Saturday, July 9, 2016

ذاكرة من التاريخ

 

صحيفة أثير الالكترونية

24/5/2016

  عبدالعزيز السعدون
في مثل هذا اليوم الثاني عشر من شهر يناير لعام 1964فقدت عمان والعمانيون اخر القلاع الحصينة زنجبار بعد اكثر من الف عام على وصول العمانيين الى الشواطئ  الافريقية الشرقية والبحيرات العظمى في ادغال افريقيا المجهولة في تلك الازمنة ، اطاحت ثورة زنجبار بآخر سلاطينها جمشيد بن عبدالله آل سعيد ، الثاني عشر من يناير  الساعة الثالثة صباحا تتعرض مراكز الشرطة والمقار الحكومية الرئيسية وقصر السلطان لهجوم مجموعة متمردة بقيادة زعيم حزب الأفرو شيرازي آماني عبيد كارومي الذي أناب سكرتير الحزب لبمبا والجزار المجرم اوغاندي الاصل جون اوكيلو في تنفيذ المجزرة ، بينما ظل عبيد كارومي على البر الافريقي متابعا تنفيذ المخطط الإجرامي بما في ذلك إحباط أي طلب استغاثة من السلطان والحكومة في زنجبار  مؤكدا ذلك المندوب السامي البريطاني في زنجبار تيموثي كرستويت في نفيه وجود أي اعتداء على الرعايا البريطانيين عندما وضعت القوات البريطانية في كينيا على أهبة الاستعداد بناء على طلب السلطان ونصحتهم  بعدم التدخل مساء ذلك اليوم ، هذا بجانب الدعم المباشر واللوجستي من الرئيس التنزاني جوليس نيريري . فر السلطان جمشيد وأسرته ورئيس الوزراء محمد شامتي حمادي والوزراء على اليخت السلطاني المسمى سيد خليفة . استولى المتمردون على القصر وباقي الممتلكات السلطانية بعد مقتل ثمانين من الحراس والموظفين وجرح مئتين آخرين . وأعلنوا حكومة جديدة في اليوم الثاني. الثالث عشر من يناير أقرت الولايات المتحدة بعد إجلاء رعاياها بأن زنجبار تخضع للنفوذ البريطاني لذا فإنها لن تتدخل ، وكانت نتائج المؤامرة ( الثورة ) كسر هيمنة العمانيين التي استمرت مئتي سنة على سواحل افريقيا الشرقية  بدأ من مقديشو وحتى رأس دلجادو في اقاصي الشرق الافريقي، وقتل أكثر من عشرين الفا من العمانيين والعرب و الاسيويين ومصادرة الممتلكات من بيوت و مزارع ومتاجر وطرد وقتل من قاوم الثورة . اندمجت زنجبار مع تنزانيا كوحدة سياسية وتزعم  عبيد كارومي الحكومة المحلية كرئيس لزنجبار كونه أول من شغل هذا  المنصب ، اغتيل كارومي في السابع من ابريل من عام 1972م  على يد أحد أبناء ضحايا  مجزرة ستون تاون عاصمة زنجبار ، وبذلك تكون عمان قد فقدت الجناح الافريقي من نفوذها بعد ستة أعوام فقط من فقدها الجناح الاسيوي المتمثل في جوادر و مكران . إنها قصة التاريخ ونهاية الامبراطوريات وتدافع الاحداث . لكن التاريخ يعيد نفسه على يد صانعيه ، فالجرح الأليم والعميق الذي أصاب العمانيون في الشرق الافريقي تلاقى مع جراحات جوادر و مكران فهل من مداو؟
لقد استجاب رب العباد لدعوات أحفاد الائمة والسلاطين والجنود البواسل الذين عبروا المحيطات وارتادو البحار وطردوا الغزاة وشيدوا الحضارات ونشروا الدين وأقاموا العدل و رسخوا القيم ورفعوا اسم عمان عاليا خفاقا على الديار والامصار .
نعم لقد استجاب الله تعالى لدعوات المؤمنين والمؤمنات من قهر و ظلم الانسان  لأخيه الانسان . فكان الفتح المبين عام سبعين و بزوغ فجر جديد على عمان المجد والتاريخ، انه عصر قابوس عصر العزه والكرامة عصر الامل والحب والعطاء عصر العودة إلى قيادة مسار التاريخ بعد انكفاء عنه لعقود من الدهر. عادت الطيور المهاجرة إلى الاحضان الدافئة الى الام الحنون لتبني مع أبناء عمان الصامدين على الارض المباركة مجدا جديدا يضاف إلى أمجادها التليدة  .
زيارة رئيس حكومة زنجبار سالمين عامر  او عامور الى مسقط عام 1991م وتقديم اعتذاره الى جلالة السلطان والشعب العماني عن أحداث عام 1964م في الانقلاب الدموي ضد السلطان جمشيد بن عبدالله آل سعيد ، مهد لفتح صفحة جديدة لترميم العلاقات التاريخية بين عمان وشرق أفريقيا ومد الجسور الى ذلك الأرث العماني وترميم الأثار العمانية والحفاظ عليها ، بجانب المساعدات الاقتصادية في المجالات التنموية المختلفة وأهمها المطار و معهد التمريض و المستشفى المرجعي. والسماح بعودة العمانيين الذين غادروا زنجبار عام 1964م و إعادة بعض ممتلكاتهم وإزالة الشعارات التي اتسمت بالكراهية ضد العرب . وكانت سلطنة زنجبار قد خسرت املاكها مع بداية عام  1887 و 1892 امام القوى الاستعمارية العظمى حيث باعت او تنازلت عن بعضها مثل
( مقديشو إلى ايطاليا ) و (ممباسا إلى بريطانيا ) .

No comments:

Post a Comment