التقسيم، وهذا النزاع من أصحاب الشأن أنفسهم ونعني هنا السيد ماجد، وشقيقه السيد ثويني من خلال بعض الوثائق السرية التي كانت تحكي تفاصيل هذا النزاع للجنة تقصي الحقائق التابعة للحكومة البريطانية مثلما أسلفنا.

 


وهنا نورد لكم النص الأصلي لرسالة السيد ماجد بن سعيد بن سلطان التي قدّمها للعميد كوغلان الذي كان المسؤول عن تقصي الحقائق في زنجبار، وهي كالآتي:



" نخبر سعادة والي ولاة الهند بكيفية حالنا، ونشكو إليه ما فعله الأخ ثويني فينا ، وسنورد كلا في محله إن شاء الله ، فلا يخفى على جنابكم أنه بعد وفاة الأخ خالد أقامني الوالد المرحوم سعيد بن سلطان مكانه حاكما في زنجبار، وبر الأفركة، والجزائر، وأمراء العسكر، وأمرتهم أن يكونوا الجميع في طوعي وتحت أمري ، وأخبر بذلك أيضا جميع كوانسل القرانات الذين هم في زنجبار حتى إن خطوط رجالكم العالي الجاه الكرنل همرتن في ذلك موجودة لما عرفه الوالد عن ذلك ، أجاب الكرنل همرتن قد رفعت علم هذا إلى حضرة سعادة السركال الأفخم وأنه رضى بذلك أن أكون حاكما في بر الأفركة والجزائر التي فيه، كما أوصى بذلك سابقا الأخ خالد .. الحاصل أن جميع كوانسل القرانات واجهوني بلباس الامارة، واستبشرت أكابر الديار هذه بتوليتي عليهم، وبحمد الله أطاعتني البلاد، والعباد، فبقيت على ذلك سنين، ثم سافر الوالد المرحوم سعيد بن سلطان من عمان قاصدا إلى زنجبار فتوفاه الله في البحر، فلما وصلني علم وفاته دعوت الناس من إخواني، وعشيرتي، وكل من في هذه الأطراف من حد التنج إلى مرباط لبيعتي، فأجابوني إلى ذلك، وبايعوني أن أكون حاكما عليهم ومتوليا أمرهم، فبعد ما تمت لي البيعة أخبرت جميع كوانسل القرانات الذين هم في زنجبار بذلك فجاؤوا لمواجهتي بلباس الامارة، وحيوني بتحية الملوك، وكانت جميع سلاطين اليرب أعني المملكة المعظمة كوين فكتوريا، ووزير الخارجية، وسلطان الفرانسا، والمريكان، فأجابوني بالتهنئة في ذلك وأرسلوا كوانسلهم إلى زنجبار، فلو علموا أن حاكما غير على بر الافركة لأرسلوهم أولا إليه.



الخاتمة بعدما تمت لي البيعة زجرت فرقدا من فراقدنا يسمى التاج، ووجهته إلى مسكت وكتبت فيه مكتوبا للأخ ثويني بن سعيد أخبره بالواقع في وفاة الوالد، واستقامة الأمر لي وذكرت له في ذلك الكتاب أن يكون على حذر من خصمانا الذين هم في عمان، وأن يطيب خاطره، ويحسن بي الظن كما كان الوالد سعيد بن سلطان يساعده .. وذكرت له أيضا إن داهمه حادث مهم، فأنا معه بالحال، والمال، والرجال، وأمرت قبطان ذلك الفرقد أن ينزل ذلك المكتوب إلىّ في بندر من بنادر عمان يسمى الحدّ، وكتبت لشيخ ذلك البندر أن يحمل الخط هذا إلى الأخ ثويني، والفرقد يتوجه من الحد إلى بمبي، وكتبت إلى جورنر بمبي كتابا بالواقع فعلت ذلك احتذارا للأخ ثويني بقلة مسير المركب إلى مسكت خوفا أن يندهش بوصول علم وفاة الوالد وبكون على غير حذر فيطمعوا فيه وفي ملك عمان الخصماء والأعداء ريت الأولى يصله مكتوبي خفية فيقرأه ويحتذر من الخصيم ثم يظهر علم وفاة الوالد بعد الاحتذار الحاصل وصل الكتاب ورجع إلى الجواب وذاكر كدر خاطري وفاة الوالد وسرني استقامتك بعده في ذلك والأخ حمد بن سالم ومحمد بن سعيد ليصلا إليك عن قريب محمد بن سالم زجر نفسه هو ومحمد بن سعيد ووصلا في كيرللين لأن محمد بن سالم كان شريكي في الوصية لأن الوالد المرحوم أولا جعل وصيه بعد موته ومحمد بن سالم وأهل بيته بنت سيف فلما توفي خالد بدل الوصية وجعلني أنا وصيه بعد موته ومحمد بن سالم وأنا كتبت له أن يقبضها كونسل السركار الذي في جدة حتى يرسلها إلى عدن، ومن عدن لتصل إلى يومبي إن شاء الله رجعنا إلى ما نحن فيه، فالأخ محمد بن سالم وصل، وبيده كتاب من الأخ ثويني مذكورا فيه أنه الواصل الأخ محمد بن سالم، فهو مني وما يذكره لك فعنّي، وقد فوضته في كل ما يمضيه ويقطعه علي فأنا به قابل فلما قرأت الكتاب هذا قلت للأخ محمد بن سالم ما عندك من الرأي فقال الرأي الأولي والأحسن نقسم جميع ما خلفه الوالد المرحوم على أولاده ما خلا البلدان والمملكة فذلك معلوم ومعروف أن عمان وما يليها للأخ ثويني بن سعيد، وزنجبار وما يليها وبر الأفركة لك، فاجتمع الرأي أن نقسم المذكور ما خلا البلدان والمملكة، فقسمنا الجميع من جليل وقليل حتى المراكب والخيل والبساتين والأثاث كافة والدراهم وأخذ كل حقه وأخذت أنا حقي كواحد منهم، فمع سفر الأخ محمد بن سالم ذكر لي يا ماجد أنت تعلم بحال أخيك وقلة ما في يده من الدراهم وكثرة ما عليه من الخرج وتعرف أن مدخول عمان لا يكفي مخروجها وخوفي إن لم تسعد أخاك بدراهم في كل عام يذهب ملك عمان من أيديكم ويطمع من كان في قلبه مرض من خصايمكم، فهل تجعل لأخيك ثويني شيئا من المساعدة والمعونة من عندك ليسدد به أحواله وأحوال عمان، فأجبته يا محمد أنا قد أخبرت الأخ ثويني كما كان يعطيه الوالد المرحوم سعيد من المساعدة لأساعده بها كما تقدم وإن أدهه حادث أو مهم فأنا عنده بالحال والمال والرجال، فقال لي طيب إلا أن عمان الآن بخلاف السابق بعد وفاة الوالد سعيد اضطربت وتحركت العربان وكل خصيم لهذه الدولة فتح عينيه وفك حلقه فيحتاج تسكين ذلك ومن رأي ونظري ومحبتي فيكم يا أولاد سعيد أن تجعلوا حالكم واحد وملككم واحد وتسعد أخاك كل عام بأربعين ألف ريال ليستعين بها على تصليح ما فسد من أحوال عمان، قلنا له يا محمد أنت محل الوالد ولا نخرج الجميع من رأيك فالذي تراه صلاحا فهو الصلاح بل أن كنت تريد من في كل عام أربعين ألف ريال مساعدة للأخ ثويني للشرط الذي نريده ، قال اشرط الذي تريده وأنا في المقابل والضامن لك على قبول ثويني للشروط التي تشرطها أما عرفك في خطه كل ما أمضيه عليه ماض وكل ما أنطق به فعن لسانه قلت له بلى ، قال اشرط ما تريد ، قلنا له نشرط عليه أولا أن أكون أنا الخليفة مكان أبي ويقر بذلك ، قال قبل ذلك ، قلت له واشرط أن لا يحرك ساكنا على تركي ولا يتعدى عليه وإن صدر منه تقصير يخبرني لأنه يحتسب علي لكني لا أدري بكيفية حاله إنه مستقل بذاته أو مندرج تحت حكم راعي مسكت أنا الذي أعرفه أن الوالد المرحوم جعل عمانوما يليها للأخ ثويني، كما جعل زنجبار وما يليها للأخ خالد وبعد وفاته جعلها لي ، قال قبلت ذلك ، قلت له فإن ثبت الأخ ثويني على هذين الشرطين فله مني مساعدة ومعونة في كل عام أربعين ألف ريال وإن لم يثبت على ذلك فلا له عندي قرش ، قال رضينا وقبلنا ذلك وكان حاضرا في الكلام هذا الوالد سليمان ابن حمد والكاتب أحمد بن نعمان والأخ محمد بن سعيد ومستأجر الفرضة لداه ثم قال أنا وصلت إلى مسكت الأخ ثويني لا ليصدقني إذا قلت له إني طلبت لك من أخيكم ماجد مساعدة في كل عام أربعين ألف ريال غير إذا كتبت لي في ذلك يا ماجد ورقة فأمرته أن يكتب هو هذه الصورة أنا محمد بن سالم أردت من الأخ ماجد بن سعيد إلى أخيه ثويني بن سعيد في كل عام أربعين ألف ريال وبعد ختمها كتبت فيها أنا صحيح ذلك وكتبه الحقير ماجد بيده، الحاصل أن محمد بن سالم سافر إلى مسكت وأخذ حقوق الأخوة الذين في عمان وبعد سفره أرسلنا لهم الدراهم المذكورة أربعين ألف في مركب المريكان 112ألف ريال ، فلما وصل الأخ محمد بن سالم إلى مسكت وجد الأخ ثويني قائما بالحرب على تركي فقال له كيف تفعل ذلك وان هذا الذي أمضيته بينكم وإن علم ماجد بفعلك لا يرضى يسلم لك المساعدة التي أردتها منه لك ، فلما سمع الأخ ثويني كلامه صالح تركي ورجع إلى مسكت وقبض حقه من الارث الذي بيد محمد بن سالم وقبض الدراهم الواصلة إليهم في مركب المريكان من طرف المسعدة وأرسل لي مكتوب مع رجاله ناصر بن علي بن طالب يذكر فيه أن الدراهم التي تفضلت بها وصلت وأحسنت وحالك جميل والمكتوب هذا موجود إلى الآن وبصحبة هذا الذي هو ناصر بن علي كتاب لي من محمد بن سالم وكاتب لي الواصل رجال الأخ ثويني ، ناصر بن علي لقبض ما بقى من الدراهم والله الله يا أخي في اثبات الكلام الذي صار ودوام الحال الذي فعلته بينكم والخط هذا أيضا موجود وبصحبة هذا الذي هو ناصر بن علي كتاب محمد بن سالم إلى لداه وكيل فرضة زنجبار وكاتب له الواصل ناصر بن علي رجال الأخ ثويني لقبض ما بقي من الدراهم التي طلبناها من الأخ ماجد مساعدة الأخ ثويني والمكتوب هذا أيضا باقي وموجود الحاصل أن ناصر بن علي قبض الدراهم الباقيات ودخل في الرعية يفسدهم باطنا ويمينهم بأحوال من الأخ ثويني وعلى ما بلغنا قلنا لهم هذا برغش عن ثويني وكل ما يريده منكم تفعلوه فافعلوه وهو محسوب على ثويني وسافر إلى مسكت فلما وصل مسكت ناصر بن علي قام الأخ ثويني وحارب تركي ثانية فلما رأى منه الأخ محمد بن سالم هذا الحال وعدم اثباته على الكلام هاجر من مسكت إلى مكه خجلا منه ومنا ونحن لا نعلم بما كان هناك بل اننا في ترتيب دراهم الحول قاصدين نرسلها له في فرقدنا ارتيميز إذ أتانا علم حرب لتركي فتعجبنا غاية العجب من ذلك فبعد أيام قلال وصلنا علم أن ثويني يجهز لحربكم معتمد على نقض ما صار من الكلام بواسطة محمد بن سالم فبقينا بين الشط واليقين لحسن ظننا به ولعمري لو لم يحاربنا لما كان قصدنا نقطع عليه المساعدة ولا نحرم رعايا عمان المنفعة لأنهم في كل سنة يأتون ونعطيهم منفعة مقدارها ألف ريال أنعام ، الحاصل بعد أيام قلال وصلنا العلم الحقيقي أنه مقبل لحربنا وخراب بلدنا بجيوشه وعسكره فاعتدينا لقتاله ودفعه من فضل الله بجميع الآلة من زانة الحرب والرجال وبقينا في فراقدنا نرجوه لنقاتله مع حسن ظننا بالله إنا منصورون عليه لنقضه العهد وتعديه علينا مع كمال علمنا أن البغي صراع فكفانا الله شره وجعل سلامته بتوسط سعادة حضرة السركار الافهم فبعد رجوعه إلى مسكت أخبر السركار أني لأرسل حمد بن سالم لرد عساكرنا المتقدمة إلى زنجبار فأذن له السركار في ذلك فأرسل حمد بن سالم في كيرللين وبصحبته ناصر بن علي ومكتوب منه يقتضي الواصل الأخ حمد بن سالم وكل ما يمضيه أنا راضي به وكل ما يذكره لكم فهو عني ومني فسألت حمد بن سالم بمحضر الوالد سليمان بن حمد فيما أنت واصل قال في مادة المصالحة بينك والأخ ثويني فتعجبت من هذا أعظم من عجبي بحربه لنا كيف يرسل حمد بن سالم في أمر المصالحة وقد توسط فيما بيننا السركار الأفخم مع انه لم يذكر للسركار اني لأرسل حمد بن سالم في مادة المصالحة بل ذكر لهم لأرسله يرد العساكر المتقدمة حاصل الأمر قلت له من كانت هذه أحواله فلا يخاطب ولك لك ولا لصاحبك عندي جواب ولا خطاب إلا ما يمضيه السركار فهو ماض على الجميع.


حمد بن سالم لما سمع مني هذا الجواب في مدة إقامته في زنجبار اجتهد كثيرا في بكل نوع قدر عليه في اتلافي ونزوع الملك عني فلم يوقفه الله لذلك وما سمع فعله ما بلغني كثيرا فمن جملته رشى بعض أجزاء العساكر بدراهم على قتلي ومناهم الحال الجميل من ثويني فلتصديق التهمة هذه عليه باتت لي أحوال قبيحة من واحد من الأجراء في هذا القبيل فعاقبته فبقي يكلمني في اطلاقه زمان تارة بمكاتبات وتاره باللسان فلم ألتفت إلى قوله فلما رأى مني دخل في الأخ برغش وفسده وقال له اجتهد في اتلاف ماجد وأنا الضامن لك أن ثويني يتركك الحاكم في زنجبار ولا يسألك عن أحكامها ولا عن شيئ من خراجها ودخل في الفرقة المسماة بالحرث لأنهم كانوا أكبر فرق زنجبار وقال لهم كونوا مع برغش على ماجد ولكم ما يسدكم من ثويني وأنا الضامن لكم إذا قدرتم على هلاك ماجد أن تكونوا أنتم ولاة زنجبار وبرغش الحاكم وكل الذي تريدوه في زنجبار في ذلك الوقت لتخرجوه منها وليكون الاسم والشهرة لكم وعلي ما بلغني أعطاهم لأجل ذلك جملة دراهم رسلها الأخ ثويني معه قريب الأربعين الألف قرش والله أعلم، الحاصل لما بلغني العلم هذا تعجب أكثر من تعجبي السابق أنه كيف فرقة من فرق زنجبار تقدر على نزع مملكة مني إن هذا لشيء عجاب فالفرقة المذكورة التي غواها حمد بن سالم أخذها الغرور والتيه لما سمعت كلام حمد بن سالم وبقيت تسعى في أمور الفساد وبرغش معها في ذلك، فلما بانت لي هذه الأحوال منهم مسكت بعذ أكابر هذه الفرقة ومنهم عبدالله بن سالم وقيدتهم، واجتمعت أوباش هذه الفرقة وسفاؤها وبرغش على أن يحملوا على بيتي ويخرجوا المقاييد فأمرت العساكر أن يضربوا كل من يصل منهم فانكفوا وانكف برغش معهم فلتصديق هذا الكلام على حمد بن سالم بعد الذي جرى هذا كله بقي مرارا يكلمني أن أطلق هؤلاء المقاييد وكاثرني في ذلك غاية المكاثرة فلم أصغي لقوله بل أجبته أن هؤلاء قد سعوا في فساد البلد وإتلافي فاستوجبوا مني العقوبة فعاقبتهم و إن كنت مرسولا كما زعم الأخ ثويني للسركار لترد عسكره فما في زنجبار الآن أحد من عساكره وإن كنت مرسولا كما تزعم أنت في أمر المصالحة فأنا لا أجاوبك أنت ولا صاحبك في ذلك لأجاوب ولأخاطب سعادة السركار الذي منعوا ثويني وردوه عن زنجبار وأنت قم وسافر ، الحاصل أن حمد بن سالم سافر واسترحنا منه فبعد سفره قام برغش يفسد في البلاد ويسعى في الخراب بقتلي ونزع الملك مني بكل نوع قدر عليه وبانت لي أحواله الردية في مرة في ثانية في ثالثة فأمرت عليه بالسفر من زنجبار فلم يمتثل فأمرت واحد من الأجراء يحصره بعساكر في داره إلى أن يتملل ويسافر فحصره يوم واحد لا زيادة فطلب الأمان لنفيه وانه ليسافر من زنجبار وانه يريد منا معونة للسفر فأعطيته عشرة آلاف قرش وزجرت له فرقدا من فراقدنا يحمله إلى حيث يشاء فقبض الدراهم وقال لا أحب أركب في مركب أود أن أركب في بغلة محمد بن مبارك فحمل بعض أسبابه فيها فلم نشعر إلا إذا أتانا علم أن برغش خرج بالليل من داره وانه هرب إلى البساتين وتمنع في بيت أولاد الأخ خالد الذي بناه الأخ خالد في بستانه واجتمعت معه أوباش فرقة الحرث وسفاؤها وجهالهم مع عبيدهم فلما بلغنا ذلك أرسلنا عليه كيف صار من أمرك هكذا وانت أوعدتنا لتسافر من زنجبار فأجاب أنه بعده عازم على السفر بل خجل يركب من البلاد أحب أن يركب من البساتين فأمهلناه ثلاثة أيام فلم يسافر فأرسلنا عليه وأمرناه بالسفر فأجابنا اني لا أسافر ولا أخرج من زنجبار فلما سمعنا منه ذلك عزمنا على القيام عليه فجهزنا عساكرنا وأتتنا الرعايا قصدهم القيام عليه جميعها ما خلا هذه الفرقة والتي معه وهم الحرث وليس كلهم وإنما أوباشهم وسفلتهم، والحاصل أرسلنا عليه ثانية ننصحه ونأمره بالسفر فلم يمتثل ، ثم أرسلنا حمود ابن سيف بن مسلم وسيف بن خلفان وحسين بن محمد شايب الحرث وهاشل ابن سويلم الحارثي وسيف بن محمد الوالي ومحمد بن مبارك يناصحوه يترك ما هو فيه ويناصحوا الذين هم عنده ويحذروهم بطشنا فلم يلتفتوا إلى ما ذكروه لهم غير كان من مختصر جوابهم إننا لا نبرح عن برغش ومن مختصر جواب برغش أن لا أسافر ولا أخرج من زنجبار أبدا وإن لم يأتني ماجد لآتيه أنا بمن معي إلى البلاد ولأجربه هناك وأقتل كل من كان عنده ، ثم وجدنا منه مكتوب إلى كونسل الفرانسا كوشي وكاتب له ما نظرك إذا وصلنا إلى البلاد لمحاربة ماجد وجدنا في الطريق انجريز وباقي النصارى نقتلهم أم لا نرجو الجواب منكم في ذلك وعلى ما بلغنا والله أعلم أن كونسل الفرانسا هذه بقي يمادد برغش وهو في البستان بآلات الحرب وبارود ورصاص وغير ذلك، وحاصل الأمر لما أن رأينا أن الشيء بلغ حده وكان حاضر مركب السركار آساي فلم يسمح أخليه من الرأي ولا أخلي هذه الدولة في جميع أحوالي ناظرت الكرنل المكرم ركبي وكان القبطان المحتشم آدم حاضر وقلت له هذا ما انتهى من أمر برغش وفي قصدنا إن شاء الله نمشي عليه إلا انه متحصن في بيت قوي بناه الأخ خالد في بستانه ويلزم نحمل معنا مدافع لهشمه وليس معنا مديفعية فلا قصر أرسل معنا تسعة أنفار مديفعية وساروا بصحبتنا ونزلنا بعساكرنا ومن معنا في موضع يسمى بيت الرأس وبيتنا هناك لأنه البستان الذي نزل فيه برغش مقدار ثلاثة اعات فلما أصبحنا مشت العساكر ونزلنا في مكان يسمى مويره وارتحلنا منه إلى أن وصلنا البستان الذي فيه برغش ومن معه قريب العصر وكان يوم مطر عظيم فأمرنا القوم بالحملة عليهم فهر من كان من قوم برغش خارج وبقى الباقون وبرغش معهم في البيت متحصنين فطلبوا منا الأمان لسلامة أرواحهم ولم يكن عندنا في تلك الساعة مدافع كبار لهشم البيت الحاصل أن الوقت قارب على الغروب والمطر عظيم فأمرنا العساكر بالرجوع لنصبحهم الصبح بمدافع أكبر من التي معنا لأن السيف والتفق لا يبقى يعمل فيهم وهم متحصنون في البيت ورأينا الأولى أن نرجع عليهم بالمدافع الكبار بكره فرجعنا وبتنا وبعد انقضاء 3 ساعات من الليل اتانا علم أن برغش ومن معه بعد رجوعكم عنهم هربوا فأرسلنا واحدا من الأجراء ومعه كم نفر من العسكر فقبضوا البيت الذي كان فيه برغش فلما أصبحنا أتانا عساكر الانجريز المنصورة يتقدمهم الأكرم والأحشم القبطان باكيل فقصصنا عليه أمر برغش وهروبه بعد رجوعنا عنه وانه في بستان إلى حسين بن محمد قال في رأينا أن نهدم البيت الذي كانوا فيه فأرسلنا واحدا من أجراء العساكر مع أحد من عساكر الانجريز فساروا إليه وهدموا وهذا ما كان ، وأما ما كان من أمر برغش فإنه قصد البلاد وركب داره بالليل فأتانا العلم أن برغش في داره فأرسلنا الولد سعود ليعلم صحة ذلك ويناظر الجناب الأفخم الكرنل ركبي في ذلك لأنه مع خروجي من البلد قد أوصيته أن يكون نظره على البلد إلى وقت رجوعي إن شاء الله فلما وصل الولد سعود واجتمع بالكرنل وأخبره الخبر آل في رأيهم يتركوا عساكر من الفرقد مع عساكرنا حوالي بيت برغش إلى أن يصبح الصباح خوفا أن يهرب فبقيت العساكر المنصورة حوالي البيت إلى الصبح فأرادوا الكرنل والولد سعود أن يكسروا باب بيته ويخرجوه ومن معه من ربعه الذي هم كانوا عنده فأتاهم الأخ حمود بن أحمد بن سيف وقال لهم لا يحتاج تكسروا الباب علي أخرجه من بيته فناداه من الدريشة وقال له افتح الباب ولا عليك باس ففتح وخرج من البيت وجابوه إلى بيتي وهذا ما كان من أمره وأمرهم ، أما ما كان من أمرنا فلما أصبحنا أمرنا العساكر بالرجوع فلما وصلنا البلاد اتانا الكرنل ركبي والولد سعود وأخبرونا بالذي صار في أمر برغش وقلنا له ما حملك على ما فعلت، قال ما في الفايت من لوم غير اني استعفك لسلامة روحي ، فقلنا له ما عليك باس نحن لا مطلبنا منك إلا أن تخرج من زنجبار وهذا مركب السركار الأفخم آساي لتركب فيه فقال سمعا وطاعة بل أريد منكم مهلة ثلاثة أيام أقوض نفسي فقلنا له لا باس ثم أنه كتب على نفسه كتابا بحضرة المذكورين أنه ليسافر من زنجبار ولا يرجع إلا برضاي وأودعوا فيه الحاضرين شهادتهم وبعد 3 أيام سافر إلى مسكت في المركب آساي فلهذه الأشياء قطعت عنه المشاهرة التي كنت أعطيه إياها هذا ما كان من أمر برغش ، وأما ما كان من أمر الحرث فبعد ما أوقعه الله فيهم من الذل تلوموا على فعلتهم وأتونا مقرون بتقصيرهم ويستعفوننا في أنفسهم وأموالهم فعفونا عنهم فيما جرى منهم ثم انهم عاهدونا انهم في طاعتنا على كل ما نأمرهم بحربه والآن فيما يظهر لنا أنه في كمال الطاعة والله أعلم بما في قلوبهم وهذا ما كان من أمر برغش والحرث على التفصيل، وبعد سفر آساي كمدور الفرانسا وأراد مني أخبره بالواقع فأمرت الوالد سليمان بن حمد يخبره بذلك فأمر الوالد سليمان على الكاتب أحمد بن نعمان أن ينقله إليه في قرطاس ويحمله إليه ، أما ما بيني أنا وإياه فلا صار خطاب ولا كلام ، وأما الأخ ثويني فنشكو لسعادة السركال الأفخم أن كل ما صار علينا فالسبب فيه هو لأنه نقض العهد وأبطل ما فعله الأخ محمد ابن سالم فحارب تركي ثم جهز لحربنا وأرسل حمد بن سالم وفعل كل الذي فعله عن أمره كما تقدم ذكره وأعان الأخ برغش على مضاددتنا وأمد الحرث لمخالفتنا وفساد بلدنا حتى أذهبنا ما أذهبناه من الدراهم بسببه حتى صار علينا لوكيل الفرضة ثلاثة مائة ألف ريال وسبعة وعشرين ألف ريال وللأيتام سبعمائة ألف ريال ولولاه ما صار علينا هذا الطلب بل لما قام بالحرب أولا علينا وأمدد وأعان ثانيا لأن من بذل هذه الدراهم كما لا يخفى على جنابكم العالي فهذه أحوال ثويني ثم إنا نشكو إلى سعادة السركال أنه لم يقاسمنا فيما خلفه الوالد المرحوم بعمان كما قاسمناه نحن الذي في زنجبار ، فلم يقاسمنا في الأموال ولا في الدراهم ولا الخيل ولا البساتين ولا آلة ولا المراكب ولم يكف حتى قبض دراهمنا قيمة مركبنا الناصري الذي بعناه في مسكت بأحد عشر ألف ريال ، ونخبر جناب السركار الأفخم أنه حصل بحث بيننا وبين المرسلين من طرفكم في تقصير الحد الذي هو مرخصين فيه جلب العبيد أو المنع أصلا من جلبهم وان هذا الأمر يحتاج مسعدة فأجبناهم نحن لا نخرج عن رأي السركار بل جنابكم مطلعين لابأحوال هذه الأطراف كافة ولا يخفى عليكم حال رعية هذه البلدان ومكاسبهم من الحرث والزراعة ولا يستقيم إلا بالعبيد ونظركم أعلى " .

 


"حرر في ربيع الأول سنة 1277هـ، صحح ذلك الحقير ماجد"

 

 


المرجع: تقسيم الإمبراطورية العمانية 1856 – 1862م، الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، منشورات القاسمي 2015م الشارقة ، الطبعة السادسة 2015م.

 

No comments:

Post a Comment