Sunday, January 11, 2015

أفريقيا.. سفاري سافانا أفريكا


خالد بن سعيد العنقودي
Kld_qudi@hotmail.com
جريدة الوطن: 11 يناير 2015م

تتميز رحلات السفاري بتوفيرها للزائر إثارة لا يمكن أن ينساها ، وذلك من خلال إتاحة الفرصه نحو مشاهدة الحيوانات على طبيعتها وهي تقوم بالتجوال وسط أروع المناظر الطبيعية في هذا العالم حيث يمكن للزائر أن يقوم بالسفاري في ربوع السافانا عن طريق مركبه مكشوفه من أعلاها بعد ما نزعوا أسقفها وأحيطت بأسيجه من كل جانب ومنها ذات أسقف قابله للرفع لرؤية الحيوانات ، وهي التي لا يستطيع أحد الدنو منها سوى فقط من القائمين عليها.
ومن ضمن خيارات السفاري التحليق بمنطاد في رحلة سفاري جوا فوق السهول الذهبيه الخضراء بالإضافه إلى التخييم وسط الغابه مما يتيح لك رؤية الحيوانات التي تجوب ربوع هذه الصحراء ليلا وهي تقترب من الخيمه التي تقيم بها.
كما أن كلمة (سفاري) هي كلمة في الأساس إنجليزيه مستعاره من السواحليه والتي استعارتها بدورها من العربيه وهي السفر ، وذلك للدلاله على هذا النوع من الأسفار في الرحلات وهو نمط من الرحلات البرية والتي بدأها الرحالة والمستكشفون الأوروبيون في أفريقيا في القرن الثامن عشر ، مستعينين عادة بأدلة أفارقة محليين ، بغرض السياحة ومشاهدة الحيوانات البرية والاستمتاع بالبراري الأفريقية ونمط حياة التخييم. أما في الوقت الراهن فإن السياحه قائمه في العديد من الدول الأفريقية مثل تنزانيا وكينيا وجنوب أفريقيا وغيرها على تنظيم رحلات السفاري وما يتعلق بها من خدمات ، كما تخصص محميات طبيعية شاسعة للحيوانات لهذا الغرض ، أما كلمة (أفريكا) وهي بنطقهم الدارج وليس كما ننطقها نحن (أفريقيا).
في هذه الرحلة سـأبحر بكم في ربوع محميات السفاري الأفريقيه كالمحميات الكينيه والتنزانيه، وأخص بالذكر محميات (سرينجيتي) و(نغورو نغورو) ، ومحمية (مانيارا) وهي الواقعة في الوادي المتصدع العظيم والذي يزخر بأفراس النهر والجواميس ، أما محمية (سرينغيتي) تعد من أعجوبة العالم الثالث بمدرجاتها الطبيعيه الشاسعه والغنيه بالحياه الفطريه في ربوع السافانا حيث تقتفي الفهود والضباع طرائدها ، كما أن الوصول إلى هذه المحميات غالبا ما يكون عن طريق مسار بري طويل حيث يتعرض أصحاب الحافلات والمركبات الصغيره التي تنقل السياح إلى الابتزاز في عرض الطريق من قبل رجال يحصلون من أصحاب هذه المركبات على أموال ، وذلك كي يسمحوا لها بمواصلة سيرهم دون عراقيل.
كنت حينها في (أروشا) التنزانيه عابرا نقطة (نامانغا) الحدوديه الكينيه بعد ما كنت في محميات سفاري كينيا حتى بلغت إلى مخيمي في محمية (مانيار) وهي القابعه عند حافة الوادي المتصدع العظيم ، هذه الرحله صاحبها الجمال الأخضر الوادع في مرتفعات (نغورو نغورو) حيث مكان التخييم يتيح إطلاله خلابه نحو المناظر الرائعه لغروب وشروق الشمس.
إن مناطق السفاري التي تمتد من كينيا إلى تنزانيا هي عباره عن سهل أخضر مرئي المرعى تحيط به الأكمات من عدة جهات ، لكن قلة الأمطار تتسبب في أن المراعي لا تكون بذلك الإخضرار السابق والذي كان العشب يغمر جسد الحيوان ، أما الآن فالزرع ليس كما هو حيث أصبح في بعض المحميات صغيرا وبعض أراضي المحميات أصبحت شبه جرداء عند أطرافها.
في رحلاتي المتعدده إلى هذه المحميات أمتعت ناظري بتلك الوحوش البريه التي طالما سمعت عنها ، وبعد ما ألفيتها رأيت كثيرا من الحراك بالداخل وهي ملآنه بجميع الحيوانات والطرائد والطيور ، في هذه المحميات توجد كثير من البرك المائيه التي تأتي لها هذه الوحوش وضروب من الطيور المائيه الجارحه وغيرها حيث رأيت أنواعا كثيره منها (كالنسر والكندر والصقر) وغيرها ، اما النسر فهو مهيب عند طيرانه ولونه ضارب في السواد وهو من جنس العقاب كما رأيت في بعض البرك بعض (التماسيح) والتي بها منقار طويل من صغير التمساح إلى عظيمها كما رأيت أنواعا من الطيور لا تعد ولا تحصى ، في هذه المحميات توجد كثير من الشجيرات آيله للانقراض وهي شجرة (الأوبويو) بعد ما استخدمت منظارا للتقريب والذي أتاح لي رؤية صور حيات وأفاع هائله المنظر وهي تتسلقها ملتويه على عودها الضخم وبالـتأكيد تفزع عند الاقتراب منها ، وهي غليظة تشبه فخذ بني آدم أضف إلى أنه ما راعني عندما رأيت سربا من (القطط) البريه تبلغ الخمسين قطة تقريبا وهي في عراك واشتباك فيما بينها إلى أن وصل إلى تحرش وصداع.
وعندما كنت أولي وجهي في هذه الصحراء من صحراء السافانا اكتشفت قطيعا من الحيوانات كل مع بني جنسه حيث رأيت قطعانا تسير بدءا من (فرس النهر) التي تأتي باتجاه مياه المستنقعات كي تروي ظمأها ، كما رأيت (الضباع ) عجيبة الخلقة ولها أصوات غريبه وهي تهم بافتراس إحدى البهائم فبقينا من بعيد متربصين لها وهي تتجاذب لحم تلك البهيمه بعد ما باتت غير قادره على التحرك والمشي ، عندها تركنا المكان حتى تأتي باقي الحيوانات تأكل من هذه الفريسه وكذلك شرذمة من الأسود وبنات آوى بعد ما باتت وليمة كبيرة.
لقد أخذني التجوال بين الحيوانات الكاسره فكان منها ضروب من السباع فاقت تصوري بعددها كما رأيت أسود أفريقيا والتي كنت رأيتها في التلفاز والصور وهي كثيفة الشعر بعضها عند الرأس بعد ما بدأ الرأس كرأس حجم الفيل وعيناه كبيرتان وهائلتان وجسمه ناعم كالمخمل واذا ما رأى فريسة سال لعابه لها فيجري وراءها منتصبا ويقبض عليها.
كما أن في إحدى المحميات نصبنا خيامنا حيث كان ذلك عند الظهيره وهو وقت الغداء وإذا بالأمطار أخذت في الهطول إلى أن خفت حدتها، حيث قضينا اليوم بأكمله في المحميه والتي رأينا الحيوانات على طبيعتها قطعانا من (فرس النهر) ، وهو أصغر من الفيل له قرن في أنفه ، كما انه يبقى معظم النهار في الماء أو الوحل حتى يبرد ويخرج عند الغسق ليرعى بالأعشاب ، كما رأيت (البقر الوحشي) وهو أشبه بالفرس وما يميزه إنه كثير الشعر في رجليه أضف إلى كثير من الأسود والنمور والفهود وهي مهيبة للغاية حيث رأيت لبؤة قد ولدت هناك بعض الأشبال.
هذا التجوال بين هذه المحميات أتاح لي رؤية حيوان الكركدن وهو عظيم في أنفه لكنه أقصر من الفيل ، كم أن رأسه منحن ولا يستطيع أن يرفعه إلى الأعلى ، وذلك ناتج من ثقل القرن وهو يتميز بقصر النظر وحاسة شمه ممتازه حيث تمكنه من اكتشاف أعداءه، أما صغارها هدفا للضباع والأسود ، كما سمعت بعض الأقاويل في المحميه إنه باستطاعته مقاتلة الفيل بالقرن الذي يملكه ، بالإضافه إلى أنه إذا تواجد في أرض ليس بها تلك الحيوانات المأمول بها تكون له هيبه عظيمه ، أما من الحيوانات التي عليّ ذكرها الحمار والبقر الوحشي بقطعانها والاخير هو شبيه الفرس حيث يتكاثر الشعر في أرجله ناهيك عن الثعالب والغزلان بكثرتها.
أما إذا حدثتكم عن الفيله بقطعانها حيث إن الفيل كما هو معلوم مخلوق عظيم وضخم الجثه وهو مختلف عن أفيال القاره الآسيويه وآذانها كبيره وعريضه حيث إن هذا الفيل يمتاز بخرطومه الطويل ، وإذا ما تناول شيئا يأكله فيرميه في فتحة الفم ، وكم من مره عندما كنت أقوم بزيارة حدائق الحيوانات يقوم سائسه بالتحدث معه من داخل حاجز كبير من الباب قائلا له كي يقوم بفتح الباب له حيث يقوم بفعل ذلك من خلال خرطومه الطويل كي يفتح الباب.
أما الزرافه فهي حيوان عجيب الخلقه، يداها طويلتان فهي أطول من رجليها وإذا ما قررت تناول شيئا يؤكل أنزلت عنقها بكامله كي تلتقط الطعام ، وهي ظريفه بطولها وحسنة المنظر ولها عنق طويل كالبعير وهي بالكاد أرفع منه بكثير ورأسها مستطيل وهو شبيه بالفرس ، كما تمتاز في جبهتها بقرنين مقطوعين وهما من شعر ولحم وذنبها أشبه بذنب البقر في أسفله شعرات لونها جميل فهو متعدد الألوان بين الأبيض والأحمر ، كما لا يوجد في مؤخرتها أي روث كباقي الحيوانات ، كما تمتاز بطبيعة جميله حيث من طبعها الحنان والألفه ، كما أنه بإمكان بني البشر أن يناولها بيده وهي لا تؤذي أحدا وقد قيل إنها متولده من بين ثلاث حيوانات (الضبع والناقة والبقر) حيث ولدت الزرافه وهي خلق مستقل بذاته ذكرا وانثى كسائر الحيوانات.
إن أكثر رحلاتي تميزا في ربوع السافانا ، كان ذلك في محميه (سرينجيتي) بطائره خفيفه، تضم هذه المحمية أكبر مجموعه من الحيوانات في العالم والتي تعيش في السهول مثل الاسود والفهود والضباع ، كما قمت بزيارة بحيرة الطيور (مانيمار) والتي تضم بين دفتيها أكثر من 380 نوعا من الطيور ومجموعه كبيره من الحيوانات.


المواقف الطريفة
من المواقف الطريفة في رحلات السفاري ، عندما كنت في سفاري كينيا حيث قصدت إحدى المحميات ، وعند وصول حافلتنا الى بوابة المحميه أقبل علينا عسكر الباب وجدني أتحادث مع من معي في الحافله بلغة أهلها فلم تساوره الشكوك في ذلك بأنني سائح حيث سمح لنا بالدخول دون أن يطلب شيئا حيث إنه من المعلوم أن أسعار تذاكر السياح مبالغا فيها في هذه البلاد حيث كان موقفا لم أتوقع أن أخرج منه.
أما في ربوع السافانا الأفريقيه فقد رأيت حيوانات لم أرها ولم أسمع بها من قبل في التلفاز، كما أنه من المفارقات الجميله في محميات هذه الحيوانات عند رؤيتها للسياح وهم يجوبون صحراء السافانا فإنها سرعان ما تغير مكانها حيث كانت تهرب وهي تختفي بين الأدغال عند سماعها أزيز سيارة قادمة.



المواقف العصيبة
إن المواقف العصيبه التي مررت بها كثيره منها عندما كنت أتطلع إلى هذه الحيوانات الشرسه من سقف المركبه ، كان عدد من الضباع والنمور يحوم بجانب مركبتنا وبكل جرأه أتت ، وكنا وافقين بالمرصاد ونحن نراها من سقف المركبه حيث لم ينلنا منها أي هجوم وأذى والحمد لله ، كما أنه من لطف الله أنني خرجت بأعجوبة من موت محقق كاد يفتك بي الموت في إحدى هذه المحميات حيث هاجم إحدى النمور السيارة التي أستقلها وبقدرة قادر انصرفت عندما رأت إحدى الطرائد؛ لنهم نحو مغادرة المكان بأقصى سرعة.
كما أن هذه المواقف العصيبه والطريفه في آن آخر قد مثلت لي حالة من العشق الاستكشافي نحو هذه المحميات ، وذلك لما تنفرد به الطبيعة الأفريقيه من طبيعية وهي قبلة عشاق الرحلات والمغامرات حيث حبست أنفاسي مرات عديده في ربوع السفاري ، لكن المواقف الجميله أنستني استمتاعي برؤية الشمس وهي تنثر أشعتها الذهبية عند الصباح الباكر والتي تبعث على الدفء مع احتساء كوب من الشاي وقطع البسكويت في مناطق السافانا فهي تجربه فريده لا تشبه سواها حيث تنحبس الأنفاس نحو رؤية الثلوج البيضاء من بعيد وهي تغطي قمة (كلمنجارو) والتي أتاحت لي أيضا رؤية القردة الزرقاء من خلال تخييمي وإقامتي بمعية ( 4 ) أشخاص من الجنسية الأوروبية ، كل ذلك وسط كثرة الطيور والزهور عند النهار ووسط ظلام أسود عند الليل وسماء صافية تتلألأ فيها النجوم ، كل ذلك ونحن محلقين حول نار مشتعله عند الليل بعد ما رأيت خدام الرحلات يقومون باصطياد الغزلان وهي بكثرة في المحميه وهم معتادون على ذلك ، وذلك كي يعدوا ذلك للعشاء.
هذه الرحلات في محميات ربوع القاره الأفريقيه ليس بالأمر الهين الوصول إليها والتي تفتقر إلى ابسط أمور الأمن حيث الوصول إليها يعتبر في حد ذاته مغامرة، وذلك لما يتعرض له السائح من مضايقات الابتزاز للحصول منه على مبلغ بسيط كي لا تتم عرقلته ، في رحلاتي هذه كنت متحملا مسؤولية سلامة نفسي قبل أن يتحمل أحد مسؤوليتي مماعزز ذلك في داخلي روح تحمل المسؤولية. 

No comments:

Post a Comment