Thursday, January 8, 2015

الأميرة العربية

جريدة الرؤية
الخميس 8 يناير 2015م
سعيد بن خلفان النعماني


لو بقيت السيدة سالمة بنت السلطان سعيد بن سلطان مستقرة في مقاطعة كيزيمباني - نصيبها من ورث أبيها بزنجبار - في بيتها الخاص تعيش هناك طوال عمرها لما كتب رودلف سعيد رويته "صفحات مهمة من تاريخ زنجبار" ولما وصفت أميلي رويته دقائق الحياة العمانية في قصور زنجبار ومدنها في القرن الماضي، فمن هو رودلف سعيد رويته، ومن هي اميلي رويته.
أميلي هي السيّدة سالمة بنت سعيد بن سلطان التي ولدت في زنجبار في العام 1844م وعند تقسيم تركة أبيها وتوزيعها حصلت السيدة سالمة على مقاطعة كيزيمباني، وكان لها مثل إخوتها الآخرين بيت خاص عاشت فيه مع أخيها. وبعد وفاة أمهما عام 1859 بقيت في البيت وحيدة مع أنّ عمرها لم يكن يزيد على ستة عشر عامًا. واستمرت على هذا الحال بضع سنوات حتى وقع أهم حدث في حياتها، ودفعها إلى الرحيل عن زنجبار بسرعة؛ وهو زواجها من هنريك رويته السكرتير الألماني لشركة هانسينج في زنجبار، واستقرارها في هامبورج بألمانيا ولما توفى الزوج الألماني في 1870م اشتغلت بالكتابة وتحولت إلى التأليف فكان كتابها الأول هو (مذكرات أميرة عربية).
عاشت هذه السيدة عمرًا طويلا وتوفيت في العام 1924م. وهي آخر من مات من بين أبناء السيد سعيد.
أمّا رودلف سعيد رويته فهو أحد الأبناء الثلاثة للسيدة سالمة وقد عاش في إنجلترا يعمل محاضرًا في الجامعة لمادة التاريخ، واشتغل بالتأليف وبخاصة في تاريخ عمان وفيما يتعلق بسيرة جده السيّد سعيد لاسيما كتابه ( سلطنة عُمان خلال حُكم السيد سعيد بن سُلطان 1719 - 1856م) الذي نُشر باللُغة الإنجليزية في لندن عام 1929م، وقبل هذا وفي صيف عام 1920م، زار لندن السيّد خليفة بن حارب بن ثويني - سُلطان زنجبار آنذاك - فأقامت له الجمعية الآسيوية حفلة تكريم، ألقى فيها سعيد - الحفيد هذا - مُحاضرة قيمة في تاريخ آل بوسعيد في عُمان وزنجبار، ومن غرائب الصدف أن يكون المحاضر هو الحفيد الأول للسُلطان سعيد، ويكون السُلطان المحتفى به هو الحفيد الثاني.

هذا وقد قام السُلطان خليفة بزيارة لندن مرة أُخرى عام 1937م وكان معه الشيخ سعيد بن علي المغيري- مؤلف كتاب جهينة الأخبار-، فقال "فزاره سعيد ابن عمته ورد السُلطان له الزيارة في بيته، وقدم سعيد رويته للسُلطان قهوة بُنية، ومكثا يتحدثان طويلاً، ومن ثَمَّ قام بإطلاعنا على منزله ومكتبته، ورأينا معه كُتباً عربية، وصور سادات عُمان وزنجبار، ونظرنا في ما خلفته والدته، فوجدنا في بيته كِتاب "تحفة الأعيان في سيرة أهل عُمان"، وغيرها من الكُتب العربية "، ثم يستطرد مؤلف الكتاب إلى قوله: " وأخبرنا أنّ عمره 68 سنة، وأن والدته توفيت منذ 15 عاماً"، أي في حدود الثمانين من عمرها، وعلى هذا تكون السيدة سالمة قد عاشت عُمراً طويلاً حافلاً بالأحداث. من يزور زنجبار يعشق بيت العجائب، ومن يتجوّل فيه تسحره الإطلالة البحرية الجميلة للبيت، ويرجع بذاكرته إلى التاريخ الذي اختزنته جميع غرف القصر ومداخله ومخارجه والدرج وغرفة السيّدة سالمة التي حوت شيئًا من ذكرياتها الأشبه بالخيال أو بروايات Best seller، فيبدأ الداخل إلى غرفتها بمشاهدة صورة السيدة سالمة وهي بكامل زيها العربي العماني المطرز بعقود الجواهر واللؤلؤ، ثم مشهد آخر يمثل القصر الذي كانت تعيش فيه السيدة سالمة وإلى جانبه البيت الذي كان مقرًا للمواطن الألماني، وتحتوي هذه الغرفة أيضًا على تراث السيدة سالمة كالحرز الفضي والعقد والخاتم الخاص بالمراسلات ونسخة من مذكراتها التي كتبتها أول مرة بألالمانية، وفي الجهة المقابلة صورتها بالملابس الأوروبية وصور زوجها وأولادها وعائلة زوجها ومن ثم حيث ترقد في قبرها إلى جانب زوجها وأولادها في ضواحي ألمانيا.

No comments:

Post a Comment