Thursday, June 23, 2016

الوجود العربي في شرق أفريقيا 1890- 1964

جريدة الوطن
5/6/2016
كتاب (سلطنة زنجبار في شرق أفريقيا 1890- 1964) لمؤلفه دكتور صالح محروس جامعة بني سويف، الصادر عن دائرة النشر العلمي بجامعة السلطان قابوس، يتناول سلطنة زنجبار تحت الحماية البريطانية في الفترة من عام 1890 إلى عام 1964 وهى فترة هامة من تاريخ السلطنة حيث تُلقى أضواءً جديدة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية لسلطنة زنجبار تحت الحماية البريطانية وكذلك توضح الدور العربي في الحركة الوطنية وأحداث انقلاب 12 يناير عام 1964 حيث توضح أسباب هذا الانقلاب وتفاصيل أحداثه وكذلك الموقف البريطاني والإسرائيلي والأميركي والعربي من هذا الانقلاب وكذلك الآثار التي خلفها هذا الانقلاب على شرق أفريقيا عموماً (خاصةً زنجبار).
الحقيقة أن زنجبار تحتل مكانة خاصة في المحيط الهندي ، حيث تتميز بموقع استراتيجي هام وتعتبر محطة تجارية مهمة في طريق التجارة بين الشرق والغرب ، وزادت أهميتها بعد حفر قناة السويس بالإضافة إلى ما تتمتع به من ثراء في الثروة الطبيعية خاصة المحاصيل الزراعية مثل القرنفل وجوز الهند . ولعبت دوراً هاماً كمركز لتجارة الرقيق في شرق أفريقيا بالإضافة إلى كونها مركزاً للحضارة العربية والإسلامية في شرق أفريقيا وعن طريقها تم نشر الإسلام في تنجانيقا والساحل الشرقي الأفريقي وفى الكونغو(زائير) وإلى منطقة البحيرات الاستوائية العظمى بإفريقيا .
ولقد تكالب الاستعمار الأوربي على زنجبار وزاد هذا التنافس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بين كل من بريطانيا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا . و كانت سلطنة زنجبار قوية في عهد السيد سعيد بن سلطان ( 1806- 1856 ) حيث كان النفوذ الأجنبي في زنجبار ضعيفاً، ولكن بعد وفاة السيد سعيد بدأت السلطنة في الانقسام والدولة البوسعيدية في الضعف وزاد النفوذ البريطاني في زنجبار وطلب سلاطين زنجبار الحماية البريطانية على زنجبار لمواجهة الاستعمار الألماني في شرق أفريقيا وقٌسمت مناطق النفوذ بين ألمانيا وبريطانيا بمقتضى معاهدة 1886 وأعلنت بريطانيا الحماية على زنجبار في عام 1890، وهى فترة حيوية وهامة من تاريخ زنجبار التي كانت منفصلة عن مسقط، وكانت في فترة من الضعف مما جعل بريطانيا تفرض الحماية عليها لتحقيق أهدافها الاستعمارية من زنجبار ثاني أكبر جزيرة في المحيط الهندي بعد مدغشقر والتي هي في الطريق إلى الهند أهم مستعمراتها. ومن هنا وقَعتْ الدولة العربية الإسلامية الإفريقية تحت الحماية البريطانية وهى بداية جديدة لسلطنة زنجبار. فبدأت بريطانيا في استغلال حقيقي لموارد زنجبار واستغلال تجارى لها واستمر الاحتلال البريطاني لها حتى العاشر من ديسمبر عام 1963 حيث تم استقلال زنجبار بعد كفاح القوى الوطنية العربية. ولكن لم تنعم بالاستقلال كثيراً حيث وقع انقلاب 12 يناير ضد العرب وكان مؤامرة مدبرة من كلٍ من دار السلام وتل أبيب وبريطانيا بمساعدة أنصار الحزب الأفروشيرازي وحزب الأمة للقضاء على الوجود العربي في زنجبار وهذا ما حدث وانتهى الأمر بضم زنجبار إلى تنجانيقا تحت اسم تنزانيا.
يتناول الكتاب مقدمة وتمهيد وستة فصول وخاتمة . التمهيد التعريف بزنجبار موقعها وموجز تاريخها قبل الحماية.يوضح تاريخ الوجود العربي في شرق أفريقيا والهجرات العربية التي وصلت إلى شرق أفريقيا وكذلك تاريخ انتشار الإسلام في شرق أفريقيا ، ويوضح ظروف وصول أسرة البوسعيد إلى زنجبار وعمان. والسلاطين الذين حكموا زنجبار وعمان من البوسعيديين قبل فترة الحماية . ثم القوى الأوروبية في شرق أفريقيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كالأطماع الفرنسية والبلجيكية والإيطالية والألمانية في أملاك السلطنة العربية في شرق أفريقيا وكذلك اتفاقية تقسيم ممتلكات سلطنة زنجبار بين ألمانيا وبريطانيا في ديسمبرعام1886واتفاقية هيجولاند في عام1890وتحديد منطقتي النفوذ الألمانية والبريطانية التي وقعت بها زنجبار تحت الحماية البريطانية.
تناول الفصل الأول الأوضاع السياسية والإدارية في سلطنة زنجبار تحت الاحتلال البريطاني حيث أوضح نظام الحكم البريطاني في سلطنة زنجبار والتطورات السياسية التي حدثت في زنجبار منذ عام 1913 منذ أن أصبحت تحت إدارة وزارة المستعمرات. وأيضاً السياسة البريطانية وظهور الطائفية في زنجبار والنظام القضائي في زنجبار تحت الحماية ، وسلاطين زنجبار السبعة وموقفهم من الاحتلال البريطاني.
يتناول الفصل الثاني الأوضاع الاقتصادية لسلطنة زنجبار تحت الاحتلال البريطاني حيث وضح السياسة الاقتصادية البريطانية في زنجبار وهى تتلخص في السيطرة على تجارة زنجبار وإيرادات الجمارك وسياسة إعادة التصدير من زنجبار وسياسة الاقتصاد النقدي وربط العملة بالجنيه الإسترليني. وتناول أيضا أحوال الزراعة والصناعة والتجارة .ففي الزراعة تناول أهم المحاصيل مثل محصول القرنفل ومحصول جوز الهند ومحاصيل أخرى، وكذلك تناول التجارة في زنجبار مثل تجارة العاج والحاصلات النقدية التجارية وإيرادات الجمارك كما تناول الصناعة وبعض أنشطة سكانية أخرى.، إلى جانب بعض المشروعات الاقتصادية التي نفذتها بريطانيا في سلطنة زنجبار.
تناول الفصل الثالث الأوضاع الاجتماعية في سلطنة زنجبار تحت الحماية البريطانية حيث أوضح السياسة البريطانية تجاه فئات المجتمع في زنجبار ومدى الانصهار بين فئات المجتمع في زنجبار .عناصر المجتمع في زنجبار مثل العرب( عرب عمان وعرب حضر موت وعرب جزر القمر) وكذلك الهنود والأفارقة( أفارقة البر والأفارقة المحليين) والسواحيلية والشيرازيين والانجليز وكذلك تناول العادات والتقاليد في سلطنة زنجبار.
تناول الفصل الرابع الحياة الثقافية والتعليمية والدينية في سلطنة زنجبار الإسلامية تحت الاحتلال حيث يوضح أهداف السياسة البريطانية التعليمية والثقافية في زنجبار. وكذلك التعليم الإسلامي والثقافة العربية والإسلامية في زنجبار . ويتناول الإرساليات التنصيرية البريطانية في زنجبار . والمدارس الحكومية في زنجبار (التعليم الحكومي . ويوضح أهم اللغات في سلطنة زنجبار .السواحيلية والانجليزية والعربية ولغات أخرى والديانات والمذاهب.
وتناول الفصل الخامس الحركة الوطنية في سلطنة زنجبار. أسباب تأخر الوعي الوطني ثم عوامل اليقظة الوطنية ودور العرب في الحركة الوطنية من خلال الاتحاد العربي وكيف طالب بوحدة جميع فئات المجتمع. وكذلك دور الحزب الوطني الزنجباري في الحركة الوطنية والدور الوطني لشخصيات عربية هامة مثل على محسن البرواني وسيف بن حمود وأحمد اللمكي . ودور الأحزاب الأخرى مثل حزب الأمة وحزب شعب زنجبار وبمبا والحزب الأفروشيرازي . وكذلك تناول التشريعات العنصرية التي شرعتها بريطانيا والمعركة الانتخابية وبوادر الفتنة ونهاية الحكم العربي ثم تحقيق استقلال زنجبار في العاشر من ديسمبر عام 1963.
والفصل السادس من أهم فصول االكتاب حيث يوضح أحداث الانقلاب الدامي الذي حدث في صباح الأحد الثاني عشر من يناير عام 1964 كما يوضح أسبابه ودور بريطانيا فيه والمد الشيوعي ودور إسرائيل ودور تنجانيقا ونيريرى وأحداث الانقلاب، وعدد الضحايا من العرب. والتعريف بقائد الانقلاب وقائد الحزب الافروشيرازي . كيفية تنفيذ أوكيلو الأوغندي لمخطط الانقلاب وموقف دول شرق أفريقيا من الانقلاب. وموقف الولايات المتحدة الأمريكية وموقف الدول العربية من الانقلاب وكذلك النتائج التي ترتبت على الانقلاب والآثار التي خلفها الاستعمار البريطاني على زنجبار من الناحية السياسية مثل حدوث ثلاث محاولات للانقلاب في دول شرق أفريقيا وانتهاء حكم البوسعيديين من شرق إفريقيا وضم زنجبار لتنجانيقا ماله وما عليه والآثار الاقتصادية مثل انهيار الاقتصاد الزنجباري والدور التجاري السابق . والآثار الاجتماعية مثل تدهور أوضاع العرب وصعود الأفارقة والآثار الثقافية مثل القضاء على اللغة العربية وانتشار السواحيلية بحروف لاتينية والدينية وجود بعض المسيحيين في السلطنة العربية الإسلامية.
انتهى البحث بخاتمة أبرز فيها المؤلف أهم ما توصلت إليه من نتائج عن الوجود البريطاني في زنجبار من (1890- 1964 ).

No comments:

Post a Comment