Saturday, August 8, 2015

عُمان والتواصل الحضاري مع الأمم والشعوب الأخرى

مجلة نزوى : العدد 65 ، 2011م

عرفت عُمان منذ أقدم العصور بريادتها البحرية وصلاتها التاريخية الكبيرة مع الحضارات القديمة للتبادل الثقافي والنشاط الاقتصادي، لاسيما الحضارات السومرية والبابلية والفرعونية والرومانية وغيرها من الأمم والحضارات في حقب مختلفة.كان العمانيون في الطليعة يرتادون البحر والحرفة الملاحية، والذين اعتبرت مغامراتهم وأسفارهم مثلاً يحتذى به في الإقدام والجرأة والشجاعة للتواصل مع الشعوب والحضارات، ونشر الدين من خلال المعاملة والأمانة والصدق، ومن ضمن هذه الاهتمامات وضع مرتكزات أساسية للتواصل الحضاري والاقتصادي.(1)
أولا: الاهتمام بالتجارة البحرية
حتى أنهم لقبوا بسادة البحار لكثرة نشاطهم البحري العريق عبر التاريخ. وفي بعض المصادر وردت تسمية عمان ببلاد الفضة والنحاس، وذلك إشارة إلى كثرة وجود هذين المعدنين قديماً في عمان، وقد ورد ذلك في اللوحة الخاصة بالملك الأكادي المسمى (ماني شتوسو) والتي تذكر أن هذا الملك قد أحضر معدن الفضة من عمان، كما تشير اللوحات التي ترجع إلى ما قبل القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد إلى وجود صلات تجارية بين مجان (عمان) والأكاديين ولعل ذلك بسبب انتزاع سيادة طرق التجارة البحرية عبر المحيط الهندي، وفي صفحات مطوية من تأثير الحضارة العمانية – يشير الباحث د. محمد سليمان أيوب – في تقديمه لبحث في هذا الصدد إلى أن الأكاديين ومن بعدهم السومريين قد سلموا بسيادة العمانيين، وقنعوا باستقبال السفن العمانية القادمة بتجارة الهند وتوابل جنوب الجزيرة العربية، ذاهباً إلى القول أن عمان القديمة كانت حلقة الوصل بين حضارتي وادي النيل وما بين النهرين من جهة وحضارة وادي السند من جهة أخرى.(2).وما أن أزف القرن الثالث قبل الميلاد حتى كانت عمان تملك ثاني أسطول بعد قرطبة وطيرة، وربما كان أسطولها أقوى أسطول بحري في العالم أو أكثر عدداً، وكان بلا ريب الوسيلة الوحيدة لنقل حضارة مينا وبابل وسوسة إلى الهند (:)ولهذه شكلت البحرية العمانية ومنذ البداية العمود الفقري للحياة الاقتصادية في عمان، وأوكلت إليه مهام عديدة، كصيد الأسماك واللآلئ والنقل والتجارة وحماية الوطن وأبنائه (على اليابسة وعلى ظهر سفنهم)».(3).
ولا شك أن هذا الدور انعكس على الحياة الاقتصادية في عمان، واضطلعت بدور كبير في جانب تفعيل التجارة البحرية بين آسيا وأفريقيا بحكم الموقع واتصالها بساحل أفريقيا ومدخل بحر الهند والصين، ولا غرابة أن أطلق بعض المؤرخين على العمانيين اسم رواد الملاحة منذ أقدم العصور.
ولعل أجلى المعلومات عن البحرية العمانية في العصور القديمة، تأتينا مع الفتوحات الكبرى للإسكندر المقدوني (356-322 ق.م)، التي أدت إلى تغييرات عميقة في الطابع السياسي والحضاري لغرب آسيا رغم قصرها، بالرغم من اعتماد الاسكندر على البحارة الفينيقيين في البحر الأحمر والخليج العربي فقد لعب العمانيون دوراً أساسياً وإيجابياً في النشاط البحري في المحيط الهندي ومن جهة أخرى فإن الفرس سعوا لمنافسة العمانيين في الفترة السابقة للاجتياح المقدوني، وبشكل خاص في عهد دارا الكبير ملك الفرس الأخميني (521-584 ق.م) إلا أن العمانيين لما اتصفوا به من عزيمة وتصميم ما لبثوا أن استعادوا دورهم البحري الدولي في عام 100 ق.م. وعندما برز الرومان كقوة دولية ما بين عام 50 وحتى 200م، شاهد العالم توسعاً في النشاط البحري الدولي على أيديهم خاصة ما بين الشرق والغرب، ولم يؤثر ذلك كثيراً على نشاط البحرية العمانية بل دل على العكس من ذلك، فقد زاد العمانيون من نشاطهم البحري الدولي وقاموا بتغيير طرقهم البحرية المعهودة من قبل، ليسايروا شواطئ فارس والسند وصولاً إلى الهند متحاشين بذلك الاصطدام مع السفن المعادية لهم.(4).
عند ظهور الإسلام كانت عمان بلداً عربياً مستقلاً يحكمه اثنان من أهل الجلندى العرب هما جيفر وعبد، فدخلت عمان في الإسلام طواعية بعد وصول مبعوث الرسول (ص)، وقد أسهم العمانيون في الدعوة إلى الإسلام وشاركوا في الكثير من الفتوحات، مثل فتح فارس وبلاد السند وبلاد المغرب العربي، ويروى أن عثمان بن أبي العاص الذي عيّن عاملاً على عمان من قبل الخليفة عمر بن الخطاب، قد قام سنة 636هـ بحملة بحرية ضد بلاد السند انطلق بها من الموانئ العمانية بأسطول عماني وبحارة وجنود من عمان. وأسهم العمانيون في العصر الإسلامي أيضاً بدور بارز ومتميز في تجارة التوابل بحكم ريادة أسطولهم البحري ونشاطهم التجاري «واشتهر العديد من موانئ عمان بمكانة تجارية رفيعة ومتميزة في العالم في ذلك العصر. وكانت صحار، قصبة عمان تعد أهم مدن عمان التجارية مع الشرق الأقصى وأفريقيا ويصفها المقدسي بأنها (دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن)، وقد نقل عنه ياقوت الحموي في معجم البلدان هذا الوصف.(5)
وفي هذه الفترة برزت عمان في العصر الإسلامي من الدول ذات الأهمية التجارية بحكم موقعها الهام على طرق التجارة العالمية، وأصبحت مدنها «المرفئية في التجارة ذات بعد عالمي، وفي طليعة هذه نجد: صحار عاصمة عمان القديمة.
كما أصبحت عمان بفضل هذه المكانة الجديدة في الدورة التجارية العالمية مضرب الأمثال في سعة الرزق، ورواج التجارة، فقد قيل : «من تعذر عليه الرزق فعليه بعمان»، وهناك من ينسب هذا القول إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا لم تثبت نسبته فإنه يدل على مدى توفر وسائل الكسب بعمان، وقد قال الأصمعي : «الدنيا ثلاث عمان، والأبلّة، وسيراف»، وجاء في «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» للجغرافي المقدسي «من أراد التجارة فعليه بعدن، أو عمان، أو مصر». ويتحدث الجغرافيون العرب عن الإنتاج الزراعي لعمان فيقول الحميري : «وبلاد عمان مستقلة في ذاتها، عامرة بأهلها، وهي كثيرة النخل والفواكه والموز والرمان والتين والعنب»، وقد بلغ خراج أهل عمان على المقاطعة ثمانين ألف دينار، وجمع في العصر العباسي من الجباية مبلغ ثلاثمائة ألف دينار.(6)
وكان العمانيون منذ القدم معروفين عند الحضارات والأمم القديمة بأنهم ملاحون ماهرون، ولهم باع طويل في التجارة البحرية مع آسيا وأفريقيا، وبقي هذا الإرث الهام يتفاعل باطراد وفق ظروف الاستقرار ومناخ الحركة الاقتصادية العالمية، ولم تقتصر «علاقة العمانيين بالسفن في صناعتها وإدارتها، بل كانوا يمتلكونها أيضاً، فقد ذكر المسعودي في كلامه على بحر الزنج» وذكر جماعة من نواخذة هذا البحر من… العمانيين وهم أرباب المراكب، كما قال في كلامه عن الخليج: «وقد ذهب كثير من نواخذة هذا البحر وهم من أرباب المراكب من… العمانيين ممن يقطعون هذا البحر ويختلفون إلى عمائره في الأمم التي في جزائره وحوله». ووصف سفالة فقال : «وهي أقاصي بلاد الزنج وإليها تقصد مراكب العمانيين». وقد ذكرت المصادر أسماء بعض من امتلك المراكب من أهل عمان وممن ذكرتهم، اسمعيلويه الذي خرج في سنة 300هـ في مركبه من عمان إلى قنيلة، وإسحاق وكان قد قدم من الصين سنة 300هـ على ظهر مركب يملكه وحمولته، وكاوان الذي وصل عمان سنة 317هـ في مركبه قادماً من سرنديب، ومحمد بن بابشاد بن حرام. وهكذا فإن أهل عمان لم يقتصر نشاطهم على الملاحة، بل امتد إلى مختلف جوانب النشاط التجاري البحري، فكان بعضهم يدير السفن ويبحر فيها، وبعضهم يمتلك السفن ويستخدمها لنفسه أو لمن يؤجره، وبعضهم يقوم بالتجارة أيضاً، وهذا مكنهم من القيام بنقل سلع أفريقيا والهند والشرق الأقصى مباشرة دون الاعتماد على العناصر الأخرى.»(7).
فالجغرافيا جعلت عمان على مفترق الطرق ونقطة التقاء بين الشرق والغرب تجارياً، بحكم موانئها التجارية الهامة، فبالنسبة إلى الصين والشرق الأقصى، كانت عمان أحد المراكز التجارية التي توزع منها متاجر الصين، لذا تصف العديد من المصادر صحار خاصة بأنها «دهليز الصين» نظراً لما يمر بمينائها من المنتجات الصينية. وهناك على ما يبدو أكثر من طريق بحري إلى الشرق غير أن الأشهر من هذه الطرق طريقان اثنان سلكتهما السفن التجارية. الطريق الأول: تسلكه عادة السفن الكبيرة التي يمكن أن يطلق عليها عابرة المحيطات وهو من أطول وأشق الطرق البحرية الدولية إذ تستغرق الرحلة فيه من الخليج العربي إلى الصين قرابة عام ونصف، وقد أشار إلى هذا الطريق بشكل مفصل سليمان التاجر في معرض حديثه عن البحار الشرقية.»(8).
ويشير أحد الباحثين الصينيين الى أن العمانيين كانوا من أمهر الملاحين في التجارة وكانت صحار بوابة الصين «ولم تكن عمان مركزاً مهماً للسلع المتبادلة بين الشرق والغرب لشبه الجزيرة العربية فحسب، بل كانت همزة الوصل للمواصلات للسفن التي لا بد أن تمر بين الشرق والغرب.وعندما تحدث سليمان في سجل رحلته عن الممر المائي في منطقة الخليج فإنه يذكر أكثر من مرة مدينة مسقط. وفيما بعد جاء حسن العالم التاريخي العربي الذي أضاف معلومات جديدة إلى سجل رحلة سليمان إلى الصين حيث اعتبر عمان وميناء سيراف الذي يقع على رأس الخليج هما الميناءان المهمان على نفس المستوى في مجال القيام بالتجارة مع الصين.
ثم تبحر السفن من هذه المنطقة إلى الشرق بعد مرورها بكثير من الدول وبعد أن تمضي 36 أو 37 يوماً يمكنها الوصول إلى دولة موي (وهذه الدولة تسمى ووشيون في عهد أسرة سون الصينية) وان ما يطلق عليه اسم موي أو ووشيون كلاهما يعبر عن اللفظة المقابلة MAZUN وهي صحار الآن في عمان. (9)
وإذا كان العمانيون قد أصبحوا بحكم خبرتهم على هذا النحو من المقدرة والشهرة في ركوب البحر فلا غرابة إذا قال بعض الباحثين من أن الطريق البحري إلى الشرق الأقصى كاد أن يكون حكرا على رجال البحر العمانيين دون غيرهم, وان النشاطات التجارية أصبحت في أيديهم حتى عام 264هـ / 878مـ, وان ملاحي عمان وتجارها كانوا هم العناصر المؤثرة في ازدهار النشاط العربي الملاحي في المحيط الهندي. فمن صحار ومسقط والموانئ العمانية الأخرى برز عدد كبير من الملاحين العمانيين الأكفاء الذين أوردنا أسماء بعضهم والذين سيطروا على التجارة البحرية مع الشرق الأقصى وافريقيا الشرقية, وكانوا أكثر مهارة من السيرافيين بل وكانوا يتفوقون عليهم ويسيطرون على معظم الطرق التجارية البحرية لأنهم كانوا أمهر المسلمين عامة في فنون البحار في العصور الوسطى.(10).
وإذا جئنا إلى العلاقة بين عمان والهند والسند، يرى الكثير من الباحثين أن العمانيين وصلوا إلى الهند، وكانت لهم علاقات تجارية نشطة، كان العمانيون يستوردون العديد من المنتجات من الهند، ويشترون أيضاً الأخشاب التي يصنعون منها السفن في عمان وبعضها يتم صناعتها في الهند.
وكانت عمان تصدر إلى الهند العديد من المنتجات منها اللبان والصمغ والجلود والتوابل، وكان بعض هذه المنتجات في فترة من الفترات يستعمل في التحنيط والتبخير وصناعة العقاقير كما امتد نشاط العمانيين الى سرنديب وسيلان والعديد من المدن الآسيوية.وفي العصور المتأخرة كان يصدر إلى الهند من ظفار بسلطنة عمان اللبان والخيول والجلود.(11).
فالعمانيون منذ انفتاحهم على الحضارات والشعوب، فإنهم أدركوا أهمية موقع عمان ومركزها الدولي، وأهميتها التاريخية، لذلك انطلقوا في أنشطة التجارة البحرية على وجه الخصوص، «وقد ساعدت طبيعة السواحل العمانية، بجانب هذا الموقع، على قيام موانىء عمانية ملاحية نشطة أصبحت علاقات بارزة في شبكة الملاحة الدولية طيلة العصور القديمة والعصر الوسيط. فبالرغم من طبيعة تكوينات السلاسل الجبلية العمانية وتنوعها في مناطق الشمال عن مناطق الجنوب، إلا أنها سمحت بتكوين سهل ساحلي برزت عليه سلسلة من الموانىء النشطة على امتداد تلك السواحل. كما أن لكل ميناء من تلك الموانىء العمانية محيطه الحيوي وحيزه الجغرافي وظهيره القاري.
كما أن المحيط الهندي كان له منفذان لحمل تجارته وسلعه عبر العصور التاريخية، وهما : الذراع الأيمن ويتمثل ذلك في الخليج العربي، ثم المنفذ الأيسر وهو البحر الأحمر. وبسبب عوامل طبيعية وحضارية لم يتمكن البحر الأحمر من احتلال مركز الصدارة في حمل تجارة المحيط الهندي إلى مدنيات البحر المتوسط، واستمر الخليج العربي يقوم بالدور الهام والأساسي في تجارة المحيط الهندي، ولأسباب جغرافية وبشرية ظلت الحركة التجارية مرتبطة بالساحل العربي وهو الساحل الغربي، وكانت السواحل العمانية تشكل جانباً هاماً على تلك السواحل.(12).
وإذا اتجهنا إلى العلاقة التجارية بين عمان وجنوب الجزيرة العربية وشرقي إفريقيا فإن هذه العلاقة الوطيدة تشكل مرحلة هامة من مراحل تاريخ عمان الوسيط والحديث، فقد ارتبط العمانيون ما قبل الإسلام بشرق أفريقيا تجارياً، وقد توثقت هذه العلاقة باطراد «بحكم التبادل التجاري الذي ترتب عليه قيام مراكز ساحلية أسسها العمانيون لخدمة الأغراض التجارية، وعن هذه الفترة المبكرة في تاريخ العلاقات العمانية / الأفريقية يؤكد مؤلف الدليل الملاحي للبحر الارتيري PERIPLUS MARIS ERYTHRAEI، كثرة تردد السفن العربية القادمة من أقطار الخليج العربي ومن بينها عمان على الساحل الشرقي لأفريقيا، كما يتحدث عن اختلاط العرب وتزاوجهم من القبائل الإفريقية. وعلى مدى التاريخ الطويل نظر أبناء تلك المنطقة من شرق أفريقيا إلى عمان على أنها الدولة الأم بطبيعة الحال. ولقد ساعدت الظروف المناخية السائدة بالمحيط الهندي على نشاط الملاحة بين شرق أفريقيا وعمان كما سبق أن ذكرنا، فكثيراً ما دفعت الرياح الموسمية الشمالية في فترات هبوبها على منطقة الخليج في فصل الشتاء العمانية من سواحل عمان إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، كذلك كانت الرياح الموسمية الجنوبية الغربية تدفع نفس تلك السفن في طريق عودتها عبر مياه المحيط الهندي إلى عمان في فصل الصيف.
ولم يتوغل العمانيون كثيراً قبل ظهور الإسلام داخل أفريقيا فقد اكتفوا بالاستقرار على سواحلها الشرقية، وإقامة مراكز تجارية بها، وعملوا على مقايضة الأفارقة فكانوا يحملون إليهم منتجات الهند والصين في مقابل العاج والذهب».(13)
وبسبب التجارة العمانية النشطة مع شرق أفريقيا أصبح هناك اهتمام خاص من جانب العمانيين بشرق أفريقيا حيث استقر العديد من العمانيين في بعض المدن في شرق أفريقيا، لأسباب سياسية واقتصادية وجغرافية في عمان ويسجل مطلع القرن السابع أيضاً كما تذكر بعض المصادر هجرة عمانية إلى الساحل الشرقي لأفريقيا وتواصلها مع عمان، (14).
ولا شك أن هناك الكثير من الصلات والعلاقات التجارية والاجتماعية، أسهمت في توطيد هذه العلاقة التجارية الكبيرة، مما جعل البعض من الباحثين يربط بين الصلة التجارية وبين تأثير العمانيين الحضاري في شرق أفريقيا، لأن العملية التجارية كما يرون هي في حد ذاتها وسيلة احتكاك حضاري بالغير على الرغم من اختلاف الجنس والدين والمعتقد والمذهب, وهي أيضا عملية حضارية فيها الكثير من علائم التأثير والتأثر, وهو الأسلوب الذي مارسه البحار العماني والتاجر العماني في الدائرة الجغرافية التي تاجر معها أو أبحر إليها.. وبما أن التجارة هي في حد ذاتها معاملات حسابية محددة ومقننة, فهي في الوقت نفسه أسلوب ممتاز لإقامة صلات حضارية قائمة على أساس الأخلاق والمبادئ, وهو ما مارسه العمانيون أثناء عملياتهم التجارية والبحرية على طول تاريخهم الممتد, وقد أكسبهم هذا خبرة من جراء احتكاكهم بغيرهم.
وعلى الرغم من وجود هجرات عربية محدودة إلى مناطق شرقي إفريقيا والمناطق الإفريقية الداخلية المتاخمة للساحل في الفترة التي سبقت ظهور الإسلام إلا أن جذور الهجرات السكانية العمانية إلى تلك المنطقة كانت بعد ظهور الإسلام, بخاصة في فترة حكم الدولة الأموية وما انتابها من منازعات.. وقد تتابعت الهجرات السكانية العمانية في حقب تاريخية مختلفة.. وكان جل نشاطها الاقتصادي يرتكز على التجارة لأن العمانيين أحبوا البحر وركوبه, وأحبوا العمل بالتجارة.. وقد تركز هذا الجهد بشكل واضح في العصر الحديث.(15)
وهذه الخلفية التجارية للعمانيين والتراكم المعرفي في أنشطة التجارة والعوامل الأخرى التي ساهمت في هذه الخبرة الاقتصادية جعلت العمانيين محل ثقة وتقدير من المتعاملين مع هذه الشعوب حيث الأخلاق الإسلامية السمحة و زودت التاجر العماني بروح الصدق والتسامح ذات الصلة بالمعاملات الفردية والجماعية وتمكن العمانيون أن يثبتوا كيانهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ليس في منطقة الساحل الإفريقي فحسب وإنما في بعض المناطق الداخلية التي تتصل بالساحل عن طريق المعابر التجارية.. ولم يقتصر العمل التجاري العماني على مناطق شرقي إفريقيا بل تعداه إلى مناطق الهند والصين.. وأصبحت التجارة العمانية رائدة الطرق التجارية البحرية الموصلة إلى الهند. والى الساحل الشرقي الإفريقي, على الرغم مما كان يعترض ذلك من صعوبات».(16)
كما أن السلع المتبادلة بين عمان وشرق أفريقيا، وهي عنصر هام من عناصر الصلة التجارية الوطيدة، فإن بعض المصادر الجغرافية تذكر أن العمانيين كانوا يمارسون التجارة التبادلية بصورة كبيرة، إلا أن الذهب يعد أهم سلعة كانت السفن العمانية تصدرها من شرق أفريقيا إلى الخارج، باعتبارها أهم معدن هام يتم تسويقه لقيمته النفيسة بين دول العالم.
ثم تأتي السلع الأخرى ذات الأهمية التجارية وهي المواد العطرية وأهمها العنبر «في مقدمة البضائع المنقولة بين عمان وشرق أفريقيا، وذلك لما له من شهرة واسعة في الأسواق العربية. فالعنبر هو من أهم أنواع الطيب الذي يتوفر في بلاد الزنج، وشق طريقه إلى عمان وبقية أقطار الخليج العربي، وأصبحت مناطق وجوده في شرق أفريقيا، مثل مالندي ومقديشو وزنجبار، مقصد التجار. ويبدو أن أصحاب المراكب العمانيين كانوا يعرفون مناطق جمع العنبر والطرق الخاصة التي استخدمها سكان سواحل شرق أفريقيا في جمعه.
كما نجد في قائمة التبادل التجاري العماني مع شرق أفريقيا الجلود، لا سيما جلود النمور الزنجية ذات الجودة والنعومة الشديدة. أما أهم المراكز التي كانت تصدرها في شرق أفريقيا فهي مالندي ومومباسا حيث كان أهلها يحملون الجلود إلى الساحل ومن ثم يأتي أصحاب المراكب من عمان وغيرها من أجل شرائها. كما كانت جزيرة قنبلو التي ذكرها المسعودي من أهم المراكز التجارية التي حمل العمانيون منها جلود النمور.(17).
وفي أوائل القرن التاسع عشر كان الأسطول العماني والحربي أيضاً يعتبر ثاني أكبر أسطول ويأتي في المرتبة الثانية بعد الأسطول البريطاني كما تذكر بعض المصادر «وكان لهذا الأسطول الضخم قواعد رئيسية على الساحل الشرقي للخليج العربي في موانئ بندر عباس وحاسك وشامل وسياب ولنجة وجزر قشم، وهرمز، ولاراك، وكانت قواعده على الساحل العماني مطرح، وجزيرة مصيرة. أما على الساحل الأفريقي فكان لعمان قواعد بحرية في ممباسة، ولامو وكلوة، ومركة، ومقديشو، وزنجبار. وكان السيد سعيد بن سلطان البوسعيد الذي حكم أكثر من نصف قرن دولة واسعة في الخليج العربي والمحيط الهندي ينتقل بين ممتلكاته في عمان والساحل الأفريقي، وكان يقضي فترة طويلة على ظهر السفن يتفقد بلدان هذه الدولة الشاسعة الأطراف.
وقد ذكر أحد التجار الأمريكيين الذي زار زنجبار في بداية الثلاثينات من القرن التاسع عشر، أن السيد سعيد وصل البلاد على رأس قوة تتألف من سفينة مزودة بأربعة وستين مدفعاً، وثلاث فرقاطات مزودة لكل منها بستة وثلاثين مدفعاً، وسفينتين مزودة كل منهما بأربعة عشر مدفعا، وحوالي مائة مركب نقل عليها ستة آلاف مقاتل. ورغم بعد الممتلكات العمانية في أفريقيا عن عمان بأكثر من ألفي ميل إلا أن الأسطول العماني كان من القوة بحيث استطاع أن يحرس هذه الممتلكات الشاسعة الممتدة بين بندر عباس وزنجبار، كما استطاع أن يحرس عشرات الموانئ الواقعة على السواحل العربية والأفريقية وعشرات الجزر المتناثرة في الخليج العربي والمحيط الهندي».(18)
العمانيون وصناعة السفن
عندما فكر العمانيين في التجارة البحرية، وبروز موقع عمان الاستراتيجي على الخطوط العالمية للتجارة، اتجهت أذهانهم إلى صناعة السفن، والاعتماد على أنفسهم في بناء هذه الوسائل الهامة في النشاط الاقتصادي، بدلاً من استجلابها من الخارج، فكان هذا التحدي الهام في حياتهم العملية، «ولكون عمان مركزاً للملاحة والتجارة البحرية، كان يستلزم أن تقوم فيها صناعة السفن. وكان العمانيون يتبعون في صنع سفنهم التقاليد السائدة في صناعتها في المحيط الهندي والتي تتميز عن صناعتها في البحر المتوسط من حيث أن سفنها كانت تخرز بالألياف وتشد ولا تسمر بمسامير الحديد.
وكان بعض العمانيين يذهبون إلى الهند ليصنعوا سفنهم فيها نظراً لتوفر الأخشاب هناك، غير أنهم كانوا في نفس الوقت يجلبون من تلك المناطق الأخشاب ويصنعون البعض الآخر من السفن في عمان نفسها، وفي كلتا الحالتين كان العمانيون هم الذين يصنعون السفن. وهذا واضح من كلام أبي زيد الذي يذكر أن من يقصد الجزر التي تنتج جوز الهند «ومعهم آلات النجارة وغيرها فيقطعون من خشب النارجيل ما أرادوا، فإذا جف قطعوا ألواحاُ ويفتلون من ليف النارجيل ما يخرزون به ذلك الخشب ويستعملون منه مركباً وينحتون منه أدق لآلئ وينسجون من حوضه شراعاً ومن ليفه حزابات وهي القلوى.. فإذا فرغوا منه جميعاً شحنت المراكب بالنارجيل فقصد بها عمان فبيع».(19)
وتذكر بعض المصادر أن السفن التي كانت تبحر إلى شرق أفريقيا ويديرها ملاحون عمانيون كانت صناعة عمانية خالصة، «وكان العمانيون يتبعون في صنع سفنهم التي تذهب إلى شرق أفريقيا التقاليد السائدة في صناعة السفن التي تمخر المحيط الهندي من حيث كونها تخاط بالألياف المصنوعة من ليف جوز الهند ولا تدخل في إنشائها مسامير الحديد والسبب في ذلك يعود إلى كثرة الصخور في مياه المحيط الهندي فإذا كانت السفينة مسمرة بالحديد واصطدمت بالصخور فإنها تنكسر وإذا كانت مخيطة تكون لينة لا تنكسر ويعزو المسعودي سبب الخياطة بالألياف إلى أن الحديد لا يثبت في المركب لأن مياه المحيط تذيبه ولذلك عمد العمانيون إلى خياطة ألواح السفن بالليف ثم يطلونها بالشحوم والنورة.
وهكذا شمل النشاط التجاري البحري العماني مع شرق أفريقيا مختلف الجوانب من امتلاك السفن وصناعتها وإدارتها، ولابد أن نشير بشكل موجز إلى طبيعة عمل الأفراد الذين عملوا في السفن العمانية المبحرة إلى شرق أفريقيا، فقد كان بعضهم يمتلك السفن ويديرها، والبعض يديرها فقط، فقد يؤجر ملاح لقيادة السفينة لرحلة واحدة أو أكثر بأجر متعارف ومتفق عليه يختلف باختلاف طول الرحلة التجارية، ويعمل مع الملاح مجموعة من العاملين ويقسمون عادة إلى اثنتي عشرة مرتبة كل لها عملها الخاص.(20)
ويعتقد أن المراكب العمانية أدخلت عليها تعديلات عديدة مع مرور السنين بهدف السعة الاستيعابية ومواجهة الرياح والأمواج العاتية، وبدأت السفن الجديدة الكبيرة تحل محل السفن التقليدية والقديمة وهكذا.
وكان خشب الساج والنارجيل يستوردا من الهند والمالديف والكالديف وهي المناطق التي يحتمل أن انتقلت منها زراعة النارجيل إلى ظفار خلال العصور الوسطى. وقد شهدت هذه الجزر نشاطاً ملحوظاً في بناء السفن ويقول أبو زيد الحسن السيرافي الذي عاش في القرن الرابع هـ/العاشر م بأن جماعات من عمان كانوا يفدون إلى تلك الجزر التي تزرع جوز الهند ومعهم أدواتهم وعدتهم ويقوموا بقطع ما يشاؤون من تلك الأشجار ثم يتركونه ليجف، وينزعون عنه الأوراق ويفتلون من لحاء أشجاره حبالاً يصنعون منها المراكب.وكان شجر جوز الهند متعدد الفوائد بالنسبة لأهل عمان فمنه أيضاً يصنعون أشرعة السفن.
تتحدث بعض المصادر عن شكل نوع من المراكب كانت مستعملة في عمان وذلك مما ذكره الادريسي عن أسطول قيس من أن ملك جزيرة قيس كان مرهوب الجانب وكان أهل الهند يخشونه ولا يستطيعون مقاومته إلا بنوع من المراكب تسمى «المشيات»، تستطيع رغم أنها من قطعة واحدة أن تحمل مائتي رجل كما يقول أن أحد الرحالة المعاصرين قد ذكر أن لملك قيس خمسين من هذه المراكب، وهي مصنوعة من كتلة خشبية واحدة تبدو وكأنها قارب ضخم جداً من قوارب «الهورى» الذي لا يزال يستخدم في عمان حتى اليوم.(21)
(بقية الدراسة في موقع المجلة الالكتروني)

ويصف أبو سعيد البلخي في القرن التاسع الميلادي(القرن الثالث للهجرة) الطرق التقليدية لبناة السفن العمانيين كما يلي: «كان هناك قوم في عمان وصلوا إلى الجزر التي تنتج جوز الهند وقد حملوا معهم أدوات النجارة وما شابهها، وبعد أن قطعوا من الأخشاب ما يشاؤون، تركوها لتجف ثم أزالوا الأوراق كما غزلوا خيوطاً من لحاء الشجر ثم خاطوا الألواح ببعضها وقاموا ببناء الدفة، وباستخدام نفس الخشب، قاموا ببناء الصواري، كما حاكوا من الأوراق أشرعتهم وحولوا الليف إلى حبال للسفينة، وبعد أن انتهوا من بناء مركبهم، حملوه بجوز الهند وجلبوه ليباع في عمان».(21)
وتعتبر صناعة السفن حرفة متوارثة في العديد من المدن العمانية منذ القدم ومن هذه المدن صور التي تعد صناعة السفن فيها قديمة نظراً للنشاط البحري العماني في هذه المدينة وبقية المدن العمانية وموانئها الهامة، وتذكر بعض المصادر أن في صور نوع تشتهر بصناعته وهو البغلة والشكل الأصغر منه هو الغنجة وكليهما سطح مرتفع ونوافذ في مؤخرة السفينة على نمط السفن البرتغالية الحربية القديمة المسماة غليون.واليوم تسير المراكب بمحركات أما في فترة الستينات فلم تكن تتحرك إلا بالأشرعة.وتنتهي عملية بناء السفن بعد بناء الهيكل وسدّ شقوق السفينة. لقد سبق للبحارة الذين ركبوا البحار أن عملوا الأشرعة وجهزوا السفن وأقلعوا بها من أرض المرفأ. وقد قام «آلن فيليرز» Alan Villiers، المؤرخ البحري، بعدد من الرحلات البحرية على مركب عربي في الثلاثينات وهو يصف في كتابه «أبناء السندباد» آخر أكبر سفينة من نوع البغلة تم بناؤها في عمان.كانت السفينة تسمى أمل الرحمة وكانت تزن مايقرب من 200 طن و سعتها 3000كيس من التمر ولكنها صغيرة نسبياً إذا ما قورنت بالسفن التي بنيت قبلها والتي تصل من حيث الوزن إلى 500 و 600 طن وتحمل 400 رجل أو أكثر. (22)
وهناك الكثير من المواقف والمعلومات للتاريخ البحري العماني لا يتسع المقام لسردها.و في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم أعيد الاعتبار لهذا التاريخ المجيد للبحرية العمانية، وقامت حكومة جلالته بتخليد هذا التاريخ البحري المجيد لعمان.وانطلاقاً من هذا المجد البحري العريق تسعى سلطنة عمان في جهد دؤوب وعمل متصل لإحياء تراث الأجداد البحري بأسلوب حضاري حيث قام البحارة العمانيون بقيادة سفينتهم الشراعية (شباب عمان ) إلى موانىء العالم مستلهمين في ذلك التقاليد البحرية العمانية الرائدة التي يعود تاريخها إلى ما قبل أربعة آلاف عام.
وفي 22 مارس عام 1986م وبأمر من جلالة السلطان قابوس المعظم أبحرت القطعة البحرية السلطانية «شباب عمان» في أول رحلة لها إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في احتفالاتها بالعيد المئوي لتمثال الحرية في نيويورك في 4 يوليو من العام نفسه, وذلك بناء على دعوة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. ولتكون السفينة «شباب عمان» السفينة العربية الوحيدة التي شاركت في تلك الاحتفالات. وقد استغرقت رحلة الذهاب والعودة من مسقط إلى نيويورك في سبعة شهور ونصف من الإبحار وعلى متنها 131شاباً عمانياً.
ورغبة من جلالة السلطان قابوس المعظم في إحياء الأمجاد البحرية العمانية، كان التفكير في تسيير رحلة بحرية مشابهة للرحلات التي كان يقوم بها العمانيون في القرون الماضية عبر تاريخهم البحري الطويل، وتم اختيار مدينة كانتون الصينية التي ربطتها بعمان روابط تجارية وثقافية لتكون المحطة التي تقصدها السفينة «صحار» لتكتب من جديد فصول هذه الملحمة التاريخية العمانية بمداد الإصرار والتحدي وحب المغامرة.
كما تبنت السلطنة الدعوة العالمية التي أطلقتها منظمة التربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» لدراسة طريق الحرير والتجارة القديمة التي كانت تتبادلها القوافل التجارية البرية والبحرية بين شعوب العالم. نظرا للأهمية الحضارية للمشروع ولموقع عمان الجغرافي والدور الذي لعبته في مسيرة التواصل الإنساني بين الشرق والغرب، فقد كان لها دور ريادي في الرحلة البحرية لطريق الحرير يتمثل في الالتفاتة الكريمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله – بتخصيص اليخت السلطاني فلك السلامة مع كل طاقمه لتستخدمه اليونسكو لهذه الرحلة, وذلك تقديرا من جلالته للمردود العلمي للدراسة ونتائجها الايجابية والاستفادة من معطياتها لزيادة الترابط بين شعوب العالم. وشملت دراسة طريق الحرير رحلات برية وبحرية، فاحدى الرحلتين البريتين بدأت من (اسطنبول) وانتهت في مدينة (اكسيان) بالصين، والرحلة البحرية فقد بدأت من البندقية يوم 23/11/1990 م مروراً بـ 21 ميناء منها مسقط وصلالة، وانتهاء بأوساكا باليابان، حيث المحطة الأخيرة.
ثانيا النشاط التجاري البري
تعتبر الطرق البرية ولا تزال إحدى الوسائل الهامة للعمانيين ولغيرهم في كل العصور سواءً للرحلات أو التنقل بغرض النشاط التجاري الخ أو غيره من حاجات الإنسان ومتطلباته.
ولذلك اهتم العمانيون بسلامة هذه الطرق وخلوها من المعوقات والمخاطر لسلامة أي نشاط تجاري في عمان خاصة النشاط التجاري الداخلي بين المدن العمانية ودول الجوار نظراً لاتساعها وبعد بعضها البعض، فسهولة المواصلات حيث تكون القوافل البرية أكثر قدرة على توزيع السلع على أكبر قدر من المراكز الحضرية، وتصبح شبكة الخطوط البرية الداخلية الوسيلة الوحيدة للإتصال والنقل بين المدن والقرى الداخلية البعيدة عن السواحل والشطوط.
ومن أهم الطرق الرئيسية البرية في عمان :
1ـ الطريق الشمالي: وهو الطريق الذي يربط المناطق الشمالية في عمان (مسندم وتوام والسر)، ولهذا الطريق العديد من المسارات :
أ المسار الأول : يتبع وادي الجزي ويربط منطقة توام بصحار وسهل الباطنة ويسير هذا الطريق بمحاذاة سلسلة جبال الحجر الغربي.
ب المسار الثاني : يتبع وادي حام ويربط المناطق الشمالية بمناطق دبا وخور فكان وعموم سهل الباطنة في الشرق.
ج المسار الثالث : يتبع وادي حتى وهو من أهم الطرق البرية العمانية في فترة الدراسة فقد سارت عليه أغلب الحملات العسكرية البرية القادمة من خارج الإقليم. ويصل بين السهول الشمالية ومنطقة توام وبين سهل الباطنة الرئيسية خاصة منطقة صحار.
و المسار الرابع: يخترق منطقة توام إلى منطقة السر ومنها إلى منطقة الجوف بمحاذاة سلسلة جبال الحجر الغربي.
2 الطريق الجنوبي : وهو الطريق الذي يربط المناطق الجنوبية الشرقية من عمان بمنطقة الجوف وبقية عمان وله أيضاً عدة مسارات :
أ المسار الأول : يتبع السهل الساحل الشرقي المطل على بحر العرب من مناطق رضاع ورأس الجمحة في الشرق ماراً بقريات حتى يصل وادي حطاط منه إلى مسقط أو جوارها ومن ثم إلى بقية منطقة الباطنة. وقد وصف الإدريسي جزءا من هذا الطريق، كما سلك ابن بطوطة هذا المسار في زيارته الشهيرة لعمان على ما يبدو، ووصف جزءاً منه.
ب المسار الثاني : ويسلك الطريق الداخلي عبر منطقة جعلان ومنها إلى إبرا وسناو ثم إلى منطقة الجوف، وهو الطريق الذي سار عليه ابن بطوطة على ما يبدو في طريقه من قلهات إلى نزوى، في رحلته التي استغرقت سبعة أيام.
3 طريق الباطنة : هذا الطريق من أهم الطرق الداخلية في عمان، وهو يربط مناطق إقليم الباطنة الحيوي ببقية المناطق، ويبدأ هذا الطريق من مسقط ثم يسير بمحاذاة الساحل حتى يبلغ النهايات الشمالية لسهل الباطنة، وقد ذكر الإدريسي جزءا من هذا الطريق، عندما ذكر الطريق من مسقط إلى صحار، وحدد المسافة بين المدينتين بأربعمائة وخمسين ميلاً.
4 طريق الجوف : يخترق هذا الطريق وادي سمائل الشهير الذي يشكل حلقة الاتصال الرئيسية للمناطق الداخلية في عمان، كما يربط هذه المنطقة بكل من المناطق الشرقية ( جعلان وجوارها )والمناطق الشمالية.(23)

1- الطرق القديمة
في العصور القديمة كانت هناك العديد من الطرق القديمة المعروفة عند الجغرافيين والرحالة والباحثين، وذكروها في كتبهم ودراساتهم وأبحاثهم العديدة عندما زاروا عمان في فترات مختلفة أو سمعوا عنها من آخرين.
وكان سوق صحار المدينة العمانية المشهورة قبل الإسلام حيث تأتيها القوافل الكثيرة للتجارة و المعارف والأدب وغيرها بالإضافة إلى نشاطها التجاري البحري وقد ذكر الإدريسي بعض الطرق التي تعبر عليها القوافل العربية وغيرها إلى صحار، تلك المدينة التي قال عنها بأنها على ضفة الخليج وأنها من أقدم مدن عمان، وأكثرها أموالاً وبها الكثير من الخيرات سيما المنتوجات الزراعية وتكلم عن الفترة التي عاش فيها.(24)
كانت هناك طرق تجارية برية إلى جانب الطرق التجارية البحرية إلى مدينة النحاس (صحار) التي اشتهرت في العصور القديمة بصهر هذا المعدن الهام التي تستورده بعض الحضارات القديمة مثل بلاد ما بين النهرين وغيرها من الحضارات الأخرى.
وتقول بعض المصادر أن الاتصالات الخارجية مع الحضارات والشعوب القديمة، كانت قائمة بين عمان والمراكز الحضارية الأخرى وغالبية هذه الطرق كانت مسلطة نحو صحار أولاً ومن ثم تتجه نحو الخليج العربي وبلاد ما بين النهرين ومن ثم إلى بلاد الشام في موقع صحار في منطقة وسطية من الساحل العماني من منطقة الباطنة وكيف تصب الطرق الممتدة من الجبال نحو المدينة وغالبية المواقع في حقيقة الأمر شهدت بداية للتحضر أو المدنية. وهناك مؤشرات واضحة على أن غالبية هذه المواقع إما أنها كانت موانئ تجارية رئيسية موجودة على الساحل وإما انها كانت مدناً ومواقع زراعية مهمة لكن المهم في هذه الفترة, أو من مقومات هذه الفترة كانت مادة النحاس، وهكذا عرفت عمان أكثر ما عرفت في المصادر المكتوبة التي وردتنا من بلاد ما بين النهرين.»(25)
كانت حركة التنقل البرية بين مدن عمان مع بعضها البعض والمدن العربية المشهورة كالبصرة وصنعاء والحجاز والبحرين نشطة تجارياً، وكانت مدن صحار وظفار وصور وقلهات ومسقط بعد ذلك تعد من المدن العمانية التجارية التي اشتهرت بالتجارة والتبادل التجاري في حقب متعددة، وكانت لها طرق تجارية برية معروفة تنقل من وإليها البضائع والسلع من الدول التي تربطها طرق برية آمنة سواءً على السواحل أو الجبال أو الصحراء.
ومن الطرق البرية العمانية التي اشتهرت بنقل اللبان والبخور من ظفار إلى الحضارات الأخرى، تلك الشبكة من الطرق التي تمتد عبر الصحراء وترتبط بالعديد من الأقاليم في شبه الجزيرة العربية «كما تربط بين شبه الجزيرة العربية وبين منطقة غرب آسيا والهلال الخصيب بل انها تمتد إلى منطقة الشمال الإفريقي عبر سيناء أو صحراء مصر الشرقية وبذلك نسجت ظفار أول شبكة للتجارة البرية عرفها العالم القديم,وتأتي أهمية ظفار في تلك الشبكة البرية إلى إنتاجها لسلعة اللبان الاستراتيجية لسكان ومدنيات العالم القديم, حيث تغطي أشجار اللبان مساحة كبيرة من أرض ظفار. وكانت تلك الطرق البرية تستخدم البغال والحمير والخيل والجمال منذ العصور القديمة.كما ارتبطت ظفار بأسواق العرب القديمة مثل سوق الشحر المجاور لها وحضرموت وغيرها من الأسواق في شبه الجزيرة العربية مثل سوق صحار قبل الإسلام. (26)
كان اللبان العماني الذي تشتهر به محافظة ظفار منذ القديم له منافذ كثيرة للتصدير منها ما يتم تصديره عبر ميناء سمهرم البحري، وتذكر الباحثة «سنت دتشس «في كتابها [حيث وقف الزمن] أن التجارة «كانت تعتمد أساساً على الطرق البحرية حتى زمن زيارة سليمان بن داوود إلى جنوب شبه الجزيرة العربية، حيث بعد الزيارة استطاعت بلقيس ملكة سبأ السفر عبر الصحراء متجهة شمالاً مستخدمة طريقاً للقوافل التي سارت عليها الجمال لأول مرة في تاريخ جنوب شبه الجزيرة العربية. واستخدام الجمل في طريق القوافل البرية لم يكن مألوفاً قبل رحلة بلقيس، التي بها أكدت للجميع أن السفر بالجمال من شأنه أن يختصر المسافة. وذلك لأن القافلة أخذت تتخذ لنفسها مسارات في خطوط مستقيمة مختصرة المسافة والزمن، والفضل في هذا يرجع إلى أن الجمل بطبعه يستطيع السفر في الصحراء متحملاً العطش دون أن يلوي في طريقه إلى موارد الماء لأيام، ولذا فإن القافلة لا تتقيد بالسير من بئر ماء لآخر كما كان الحال قبل استخدام الجمال.
أخذت القوافل تمضي من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى شمالها على الجانب الداخلي من الأنجاد الساحلية في غرب شبه الجزيرة العربية، وكان هذا الطريق مناسباً لتزويد القوافل بالمؤن، وملائماً من حيث المناخ، ومن هنا نرى أن لبان ظفار كان ينقل عن طريق المحيط الهندي إلى الهند وشرقي آسيا وإلى شرق أفريقيا، وعن طريق البحر الأحمر إلى مصر وعن طريق القوافل إلى غزة والشام. (27)
وتؤكد المصادر الكثيرة أن هذه السلعة الثمينة في العصور القديمة والوسيطة لها طرق برية عديدة، لكنها شاقة عندما كانت الحمير والبغال هي الوسيلة الوحيدة، لكن بعد ما تم استخدام الجمل كما يقول عبد القادر بن سالم الغساني بعد القرن الحادي عشر قبل الميلاد «أخذ طريق اللبان يعتمد عليه في تجارة البخور, ويعتبر استخدام الجمل في نقل البخور بمثابة ثورة في مجال النقل والتجارة في ذلك الوقت».
وسارت تجارة اللبان عبر الصحراء لفترة 1500سنة, وكان هذا الاستمرار نتيجة لأن البديل لهذا الطريق هو السفر عبر البحر الاحمر الذي كانت تنمو فيه الحواجز المرجانية, حيث شكلت خطورة على المراكب, بالإضافة إلى التيارات الجارفة التي تجري فيه, وفوق كل هذه وتلك هنالك سفن القراصنة التي تجوبه من شاطىء لآخر,واضعين أيديهم «القراصنة» على بضائع القوارب التي تبحر فيه.كان طريق القوافل المار بعدن وحضرموت وجدة ثم الشام عن طريق شمال شبه الجزيرة العربية,ومن انطاكيا, كان منحنى إلى دول أوروبا رابطاً إياها بجنوب شبه الجزيرة العربية، وبالتالي موصلاً للبان إلى الغرب.»(28)
وفي العصور الوسيطة والحديثة اهتم العمانيون بالطرق البرية الآمنة من مخاطر البحر وفي فترات الكساد وسوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية، باعتبارها أقل تكلفة وميسورة خاصة التجارة البيئية بين عمان وبعض المراكز الحضارية العربية «حيث تكون القوافل البرية أكثر قدرة على توزيع السلع على أكبر قدر من المراكز الحضرية، وتصبح شبكة الخطوط البرية الداخلية الوسيلة الوحيدة للاتصال والنقل بين المدن والقرى الداخلية البعيدة عن السواحل والشطوط».(29)
وبعض القوافل العمانية القديمة المحملة باللبان من ظفار إلى البلدان الاخرى من خلال بعض الطرق البرية من صحراء الربع الخالي إلى حضرموت، ثم تمر بمعين، ثم تسير شمالا إلى نجران ومنها إلى خميس مشيط، ثم غربا إلى أبها او قد تتجه شرقا بيسام الحجاز والى مكة المكرمة أو ينبع أو المدينة المنورة، ومنها إلى البتراء وتدمر، أو إلى مدائن صالح(الحجر)، وددان(العلا حاليا). ومن البتراء قد تتفرع عن طريق فينيقيا شمالا أو فلسطين وميناء غزة. أو قد تتجه إلى ايلات ثم إلى مصر. وقد تستغرق هذه الرحلات من تمنع (بيحان) إلى غزة 65 يوما بالجمال.(30)
كانت الطرق البرية متعددة المسارات وأغلبها كانت تقع على مسارات الأودية والسواحل والصحارى والجبال، في جنوب عمان ومن هذه الطرق الرئيسية الهامة في عمان وهناك العديد من الطرق الفرعية الداخلية تستخدم على نطاق محدود داخلياً، لكنها تلعب دوراً هاماً في ربط مناطق عمان بعضها ببعض، ومع بقية المناطق المجاورة تجارياً واجتماعياً على الرغم من وعورة بعضها وصعوبة مساراتها للإنسان العماني، لكن هذا هو التحدي الجغرافي الذي قبله العمانيون، وعملوا على جعله سهلاً وميسوراً.

ثالثا الانفتاح على الآخر
انفتح العمانيون عبر تاريخهم الحضاري الإنساني على الآخر، واعتبروا أن قيم الحوار في الحوار والتفاهم مع الآخر ضرورة إنسانية يجب انتهاجها واعتبارها صيغة حضارية للتفاعل والتعاون والتواصل مع الحضارات والأمم الأخرى، بهدف إيجاد الطرق والوسائل لبناء حضاري وتبادل تجاري قائم على المشتركات الإنسانية والرغبة الصادقة في إثراء الخبرات المتبادلة من العبر والاستفادة منها، وفي إقامة علاقة متكافئة ندية.
ومن هذه المنطلقات اهتم العمانيون بمسألة الانفتاح على الآخر والتفاهم والتعاون معه، مع الاحتفاظ بالخصوصيات والهويات الذاتية والاعتزاز بها، مما أسهم في توفير مناخ ملائم للتبادل النافع في مجال الاقتصاد والثقافة والمعارف الإنسانية الأخرى.
عندما يرجع المرء إلى التراث الكبير لعمان والعمانيين يجد أن أغلب الباحثين والرحالة والمستشرقين من الغرب والأجانب الذي كتبوا عن عمان والعمانيين تطرقوا إلى هذه المسألة، وناقشوا قضية الانفتاح على الآخر عندهم، وكيف أنهم تفاعلوا وتواصلوا مع شعوب وأمم كبيرة في الجانب الاقتصادي والمعرفي والإنساني بصورة تبعث على الاهتمام والمراجعة في مضامين هذا الانفتاح والتوصل مع الآخر، وإقامة علاقة معه.
قد يقول البعض أن قدر عمان أن تكون جغرافيتها وموقعها الهام على طرق التجارة العالمية والموقع الاستراتيجي في العصر الحديث السبب في هذا الانفتاح والتواصل مع الآخر، لكن هذا القول ليس دقيقاً بالمرة إذا ما جئنا إلى أولويات هذا الانفتاح ودوره في هذه العلاقة بما تتضمنه من أساليب وقيم حضارية وتواصل، لأن التواصل، والانفتاح قد لا تستسيغه الكثير من الشعوب لاعتبارات كثيرة، ومع ذلك فإن العمانيين سعوا إلى الآخر في بلاده، وفي أقاصي الدنيا وتبادلوا معه المعارف والتجارة وعرضوا عليه قيمهم وثقافتهم ودينهم، وكان هذا الانفتاح والحوار سبباً في انتشار الدين الإسلامي في العديد من دول العالم، لا سيما في آسيا وأفريقيا.
وفي العصور القديمة تذكر العديد من المصادر أن مدينة صحار كانت مدينة مفتوحة تجارياً بالمعنى الحديث للكلمة على شعوب وأديان كثيرة كانت تعمل وتتاجر في صحار في شتى المجالات والتبادلات التجارية على وجه الخصوص، «وأصبحت صحار أشبه ببورصة عالمية للاستثمار فقد هاجرت إليها رؤوس الأموال من موانئ الخليج الأخرى لظروف أمنية وسياسية واستقرت بصحار، واستقر بها التجار من كل مكان بحيث أصبحت المركز التجاري الهام في العالم الإسلامي في القرن الرابع الهجري، حتى اعتقد البعض بوجود دار لسك العملة في صحار لتوفر السيولة النقدية بها. وقد وردت بالمصادر روايات تدل على ذلك ومن تلك الروايات ما روي من أن تاجراً من أهل صحار ورد من الصين في مركب لنفسه وجميع ما فيه له، وأن قيمة العشور المستحقة على سلع المركب بلغت ألف ألف درهم ونيف».(31)
ولم يتوقف العمانيون عند هذا الحد، بل أن صحار المدينة الشهيرة عالمياً في فترة ما قبل الإسلام وبعده، كانت محط أنظار التجار والمستثمرين من شعوب وحضارات كثيرة عندما بلغت عنها السمعة بالنسبة للنشاط التجاري، وتلك المكانة الكبيرة «لصحار في حركة المال والنقد العالمي في تلك الفترة تعود إلى إمكانيات المنطقة بالإضافة إلى نشاط تجارها الذين ضرب بهم المثل في الوصول إلى أماكن بعيدة نائية والتعامل مع مختلف الأجناس والمستويات، وقد اكتسبوا بنشاطاتهم ثقة الحكام والشعوب كما روي في حكايات التاجر محمد العماني ويزيد العماني.
وتبوأت صحار بذلك مكانتها العالمية في حركة التجارة والملاحة العالمية الدولية. واستقر بها تجار من أجناس مختلفة ومناطق متباينة، فتنوعت بها السلع وظهرت الأسواق المتخصصة بالمدينة، واتسع ميناء صحار ليمتد على طول أربعة أميال على الساحل. واتسعت مساحة المدينة لتصبح أضعاف مساحة صحار الحالية. وأصبح بها مركز التجارة العالمية فمنها يتجهز التجار المتجهون إلى أية منطقة، فصارت دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن».(32)
ومن المدن العالمية التي كان لها اتصال وتفاعل مع الحضارات القديمة مدينة ظفار أو أوفير عند بعض الحضارات حيث كانت تصدر اللبان تلك السلعة العمانية الرائجة في العصور القديمة وما بعدها، ويذكر الرحالة الإيطالي ماركو بولو أن ظفار «كانت مكاناً هاما لتصدير سلعة من أهم السلع العمانية في العصور الوسطى هي الخيل. وقد كان للتجارة بالخيول العمانية والفارسية شرقا دور عظيم في خلق وحدة الجماعة التجارية في المحيط الهندي. وواضح أيضا أن قيام ظفار أدى إلى تجديد تجارة اللبان القديمة العهد. وكان لهذا المنتوج شأن عظيم عند الصينيين الذي بدأت معرفتهم ببلاد العرب تتزايد. وقد كانت مرباط بين أوائل المرافئ العربية التي تمر بها المراكب القادمة رأسا من الصين والهند وهي لذلك من أكثرها ذكرا وأوسعها وصفا في كتاب «شو – فان- شى أو» وصف الشعوب العربية وهو كتاب عن التجارة الصينية العربية في القرنين الثاني والثالث عشر للميلاد كتبه شاو جو – كوا. مفتش التجارة الأجنبية في فوركيان حوالي 650هـ/ 1252م. وكان الصينيون على معرفة ببلاد العرب تكاد تكون كاملة وهو ما يمكن الاستدلال عليه من هذا الخليط الساحر من وصف دقيق إلى إقحام خيالي للفيلة في الوصف لإنتاج اللبان الظفاري.»(32).
ويشير الباحث الصيني تشانغ زون يان إلى الاتصالات والتواصل الحضاري بين عمان والصين في العصور القديمة والوسيطة بأنها قائمة ونشطة في الجوانب التجارية والمعرفية، وتبادل السلع والخبرات «وحسب السجل العماني ففي القرن الثامن الميلادي قام رجل عماني يدعى أبوعبيدة عبد الله بن القاسم بأول رحلة بحرية إلى قوانتشوا في الصين وربما أن هذه الرحلة إلى الصين هي أقدم وأبكر سجل موجود من جانب العرب. وهذه الرحلة تكاد تسبق سجل رحلة سليمان إلى الصين بقرن واحد وسجل رحلة سليمان تم تأليفه في منتصف القرن التاسع الميلادي. ويعتقد أن هذا الرجل من مدينة صحار.
كما أن العالم الجغرافي الصيني المشهور في عهد أسرة تانغ قد ألف كتاباً بعنوان «الطرق البحرية من قواننتشو إلى الدول الأجنبية» بعد أن جمع المعلومات المتوفرة من العرب الذي جاؤوا إلى الصين. وسجل بالتفصيل الطرق البحرية من قوانتشو إلى الدول العربية المختلفة.
ثم تبحر السفن من هذه المنطقة إلى الشرق بعد مرورها بكثير من الدول وبعد أن تمضي 36 أو 37 يوماً يمكنها الوصول إلى دولة موي (وهذه الدولة تسمى ووشيون في عهد أسرة سون الصينية) وأن ما يطلق عليه اسم موى أو ووشيون كلاهما يعبر عن اللفظة المقابلة MAZUNوهي صحار الآن في عمان.
ولم تكن عمان في ذلك الوقت مركزاً مهماً للسلع المتبادلة بين الشرق والغرب لشبه الجزيرة العربية فحسب، بل كانت همزة الوصل للمواصلات للسفن التي لا بد أن تمر بها بين الشرق والغرب. وعندما يتحدث سليمان في سجل رحلته عن الممر المائي في منطقة الخليج فإنه يذكر أكثر من مرة مدينة مسقط. وفيما بعد جاء حسن العالم التاريخي العربي الذي أضاف معلومات جديدة إلى سجل رحلة سليمان إلى الصين اعتبر عمان وميناء سيراف الذي يقع على رأس الخليج هما الميناءان المهمان على نفس المستوى في مجال القيام بالتجارة مع الصين.(34)
كما ازدهرت المدن الصينية الجنوبية من تجارة اللبان العماني في ظفار، وكان ميناءا مرباط وسمهرم نشطين بهذه التجارة الرائجة في الصين، كما أن هناك اتصالات ودية «عمانية صينية» كانت قد نشأت وتطورت إلى علاقات اقتصادية بفضل تجارة البخور الرائجة آنذاك، وكانت صلة الصين بظفار معروفة حتى على الصعيد الشعبي، لدرجة أن الناس إلى عهد قريب كانت تلقب صلالة ( بصلالة الصين )، وهذا دليل على عمق ومتانة العلاقات بين الشعبين العماني والصيني والتي هي بطبيعة الحال انعكاس منطقي للعلاقات الرسمية بين الدولتين ولكن ما نحن يصدده كيف نشأت هذه العلاقة إلى هذه الدرجة من المتانة ولم يأت على ذكرها أحد من المؤرخين العرب أو الأجانب، سيما وأن ازدهار هذه العلاقة كان في القرن الخامس عشر الميلادي». (35)
ويرى الباحث د/ محمد قرقش أن التجار العمانيين من ظفار كانت لهم علاقة تجارية كبيرة مع منطقة المحيط الهندي، وأسهموا في نشر الإسلام في هذه المنطقة إلى جانب نشر الثقافة العربية والفنون والآداب، والتواصل الحضاري مع هذه الشعوب والمدنيات في سواحل المحيط الهندي. (36)
ومن المدن العمانية التي اشتهرت بالانفتاح على الآخر والتواصل مع الحضارات والشعوب الأخرى مدينة صور، وكان ميناء صور أحد الموانئ العمانية التي برزت في عصور ما قبل الإسلام وبعده، وشكلّت «منطقة صور بما فيها رأس الحد حلقة الاتصال الحضارية بين مناطق العالم القديم والوسيط، حيث تكالبت قوى العالم القديم على سلع ومنتجات المحيط الهندي، كما تنوعت حضارات ومدنيات المنطقة في مستوياتها الحضارية. الأمر الذي أدى إلى ضرورة التبادل بينها بصورة مستمرة، عبر سواحل صور.
كما شكلت سلع المحيط الهندي أهمية قصوى بين سكان العالم القديم، وفي العصور الإسلامية أيضاً، نظراً لأهميتها في المجالات الحياتية، وفي الجوانب العقائدية، في العصر القديم، خاصة سلع البخور واللبان والتوابل، التي لعبت دوراً هاماً في حياة سكان عالم العصور القديمة والوسطى، وكانت تلك السلع الاستراتيجية تتركز على جانبي مينائين : صور على سواحل الهند أو سواحل شرقي أفريقية. ولذلك فقد برع سكان صور في دورهم كوسيط بين مناطق الإنتاج على سواحل المحيط الهندي، وبين مناطق الاستهلاك والطلب في بلدان الشرق الأدنى القديم والبحر المتوسط.(37)
ولذلك فإن هذا التفاعل والاهتمام من جانب الشعوب والحضارات الأخرى بعمان والعمانيين، والتواصل معهم، والانفتاح والتحاور من جانب العمانيين مع الآخر والتعاون معه، في الجوانب الاقتصادية وغيرها بطرح مسألة جهود العمانيين وإرساء القيم الأساسية في الحوار والتعاون من «خلال معاملاتهم التجارية وعلاقاتهم الإنسانية مع السكان والتي اتسمت بقدر كبير من المرونة والتسامح والصدق مما ساهم في تقوية المناخ الحضاري المؤثر وأكسب عمان سمعة حضارية كبيرة».(38)
ونتيجة هذا التفاعل والتواصل مع الآخر والتعاون معه في شتى المجالات والمصالح، فإن العمانيين استوطنوا في العديد من الأمصار في العالم في آسيا وأفريقيا وأثروا وتأثروا مع شعوب هذه الدول، وأصبحوا جزءاً من نسيج تلك المجتمعات مع الاحتفاظ بموروثاتهم وثقافتهم، بل استطاعوا بفضل تسامحهم وأخلاقهم أن يغرسوا قيمهم وثقافتهم في تلك المناطق، ولعبوا دوراً فكرياً وثقافياً كبيراً لا نستطيع في هذا الفصل الإحاطة بكل تلك الأدوار العظيمة خاصة في شرق أفريقيا، حيث الإسهام العماني الرائع في المجالات الثقافية والفكرية والسياسية.
وتذكر بعض المراجع أن التجار العمانيين كانوا يقيمون في بعض المناطق التي يزورونها، وأدى هذا إلى انتشار اللغة العربية ودخول بعض السكان في دين الإسلام، وقد تكونت العديد من الجاليات والمستوطنات والمراكز التجارية العمانية والعربية في بلاد «الملايو وفي غيرها من جزر الأرخبيل. فيذكر القلقشندي أن فيها مدينة عامرة يسكنها المسلمون وغيرهم والمقصود بطبيعة الحال من كلمة غيرهم هم أهل البلاد الأصليين الذين لم يعتنقوا الإسلام بعد مما يعني أن الإسلام لم يكن قد غمر كل هذه المجتمعات في ذلك الحين.
ان التاريخ الدقيق لدخول الإسلام في الملايو وأرخبيله أمر غير معروف على وجه التحقيق, ولكن من المحتمل أن تجار عمان الذين كانوا يقومون بمعظم النشاط الملاحي في تلك المناطق كما سبق القول حملوه هم وغيرهم من تجار العرب إلى هذه البلاد في القرون الأولى للهجرة حيث كانوا يزاولون مع بلاد الشرق الأقصى تجارة واسعة النطاق منذ عصور مبكرة».(39)
وفي العصور الحديثة يذكر العديد من الرحالة والباحثين الغربيين في مسقط العاصمة العمانية الحالية كانت فاعلة ومنفتحة على شعوب كثيرة. ويذكر الرحالة «جيمس ريموند ولسند «أنه وجد عند زيارته مدينة مسقط في القرن الثامن عشر منفتحة على العديد من الشعوب، وأن الانفتاح على الآخر سمة بارزة في العمانيين، وهذه المدينة الجميلة تتحاور مع مدن وعواصم عديدة في القارات في العالم، مما أكسبها حراكاً تجارياً مهماً منذ القدم.(40)
وهكذا فإن العمانيين عرفوا ولا يزالون بانفتاحهم على الآخر والتواصل معه، من المنطلق الإنساني، والتعاون في المصالح والمنافع التي تعود بالفائدة على الطرفين، وهذا ما تجلت به النهضة المباركة التي قادها جلالة السلطان قابوس في بناء الجسور مع الآخر، وبهذه النظرة كان الفكر السياسي لجلالة السلطان المعظم يهتم بقضية الحوار وتفعيله بين مختلف الأجناس والأعراق والشعوب، ومن خلال فهم العلاقات الدولية والمصالح المشتركة لدول العالم المختلفة.
يقول جلالته المفدى في خطابه إلى الاجتماع السنوي للمنبر العالمي في لاهاي 1997: «لقد كانت بلادنا عمان في ما مضى وما زالت تعتز بتقاليدها وتاريخها، ومع أن المجتمع العماني يعيش اليوم متغيرات عصره، إلا أنه لم يفرط في هويته وتراثه، بل استطاع أن يجمع بين الطيب من تقاليده والطيب من واقع حاضره والحمد لله» مضيفاً جلالته في فقرة أخرى. «بل أننا نؤكد أن ديننا في جوهره يدعو إلى ذلك دون المساس بالأساسيات العقيدية، وهو يدعو إلى مواكبة مستجدات كل عصر من الاجتهاد كلما توفرت شروطه».
وهذه نظرة ثاقبة من جلالته تجاه الانفتاح على الآخر، يقوم على مبدأ التفاهم والتفاعل والتسامح الثقافي والرغبة المشتركة في بلورة تفاهم في قضايا إنسانية متشابكة، ويسهم في تقارب يؤدي إلى تنمية العلاقات الدولية بصورة دائمة ومتوازنة بعيداً عن هواجس الصراع ومقولات الصدام معتمداً على النظرة المنصفة والعادلة في قضايا الحوار والنقاش والتفاعل الإنساني، في ما يتم الاختلاف عليه في وقت تتطلع إليه البشرية في رغبة ملحة لتعاون يسوده السلام والاستقرار والعدل. (41)

العمانيون وقيم الحوار مع الآخر
عبر تاريخهم الحضاري الإنساني انفتح العُمانيون على الآخر، واعتبروا أن قيم الحوار في الحوار والتفاهم مع الآخر ضرورة إنسانية يجب انتهاجها واعتبارها صيغة حضارية للتفاعل والتعاون والتواصل مع الحضارات والأمم الأخرى، بهدف إيجاد الطرق والوسائل لبناء حضاري وتبادل تجاري بقاء على المشتركات الإنسانية والرغبة الصادقة في إثراء الخبرات المتبادلة من العبر والاستفادة منها، وفي إقامة علاقة متكافئة ندية.
ومن هذه المنطلقات اهتم العمانيون بمسألة الانفتاح على الآخر والتفاهم والتعاون معه، مع الاحتفاظ بالخصوصيات والهويات الذاتية والاعتزاز بها، مما أسهم في توفير مناخ ملائم للتبادل النافع في مجال الاقتصاد والثقافة والمعارف الإنسانية الأخرى.
عندما يرجع المرء إلى التراث الكبير لعمان والعمانيون يجد أن أغلب الباحثين والرحالة والمستشرقين من الغرب والأجانب الذين كتبوا عن عمان والعمانيين تطرقوا إلى هذه المسألة، وناقشوا قضية الانفتاح على الآخر عندهم، وكيف أنهم تفاعلوا وتواصلوا مع شعوب وأمم كبيرة في الجانب الاقتصادي والمعرفي والإنساني بصورة تبعث على الاهتمام والمراجعة في مضامين هذا الانفتاح والتوصل مع الآخر، وإقامة علاقة معه.
قد يقول البعض أن قدر عمان أن تكون جغرافيتها وموقعها الهام على طرق التجارة العالمية والموقع الاستراتيجي في العصر الحديث السبب في هذا الانفتاح والتواصل مع الآخر، لكن هذا القول ليس دقيقاً بالمرة إذا ما جئنا إلى أولويات هذا الانفتاح ودوره في هذه العلاقة بما تتضمنه من أساليب وقيم حضارية وتواصل، لأن التواصل، والانفتاح قد لا تستسيغه الكثير من الشعوب لاعتبارات كثيرة، ومع ذلك فإن العمانيون سعوا إلى الآخر في بلاده، وفي أقاصي الدنيا وتبادلوا معه المعارف والتجارة وعرضوا عليه قيمهم وثقافتهم ودينهم، وكان هذا الانفتاح والحوار سبباً في انتشار الدين الإسلامي في العديد من دول العالم، لا سيما في آسيا وأفريقيا.
ولذلك فإن هذا التفاعل والاهتمام من جانب الشعوب والحضارات الأخرى بعمان والعمانيين، والتواصل معهم، والانفتاح والتحاور من جانب العمانيين مع الآخر والتعاون معه، في الجوانب الاقتصادية وغيرها بطرح مسألة جهود العمانيين وإرساء القيم الأساسية في الحوار والتعاون من «خلال معاملاتهم التجارية وعلاقاتهم الإنسانية مع السكان والتي اتسمت بقدر كبير من المرونة والتسامح والصدق مما ساهم في تقوية المناخ الحضاري المؤثر وأكسب عمان سمعة حضارية كبيرة».
ونتيجة هذا التفاعل والتواصل مع الآخر والتعاون معه في شتى المجالات والمصالح، فإن العمانيين استوطنوا في العديد من الأمصار في العالم في آسيا وأفريقيا وأثروا وتأثروا مع شعوب هذه الدول، وأصبحوا جزءاً من نسيج تلك المجتمعات مع الاحتفاظ بموروثاتهم وثقافتهم، بل استطاعوا بفضل تسامحهم وأخلاقهم أن يغرسوا قيمهم وثقافتهم في تلك المناطق، ولعبوا دوراً فكرياً وثقافياً كبيراً خاصة في شرق أفريقيا، حيث الإسهام العماني الرائع في المجالات الثقافية والفكرية والسياسية.
(يتبع بقية المادة بموقع المجلة على الانترنت)

الإحالات والهوامش
1- انظر كتاب عُمان في أمجادها البحرية إعداد/عبد المنعم عامر العدد الثامن إصدار وزارة التراث والثقافة يونيو 1980م طبع بمطابع سجل العرب القاهرة ص5.
2- التاريخ البحري العماني عبدالله بن علي العليان مجلة نزوى العدد(29)يناير 2003 مسقط ص12.
3- الهوية مجلة فصلية تصدر عن الديوان الاميري دولة الكويت سلطنة عُمان ريادة بحرية وحضارية تشرق من جديد عبدالله بن علي العليان عدد خامس بمناسبة انعقاد قمة دول مجلس التعاون الخليجي الثامنة عشر في الكويت العدد التاسع 1998م ص 26 انظر كذلك مجلة نزوى مرجع سابق ص16، 15.
4- الملتقى العلمي الأول حول تراث سلطنة عُمان قديماً وحديثاً مرجع سابق ص213.
5- دور عُمان في نشاط التجارة العالمية د/حبيب الجنحاني حصاد ندوة الدراسات العُمانية المجلد الثالث نوفمبر 1980م ص 52.
6- العُمانيون رواد البحر إسماعيل الأمين  رياض الريس للكتب والنشر ص1 1990م ص35، 34.
7- الحياة الاقتصادية في عُمان مرجع سابق ص273، 272
8- الاتصالات الودية المتبادلة بين الصين وعُمان عبر التاريخ تشانغ زون يان سلسلة تراثنا العدد (21) وزارة التراث والثقافة يوليو1981م ص11.
(9) العمانيون والملاحة والتجارة ونشر الاسلام ـد/ رجب محمد عبد الحليم طبع بمطابع النهضة مسقط ـ1989 ص57، 58.
10- العُمانيون رواد البحر مرجع سابق ص31 تاريخ ظفارـ من عام 798هـ/1396م د/محمد جاسم حمادي المشهداني كتاب ظفار عبر التاريخ حصاد الندوة التي اقامها المنتدى الأدبي في صلالة 19-21 أكتوبر 1997م ط1 200 ص79، 78.
11- ظفار و مكانتها في التجارة العالمية دراسة تاريخية فيما بين القرنين الثالث والثامن الميلادين د/محمد قرقش ظفار عبر التاريخ مرجع سابق ص151.
12- عُمان وتجارتها مع الشرق الأقصى وشرق أفريقيا في العصر الإسلامي د/سحر عبد العزيز سالم ورقة مقدمة إلى ندوة عُمان عبر التاريخ مسقط سبتمبر 1994م مرجع سابق ص32، 31.
13- المرجع السابق ص33.
14- أضواء على جوانب التأثير الحضاري العُماني في شرق أفريقيا د/عبد الفتاح حسن أبو عليه ورقة مقدمة إلى ندوة عُمان في التاريخ مسقط سبتمبر 1994م مرجع سابق ص3
15- المرجع السابق ص3.
16- الصلات التجارية بين عُمان وشرق أفريقيا في العصر الوسيط د/صباح إبراهيم الشيخلي ورقة مقدمة إلى ندوة عُمان في التاريخ مرجع سابق ص14، 13.
17- عُمان عبر التاريخ مرجع سابق ص335.
18- العُمانيون رواد البحر مرجع سابق ص31.
19- الصلات التجارية بين عُمان وشرق أفريقيا مرجع سابق ص191، 190.
20- عُمان وتاريخها البحري مرجع سابق ص108، 107.
21- عُمان ونهضتها الحديثة مرجع سابق ص186.
22- المرجع السابق ص186 أنظر كذلك إطلالة على الملاحة البحرية عبر ميناء صور مسلم بن جمعة بن علي العريمي صور عبر التاريخ حصاد ندوة اقامها المنتدى الأدبي في صور 1995م ط1 2000 ص20.
23- الحياة الاقتصادية في عُمان مرجع سابق ص252.
24- صحار في كتابات الجغرافيين والمؤرخين د/سعيد بن محمد الغيلاني صحار عبر التاريخ مرجع سابق ص25.
25- صحار عبر التاريخ مرجع سابق ص11، 10.
26- ظفار عبر التاريخ مرجع سابق ص158.
27- ظفار أرض اللبان عبدالقادر بن سالم الغساني بحث مقدم إلى ندوة الدراسات العُمانية 1980م المطابع العالمية مسقط ص53، 52.
28- المرجع السابق ص53-57.
29- الحياة الاقتصادية في عُمان مرجع سابق ص252، 251.
30- الآثار التاريخية في ظفار سعيد بن مسعود المعشني طبع بمطابع ظفار الوطنية صلالة 1997 ص19.
31- صحار عبر التاريخ مرجع سابق ص101.
32- المرجع السابق ص102.
33- عُمان وتاريخها البحري مرجع سابق ص43.
34- الاتصالات الودية المتبادلة بين الصين وعُمان عبر التاريخ مرجع سابق ص8-11.
35- ظفار عبر التاريخ مرجع سابق ص62.
36- المرجع السابق ص 169.
37- صور عبر التاريخ مرجع سابق ص45، 44.
38- عُمان في التاريخ مرجع سابق ص485.
39-العمانيون والملاحة البحرية مرجع سابق ص110، 109.
40-تاريخ عُمان.. رحلة في شبه الجزيرة العربية مرجع سابق ص27.
41- انظر قراءة في خطاب جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في الاجتماع السنوي للمنبر العالمي في لاهاي كتاب في النهوض العماني الحديث وتحديات الواقع العربي وقضايا العولمة والنظام الدولي عبدالله بن علي العليان مؤسسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان مسقط ط1 2001 ص42، 41.

No comments:

Post a Comment