Monday, March 6, 2017

السيدة سالمة بنت سعيد في إصدار جديد

جريدة عمان؛ عاصم الشيدي

الباحث زاهر الهنائي في حوار مع شرفات: أرجح أن يكون هناك من أعاد صياغة كتابتها فألمانيتها ركيكة

شغلت مذكرات السيدة سالمة بنت سعيد والتي سيكون اسمها لاحقا «اميلي رويته» النقاد كثيرا لأسباب متعددة بينها الفترة الملتبسة التي عاشت فيها والتي كانت قوى الاستعمار في العالم تحاول أن تجد لها موطئ قدم في زنجبار التي كانت جميعها إلى وقت قريب تحت سيادة والدها السيد سعيد بن سلطان. لكن الغرب اهتم أيضا بالمذكرات نظرا لقدرة الكاتبة على توصيف الحياة في الشرق الأسطوري بالنسبة للآخر وكيف تكون حياة القصور وحياة البذخ وحياة المودة والوئام بين الجميع في مجتمع تعود على الماديات. ومؤخرا نشر الباحث زاهر الهنائي المقيم للدراسة في ألمانيا مقالا في مجلة نزوى أوضح فيه أن «مذكرات أميرة عربية» ليس هو كل الإرث الأدبي للسيدة سالمة وإنما هناك كتاب آخر يمكن أن يكون الجزء الثاني من المذكرات لم يلتفت له أحد رغم الأهمية الكبيرة التي تتضمنها الرسائل فيه والتي تتحدث عن مرحلة الحياة في ألمانيا سيحمل الآن عنوان «رسائل إلى الوطن». ونشر الكتاب في ألمانيا مطلع عقد التسعينات من القرن الماضي إلا أنه لم يترجم إلى اللغة العربية.. كان ذلك المقال فتحا مهما لدى المهتمين بشأن تجربة سالمة الحياتية أو الكتابية.
ولما كان الكتاب على وشك الصدور ضمن منشورات الجمل فإن ملحق شرفات توقف عند المترجم لتبيان التفاصيل المخفية في حياة السيدة سالمة ونتاجها الأدبي.. ومعظم المعلومات الواردة في هذا الحوار تنشر وتقال لأول مرة.

•كتاب رسائل إلى الوطن، بأي مستوى لغة مكتوب وهل هو بأسلوب كتاب المذكرات نفسه؟
كتاب رسائل إلى الوطن «Briefe nach der Heimat» هو الكتاب الثاني للأميرة سالمة بنت السيد سعيد بن سلطان، وهو تكملة لمذكراتها، آثرتُ تسميته في ترجمتي بالجزء الثاني للمذكرات، ويتضمن تفاصيل حياتها في ألمانيا، منذ لحظة انطلاق رحلتها إلى الشمال من عدن (يونيو 1867) عبورا بالبحر الأحمر، وتنتهي الرسائل عند انتقالها للعيش في برلين، أي حتى بداية الثمانينيات من القرن 19. لا بد من الإشارة هنا إلى أننا لا نمتلك أصل المذكرات الذي كتبته سالمة بيدها، حتى نتمكن من الحكم على المستوى اللغوي لها بدقة، فالمذكرات نُشرت سنة 1886 ببرلين، وطبعت أربع مرات في السنة نفسها التي صدرت فيها، نظرا للإقبال الذي حظيت به. وهناك رأي آخر في سنة صدورها سجله الباحث الهولندي E. van Donyel في مقال بمجلة العالم الإسلامي «die Welt des Islams» إذ يرى أن المذكرات ظهرت بداية في مدينة لايبزج الألمانية سنة 1885، ثم طبعت بعد ذلك في برلين.
•ألا يحتفظ الأرشيف الألماني بأصل المذكرات؟
لا يحتفظ الأرشيف الألماني بأصل المذكرات، وكذلك لم يعد هناك وثائق للطبعات الثلاث الأولى منها، وما يحتفظ به الأرشيف الألماني هو الطبعة الرابعة من المذكرات، وتحديدا في مكتبة الدولة ببرلين، ونسخة أخرى منها في جامعة هلّا بمقاطعة ساكسونيا الألمانية. وهي النسخة التي اعتمدتها الدكتورة سالمة صالح في ترجمتها التي نشرتها دار الجمل سنة 2002. شخصيا أرى أن لغة سالمة الألمانية لم تكن ترقى إلى تلك اللغة التي صدرت بها المذكرات رسميا، وأعتقد أن سالمة كتبت مسودة مذكراتها بما لديها من لغة وقتها وقام أحد ما بإعادة صياغة المذكرات بالصورة التي ظهرت عليها أثناء نشرها. وهناك إشارات تدل على ذلك لمحتها أثناء العمل على ترجمة كتابها الرسائل، فهناك وثائق من مراسلات سالمة إلى أصدقائها وأبنائها مؤرخة بعد صدور المذكرات.
•هل اللغة ركيكة؟
نعم.. تظهر لغة ركيكة تفصح عن تباين كبير بين مستوى لغة المذكرات التي تتغلف في كثير من المواضع باللغة الجزلة والأدبية وبين لغتها في رسائلها، الأمر الآخر الذي يؤيد ذلك أنها كانت تحكي في مواضع من كتابها الآخر رسائل إلى الوطن عن ضعف قدرتها الإنشائية في الكتابة باللغة الألمانية حتى وقت قريب من ظهور المذكرات 1886. وسيجد قارئ الرسائل ذلك واضحا. وهذا ما حصل أيضا على ما يبدو في الرسائل أيضا.
حيث صرح بذلك ناشر الكتاب بالألمانية السفير الألماني الأسبق في تنزانيا هاينز شنيبن، حيث نبه إلى أن النص الأصلي كانت فيه إشكالات لغوية نظرا لأن كاتبته لم تكن الألمانية لغتها الأم، فاضطر إلى إكمال لبعض الجمل وتصحيح للأخطاء. لم أرجع شخصيا إلى النسخة الأصل للرسائل وإنما اعتمدت على النص الذي نشره السفير الألماني عن دار PHILO الألمانية سنة 1999. ويجدر بالذكر هنا أن سالمة قد كتبت الرسائل قطعا بعد سنة 1888، وهي السنة التي مات فيها أخوها السلطان برغش. فقد نصت في رسائلها على موت برغش، ولكن لا يمكن الجزم تحديدا متى بدأت بكتابتها ومتى انتهت، فليس هناك شيء نستطيع الاستناد إليه في تحديد ذلك. فهل كتبتها في أثناء إقامتها بيافا وبيروت بعد رجوعها من زنجبار 1888 في محاولتها الثانية والأخيرة للرجوع إلى الوطن – لأنها لم ترجع إلى ألمانيا بل فضلت أن تقيم خارج ألمانيا بعدما خذلتها الحكومة الألمانية في تحقيق مطالبها في زنجبار، وقد عبرت عن ذلك في رسالة بعثتها إلى أصدقائها في ألمانيا يرجون منها الرجوع إلى ألمانيا، حيث ذكرت فيها أنه لم تعد لها ألمانيا وطنا-؟ أم كتبتها في سنواتها الأخيرة بعد رجوعها مرة أخرى إلى ألمانيا بعد وقت طويل سنة 1914 حينما حنّت إلى أحفادها، وهذا ما استبعده شخصيا وذلك لأمرين، أولا لكبر سنها فقد كانت تناهز السبعين عندما رجعت، وثانيا لم يكن أحد من أولادها يعرف بأمر الرسائل ولا سيّما ابنتها الصغرى روزالي التي قضت سالمة سنواتها الأخيرة في بيتها بمدينة يينا، فقد وجد أبناؤها مخطوط الرسائل في تركتها بعد وفاتها سنة 1924 ولم يكن لديهم علم به قبل ذلك، يبدو أنه على الأرجح إذن أنها كتبتها في أثناء إقامتها ببيروت، في الفترة ما بين 1888 و 1914.
•إذن ما اللغز وراء تأخر صدور الكتاب إلى مطلع التسعينات بالتحديد عام 1993؟
عندما وجد أولادها مخطوط الرسائل في تركتها، واطلعوا عليه أصابهم الذهول مما سجلته أمهم من مذكرات أليمة ومعاناة مريرة، فالرسائل تحكي تفاصيل ذلك الواقع الأليم الذي تعرضت له سالمة بعد فقد زوجها وتكشف الظروف الصعبة التي مرت بها. ولذلك حصل بينهم خلاف في مسألة نشرها، فقد أبدت ابنتاها تحفظا على ذلك، وكانت حجتهما أن نشر الرسائل سيظهر خصوصية الأم إلى العلن، ومن باب إنساني ينبغي عدم فعل ذلك، أو على الأقل ينبغي إجراء بعض التعديلات وحذف ما يلزم. يبدو أنه تم الاتفاق بين الإخوة بعد ذلك إلى أن تسلم مخطوطة الرسائل إلى المستشرق الهولندي بجامعة لايدن البروفيسور سنوك هُرْخرونيه. وفعلا قام ابنها سعيد بتسليمها إليه سنة 1929 مع ملاحظة كتابية نصها: «يُمنع نشر «رسائل إلى الوطن» دون إذن قبل 1 يناير 1940!». وهكذا بقي المخطوط بعيدا عن النشر حتى قام الباحث الهولندي E. van Donyel بنشرها سنة 1993 باللغة الإنجليزية مع سائر كتاباتها الأخرى وهي المذكرات ونص قصير من عشر صفحات تقريبا تكملة لمذكراتها تحكي فيه تفاصيل رحلتها الثانية إلى زنجبار بعد موت أخيها برغش 1888، ونص قصير أيضا عن عادات وتقاليد سورية رصدت فيه الحالة الاجتماعية آنذاك. ثم قام بعدها السفير الألماني الأسبق في تنزانيا هاينز شنيبن بنشر الرسائل مستقلة سنة 1999 مع مقدمة وخاتمة طرق فيها قضية تحول سالمة من السيدة سالمة إلى إميلي رويته وأوضح أهمية الرسائل باعتبارها وثيقة لحياة سالمة وعصرها (1867-1884)، كما كشف عن المصادر التي استند إليها في عمله، وهي مادة جيدة للدارسين والمهتمين بسالمة وإرثها الكتابي.
•كيف نظرت أميلي رويته إلى السيدة سالمة؟ بمعنى كيف نظرت ما صارته إلى ما كانت عليه من خلال مقارنة بين العالمين؟
لم تكن سالمة في رأيي تتوقع أن يحدث ما حدث، ولم يدر في خلدها أنها ستهاجر وطنها زنجبار يوما ما. فابنة الاثنتين والعشرين سنة لم يكن لها أن تفارق بحبوحة العيش الذي كانت فيه إلا خوفا على حياتها بعدما كشف أمر حملها من التاجر الألماني هاينريك رويته. ففرت إلى المجهول تاركة وراءها كل شيء واتجهت إلى عدن، حاول أخوها السلطان ماجد أن يحتوي الأمر فحاول بكل الطرق الدبلوماسية أن يرجعها إلى زنجبار، ولكن سالمة ستضحي الآن بكل شيء حتى لا ترجع وتلاقي مصيرها المحتوم، فأعلنت اعتناقها للنصرانية ولبست اللباس الأوروبي لتقنع القنصل البريطاني أنها أصبحت منهم، عندها رفض القنصل محاولات ماجد لإرجاعها وسهل عملية هربها. انتظرت في عدن إلى حين مجيء زوجها الذي كان وقتها لا يزال في جزر سيشل بالمحيط الهندي، وتم تعميدها وتعميد ابنها، وبوصول زوجها تم إقامة حفل الزواج في إحدى الكنائس في عدن ورحلا متجهين إلى ألمانيا في نفس اليوم عبر البحر الأحمر في يونيو 1867. هنا بدأت سالمة عالما آخر لا يمت إليها بصلة، عالما لم تكن تفكر يوما أنها ستفر إليه، عالما مختلفا وغريبا عنها، ظلت فيه سنين جسدا وكانت روحها في زنجبار. لم تستطع سالمة أن تتأقلم وتتكيف مع هذا العالم الجديد كليّا، وزادت معاناتها بفاجعة موت زوجها بعد ثلاث سنوات فقط من وصولها إلى الشمال، فاشتدت أزمتها وكان لديها ثلاثة أطفال صغار، فكافحت كفاحا مريرا ذاقت فيه ألم الغربة والوحدة وفقدان النصير، وتبدل حالها من بعد غنى وسعة إلى فقر وضيق، وأي فقر؟ بلغ بها الحال أن ترتق جواربها وجوارب أولادها برقع جلدية متهتكة بالية وتطعم أولادها رغيف الخبز الأسود الجاف. حاولت أن تعيش لأولادها وتقيهم عوادي الزمان، فانتقلت من مدينة إلى أخرى هربا من الفقر المحدق بها، ولم تطق العيش في هامبورج مدينة زوجها لما ساء وضعها المالي فانتقلت وودعت قبر زوجها وذكرياتها معه إلى غير رجعة، فشبح الفقر أخذ يطاردها في عالم مادي بارد لا شفقة فيه. كل هذه الأحداث الشائكة والصادمة سيجدها القارئ ويعاينها عند قراءته لفصول الرسائل.

•هل تطرقت في هذا الكتاب إلى قصة المولود الذي ولدته في اليمن ثم توفي في الطريق من صعوبة الرحلة عبر البحر الأحمر.. وكيف تنظر من خلال رسائلها أو تكملة مذكراتها لهذا الحدث؟
هذه المسألة الشائكة في رأيي هي السبب في كل ما حدث لسالمة، فلولاها لما حدث ما حدث. ورغم كل ذلك أخفت سالمة هذه المسألة الحساسة وأطبقت عليها بصمت حتى وفاتها، ولم تتعرض إليها في الرسائل أبدا، وأخفت ذلك عن أبنائها أيضا، فمن اللافت أن يذكر ابنها سعيد في سيرته المقتضبة – التي سجلها في ملحق محاضرته التاريخية والمدونة عن سلالة البوسعيد والتي ترجمها الدكتور عبد المجيد القيسي – أنه الابن الوحيد لسالمة! حسبما تشير إليه الوثائق الرسمية أن وفاة هذا الابن كانت في طريق الرحلة إلى الشمال في فرنسا يوم 24 من يونيو سنة 1867 في القطار بين مدينة ليون وباريس، وذلك حسبما أفاد به جدّه لدى مكتب تسجيل الوفيات بهامبورج بتاريخ 30/‏‏6/‏‏1867.
•من خلال سياق مقدمة الناشر.. هل نتبين أن ابنتها أو أبناءها تدخلوا في النص الأصلي المكتوب وغيروا فيه أو حذفوا ما رأوا أنه يستحق الحذف؟

اتفق أبناؤها في الأخير على تسليم النص، كما ذكرت، إلى صديق العائلة المستشرق الهولندي على ألا ينشر دون إذن قبل الأول من يناير لسنة 1940، وقد سلم النص كما هو دون تدخل.
•هل تبين لديك حول ما إذا كانت هذه الرسائل موجهة إلى صديقة حقيقية أم لا؟
الراجح أنها شخصية وهمية، فهي صديقة افتراضية من زنجبار، ولكن لو كانت حقيقية لما خاطبتها بلغة ألمانية لا تفهمها. يبدو أنها كانت تريد أن توصل رسائلها إلى أولادها بعد موتها، ويبدو أنها أخفت عنهم في حياتها كل تلك التفاصيل المؤلمة، وتركت لهم معرفة ذلك والاطلاع عليه بعد وفاتها.

• تحدثت في مقال لك نشر في مجلة نزوى أن السيدة سالمة حضرت في بعض الأعمال الروائية الأوروبية.. هل لك أن تسلط لنا الضوء على هذا الجانب.. ما هذه الروايات وهل ترجم شيء منها إلى العربية؟
نعم، أولى الأوروبيون وخاصة الألمان اهتماما بسالمة تجسد في نشر مذكراتها ورسائلها وترجمتها، كما كان لها حضور في أعمال روائيين لهم سمعتهم في الوسط الأدبي من أمثال الروائية الألمانية نيكولا تسي فوسلر في عملها الروائي «نجوم على زنجبار، 2010» سلطت الضوء عليه في مقال نشرته بجريدة الزمن، ورواية «دي كاديتن، طلاب الكلية الحربية، 1957» للكاتب إرنست فون سالومون، ورواية « زنجبار بلوز، أو كيف اكتشفتُ ليفينغستون، 2008» للروائي هانس كريستوف بوخ، والرواية الإنجليزية «ريح التجارة، 1982» لماري إم كيه، وقد ترجمت إلى اللغة الألمانية بعنوان «جزيرة في العاصفة»، وهناك عمل روائي آخر للكاتب والأديب السويسري لوكاس هارتمان بعنوان «وداع زنجبار، 2013».
• بعد كل هذه السنوات هل صارت كل وثائقها متاحة في الأرشيف الألماني أم ما زالت هناك وثائق تحمل الطابع السري حتى الآن؟ خاصة ما يتعلق بمحاولات ألمانيا في زمن بسمارك توظيفها لأسباب سياسية تتعلق بأطماع الاستعمار والتنافس على زنجبار؟
هناك الكثير من الكتابات التاريخية والسياسية التي تتحدث عن الفترة التي عاشت فيها السيدة سالمة والتي تزامنت مع القيصر فيلهلم الأول والثاني والمستشار بسمارك بشكل عام، متاحة بين أيدي القراء وتحوي الكثير من الوثائق، ومن أهمها كتاب يوليوس فالدشميت بعنوان: «القيصر والمستشار والأميرة، مصير امرأة بين الشرق والغرب، 2006»، وكتاب ليونارد نيسين ديترس بعنوان: «امرأة ألمانية في الخارج ومناطق النفوذ، 1913» يتحدث فيه أيضا عن السيدة سالمة، ولا ننسى أيضا كتاب السفير الألماني هاينز شنيبن «زنجبار والألمان، علاقة خاصة (1844-1966)». أما ما يتعلق بتركة سالمة الأدبية فهي ملك جامعة لايدن بهولاندا التي هي من ضمن مقتنيات المستشرق الهولندي صديق سالمة البروفيسور سنوك هروخرونيه، وهي متاحة أيضا، وتحتوي على جميع أنشطتها الكتابية التي نشرها الباحث الهولندي E. van Donyel ، وتتضمن أيضا رسائل وأجوبة بين سالمة وصديقها المستشرق ورسائل أخرى لها أيضا، وكذلك رسائل لأبنائها مع بعض الصور الوثائقية. كما تحتفظ بعض المكتبات الألمانية بنسخ من الطبعات الأولى للمذكرات ومخطوطات رسائل، قمتُ بنشرها في الكتاب مع ترجمة لها.

• ما التفاصيل المتاحة حول الفترة التي قضتها السيدة في بيروت؟
أوضحت سابقا هذه النقطة، هناك بعض الوثائق من رسائل وصور في أثناء فترة إقامتها في بيروت ويافا قمت بإدراجها في ملحق خاص بالوثائق والصور، مع ترجمة لها.

• بخصوص كتاب العادات والتقاليد السورية.. على أي أساس كتب هذا الكتاب.. وما علاقتها بالعادات والتقاليد السورية؟
هو ليس كتابا، وإنما نص قصير من ثماني صفحات تقريبا، سجلت فيه بعض ملاحظاتها عن الوضع الاجتماعي آنذاك في بيروت ويافا وسوريا، سأنشره قريبا على شكل مقال…
• هل ترى أن «مذكرات أميرة عربية » وجدت من يترجمها بشكل دقيق؟

في رأيي لا تزال لم تحظ بترجمة تستحقها. فرغم الترجمتين اللتين تم نشرهما إلا أنهما لم تنظرا إلى المذكرات على أنها وثيقة تأريخية، ينبغي تقديمها للقارئ كما هي في الأصل دون زيادة عليه أو نقصان أو تحريف، فالأستاذ القيسي زيادةً على أنه ترجمة عن غير اللغة الأصل كان يتصرف في النص ويحاول تلطيف العبارات قليلا خوفا من أن يصدم القارئ، وقد بينت سالمة صالح شيئا من ذلك في مقدمتها، وفي الحقيقة وقعت هي أيضا في الشيء الذي انتقدت فيه الأستاذ القيسي، ربما كانت تخشى على القارئ من الصدمة، ولكن ذلك ليس مبررا لتلطيف العبارة أو محاولة تخفيف وقعها عليه دون الإشارة في أقل تقدير إلى هذا التغيير في مضمون النص أو التنبيه على ذلك في مقدمة الكتاب مثلا، فمثل هذه الأعمال، في رأيي، وثائق ينبغي التعامل معها بحذر، فعليها يعول كثير من الدارسين والمهتمين ويبنون حولها آراءهم. وحتى أوضح المسألة هنا أسوق هذا المثال، ليتضح كيف تعامل كل من المترجمَين مع عبارة مهمة في النص الأصلي، سأضع النص الأصلي بين يدي القارئ وسأقوم بترجمته، ثم سأعرض نص المترجمين:
النص الأصلي هو:
«Im Jahre 1871, nach dem Tod meines Manes ließ sie mir noch schreiben, da sie selbst des Schreibens unkundig, ich solle ihr eines von meinen Kindern schicken, welches sie adoptieren wolle. Ich konnte nicht darauf eingehen, hätte doch dasselbe den Islam annehmen müssen.»

ترجمته: «في سنة 1871 بعد موت زوجي أوعزت بالكتابة إلي، لأنها لم تكن تعرف وحدها الكتابة، بأن أرسل إليها أحد أطفالي لتتبناه. لم أستطع أن افعل ذلك إذ سيتوجّب عليه اعتناق الإسلام.»
ترجمة القيسي: «وقد اقترحت علي بعد وفاة زوجي عام 1871 أن أرسل إليها أحد أطفالي لتتبناه، ولكن لم يهن علي فراق أحد منهم.»
ترجمة سالمة صالح: «عام 1871 بعد موت زوجي أوعزت بالكتابة إلي، فلم تكن هي تحسن الكتابة، أن علي أن أرسل لها أحد أبنائي لتتبناه.
لكنني لم أستطع أن أستجيب لذلك، إذ سيكون عليه القيام بما لا يناسب قناعاته».

No comments:

Post a Comment