Thursday, February 23, 2017

الوثائق والمحفوظات" تفتتح المعرض المتحفي الدائم في قلعة ممباسا

جريدة الرؤية: الخميس 23 فبراير 20017

افتتحت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، المعرض المتحفي الدائم، بعد الانتهاء من مشروع تطوير وتحسين وترميم الأماكن والشواهد التاريخية والمقتنيات الاثرية والوثائقية في البيت العماني وقاعة المزروعي والمتحف في قلعة ممباسا بكينيا، وذلك تحت رعاية معالي الدكتور حسن واريو، وزير الرياضة والثقافة والفنون الكينية، وبحضور نجيب بلالا، وزير السياحة الكيني، وعدد من أصحاب المعالي والوزراء والسفراء وكبار المسؤولين وعدد من الشخصيات العمانية في ممباسا ولامو وماليندي، جاء هذا الافتتاح بتمويل وإشراف ومتابعة من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وبالتنسيق مع سفارة السلطنة في كينيا، وبالتعاون مع وزارة الرياضة والثقافة والفنون الكينية. وذلك في إطار جهود هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في التعريف بالجوانب الحضارية والتاريخية للعمانيين ودورهم في المنطقة وما خلفه الأجداد من مآثر علمية وأثرية، كما يعد المشروع أحد المعالم الأثرية والمعمارية التي ينتظر أن تقوم بأدوار ثقافية متنوعة، بهدف تأكيد التواجد العماني بكينيا، وعمق العلاقات التاريخية بين البلدين وترسيخ القيم العمانية النبيلة بما يعكس تاريخ عمان وتراثها وثقافتها.
حيث توصلت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إلى صيغة تفاهم مع الجانب الكيني بالتنسيق مع سفارة سلطنة عمان في نيروبي من أجل قيام الهيئة بتنفيذ المشروع وفق المواصفات والتصور الذي تم اعتماده من الجانب الكيني، حيث شمل تحسين وترميم البيت العماني وقاعة المزروعي وقاعة التحف، كما يشمل الجوانب الترميمية والإنشائية للأسقف والجدران والأرضيات والديكور والبلاط وأعمال الجبس والأبواب التاريخية العمانية والنوافذ وصناديق العرض والإنارة وشاشات العرض وتصنيع سفينة عمانية تعود لعمليات الإبحار والتواصل التجاري العماني منذ القرن الثامن عشر والتاسع عشر لتحاكي السفن العمانية التي تجوب البحار والمحيطات.
وقد تجسدت أعمال المعرض المتحفي من خلال قاعات المعرض الأربعة، تتمثل الأولى في البيت العماني، حيث تتناول الهجرات العمانية للجلندانيين والنباهنة وغيرها من القبائل ومراحل التحرير ضد الغزو البرتغالي من خلال الاستجابة العمانية لطلب النجدة من أهالي ممباسا من العمانيين، حيث يتناول الحقب الزمنية منذ القرن الأول الميلادي وإلى آخر سلاطين زنجبار مدعوما بالوثائق والاتفاقيات والمقتنيات الأثرية والأوسمة والمنتجات التجارية والمحاصيل الزراعية التي أدخلها العمانيون أو تبادلوا السلع المختلفة وقد وصفت الوثائق التاريخية باللغات الثلاثة العربية والسواحلية والإنجليزية.
الثانية هي قاعة عمان وتتناول الجانب الحضاري والتاريخي للسلطنة عبر العصور الزمنية قبل الميلاد وإلى عهد مولانا جلالة السلطان قابوس المعظم – حفظه الله ورعاه - وعرض الوثائق والمخطوطات والمقتنيات من الخناجر والسيوف والملابس والإنتاج الزراعي والتبادل التجاري، واطلق على القاعة الثالثة عمان الحديثة وتتناول المعالم التنموية في سلطنة عمان من مشاريع التعليم والصحة والمعالم السياحية وصور للجولات السامية لمولانا جلالة السلطان المعظم وعن مجلس عمان ودور المرأة في التنمية كما زوّدت بشاشات عرض تبث أفلاما عن عمان باللغة العربية والإنجليزية، أما قاعة المزروعي فهي تتناول سلسلة تاريخية للولاة من المزارعة وغيرهم ممن تعاقبوا على ممباسا وعرض وثائق تتناول الحياة العامة لمجتمع ممباسا من الصكوك والاتفاقيات والأملاك والبيوع وأعمال الوقف والوصايا والمبادلات التجارية وأعمال البيع والشراء والنشاط التجاري وغيرها للعمانيين وغيرهم في ممباسا وعرض المقتنيات الأثرية من السيوف والخناجر والأعمال الفضية وعرض لوحة متكاملة عن نظام الولاة في عمليات التقاضي بحضور الوالي والقاضي وشخصيات أخرى وفرشت التكيات بقطع ووسائد النسيج العماني. كما يشمل العمل تحسينات وصناديق عرض لمتحف القلعة لمقتنيات الجانب الكيني وأعمال الترجمة لجميع المقتنيات بالثلاث اللغات.
حضر الحفل عدد من أصحاب المعالي والسعادة وشخصيات عمانية من ممباسا وماليندي ولامو وتضمن تقديم الكلمات المتبادلة من الطرفين والأهازيج الشعبية والموروثات الفنية لمجتمع ممباسا والتجول في أرجاء المعرض المتحفي الوثائقي، وحضر من الجانب العماني سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وسعادة السفير صالح بن سليمان الحارثي سفير سلطنة عمان بكينيا وفريق إعلامي من هيئة الإذاعة والتلفزيون للتغطية التلفزيونية.
واريو: تقريب العلاقة
قال معالي الدكتور حسن واريو، وزير الرياضة والثقافة والفنون الكينية، في كلمته: نحن في غاية الفخر بارتباطنا بسلطنة عمان، حيث إنّ الحضارة في ممباسا والمجتمع السواحلي ترتبط بالحضارة الإفريقية والعربية، ولذلك نحن فخورون بأن السلطنة استطاعت تقريب هذه العلاقة، والمعرض يجسد الدور الكبير الذي قام به العمانيون في دول شرق إفريقيا وبالتحديد في ممباسا، عندما استجابوا لطلب الأهالي في مساندتهم للتخلص من المحتل البرتغالي، فكان انتصارهم وتحريرهم لممباسا هو انتصار للشعب الكيني ولأهالي ممباسا العريقة، كما قال معالي الدكتور أن التاريخ والكتابات شاهدة حتى اليوم على ما سطره العمانيون في هذا البلد.
من جانبه أبدى نجيب بلالا، وزير السياحة الكيني، أثناء حضوره لحفل الافتتاح انبهاره بمشروع تطوير وتحسين وترميم الأماكن والشواهد التاريخية والمقتنيات الأثرية والوثائقية في البيت العماني وقاعة المزروعي والمتحف في قلعة ممباسا، كما أبدى إعجابه بما يقدمه المعرض المتحفي وما يزخر به من معلومات ذات أهمية كبيرة لتعريف الأجيال بتاريخ المنطقة والدور العماني في ممباسا خاصة.
 الضوياني: روابط الأخوة والدم
وقال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، في كلمة الافتتاح أن الغايات المنشودة والأهداف المرجوة تبرز بوضوح العلاقات المتينة التي جمعتنا بإخواننا هنا روابط الإخوة والدم والعلاقات الأسرية التي تتجسد فيما يربط سلطنة عمان من وشائج وتعزيز متواصل لهذه العلاقات مع كينيا وحكومتها وشعبها الوفي الطيب.
وفي ختام الكلمة تقدم رئيس الهيئة بخالص الشكر والتقدير لمعالي الدكتور حسن واريو وزير الرياضة والثقافة والفنون والمسؤولين بالوزارة وإدارة المتاحف لما تم التوصل إليه بتوقيع مذكرة للتفاهم والمخاطبات التي تعزز التعاون المشترك في مجال الوثائق والمحفوظات والجوانب الثقافية والتاريخية ولجميع الإخوة والأخوات في متحف قلعة (اليسوع) قلعة ممباسا لحسن التعاون والأداء الطيب والشكر موصول إلى سعادة السفير صالح الحارثي وأعضاء سفارة سلطنة عمان في كينيا لهذا التعاون الإيجابي. والتقدير والاحترام لفريق العمل المتميز في العطاء والأداء في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وكلمة شكر إلى الإخوة المقاولين الذين عملوا مع اللجنة المشتركة من الطرفين لإنجاز هذا العمل بصورته البهية وتحية إجلال وتقدير لجميع من حضر وشارك في هذه المناسبة التي عبرت عما تكنه النفوس من المحبة والمودة المشتركة بيننا جميعا.
الحارثي: الافتتاح في فترة قياسية
وقال سعادة صالح بن سليمان الحارثي سفير السلطنة في كينيا، في كلمته أنّ إعادة افتتاح البيت العماني وقاعة المزروعي وأجزاء أخرى من قاعات العرض داخل القلعة تمّ في فترة قياسية وجيزة شهدت أعمال التأهيل والتطوير وتزويدها بالمقتنيات الأثرية القيمة لفترة التاريخ العُماني وإرثه الحضاري والإنساني النبيل وبما يتناسب ومكانة هذه القلعة العريقة كأحد المعالم التاريخية والثقافية والسياحية الهامة في كينيا وكواحدة من أبرز المواقع الأثرية العالمية ليشكل البيت العُماني بمحتواه التاريخي الثري جسر محبة وصداقة بين سلطنة عمان وجمهورية كينيا. وأضاف الحارثي، أنّ جمهورية كينيا كما هي بلدي سلطنة عمان تزخر بثراء واسع في التاريخ والفنون من خلال مواقعها الأثرية الكثيرة ومتاحفها الكبيرة وفنونها الشعبية المتنوعة.
إطلالة حضارية
وقالت أحلام بنت حمود الجهورية باحثة تاريخ بهيئة الوثائق والمسؤولة عن إعداد المادة العلمية والتاريخية أن المشروع يعد إطلالة حضارية لعمان تحمل الكثير من الأبعاد والدلالات، فهو من جهة يؤكد على الوجود العُماني في ساحل شرق أفريقيا بصفة عامة، وعلى الوجود الحضاري لعمان في كينيا، كما يعزز الروابط الأخوية بين البلدين الشقيقين، ويرسخ للقيم العمانية الأصيلة للإنسان العُماني على اعتبار أنه صاحب رسالة حضارية إنسانية.
وقد استهدف المشروع 3 مواقع رئيسية في القلعة: البيت العُماني وقاعة المزروعي وملحقاتها ومتحف القلعة، ويعد مكسبا مهما سيزيح اللثام عن الكثير من الحقائق التاريخية للدور الحضاري المؤثر للعمانيين.
المدافع
يوجد بالقلعة أو حولها 59 مدفعا، وتعود ستة منها إلى القرن السابع عشر، وثمانية عشر مدفعًا إلى القرن الثامن عشر، وثلاثة وخمسون منها إلى مطلع القرن التاسع عشر. أحد هذه المدفع نقش عليه اسم السلطان السيد خليفة بن سعيد (1305-1307هـ/ 1888-1890م) سلطان زنجبار، وبعض المدافع فرنسية، وأحدها إيطالي (من مدينة البندقية) وأحدها سويدي، وآخر إنجليزي، بينما باقي المدافع صُنعت في الهند.
الطوابع و الأوسمة
أكسب سلاطين البوسعيد زنجبار والساحل الشرقي لأفريقيا، هوية مميزة من خلال الطوابع التي تم إصدارها والتي يتم عرضها بالمعرض، حيث أُصدرت أول مجموعة من الطوابع في حكم السلطان السيد حمد بن ثويني (1310-1314هـ/ 1893-1896م)، في20 سبتمبر 1896م. حيث تكونت المجموعة من 15 طابعا تحمل صورة السلطان حمد بن ثويني وعلم زنجبار ذا اللون الأحمر، وتوالت بعدها الطوابع البريدية في عهود سلاطين زنجبار. وتعد الأوسمة شارات تقديرية تُمنح للعسكريين والمدنيين والمؤسسات المدنية، تقديراً للخدمات المتميزة، أو الأعمال البارزة المقدمة للمجتمع في المجالات المختلفة.
العملات
كما يضم المعرض مجموعة من العملات التي استخدمت في التبادل التجاري أثناء حكم سلاطين البوسعيد في شرقي إفريقيا، ففي عهد السلطان السيد سعيد بن سلطان (1219-1273هـ/ 1804-1856م)، حيث كان دولار ماريا تريزا والنقود الهندية هي ‏العملة المستخدمة في مسقط وزنجبار، وكانت النقود النحاسية يُطلق عليها (آنا). ‏وحين تسلم السلطان السيد برغش بن سعيد (1287-1305هـ/ 1870-1888م)، الحكم في زنجبار، تم إصدار عملة خاصة في زنجبار ‏سُكت في بروكسل نقش عليها عام 1299هـ، وكان مُسمى العملة الريال (فضة) وهو مقتبس من ‏النظام الأوروبي، والبيسة (نحاسية) اقتبست من النظام الهندي.
التبادل التجاري
يجسد المعرض الجانب التجاري مع دول شرق إفريقيا حيث تنوعت البضائع التي كانت تتاجر بها السفن العُمانية مع شرق إفريقيا، تصديراً واستيراداً، ما بين بضائع عُمانية المنشأ أو تلك التي تستوردها عُمان من العراق وفارس والهند والصين واليمن، حيث كانت السفن العُمانية تنقل العديد من البضائع العُمانية المنشأ إلى شرق إفريقيا ومن أهمها: اللبان، والتمور، والليمون الجاف، والأسماك المجففة والمملحة، والخيول، والجمال، والملح، والفواكه المجففة، والرمان، والجوز، والحنطة والشعير. أما البضائع الأخرى التي كانت تستورد من العراق وفارس واليمن والهند والصين، وكانت السفن العُمانية تتاجر بها بنظام تجارة الترانزيت، فأهمها: التمور العراقية، والسجاد الفارسي، والزعفران اليمني والفارسي، والأرز، والبن، والأقمشة الهندية والصينية، والبهارات (التوابل)، والصناعات الخزفية الصينية والهندية. كما كان التجار العُمانيون يشترون العديد من البضائع الأفريقية التي تجد رواجاً في الأسواق العُمانية، أو يقومون بتسويقها في الموانئ الأخرى كموانئ الخليج العربي والهند والصين وموانئ البحر الأحمر، وأهما: العاج من (الساحل الشرقي لإفريقيا)، والذهب من سفالة (موزمبيق)، والبن الإفريقي من (موريشيوس).
البيت العماني
في هذا المكان استسلم البرتغاليون للعمانيين بعدما قتل قائدهم، ومن هذا الموقع انطلقت آخر هجمة للبرتغاليين ضد العمانيين وذلك صبيحة الثالث عشر من ديسمبر 1698م، وقد قتل قائد القلعة بعدما شن آخر مواجهة يائسة ضد العمانيين. وبعد أن حرر العمانيون القلعة قاموا بعدة إضافات عليها منها: زيادة ارتفاع سور القلعة لإعطائه مزيداً من القوة والحصانة، وعمل الفتحات والسروج على مدار القلعة، وحفر بئر للشرب، ويبلغ عمق هذه البئر 76 قدم (23 م) وماؤها مالح ولا يصلح إلا للاستخدام الخارجي. فضلاً عن قيامهم بتشييد الغرف في هذا المكان بعد تحرير القلعة في عام 1698م، والذي أُطلق عليها مسمى "البيت العماني". وإبان الفترة البريطانية، أصبح البيت العماني مقرا لمسؤول السجن النسائي، وفي عام 1980 تم ترميم هذا البيت وتحويله إلى قاعة للمعارض. وفي عام 2017م تم إجراء بعض التحسينات عليه من قبل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، بسلطنة عُمان، بالتنسيق مع الجانب الكيني، يحتوي البيت العُماني على ثلاث قاعات، قاعة علاقات عمان التاريخية بشرق أفريقيا، وقاعة عمان تاريخ وحضارة، وقاعة عُمان الحديثة.
الأبواب العُمانية
تعد الأبواب العمانية الأكثر انتشارًا حالياً في منطقة الساحل، وقد تم تصميمها لعرضها في المداخل الخارجية ولا يتم تركيبها في المداخل الداخلية بخلاف الطريقة المتبعة في لامو، ومن الواضح أنّ هذه الأبواب تعكس ذائقة السلطنة البوسعيدية، فقد اختار السلطان السيد سعيد بن سلطان هذا النوع من الأبواب لتكون في قصره الجديد في زنجبار. وبعد منتصف القرن التاسع عشر، انتشرت الأبواب العمانية كثيرا، وكان في الغالب تُستبدل الكتابة المنقوشة بنقوشات نباتية. ومن النماذج الجيدة على هذه الأبواب هو باب مكتب الجمارك في زنجبار الذي يعود إلى عام 1860م، بعد تلك الفترة أصبحت التصاميم على العتب أكثر تنوعا وفي بعض الأحيان تُستبدل نقوش نخيل البلميط بنقوشات زهرية. كما تم تبسيط التصميم مما أدى إلى انتشارها ووصولها حتى إلى منازل عامة المواطنين.

No comments:

Post a Comment