جريدة الزمن
تاريخ النشر : 6 أكتوبر 2015
ضمن المنشورات الصادرة عن جامعة نزوى، صدرت الطبعة الأولى 2014م من كتاب “مراسلات زعماء الإصلاح إلى سلطاني زنجبار حمود بن محمد وعلي بن حمود البوسعيديين 1896م – 1919م”، جمع وتحقيق د. محمد بن ناصر المحروقي وسلطان بن عبدالله الشهيمي، بذل فيه المؤلفان جهدا بحثيا كبيرا، تجلى ذلك في منهج ترتيب الوثائق، وقدما ملخصا وافيا لمضامين مراسلات زعماء الإصلاح والبالغ عددها 130 رسالة، وهي لمجموعة من العلماء من بينها رسائل للشيخ الجزائري امحمد بن يوسف اطفيش، والمصري الشيخ السيد محمد رشيد رضا، وكذلك رسائل لأئمة الحرمين الأشراف، والمؤرخين والكتاب والشعراء والأعوان الأقران، ومراسلات صحفية وصلتهم من وكالة رويترز والجريدة الزنجبارية وبعض الصحف والمجلات العربية. وفي المقدمة التي كتبها د. محمد المحروقي علل فيها الأهداف التي يسعى الكتاب إلى تحقيقها؛ من بينها إبراز الدور الثقافي للسلطانين حمود بن محمد (1896- 1902م)، وابنه علي بن حمود (1902 – 1919م)، في دعم الجهود الاصلاحية لعلماء وكتاب وصحفيي العالم العربي في مطلع القرن العشرين وذلك من خلال مجموعة كبيرة من الوثائق التي قام بجمعها وفرزها و تحليل مضامينها. وتحدث عن المنهج الذي تم اتباعه لترتيب الوثائق، يقول الباحث: تضم المجموعة مئات الرسائل المصورة، تتناول موضوعات وأشكالا شتى، مراسلات سياسية بين أقطاب العالم آنذاك، وسلاطين زنجبار منذ عهد السيد سعيد بن سلطان، ومراسلات أسرية بين أفراد في عمان وأقاربهم، أو وكلائهم في زنجبار وشرق افريقيا، وبعض الوثائق التي تخص أحكاما قضائية وصكوكا، لم ينفض الغبار عنها منذ ما يزيد على الثلاثين سنة، من ممباسا والجزيرة الخضراء خصوصا. كما يقول الدكتور محمد المحروقي في مقدمته: لا يمكنننا أن نغفل الإشارة إلى مجموعتنا الثرية من الصور التي أخذناها من أراشيف ومراكز بحثية مختلفة، على نطاق واسع في شرق أفريقيا من جزر القمر، مرورا بالجزيرة الخضراء وزنجبار ودار السلام والأرشيف الوطني في نيروبي وعنبتي وجامعة ماكريري في أوغندا والقاهرة، هذه الصور بعضها قديم وبعضها مما صورته بنفسي لبيوت أثرية أو صناعات تقليدية، وكل ذلك يشكل مجموعة ضخمة يصنع منها مكتبة يسترفدها الباحثون. وكتب أيضا: لقد قمنا بقراءة تلك الوثائق وفرزنا منها ما يتصل بالسلطانين، مما كتب إليهما أو في زمانهما، مما يتصل بمساهماتهما في رفد الثقافة العربية، وتعزيز جهود الاصلاحيين على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم. ولقد أفضى الفرز التحليلي لمضامين الوثائق إلى تحديد أربعة أقسام أساسية تندرج ضمنها تلك الوثائق المنتخبة، التي بلغت 130 وثيقة، وهذه الأقسام هي العلماء والشعراء والأقران والأعوان والصحافة، وكل قسم يضم مجموعات أصغر، وقد وضعنا جداول لترتيب هذه الوثائق، أخذا في الاعتبار الأقدمية، ووضع الرسائل القادمة من مصدر واحد معا، وفي هذه الجداول حرصنا على تعبئة الحقول باسم المرسل والمرسل إليه، ومحتوى الوثيقة وتاريخها وحقل الملحوظات. وأضاف الباحث د. محمد المحروقي أن أغلب هذه الوثائق حصل عليها من الأرشيف الوطني بزنجبار، في رحلة بحثية أثناء عضويته بفريق البحث الاستراتيجي “مصادر تاريخ علاقة عمان بشرق أفريقيا 1624 – 1663م، تحت إشراف الأستاذ الدكتور ابراهيم الزين صغيرون بجامعة السلطان قابوس. أما رسائل الشعراء فتأتي إلى السلاطين من عمان والجزائر والشام، ومجمله قصائد مديح في المعاني التقليدية والاسترفاد، وهي في مجملها قصائد سليمة البناء، من بين الشعراء محمد بن شيخان السالمي، وشاعر يدعى سالمين، ومن الشاعرات أنيسة عطا الله وروجينا عواد والكسندرا مليادي دي فيرينوه، وبعض القصائد تتصل بالشعر الغنائي الذي كانت تغنيه الفرق الموسيقية، بعضها باللغة العربية الفصحى، وبعضها باللهجة الحضرمية. وهناك رسائل أخرى ترد من صحفيين من مختلف أنحاء العالم، وكذلك مراسلات من صاحب مجلة الهلال وهو الأديب المعروف جرجي زيدان، وكذلك مكاتبات من عبدالمسيح الأنطاكي صاحب مجلة العمران، يرسلها إلى كاتب السلطان الشيخ محمد بن سالم الرواحي، يطلب فيها صورة السلطان علي وأبيه حمود، لطبعها في كتاب خاص عن ذكرى وفاة السلطان حمود. ويؤكد د. محمد المحروقي في تقديمه للكتاب أن هذه الرسائل لها أهمية تاريخية، تتضح بما تقدمه من معلومات، كما تؤكد قوة شبكة العلاقات التي نسجها سلاطين زنجبار في مختلف بقاع العالم. وورد في سياق التقديم أن الطابع الغالب على الرسائل هي واردة إلى السلطانين، ولم نجد رسالة صادرة منهما البتة، أما كلمة الإصلاح الواردة في العنوان فهي كلمة راجت في الخطاب النهضوي العربي المعاصر، وهي مرادفة لكلمة النهضة والتجديد. جدير بالذكر أن المرتبين والمحققين قد قاما بوضع ملحقين بالكتاب، الأول يتناول تراجم الشخصيات، والثاني في التعريف بالصحف التي يرد ذكرها في الوثائق والمرسلات، تم ترتيب الملحقين ترتيبا أبجديا، والرائع في هذا الكتاب أنه تم نشر أصل تلك الرسائل بخطوط كتابها، وصف ما تتضمنه تلك الرسائل من مادة علمية في متنها، وذلك لسهولة قراءتها، حيث يتيح الفرصة للقارئ أن يقرأ الرسالة مطبوعة أو قراءتها كما كتبها مرسلها. وتكشف الرسائل عن تنوع جميل في الخط بين المشرق والمغرب، وبعض التواقيع، وسنوات الكتابة، والاستهلالات الرائعة لكل رسائل، وما تتضمنها من نصوص نثرية وشعرية، جديرة بالدراسة والتحليل. وتكشف بعض الرسائل جمال الخط العربي في الكتابة، وجمال التعبير في المقدمة ومن ثم الولوج إلى قلب الموضوع، بأسلوب أخاذ، يدل على تمكن الكاتب من اللغة، يقع الكتاب في 407 صفحات من الحجم المتوسط. -
No comments:
Post a Comment