د.خالد النجار
أمة بوست
تاريخ الارهاب الدولي: مذبحة زنجبار 1
تقع (زنجبار) في شرق إفريقيا، وتتشكّل من عدد من الجزر في المحيط الهندي قُبالة سواحل دولة (تنزانيا)، وتبعد عن السواحل الأفريقية قرابة 35 كيلو مترًا، وأكبر جزرها جزيرتا: زنجبار، وبيمبا، أما البقية فهي جزر صغيرة تتوزع حول جزيرة بيمبا.
دخل الإسلام أرض زنجبار (أندلس أفريقيا) منذ القرن الأول الهجري، وكانت تُدعى «برّ الزنج» ثم صار اسمها زنجبار، وقد حكمها العرب العُمانيون، قبل أن يتم ضم الجزيرة قسرًا بمعاونة الاستعمار مع منطقة "تنجانيقا" عام 1964م، ليتم تشكيل ما تُسمَّى اليوم بدولة تنزانيا.
ففي عام 1698م عاد العمانيون وسيطروا على زنجبار مجددا، وذلك في عهد السلطان (سلطان بن سيف اليعربي) الذي قام بطرد البرتغاليين بعد احتلال دام 200 عام، وأعاد حكم العُمانيين العرب لها.
أحدث العمانيون نهضة شاملة في زنجبار حيث طوروا نظام التجارة والاقتصاد والمحاصيل، مع تحسين المزارع لزراعة التوابل والقرنفل والثوم، حتى أعطي لها لقب «جزر التوابل»، لينافس «جزر الملوك» المستعمرة الهولندية بإندونيسيا.
وكان لزنجبار تجارة أخرى وهي العاج الذي يؤخذ من أنياب الفيلة التي تقتل في بر أفريقيا، أما المصدر الثالث للتجارة فهو تجارة الرقيق، حيث كان الآلاف من سكان المناطق المجاورة يؤسرون ويباعون كعبيدٍ على أرض الجزيرة، كما أدى ذلك إلى استقبال زنجبار كغيرها من الموانئ الأفريقية لأعداد كبيرة من تجار العبيد القادمين من أوروبا وأمريكا تحديداً.
واستمر تواجد العمانيون إلى أن جاء أهم حاكم لزنجبار (سعيد بن سلطان البوسعيدي) الذي أصدر عام 1818م أمرا بنقل مقر إقامته من عُمان إلى زنجبار! وأصبحت سلطنة (عُمان وزنجبار) تدار من زنجبار، حيث تم بناء عدد من القصور والمنشآت المهمة لهذا الغرض مما أحدث طفرة في تطور هذه الجزيرة من الناحية العمرانية والاقتصادية.
وفي عهد السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي حصل اتفاق على وجود بريطاني في الجزيرة، وفي عام 1856 توفى السلطان (سعيد) وهو على ظهر الباخرة البريطانية (فكتوريا) عندما كان في جولة بحرية، حيث نقل جثمانه ودفن في زنجبار.
استلم الحكم بعده ابنه الأكبر (ماجد) وكان يمتاز بشخصية هادئة مسالمة ومتسامحة، وخلال فترة حكمه وبإقناع من بريطانيا، انفصلت زنجبار وبشكل غير تام عن حكم سلطان عُمان. وهذا بالضبط ما خططت له بريطانيا على نار هادئة، وعمقت الخلاف بينه وبين أخوه (برغش) الذي سعى للإطاحة بحكم أخيه، وقد كان برغش بن سعيد متهورا شديدا في رأيه، ودائم الانتقاد لسياسة أخيه ماجد، واستمر الخلاف بينها إلى أن توفى السلطان ماجد سنة 1870م حيث تولى الحكم بعده أخوه برغش، وخلال حكمه ازداد تدخل بريطانيا في شؤون الجزيرة.
وفي سنة (1890) توفى السلطان برغش وخلفه أخوهم (علي)، وهنا كشرت بريطانيا عن أنيابها! وأعلنت الوصاية [أي الاحتلال] لزنجبار، والذي استمر لمده تزيد عن سبعين عاما استنزفت خلالها خيرات هذا البلد الغني.
وعندما أرادت بريطانيا الانسحاب، قامت كعادتها بترتيب خطة تستطيع بها البقاء الفعلي بعد خروجها ظاهريًّا، فكانت المؤامرة التي دبّرتها للإطاحة الكاملة بالحكم العربي الإسلامي عام 1964م، من خلال سياسة «فرِّقْ.. تَسُدْ»، فعمدت إلى تكوين حزبيْن سياسييْن يفرِّقان بين المسلمين من أصل عربي والمسلمين من أصل أفريقي؛ تمهيدًا لحرب أهلية تطيح بالعرب المسلمين وحكمهم.
استقلت زنجبار كسلطة ذات سيادة في (ديسمبر 1963)، وكان حاكمها في تلك الفترة (جمشيد بن عبد الله)، وأجريت انتخابات حرة فاز بها (حزب زنجبار الوطني) بقيادة (علي محسن) وأغلب أعضاءه من عامة الشعب ذوي الأصول العربية والشرقية، وخسر في هذه الانتخابات (الحزب الأفروشيرازي) والذي كان يمثل الأصول الأفريقية والشيرازيين بزعامة (عبيد كرومي)، ولكن بتحريض من بريطانيا ومؤامراتها ساعدت الأخير وحزبه على القيام بثورة دموية ضد السلطات الدستورية، وبالفعل حصلت المذبحة؛ حيث سادت الفوضى، وقام بعض المأجورين من الأفارقة بقيادة الأوغندي المسيحي (جون أوكيلو) بهجوم شامل على عرب زنجبار، وانتهى الأمر باستشهاد أكثر من عشرين ألف عربي مسلم. ولم يبق من الخمسين ألف عربي بالجزيرة (سدس السكان) سوى 12 ألفا من فرط التهجير القسري والترويع.
تم الاستيلاء على زنجبار، وألغيت نتيجة الانتخابات، وفر آخر سلطان عربي (جمشيد) إلى خارج البلاد، وذلك في شهر (يناير1964) أي بعد أقل من شهر من استقلال زنجبار عن بريطانيا.
وتسلم (عبيد كرومي) -وهو للأسف مسلم- الحكم في البلاد، وفي نفس التوقيت تم الإعلان عن اتحاد فيدرالي بين أرخبيل زنجبار وتنجانيقا لتتشكل منهما ما يعرف الآن (تنزانيا) وعاصمتها دار السلام.
كانت مذبحة المسلمين من أصول عربية مذبحة بشعة بكل المقاييس حيث تم أخذهم بالآلاف إلى مقابر جماعية مجهزة خصيصاً لهم، وقال الكاتب (يوسي ميلمان) في مقال نشره بجريدة هآرتس بتاريخ 7 أغسطس 2009 أنّ الانقلاب العسكري ضد حكم المسلمين -والذين كانوا يمثلون الأغلبية بنسبة 70%- كان بمشاركة المخابرات الصهيونية، وذكر أسماء ضباط المخابرات الذين شاركوا في هذا الانقلاب.
بعد الانقلاب قام القس النصراني (جوليوس نيريري) بتولي الحكم في تنزانيا بدعم من الغرب، ودعم هذا القس الماركسية، وألغي الكثير من الشعائر الدينية الإسلامية الخاصة بالغالبية العظمي في زنجبار، حتى أنّه أصدر قرار يُجبر المسلمات على قبول الزواج من النصارى، ويعتبر رفض ذلك جريمة ولها عقوبة جنائية، وفي خلال عملية الانقلاب دخل مرتزقة أوغنديين كانوا يتبعون لجوليوس نيريري وقاموا بمذبحة بدأت بقتل خمسة آلاف مسلم وأحرقوا جثثهم.
ولعل من الصعب تخيُّل ما حدث للعرب المسلمين على يد مسلمين مثلهم، بعد أن عاشوا سويًّا قرابة مائة عام، يربط بينهم عامل واحد هو «الدين» الذي يرفعونه فوق كل اعتبار، لكن بالنظر إلى الأسباب التي رسمت هذه الواقعة، فإننا نجدها تعود إلى أسباب خارجية متمثلة في:
- سياسة التنصير التي عملت على إثارة النعرة العنصرية بين المسلمين خاصة، بعد أن أشاع الاستعمار بين الأفارقة أن العرب كانوا من تجار الرقيق، في تجاهل للاتفاقية التي وقعها السلطان (سعيد بن سلطان) مع بريطانيا لإلغاء هذه التجارة التي كان يقوم عليها الغزو الغربي.
- مطامع دول الجوار، وخاصة كينيا وتنزانيا في ضم زنجبار إليها واستقطاعها من حكم الدولة العُمانية، بجانب رغبة الدول الغربية في تقويض الإسلام في زنجبار وخاصة نظام الحكم؛ لأنها كانت بوابة إفريقيا الشرقية، ومنها دخل الإسلام إلى معظم الدول الإفريقية الشرقية والوسطى.
تاريخ الارهاب الدولي: مذبحة زنجبار 1
تقع (زنجبار) في شرق إفريقيا، وتتشكّل من عدد من الجزر في المحيط الهندي قُبالة سواحل دولة (تنزانيا)، وتبعد عن السواحل الأفريقية قرابة 35 كيلو مترًا، وأكبر جزرها جزيرتا: زنجبار، وبيمبا، أما البقية فهي جزر صغيرة تتوزع حول جزيرة بيمبا.
دخل الإسلام أرض زنجبار (أندلس أفريقيا) منذ القرن الأول الهجري، وكانت تُدعى «برّ الزنج» ثم صار اسمها زنجبار، وقد حكمها العرب العُمانيون، قبل أن يتم ضم الجزيرة قسرًا بمعاونة الاستعمار مع منطقة "تنجانيقا" عام 1964م، ليتم تشكيل ما تُسمَّى اليوم بدولة تنزانيا.
ففي عام 1698م عاد العمانيون وسيطروا على زنجبار مجددا، وذلك في عهد السلطان (سلطان بن سيف اليعربي) الذي قام بطرد البرتغاليين بعد احتلال دام 200 عام، وأعاد حكم العُمانيين العرب لها.
أحدث العمانيون نهضة شاملة في زنجبار حيث طوروا نظام التجارة والاقتصاد والمحاصيل، مع تحسين المزارع لزراعة التوابل والقرنفل والثوم، حتى أعطي لها لقب «جزر التوابل»، لينافس «جزر الملوك» المستعمرة الهولندية بإندونيسيا.
وكان لزنجبار تجارة أخرى وهي العاج الذي يؤخذ من أنياب الفيلة التي تقتل في بر أفريقيا، أما المصدر الثالث للتجارة فهو تجارة الرقيق، حيث كان الآلاف من سكان المناطق المجاورة يؤسرون ويباعون كعبيدٍ على أرض الجزيرة، كما أدى ذلك إلى استقبال زنجبار كغيرها من الموانئ الأفريقية لأعداد كبيرة من تجار العبيد القادمين من أوروبا وأمريكا تحديداً.
واستمر تواجد العمانيون إلى أن جاء أهم حاكم لزنجبار (سعيد بن سلطان البوسعيدي) الذي أصدر عام 1818م أمرا بنقل مقر إقامته من عُمان إلى زنجبار! وأصبحت سلطنة (عُمان وزنجبار) تدار من زنجبار، حيث تم بناء عدد من القصور والمنشآت المهمة لهذا الغرض مما أحدث طفرة في تطور هذه الجزيرة من الناحية العمرانية والاقتصادية.
وفي عهد السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي حصل اتفاق على وجود بريطاني في الجزيرة، وفي عام 1856 توفى السلطان (سعيد) وهو على ظهر الباخرة البريطانية (فكتوريا) عندما كان في جولة بحرية، حيث نقل جثمانه ودفن في زنجبار.
استلم الحكم بعده ابنه الأكبر (ماجد) وكان يمتاز بشخصية هادئة مسالمة ومتسامحة، وخلال فترة حكمه وبإقناع من بريطانيا، انفصلت زنجبار وبشكل غير تام عن حكم سلطان عُمان. وهذا بالضبط ما خططت له بريطانيا على نار هادئة، وعمقت الخلاف بينه وبين أخوه (برغش) الذي سعى للإطاحة بحكم أخيه، وقد كان برغش بن سعيد متهورا شديدا في رأيه، ودائم الانتقاد لسياسة أخيه ماجد، واستمر الخلاف بينها إلى أن توفى السلطان ماجد سنة 1870م حيث تولى الحكم بعده أخوه برغش، وخلال حكمه ازداد تدخل بريطانيا في شؤون الجزيرة.
وفي سنة (1890) توفى السلطان برغش وخلفه أخوهم (علي)، وهنا كشرت بريطانيا عن أنيابها! وأعلنت الوصاية [أي الاحتلال] لزنجبار، والذي استمر لمده تزيد عن سبعين عاما استنزفت خلالها خيرات هذا البلد الغني.
وعندما أرادت بريطانيا الانسحاب، قامت كعادتها بترتيب خطة تستطيع بها البقاء الفعلي بعد خروجها ظاهريًّا، فكانت المؤامرة التي دبّرتها للإطاحة الكاملة بالحكم العربي الإسلامي عام 1964م، من خلال سياسة «فرِّقْ.. تَسُدْ»، فعمدت إلى تكوين حزبيْن سياسييْن يفرِّقان بين المسلمين من أصل عربي والمسلمين من أصل أفريقي؛ تمهيدًا لحرب أهلية تطيح بالعرب المسلمين وحكمهم.
استقلت زنجبار كسلطة ذات سيادة في (ديسمبر 1963)، وكان حاكمها في تلك الفترة (جمشيد بن عبد الله)، وأجريت انتخابات حرة فاز بها (حزب زنجبار الوطني) بقيادة (علي محسن) وأغلب أعضاءه من عامة الشعب ذوي الأصول العربية والشرقية، وخسر في هذه الانتخابات (الحزب الأفروشيرازي) والذي كان يمثل الأصول الأفريقية والشيرازيين بزعامة (عبيد كرومي)، ولكن بتحريض من بريطانيا ومؤامراتها ساعدت الأخير وحزبه على القيام بثورة دموية ضد السلطات الدستورية، وبالفعل حصلت المذبحة؛ حيث سادت الفوضى، وقام بعض المأجورين من الأفارقة بقيادة الأوغندي المسيحي (جون أوكيلو) بهجوم شامل على عرب زنجبار، وانتهى الأمر باستشهاد أكثر من عشرين ألف عربي مسلم. ولم يبق من الخمسين ألف عربي بالجزيرة (سدس السكان) سوى 12 ألفا من فرط التهجير القسري والترويع.
تم الاستيلاء على زنجبار، وألغيت نتيجة الانتخابات، وفر آخر سلطان عربي (جمشيد) إلى خارج البلاد، وذلك في شهر (يناير1964) أي بعد أقل من شهر من استقلال زنجبار عن بريطانيا.
وتسلم (عبيد كرومي) -وهو للأسف مسلم- الحكم في البلاد، وفي نفس التوقيت تم الإعلان عن اتحاد فيدرالي بين أرخبيل زنجبار وتنجانيقا لتتشكل منهما ما يعرف الآن (تنزانيا) وعاصمتها دار السلام.
كانت مذبحة المسلمين من أصول عربية مذبحة بشعة بكل المقاييس حيث تم أخذهم بالآلاف إلى مقابر جماعية مجهزة خصيصاً لهم، وقال الكاتب (يوسي ميلمان) في مقال نشره بجريدة هآرتس بتاريخ 7 أغسطس 2009 أنّ الانقلاب العسكري ضد حكم المسلمين -والذين كانوا يمثلون الأغلبية بنسبة 70%- كان بمشاركة المخابرات الصهيونية، وذكر أسماء ضباط المخابرات الذين شاركوا في هذا الانقلاب.
بعد الانقلاب قام القس النصراني (جوليوس نيريري) بتولي الحكم في تنزانيا بدعم من الغرب، ودعم هذا القس الماركسية، وألغي الكثير من الشعائر الدينية الإسلامية الخاصة بالغالبية العظمي في زنجبار، حتى أنّه أصدر قرار يُجبر المسلمات على قبول الزواج من النصارى، ويعتبر رفض ذلك جريمة ولها عقوبة جنائية، وفي خلال عملية الانقلاب دخل مرتزقة أوغنديين كانوا يتبعون لجوليوس نيريري وقاموا بمذبحة بدأت بقتل خمسة آلاف مسلم وأحرقوا جثثهم.
ولعل من الصعب تخيُّل ما حدث للعرب المسلمين على يد مسلمين مثلهم، بعد أن عاشوا سويًّا قرابة مائة عام، يربط بينهم عامل واحد هو «الدين» الذي يرفعونه فوق كل اعتبار، لكن بالنظر إلى الأسباب التي رسمت هذه الواقعة، فإننا نجدها تعود إلى أسباب خارجية متمثلة في:
- سياسة التنصير التي عملت على إثارة النعرة العنصرية بين المسلمين خاصة، بعد أن أشاع الاستعمار بين الأفارقة أن العرب كانوا من تجار الرقيق، في تجاهل للاتفاقية التي وقعها السلطان (سعيد بن سلطان) مع بريطانيا لإلغاء هذه التجارة التي كان يقوم عليها الغزو الغربي.
- مطامع دول الجوار، وخاصة كينيا وتنزانيا في ضم زنجبار إليها واستقطاعها من حكم الدولة العُمانية، بجانب رغبة الدول الغربية في تقويض الإسلام في زنجبار وخاصة نظام الحكم؛ لأنها كانت بوابة إفريقيا الشرقية، ومنها دخل الإسلام إلى معظم الدول الإفريقية الشرقية والوسطى.
تاريخ الارهاب الدولي: مذبحة زنجبار 2
28 فبراير 2016
الغريب والعجيب أن أول من اعترف بهذه الحكومة النصرانية القاتلة والسفاحة كانت الدول العربية المسلمة وعلى رأسهم مصر والأردن، ففي الوقت الذي كانت بعض الدول الأوروبية والأسيوية ودول قارة أمريكا الجنوبية ترفض شرعية هذه الحكومة القاتلة، بادر الرئيس المصري جمال عبد الناصر بتقديم التهنئة لعبيد كرومي المجرم القاتل على تسلمه السلطة في زنجبار.
ويبدو من السرد التاريخي أن عبد الناصر كان ضليعا في محاربة التيار الإسلامي إقليميا وعالميا، نعم هذا هو عبد الناصر!!
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع الهند الهندوسية الوثنية ضد باكستان المسلمة.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع الهند الوثنية لفصل بنجلادش عن باكستان.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع هيلاسيلاسي إمبراطور الحبشة ضد المسلمين في الحبشة.
هذا هو عبد الناصر الذي ساند أخيه الشيوعي تيتو ضد المسلمين في يوغسلافيا، وسلمه المجاهدين اليوغسلافيين الذين جاهدوا في فلسطين ليعدمهم في يوغسلافيا.
هذا هو عبد الناصر الذي هنأ الوفد النيجيري المسلم الذي جاء ليشكوا إليه قتل زعيمهم المسلم الحاج أحمد أوبللو -رئيس الوزراء- الذي أسلم على يدية 1118000 وثني.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف بجانب جوليوس نيريري في تنزانيا ضد المسلمين في زنجبار وتنجانيقا.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع الأسقف مكاريوس في قبرص ضد المسلمين الأتراك فيها، وكانت الصاعقة المصرية تقوم بنسف المساجد في قبرص.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع خريشوف الزعيم السوفياتي الشيوعي ضد مصالح المسلمين هناك.
قال الدبلوماسي الأميركي (دونالد بيترسون): “لو كنا نتكلم في 1964 بلغة اليوم لوصفنا محنة العرب في الجزيرة في تلك السنة بـالجنوسايد [أي الإبادة الجماعية] لا مواربة”.
وربما تَفَرد تطهير العرب العرقي في زنجبار في أنه مما صورت بعض مشاهده حية بواسطة التليفزيون الإيطالي في الفيلم الوثائقي «وداعا أفريقيا» عام 1966م، وعَرَض الفيلم مقتلة زنجبار ضمن فظاعات أفريقية وقعت بعد استقلال بلدان القارة السمراء.
ويرى المشاهد على الطبيعة كيف يُساق العرب قتلا على الهوية، والمقابر الجماعية التي ضمت رفاتهم، وقد احتج سفراء في أفريقيا في إيطاليا على الفيلم الذي صدمهم عنفه، حيث كان استقلال القارة ما زال بكرا.
ضافرت حوادث في التاريخ المحلي الزنجباري والقاري الأفريقي والعالم على إسدال ستار النسيان على مقتلة العرب في الجزيرة، وأوجزها في ما يلي:
1- كان التغاضي عن ذلك الجنوسايد هو أفضل حيل الحركة القومية الأفريقية الجامعة، وفي نسختها الزنوجية المتطرفة بالذات، التي تعتقد بأن «أفريقيا للأفريقيين».
والمفهوم من الأفريقيين أنهم السود الأصل، وما عداهم ممن جاؤوها من أصقاع مختلفة من العالم محض غزاة، فالعرب في رأي مثل هذه القومية غزاة، والتخلص من وجودهم الثقيل كسب قومي لا مذمة.
فليس منظورا من هذا الحركة المتطرفة بالطبع تَذَكر هذا الجنوسايد، وهي التي ابتهجت بعودة زنجبار إلى القارة في اتحاد مع تنجانيقا في دولة تنزانيا بعد أشهر قليلة من الثورة والجنوسايد، وعليه دأب كتاب أفريقيون على تكذيب أرقام ضحايا الكارثة ونسبتها للخيال العربي الشاطح.
2- الفكر الماركسي الزنجباري الذي مثله (عبد الرحمن بابو) زعيم حزب الأمة، وعضو مجلس قيادة ثورة 1964 والفكر الأكاديمي التنزاني في الستينات والسبعينات الذي غلب فيه التحليل على الطبقة، ولم يعتبر العرق الاعتبار الذي صار له مؤخرا في الدراسات السياسية.
فمن رأي (بابو) أن من قام بالثورة -وما ترتب عليها- هم البروليتاريا الرثة التي سرعان ما جرى استبعادها من دفة الأحداث لتتولى قيادتها قوى ثورية اجتماعية مسؤولة. وظل بابو ومن لف لفه يتفادون النظر في الضغائن العرقية التي تجلت غير خافية في مذبحة العرب، وعليه فتفسير بابو الطبقي كان صرفا للمسألة لا تحليلا لها.
3- الفكرة القومية العربية في نسختها الناصرية التي غلبت تحالفاتها للتحرر الوطني الأفريقي على استنقاذ شعب عربي.
فسقوط دولة سلطان عربي، من وجهة نظر تلك الفكرة القومية، مؤشر على صحة مطلبها في التخلص من سلاطين عرب رجعيين آخرين في مركز العرب، وكانت تلك مفارقة مأساوية أن يهلك شعب عربي على ذلك النحو، والدعوة إلى قومية هذا الشعب في أوجها.
يقول محمد فايق (مسئول الشئون الأفريقية في عهد عبدالناصر) أن موقف مصر كان داعماً لثورات التحرر الوطني في أفريقيا.
ويقول في كتابه «عبد الناصر والثورة الأفريقية» أن عبد الناصر وجد أن اعتراف مصر السريع بالثورة يضع حداً للمجازر ضد العرب في زنجبار التي قد تمتد إلى الساحل الأفريقي!! وأن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عرض على جمشيد أن يقوى سلطانه بالسلاح والرجال لكنه رفض، واكتفي فقط بطلب أم كلثوم وغيرها من المطربات المصريات!!.
عموما كانت النتيجة اعتراف عبد الناصر بالنظام الجديد، واعترف باتحاد زنجبار مع تنجانيقا في القاهرة في القمة الإفريقية في 1964م، ورحب بنيريري رئيس تنزانيا في القاهرة، وقام بإغلاق بيت الزنجباريين في منشية البكرى بالقرب من منزله.
4- وقع الجنوسايد في إطار الحرب الباردة التي كان أكبر همها كسب صفوة الحكم والسياسة الأفريقيين لسياسات القوتين العظميين، الاتحاد السوفياتي والغرب، فقد استبشر المعسكر الاشتراكي بثورة زنجبار الموصوفة بـ”كوبا أفريقيا”، واشتغل الغرب بالتخلص منها بضمها لتنجانيقا.
هناك بالطبع ما يقال عن سياسات لعرب أفريقيا تنكبت سبل الإخاء الوطني، ولكن سهم النقد -طالما كنا بحضرة ذكرى جنوسايد زنجبار- يطال السردية القومية الأفريقية الجامعة، فسيبوء بناء الدولة الوطنية في أفريقيا بالفشل طالما أنكرت تلك السردية: مواطنة العرب في أفريقيا، وعدتهم مستوطنين ثقلاء.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع الهند الوثنية لفصل بنجلادش عن باكستان.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع هيلاسيلاسي إمبراطور الحبشة ضد المسلمين في الحبشة.
هذا هو عبد الناصر الذي ساند أخيه الشيوعي تيتو ضد المسلمين في يوغسلافيا، وسلمه المجاهدين اليوغسلافيين الذين جاهدوا في فلسطين ليعدمهم في يوغسلافيا.
هذا هو عبد الناصر الذي هنأ الوفد النيجيري المسلم الذي جاء ليشكوا إليه قتل زعيمهم المسلم الحاج أحمد أوبللو -رئيس الوزراء- الذي أسلم على يدية 1118000 وثني.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف بجانب جوليوس نيريري في تنزانيا ضد المسلمين في زنجبار وتنجانيقا.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع الأسقف مكاريوس في قبرص ضد المسلمين الأتراك فيها، وكانت الصاعقة المصرية تقوم بنسف المساجد في قبرص.
هذا هو عبد الناصر الذي وقف مع خريشوف الزعيم السوفياتي الشيوعي ضد مصالح المسلمين هناك.
قال الدبلوماسي الأميركي (دونالد بيترسون): “لو كنا نتكلم في 1964 بلغة اليوم لوصفنا محنة العرب في الجزيرة في تلك السنة بـالجنوسايد [أي الإبادة الجماعية] لا مواربة”.
3تاريخ الارهاب الدولي: مذبحة زنجبار
1/3/2016
جنوسايد زنجبار، الذي دق إسفينا في دولتها ما يزال طريا، فرضته السردية القومية الأفريقية فرضا على الزنجباريين، ولم يكن في برنامج الحزبين الوطنيين المعارضين في زنجبار بقيادة عبيد كرومي (الأفروشيرازي) أو عبد الرحمن بابو (الأمة) خطة لمحو الوجود العربي، وكان صراعهم مع حزب زنجبار الوطني الحاكم والموالي للسلطان بقيادة (علي محسن) حول نتيجة انتخابات حرة تباينت نتيجتها بين فوز الوطني بالمقاعد الأكثر في البرلمان، بينما نالت المعارضة أكثرية أصوات الناخبين في الجملة. وهذا بعض المعلوم بالضرورة في الانتخابات.
وهكذا لم تكن زنجبار وقتها مهيأة لأكثر من خصام انتخابي فظ وطويل واحتكاكات عرقية مقدور عليها، ولا أدل على أن ثورة 1964 والمقتلة التي بعدها هي إفراز للقومية الأفريقية الجامعة، لا الدولة الوطنية الأفريقية الزنجبارية، أن كرومي وعبد الرحمن كانا يغطان في نوم عميق حين انفجرت الثورة، فأيقظ الثوار كرومي فجرا وحملوه إلى دار السلام -عاصمة تنجانيقا- بحجة حمايته، أما بابو فقد كان لائذا بدار السلام أصلا، فأيقظه السفير الكوبي هناك لينقل له خبر اندلاع ثورة في وطنه.
بثورة 1964 غَلَبت القومية الأفريقية الجامعة على الوطنية الأفريقية الزنجبارية، ولا أعلم من نوه بسخرية القدر الباهظة في ذلك الوضع مثل البروفسير (علي المزروعي) فقد وضع أصبعه على ما انطوت عليه ثورة زنجبار من تناقض بين الدولة الوطنية والأفريقية الجامعة، فقائد الثورة (جون أوكيلو) أفريقي، ولكنه ليس زنجباريا، وقد جاء الجزيرة في 1959 ضمن أفارقة الداخل ممن ظل يجتذبهم سوق العمل في زنجبار.
وهكذا أسقط هذا «الأجنبي» في مفهوم الدولة الوطنية سلطانا من الجيل الرابع في الجزيرة له الولاية على شعب مسلم بصورة كاملة، وعمقت الهوية الإسلامية من غربة قائد هذه الثورة عن الوطن الزنجباري بصورة دراماتيكية، فهو مسيحي تحول عن ديانة أفريقية خالصة فعمَّدته طائفة الكويكرز في أوغندا.
وزاد بأن أصطحب عقيدته المسيحية في ثورته ضد العرب المسلمين، فقد سماه الكويكرز “قيدون” وهو المخلص في دينهم، وتقمص أوكيلو دور المخلص لأفريقيي الجزيرة من ظلم العرب.
حكى عن سفره بالباخرة من الساحل الكيني إلى زنجبار وتعرضه لعاصفة كادت تغرقهم، وقال كاتب لمَّاح إنه إنما تمثل في ذلك بسانت بول الذي كادت سفينته تغرق عند جزيرة مالطا.
ولم تستسلم الوطنية الزنجبارية لـغزوة أوكيلو الثورية، وكان أول هم لكرومي بعد تعيينه رئيسا لمجلس قيادة الثورة بواسطة أوكيلو أن تتخلص منه كغريب زنيم، ونجح في مسعاه خلال خمسين يوما.
واختبط قائد الثورة الأجنبي (بالمعني الوطني) الآفاق الأفريقية التي جاء منها أول مرة. علاوة على استمرار هذه الوطنية الزنجبارية في التململ من الاتحاد التنزاني المفروض عليها باسم القومية الأفريقية الجامعة وبغير شورى منها. ولهذه الوطنية حزب ما فتئ يدعو لتفكيك الاتحاد.
والحق أن أوكيلو قائد ثورة 1964 جاء إلى قتل العرب بلا وازع من باب مزارات الرق العربي وشحن الضغن الأفريقي بواسطتها على العرب، فكان زار قلعة المسيح بمومباسا بكينيا، وقال إن حيطانها التي انحفر فيها تاريخ الرق لتُخجِل كل عربي.
وعرض هنري قيتس -الأستاذ بجامعة هارفارد- هذه المزارات كلها قبل سنوات في وثائقيته عن أفريقيا، فعاب عليه زميله جوناثان قلاسمان -الأستاذ بجامعة نورثوسترن الأميركية- تغفيل سدنة هذه النصب له، فيروى عنهم أساطير أدلاء السياحة وكأنها حقائق.
وكشف الأستاذان إبراهيم شريف ومحمد المحروقي في ورقة علمية أخيرا التزوير الذي دخل في صناعة تلك النصب. فقالا –مثلا- إن صناعة السياحة في الرق العربي تأخذ الزائر إلى كنيسة ست مونيكا ليرى قبوا به أغلال صدئة هي بقايا مزعومة للنخاسة العربية.
وإذا علمنا أن الكنيسة مما بني في 1905 بعد سنوات طويلة من إلغاء الرق في زنجبار، وقفنا على الخيال الكاذب الذي وراء تلك الصناعة.
ومما يزعج حاليا أن اليونسكو أشهرت مدينة الحجر في زنجبار، وفيها معظم هذه النصب، أثرا عالميا في 2000، وازدهرت تبعا لذلك سياحة التبغيض في العرب. ولاحظ من قرأ الأدب السياحي التنزاني عن الرق خلوه من أي ذكر لثورة 1964 لتفادي ما تثيره من تاريخ للجنوسايد قد يغطي على تاريخ الرق، أو ربما كشف كيل متطرفي القومية الأفريقية الجامعة بمكيالين: الحرص على تسوئة العرب، والتستر على سيئتهم هم.
ربما نظرنا في نهجنا التذكير بمحنة زنجبار، واستدركنا التغاضي الطويل عنها، بإلحاح منهجي، إلى همة اليهود الذي جعلوا من الهولوكوست واقعة لا مهرب منها. فألفوا فيها بإسراف حتى أحصوا ستة آلاف كتاب عنها سنويا، وخرج منهم مثل إفريم زوروف (65 سنة) الموصوف بـ”عميد صائدي النازيين” الذي أعد قائمة بالمطلوبين من النازية لجرائمهم بحق اليهود.
واشتهر عنه قوله: “إن جرائم الهولوكوست لا تسقط بالتقادم”، وحين رأى بلوغ النازيين أرذل العمر بموت الله قال إنه يتمنى منه أن يطيل من أعمارهم حتى يلقوا جزاءهم المستحق.
وبلغ الضرب على وتر الهولوكوست مرات مبلغا جعلها صناعة رابحة، كما قال بذلك الأستاذ اليهودي نورمان فنكلستين في كتابه «صناعة الهولوكوست».
فقد نشرت النيويورك تايمز خبرا عن كتاب اسمه «سفر الهولوكوست» وصفه نقاده بـ”الألعباني” في التذكير بالهولوكوست، فصفحاته 1250 وطوله ستة أقدام ونصف ومحيطه 46 قدما، وصاحب فكرته (لا تأليفه) هو فيل جيرموسكي، معلم رياضيات، هاجر من أميركا لإسرائيل.
ولا يحوي الكتاب سوى كلمة “يهود” ببنط صغير مكررة ستة ملايين مرة بعدد ضحايا الهولوكوست، ولا سقف لثمنه بالطبع طالما صدر الكتاب من أجل قضية، فقد اشترى أحدهم مائة نسخة ليوزعها على أعضاء بالكونغرس الأميركي وقادة اليهود بجنوب أفريقيا وأستراليا. وركز إبراهام فوكسمان -متولي منظمة مناهضة شتم اليهود- على الحصول على نسخة للبيت الأبيض.
جدير بالذكر أنه بعد أن سادت الهوية الإسلامية في زنجبار بدأت الحركات التنصيرية تتغلغل فيها حتى أن عدد الكنائس بلغ كنيسة لكل مائة نصراني. بل وانتشرت الكتب النصرانية والإنجيل مترجمة باللغات المحلية انتشاراً واسعاً بحيث تصل إلى أيادي المسلمين الذين يفتقرون إلى العلم الديني وفهم القرآن بعد أن سادت اللغة السواحلية مقابل محو اللغة العربية.
ورغم أن الأغلبية المسلمة فإن زنجبار تقع تحت حكم مسيحي شامل، يعاني المسلمون في ظلماته القمع والاضطهاد. ومحرومون من الوصول إلى مراكز صنع القرار، فنسبة المسلمين في مراكز صنع القرار لا تتعدى 5 %. بل إن التحيز للنصارى واضح جداً، فالوظائف الحكومية استحالت غالبيتها إليهم، وحرم الشباب المسلم من فرص التعليم والمنح الدراسية والحياة الأكاديمية التي يتمتع بها النصارى بلا حدود. ومن المحزن أنه تم في عام 2001م تعيين وزير نصراني لرئاسة الوزارة الخاصة بالشؤون الدستورية وهى المخولة بإدارة الإفتاء والأوقاف والمحاكم الإسلامية في زنجبار .
وقد شهدت زنجبار عمليات عسكرية لقمع مظاهرات سياسية قام بها المسلمون احتجاجاً على تزوير الانتخابات العامة التي أُجريت عام 2000م، وانتهت هذه المظاهرات بحصار الجزيرة، واقتحام المساجد، والاعتداء بالضرب على السكان، وفي الوقت الذي كان الجيش يحصد فيه أرواح المدنيين، كانت الشرطة تُكْمِل المهمة بتكسير عظام ومفاصل الجرحى، وتكويمهم بعضهم فوق بعض في سيارات مكشوفة.
من المصادر
- خمسون عاما على محنة عرب زنجبار .. عبد الله علي إبراهيم (موقع الجزيرة)
- مسلمو زنجبار ينتظرون دعمًا عربيًّا وإسلاميًّا لتثبيت هوّيتهم (شبكة الألوكة)
- الطاغية جمال عبد الناصر اخزاه الله (منتدى الطريق إلى الله)
No comments:
Post a Comment