الراية: اعداد أحمد محمود عبدالحليم
السبت 20/11/1430 هـ - الموافق 7/11/2009 م
مجموعة جزر في المحيط الهندي وتبعد 35 كيلو متراً عن سواحل أفريقيا
- لماذا يغمض الإعلام عيونه عن مسلميها ويتجاهلهم المجتمع الدولي؟!
- المسلمون يطالبون بالعدالة فى توزيع المناصب وتدوال منصب الرئاسة
- الفقر والجهل... أبرز مشكلات المسلمين
إعداد: أحمد محمود عبدالحليم (دراسات وأبحاث الراية ) ..تقع زنجبار في شرق أفريقيا، وتتشكّل من عدد من الجزر في المحيط الهندي قُبالة دولة تنزانيا ، وتبعد عن السواحل الأفريقية قرابة 35 كيلو متراً، وأكبر جزرها جزيرتا زنجبار وبيمبا، أما البقية فهي جزر صغيرة تتوزع حول جزيرة بيمبا.
وقد واجه العرب المسلمون في زنجبار مذابح وتصفيات يندي لها جبين الإنسانية، تجاهلها الإعلام العالمي، كما تغافل عنها الإعلام العربي والإسلامي للأسف الشديد، وأصبح المسلمون في مختلف أنحاء العالم يكادون لا يعلمون شيئاً عن حجم المأساة في زنجبار التي كانت عربية مسلمة، ولكنها لم تعد اليوم كذلك!
دخل الإسلام أرض زنجبار منذ القرن الأول الهجري، وكانت تُدعي برّ الزنج ثم صار اسمها زنجبار ، وقد حكمها العرب العُمانيون قرابة ألف عام، قبل أن يتم ضم الجزيرة قسراً بمعاونة الاستعمار مع منطقة تنجانيقا عام 1964م، ليتم تشكيل ما تُسمَّي اليوم بدولة تنزانيا.
زنجبار .. كما يسميها العرب من أبنائها، أو زنزبار كما يسميها الأجانب، وهي التسمية التي اصطلح عليها سكان البلاد منذ سقوط الحكم العربي فيها عام 1964، هذه البلاد يعتبرها المؤرخون البوابة الشرقية لأفريقيا، في الوقت الذي يطلق عليها السائحون "بستان أفريقيا الشرقية". يبلغ عدد سكان زنجبار -حسب آخر إحصاء - مليون نسمة، نسبة المسلمين منهم 98%، أغلبهم يقطنون جزيرتي "أنجوجا وبمبا"، والنسبة الباقية هم من المسيحيين والهندوس. يتحدث أهلها اللغة السواحلية، وهي اللغة الرسمية، بجانب الإنجليزية التي عمل الاحتلال البريطاني علي زرعها بين أبناء البلاد، ويرجع أصل سكانها إلي عمان وفارس وأفريقيا وآسيا، وخاصة الهند وباكستان. ورغم عدد السكان الهائل من المسلمين في زنزبار، فإنهم يعانون الكثير من الفقر والتخلف العلمي، وهو ما يجعلهم غنيمة لحركات التنصير والاستشراق أمام صمت عربي وإسلامي لافت.
تتكون زنجبار من عدد كبير من الجزر يبلغ عددها 52 جزيرة، أكبر جزيرتين هما "أنجوجا وبمبا"، وتمثل زنزبار أحد طرفي الجمهورية الاتحادية لتنزانيا، وهو الاسم المشتق من كل من "تنجانيقا وزنزبار". وبعد انهيار الحكم البرتغالي لساحل شمال أفريقيا دانت زنجبار للحكم العماني.
كثير من الدراسات التاريخية تري أن تاريخ العرب في زنجبار أو زنزبار شوه كثيرًا، فألصق بالحكم العربي تجارة الرقيق، واتهم بالتعاون مع الاستعمار، وتحمل العرب والمسلمون أكثر التهم سوءًا في تاريخ أوروبا وأفريقيا، فألصق بهم الميراث التاريخي الأسود الذي اخترعه الأوروبيون، وهو بيع الآلاف من الرقيق الأفارقة لأوروبا المسيحية. إلا أن الغالب، كما تذكره كتب التاريخ، فإنه منذ أن بدأت الوصاية البريطانية، وتغلغل نفوذ حركات التنصير في الدولة، حتي صار جميع موظفي الدولة من المسيحيين، وصار اقتصاد البلد بأيديهم، وأقاموا عشرات الكنائس، حتي بلغت نسبتها كنيسة مقابل كل مائة مسيحي، رغم كثرة عدد السكان المسلمين في هذه البلاد.
وكان الاعتماد الرئيس لحملات التبشير في زنجبار علي عنصري السلاح والإغراء بالمال، وإجبار النساء المسلمات علي الزواج من المسيحيين لكي تستطيع حملات التبشير الوصول إلي تنصير اجتماعي شامل، وكذلك فقد وزعت الكتب المسيحية باللغة المحلية السواحلية، والأجنبية الإنجليزية والعربية، وتشكلت مكتبة ضخمة سميت باسم "مجمع الكتب المسيحية"، وصار كل من يريد الحصول علي الإنجيل يجده بلغته، وصار المسلمون يقرأون الإنجيل، ويفهمون معانيه قبل أن يسمعوا شيئاً من القرآن؛ لأنهم بعد مخططات التذويب التي قضت علي كل ما هو عربي عقب الثورة في 5 يناير 1964، أصبح المسلمون لا يعرفون شيئاً عن اللغة العربية!
ويقال إنه من جراء الثورة العارمة التي انطلقت في عام 1964 قُتل علي أثرها ثلاثة وعشرون ألفًا من العرب المسلمين والهنود، وفرّ الكثير من العرب والشيرازيين، وتم الاستيلاء علي ممتلكاتهم من المتاجر والمزارع، وأعلنت زنجبار الجمهورية عنوة عن السكان برئاسة عبيد كرومي الذي كان يتزعم -آنذاك- الحزب "الأفروشيرازي"، واعترف باستقلال عدة دول من أبرزها مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
واقع المسلمين الآن وبعد مرور ما يزيد علي 40 عاماً علي الوضع في البلاد، فإن المسلمين في زنجبار يرون أن قضيتهم هي قضية منسية، حيث إذا لم يتحرك العالم الإسلامي لنصرة إخوانه في زنجبار، فإن هذه البلاد التي امتد الحكم فيها من الصومال إلي موزمبيق ستكون مهددة في وجودها، بعد أن نجح أذناب الاستعمار في تسييد اللغة السواحلية، والتي ظهرت في القرن الثاني عشر الميلادي، مقابل محو تاريخ اللغة العربية في زنجبار الذي امتد نحو ألف عام، والذي وقف أمامه المستعمرون وأعوانهم ليفكروا كيف يمحونه من الذاكرة الوجدانية لأهالي زنجبار، فقاموا بإغراق أمهات الكتب العربية في المحيط الهندي، والذي تقع علي ضفافه البلاد.
إلا أنه يتساءل ومجيبًا في الوقت نفسه: إذا كان الاستعمار قد نجح في تشويه التاريخ العربي، فإنه فشل في إزالته من عقول وقلوب أهالي زنجبار! إن مسلمي زنجبار حريصون للغاية علي التمسك بالدين الإسلامي، رغم حالات الفقر الشديدة التي يواجهونها، إلا أنه لديهم رغبة في تعلم مفاهيم الدين، ودراسة اللغة العربية، إلا أن المشكلة التي تواجههم هي في قلة الكتب الإسلامية والدراسية للفقر الشديد، ولعدم حصولهم علي قسط وافٍ من التعليم، وهو ما يلقي بالمسؤولية علي دول العالم الإسلامي لإنقاذها هذا العضو العليل في الجسم الإسلامي.
ويقول: إن مسلمي زنجبار لو وجدوا دعماً وإعانات من الدول العربية والإسلامية، فإن حالهم سوف يتغير كثيرًا، حيث يوجد وعي وصحوة إسلامية كبيرة، ورغبة في حب التعليم، وهو ما يظهر في تكرار سؤالهم عن الأمور الدينية.
الوجود العربي
استدلّ المؤرخون علي أن الوجود العربي فيها يرجع إلي ما قبل الإسلام، وبقي ولاة زنجبار خاضعين لسلطان عُمان وقد حصل اتفاق علي وجود بريطاني في الجزيرة، تطور إلي أن أعلنت بريطانيا الوصاية عليها.
وعندما أرادت بريطانيا الانسحاب، قامت كعادتها بترتيب خطة تستطيع بها البقاء الفعلي بعد خروجها ظاهرياً، فكانت المؤامرة التي دبّرتها للإطاحة الكاملة بالحكم العربي الإسلامي عام 1964م، من خلال سياسة فرِّقْ.. تَسُدْ ، فعمدت إلي تكوين حزبيْن سياسييْن يفرِّقان بين المسلمين من أصل عربي والمسلمين من أصل أفريقي، تمهيداً لحرب أهلية تطيح بالعرب المسلمين وحكمهم، وبالفعل حصلت المذبحة؛ حيث سادت الفوضي، وقام بعض المأجورين من الأفارقة بهجوم شامل علي عرب زنجبار، وانتهي الأمر باستشهاد أكثر من عشرين ألف عربي!
وبعد المذبحة، جاء عبيد كرومي ، الذي حكم زنجبار باعتبارها تابعة لاتحاد تنزانيا الذي أُعلِن عقب الانقلاب، وتكوَّن من زنجبار و تنجانيقا ، مع توسُّع النشاط التبشيري، حتي أصبح في زنجبار مائة كنيسة، بعد أن كانت نسبة النصاري فيها لا تتعدّي 3% من إجمالي عدد السكان، وصار اقتصاد البلاد بأيديهم، وكذلك الوظائف الحكومية المرموقة.. وأصبحت زنجبار تحت وطأة الحكم العلماني الذي انتهجته تنزانيا، وهو ما أضعف كثيراً من معرفة الأجيال الجديدة بتاريخها وإسلامها.
سياسة التبشير
ولعل من الصعب تخيُّل ما حدث للعرب المسلمين علي يد مسلمين مثلهم، بعد أن عاشوا سوياً قرابة مائة عام، يربط بينهم عامل واحد هو الدين الذي يرفعونه فوق كل اعتبار.. لكن بالنظر إلي الأسباب التي رسمت هذه الواقعة، فإننا نجدها تعود إلي أسباب خارجية متمثلة في سياسة التبشير التي عملت علي إثارة العنصرية بين المسلمين خاصة بعد أن أشاع الاستعمار بين الأفارقة أن العرب كانوا من تجار الرقيق، في تجاهل للاتفاقية التي وقعت مع بريطانيا لإلغاء هذه التجارة التي كان يقوم عليها الغزو الغربي، ومطامع دول الجوار، وخاصة كينيا وتنزانيا في ضم زنجبار إليها واستقطاعها من حكم الدولة العُمانية، بجانب رغبة الدول الغربية في تقويض الإسلام في زنجبار وخاصة نظام الحكم، لأنها كانت بوابة أفريقيا الشرقية، ومنها دخل الإسلام إلي معظم الدول الأفريقية الشرقية والوسطي.
أما الأسباب الأخري فهي أسباب داخلية تمثلت في أخطاء سلطان زنجبار في سياسة حكمه للطوائف؛ حيث فتح باب التنصير دون رقابة، فتغلغل وشوَّه تاريخ العرب مما أثار سخط المسلمين الأفارقة الذين شعروا بأن العرب هم من جلب الاحتلال الغربي إلي بلادهم.
وعندما تُوفِّي السلطان عام 1856م علي متن الباخرة البريطانية فيكتوريا أعلنت بريطانيا الوصاية (الاحتلال) علي الجزيرة عام 1890م، واستمرت هذه الوصاية حوالي سبعين عاماً، ثم استقلت زنجبار من بريطانيا كسلطنة ذات سيادة في ديسمبر 1963م، وبعدها دخلت تنجانيقا مع زنجبار في اتحاد فيدرالي ليشكّلا دولة تنزانيا (بأخذ الحرفين الأولين من كل منهما) في 12 يناير 1964م، إلا أن زنجبار احتفظت بحكم مستقل؛ رغم كونها جزءاً من تنزانيا.
مجازر وانتهاكات
وفي الوقت الذي يتعمّد الإعلام الغربي اتباع سياسة التعتيم علي ما حدث وما يحدث في زنجبار من انتهاكات واعتداءات ضد المسلمين، نجد للأسف أن الإعلام العربي الإسلامي يتجاهل بتعمّد أو بدونه إلقاء الضوء علي هذه المجازر والانتهاكات التي تتكرّر بشكل مستمر في زنجبار المسلمة.
وما يحدث في زنجبار شاهد علي هذا التعتيم والتجاهل، فهي جزء من ذلك الشريط العربي الممتد علي الساحل الشرقي من القارة الأفريقية، ويرتبط معظم سكانها بصلات قربي ونسب مع عرب الساحل الجنوبي من الجزيرة العربية، غير أنها جزء يتعمّد التاريخ إغماض عينيه عنها، ويشيح الضمير الدولي بوجهه عن مآسيها، إذ لم يكتفِ المجتمع الدولي بالصمت إزاء المجازر التي قام بها الأفارقة والنصاري ضد العرب المسلمين في الجزيرة عام 1964م، التي صاحبت استيلاء تنجانيقا تنزانيا حالياً علي الجزيرة، بل لا يزال يصر علي صمته إزاء المذابح التي يواجهها المسلمون حالياًً، والتي تجدّدت علي مدي أكثر من ربع قرن.
وما يحدث في زنجبار شاهد علي هذا التعتيم والتجاهل، فهي جزء من ذلك الشريط العربي الممتد علي الساحل الشرقي من القارة الأفريقية، ويرتبط معظم سكانها بصلات قربي ونسب مع عرب الساحل الجنوبي من الجزيرة العربية، غير أنها جزء يتعمّد التاريخ إغماض عينيه عنها، ويشيح الضمير الدولي بوجهه عن مآسيها، إذ لم يكتفِ المجتمع الدولي بالصمت إزاء المجازر التي قام بها الأفارقة والنصاري ضد العرب المسلمين في الجزيرة عام 1964م، التي صاحبت استيلاء تنجانيقا تنزانيا حالياً علي الجزيرة، بل لا يزال يصر علي صمته إزاء المذابح التي يواجهها المسلمون حالياًً، والتي تجدّدت علي مدي أكثر من ربع قرن.
فقد شهدت زنجبار عمليات عسكرية لقمع مظاهرات سياسية قام بها المسلمون احتجاجاً علي تزوير الانتخابات العامة التي أُجريت عام 2000م، وانتهت هذه المظاهرات بحصار الجزيرة، واقتحام المساجد، والاعتداء بالضرب علي السكان.. وفي الوقت الذي كان الجيش يحصد فيه أرواح المدنيين، كانت الشرطة تُكْمِل المهمة بتكسير عظام ومفاصل الجرحي، وتكويمهم بعضهم فوق بعض في سيارات مكشوفة!
إن ما حدث في زنجبار يكشف نفاق الإعلام العالمي، الذي لا يلتفت إلا للمآسي والمذابح التي تتعارض مع السياسات الغربية، أو تلك التي يتجاوز مداها حدود الصمت والتعتيم كما حدث في الشيشان ويحدث في فلسطين مثلاً!
صحوة إسلامية
وأمام هذا التجاهل الإعلامي الغربي والعربي أبي مسلمو زنجبار إلا أن يكون لهم وجود في الإقليم الذي تبلغ نسبة المسلمين فيه أكثر من 98% من إجمالي عدد سكانه، حيث سعي المسلمون إلي أن يكون لهم دور حيوي في الانتخابات التي أُجريت في أكتوبر 2005م، فيما يُشبه صحوة إسلامية في الإقليم.
ويري المراقبون للشأن الإسلامي انه في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردّية التي يعيشها إقليم زنجبار، فإن هذه الصحوة الإسلامية جعلت الانتخابات العامة أكثر حدة من الانتخابات التي أُجريت عامَيْ 1995م، و2000م.
مطالب ضرورية
تواجه الصحوة الإسلامية في زنجبار العديد من المصاعب، أهمها: الفقر، وحملات التبشير، وقد طرحت الأوساط الإسلامية في زنجبار جملة من المطالب تري أن تلبيتها ضرورية لإحداث أي تطور إيجابي للأوضاع العامة، والعلاقات بين الطوائف الأخري في البلاد، وأهم تلك المطالب:
- تداول رئاسة الدولة بين المسلمين والنصاري.
- تداول رئاسة الدولة بين المسلمين والنصاري.
- مراعاة المساواة في توزيع الحقائب الوزارية بين المسلمين والنصاري.
- جعل يوم الجمعة عطلة أسبوعية رسمية بدلاً من الأحد.
- منح الأئمة والعلماء المسلمين حقوقاً سياسية متساوية مثل نظرائهم من رجال الدين النصراني، للتمثيل والترشيح في البرلمان والمجالس المحلية.
- إيقاف استغلال المناصب الحكومية، لممارسة الضغوط والاضطهاد علي الشباب المسلم في المؤسسات التعليمية والأكاديميات العليا.
- فتح المجال أمام الشباب المسلم - كغيره - في الحصول علي منح دراسية في العلوم الحديثة.
وفي النهاية، يمكن القول: إن زنجبار العربية المسلمة يجب ان تسترد عافيتها بصبر وصمود أهلها الأصليين، وإن الإسلام لا يزال مغروساً وموجوداً فيها رغم الظلم الذي يعانون منه.
وإن عرب زنجبار لا يزالون يعتزّون بعروبتهم، ويتطلعون إلي عرب الجزيرة والوطن العربي في وقفة مساندة وتأييد لحقوق العرب، أهل البلاد الأصليين في زنجبار بلاد القرنفل والعطور.
وفي النهاية، يمكن القول: إن زنجبار العربية المسلمة يجب ان تسترد عافيتها بصبر وصمود أهلها الأصليين، وإن الإسلام لا يزال مغروساً وموجوداً فيها رغم الظلم الذي يعانون منه.
وإن عرب زنجبار لا يزالون يعتزّون بعروبتهم، ويتطلعون إلي عرب الجزيرة والوطن العربي في وقفة مساندة وتأييد لحقوق العرب، أهل البلاد الأصليين في زنجبار بلاد القرنفل والعطور.
جميله المدونه جدا ساعدتني في الدراسات الاجتماعيه .
ReplyDelete