Monday, March 6, 2017

شيء ما بسمارك والأميرة سالمة

الخليج: 6 مارس 2017
د. حسن مدن
عن حكاية هي أشبه بالأسطورة سأتحدث هنا، ولكنها ليست أسطورة، إنما هي صفحات من التاريخ الحي، جرت في القرن التاسع عشر.
الأميرة سالمة بنت سعيد هي ابنة سلطان زنجبار العماني، يوم كان العمانيون يحكمون زنجبار ومناطق إفريقية أخرى. وهي ولدت من جارية شركسية كانت ضمن نساء السلطان، نشأت بينها وبين مندوب شركة ألماني كان يعمل هناك قصة حب، وجرى تهريبها إلى ألمانيا في رحلة بالباخرة عبر عدن، في لحظة درامية، وسبق لنا الحديث عنها هنا.
ولأن حكايتها تحمل على الفضول، فإنها ألهمت عدداً من الأدباء الألمان وغير الألمان على تأليف روايات من وحيها، خاصة أن المرأة كتبت مذكراتها، كما نُشر جانب من رسائلها ويومياتها.
فيما أطلق عليه المترجم العماني زاهر الهنائي الجزء الثالث من «مذكرات أميرة عربية»، الذي صدر مؤخراً نعثر على تفاصيل جديدة من الحياة الحافلة، المليئة بالمنعطفات الحادة لهذه المرأة، التي شاء سوء الطالع أن يموت، في حادث مروري، الرجل الذي تركت وطنها وبيئة القصور التي كانت فيها، من أجله، بعد أن كانت خلّفت منه ولداً وابنتين، نشأوا نشأة ألمانية، فقررت البقاء في ألمانيا من أجلهم، وفق ما قالته في مذكراتها.
في مرحلة من مراحل صراع الضواري الاستعمارية من أجل السيطرة على شرق إفريقيا، أراد الألمان استخدام الأميرة، كونها أحد ورثة عرش أبيها، كي يجدوا موطئ قدم لهم في زنجبار، بل داعبتهم فكرة أن يفرضوا ابنها «سعيد» الذي حمل اسم جده لأمه سلطاناً على زنجبار، فهو من جهة ألماني الجنسية، ومن جهة أخرى حفيد السلطان.
أرسل المستشار الألماني بسمارك الأميرة إلى مسقط رأسها محمية بالأسطول الألماني كوسيلة ضغط على شقيقها السلطان برغش، ما حمل السلطان على توقيع اتفاقية تؤمن لبرلين السيطرة على المناطق الساحلية لكنه رفض بقوة استقبال سالمة والتصالح معها. ولم يجد بسمارك حاجة للضغط على السلطان بشأنها، طالما حقق ما يريد، فعادت من حيث أتت مكسورة، بعد أن أدركت أن بسمارك استخدمها وسيلة ابتزاز ليس إلا.
لم تفقد الأميرة الأمل في أن تنال حصتها من إرث أبيها، فسعت إلى العودة إلى زنجبار حين تولى الحكم سلطان جديد بعد وفاة برغش، وسعت للقاء بسمارك كي تستأذنه في أمر العودة، لكنه أرسل لها ما يفيد رفضه القاطع لعودتها.لكنها قررت تحدي أمر بسمارك، وتوجهت بالباخرة، نحو زنجبار، مع إحدى ابنتيها بعد أن أصدر بسمارك قراراً بمنع ابنها سعيد من السفر معها.
كما في المرة الأولى، غادرت الأميرة زنجبار خائبة، بسبب صد السلطان وخذلان الألمان. -

No comments:

Post a Comment