الجريدة
الخميس 4 فبراير 2016
خليل علي حيدر
ظرت الإدارة البريطانية إلى محميتها في زنجبار كمجتمع من عدة مجتمعات منفصلة عرقيا، ويقول د. تركي إن الإنكليز شجعوا وثبتوا هذا التقسيم: "فالعرب يمثلون الطبقة الحاكمة وملاك الأراضي ومزارعي القرنفل، في حين كان الهنود يمثلون التجار والممولين ووسطاء العمليات التجارية، أما السواد الأعظم من السكان، ونقصد بهم الأفارقة ومعهم الأرقاء، فكانوا مجرد أيدٍ عاملة لخدمة الإدارة البريطانية والعرب والهنود".
لجأ الإنكليز، في تحليل الباحث، إلى حيلة قانونية في قضية إلغاء الرق، فـ"أشاع البريطانيون بأن هناك فرقا شاسعا بين إلغاء الرق وإسقاط صفته القانونية، فالحالة الأولى تعني إعتاق جميع الأرقاء فوراً ودون تردد، بينما تعني الحالة الثانية عدم الاعتراف بالرق وعدم شرعيته، وإلغاء الرق في زنجبار معناه إعتاق جميع الأرقاء الذين كانوا يشكلون، حسب ما ذكرناه، ثلثي عدد السكان، وكان ملاك هذه الأعداد الكبيرة يتكفلون، في ظل وجود نظام الرق، بتوفير مستلزمات الحياة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، والإدارة البريطانية كانت تتخوف من أنه حالما يتم إعتاقهم فلن يكون هناك إجبار لمالكيهم السابقين بتوفير مستلزمات احتياجاتهم لبدء حياة مستقلة، وفي الوقت نفسه كانت غير مقتنعة بإمكانيتها في توفير البديل إذا لم توفر لهم أراضي للسكنى.
كما كانت إمكانية إيجاد فرص عمل لهم خارج نطاق الزراعة "محدودة"، أضف إلى ذلك أن توفير البديل إن وجد يكلف خزينة الدولة أكثر من طاقتها، ولم يكن لدى الإدارة البريطانية الرغبة في ضخ أموال باهظة لمصلحة الأرقاء، مما حدا بالإدارة البريطانية إلى اللجوء إلى إلغاء الصفة القانونية للرق كبديل لإلغاء الرق". (زنجبار وجوارها الإفريقي 2010، ص24).
ويرى الباحث في هذا الموقف البريطاني تبريرا يعزز شكوكه في عدم جدية الإدارة البريطانية في محاربة الرق وتجارته لأسباب إنسانية، ولكن ما من قانون إنساني إلا ويحتاج في تطبيقه إلى الوقت وحسن التخطيط والتبصر، وخصوصاً أن الملاك العرب والوسطاء الهنود كانوا غير متعاطفين مع أي شكل من أشكال تحرير الأرقاء، وبخاصة تحرير الأفارقة السود.
وقد رأينا كذلك في العقود الراهنة كيف فشلت دول وغرقت مجتمعات إفريقية عديدة في بحور الفوضى والفساد، رغم وجود "الأفارقة الوطنيين" على رأس حركات الاستقلال، وتوافر الثروات والمحاصيل في هذه الدول، وانتهاء الاستعمار والإدارة الأجنبية، ولا يدافع أحد بالطبع عن السياسة البريطانية في مستعمراتها ومحمياتها، ولكن لا الأفارقة في بلدانهم المستقلة، ولا نحن في العالم العربي، نجحنا دائما في تقديم إدارة أفضل. وما يورده د. تركي في الفقرة اللاحقة، يظهر لنا في الواقع بُعد نظر الإدارة البريطانية، مهما اتهمنا تلك الإدارة بعدم النزاهة والميكيافيلية، وبخاصة أن هذه الإدارة كانت أمام مجتمع بالغ التخلف والانقسام والمعاناة من الاستغلال، مثل زنجبار أواخر القرن التاسع عشر! ويشرح د. تركي هذه النقطة فيقول: "خشيت الإدارة البريطانية أن يؤدي الإعتاق الفوري للأرقاء إلى وجود مجتمع متذمر، وتكون النتيجة الحتمية لهؤلاء المعتقين القيام بأعمال ذات صبغة ثورية؛ لذا نجدها تصرّ على فكرة التدرج في إلغاء الرق والاكتفاء بإلغاء صفته القانونية، وكانت تهدف من جراء ذلك إلى امتصاص نقمة الأرقاء المعتقين، وزيادة في الحيطة والحذر، فقد لجأت الإدارة البريطانية إلى اتخاذ إجراءات احترازية ضد طالبي الحرية من الأرقاء، إذ أصرت على أن يكون عبء الحصول على الحرية منوطا بالرقيق نفسه، كما لا يحق له الحصول على حريته ما لم يكن لديه إفادة إثبات مورد دخل من أي مصدر كان، وكما سنرى لاحقا فإن الإدارة البريطانية شجعت الأرقاء على البقاء في أراضي أسيادهم والعمل معهم بظروف جديدة ومناسبة لتضمن بقاء الأرض مزروعة وبقاء الرقيق عليها". (زنجبار وجوارها الإفريقي، ص25).
هل كانت الإدارة الإنكليزية متحمسة لاستمرار الرق في زنجبار، وتحاول مجاملة ضغوط جمعيات مكافحة الرق فحسب؟
ما يورده الباحث في دراسته ينفي هذا الاتهام، فقد كانت الأوضاع الاقتصادية في زنجبار تسير من سيئ إلى أسوأ، بعد أن فشلت الإدارة في إعادة زنجبار إلى وضعها كميناء، وكانت الزراعة في زنجبار كذلك تعاني قلة اليد العاملة والاعتماد على زراعة محصول واحد، وكان الملاك العرب بدورهم يعانون الديون المتراكمة عليهم، وكانت الإدارة البريطانية، يقول الباحث، مدركة ضرورة تغيير نمط الاقتصاد الزراعي التقليدي.
كان أحد الحلول التي يريد الإنكليز تطبيقها زيادة العمالة، وإغراء أفارقة آخرين بالتقدم للعمل في زنجبار إلى جانب من يمكن جلبهم من عمال الهند والصين. يقول د. تركي: "واتخذت الإدارة البريطانية زمام المبادرة عندما حاولت تطبيق مبدأ استخدام العمال الأحرار في إقطاعياتها الزراعية، وكان ذلك عن طريق جلب عمال أحرار من الهند والصين، غير أن المحاولة فشلت بسبب عدم ملاءمة الأحوال المناخية في زنجبار لهؤلاء العمال؛ مما أدى إلى صرف النظر عنها، وكان المخزون البشري الخصب المرشح للحصول على اليد العاملة متوافراً في البر الإفريقي حيث العديد من القبائل الإفريقية التي كانت ترغب في العمل في زنجبار، إلا أن تلك القبائل الإفريقية التي كانت ترغب في العمل في زنجبار كانت تتردد خوفا من الوقوع في براثن العبودية، غير أن الإدارة البريطانية كانت تأمل أن يكون لإلغاء الصفة القانونية للرق وزوال شبح العبودية أثره في استقطاب أعداد كبيرة من عمال البر الإفريقي للقدوم إلى زنجبار للعمل سواء بصفة مؤقتة أو دائمة، مما يساعد في الحد من مشكلة نقص الأيدي العاملة". (ص28-29).
وهكذا صدر في النهاية مرسوم إلغاء الصفة القانونية للرق، وقام بتوقيعه السيد "حمود بن محمد" سلطان زنجبار في 5 أبريل 1897، وتم نشر المرسوم كذلك باللغة العربية، لغة المكاتبات الرسمية، لا اللغة السواحيلية، مما عرض الإدارة البريطانية لاحقاً للنقد من البعثات التبشيرية العاملة في زنجبار وجمعية مكافحة الرق في لندن، وكذلك البرلمان البريطاني، بحجة أنها كانت لغة الأقلية العربية من الملاك لا الأفارقة الأرقاء، وبينت السلطات البريطانية أن سكان زنجبار من الأرقاء غير متعلمين، ونشره بأي لغة لم يكن يعني لهم شيئاً. ورغم كل هذه الانتقادات كان جميع الأرقاء في جزيرتي "زنجبار" و"بمبة" قد سمعوا بالمرسوم، بما فيه حقهم بالتقدم للمحاكم مطالبة بالحرية، ولم تكن النخبة والأرستقراطية العربية في زنجبار مرحبة بالمرسوم خوفاً من نتائج تطبيقه على مصالحهم، إلا أن الإدارة الإنكليزية أسندت إليهم الدور الأساسي في تنفيذه، لأسباب اقتصادية واجتماعية يشرحها الباحث.
عمد الملاك العرب أسوة بالحاكم إلى توقيع عقود عمل مع الأرقاء المحررين، وكان معظم هؤلاء من كبار الملاك، أما أصحاب الأملاك الصغيرة "فلم تكن لديهم القدرة على الدفع النقدي لأرقائهم مقابل العمل اليومي، ناهيك عن الدفع مقابل العمل الإضافي، أو الموافقة على السماح لأرقائهم بالعمل فقط لأربع وعشرين ساعة في الأسبوع، مما كان له أثر في إلحاق أضرار جسيمة بأصحاب الأراضي الصغيرة والزيادة في معاناتهم".
لم يتناول الباحث موقف الفقهاء المسلمين ورجال الدين في زنجبار من هذا المرسوم ومن الرق والعبودية بشكل عام، المؤيد منهم والمحايد والمعارض، ولا أدري إن كان لهذا المرسوم أي صدى في مجتمعات العالم الإسلامي أو بين مسلمي شرق إفريقيا وشمالها، ومن الغريب أن الأرقاء أنفسهم لم يتحمسوا كثيراً للمرسوم، وما منحهم من حريات إلا بعد مرور وقت.
ويورد الباحث د. تركي اقتباساً عن باحث غربي هو Lyan، يقول فيه إن الأرقاء لم يكونوا على غير دراية بأهداف المرسوم، بل "إنه من التهديدات المجدية التي تلجأ إليها الإدارة الزنجبارية ضد العاطلين عن العمل والكسالى وعديمي الفائدة من الأرقاء وتهديدهم بإعتاقهم"! ويبدو أن هذا التخويف كان مستخدماً قبل صدور المرسوم.
درس د. بنيان تركي كذلك ثورة عربية في إفريقيا نادرا ما درسها باحث، قام بها عرب الساحل الشرقي لإفريقيا بقيادة الشيخ بشير بن سالم الحارثي.
وكانت معظم ثورات العرب في آسيا وإفريقيا ضد الإنكليز والفرنسيين إلا هذه فقد كانت ضد الألمان، وهذا ما سنعرضه في المقال القادم!
لجأ الإنكليز، في تحليل الباحث، إلى حيلة قانونية في قضية إلغاء الرق، فـ"أشاع البريطانيون بأن هناك فرقا شاسعا بين إلغاء الرق وإسقاط صفته القانونية، فالحالة الأولى تعني إعتاق جميع الأرقاء فوراً ودون تردد، بينما تعني الحالة الثانية عدم الاعتراف بالرق وعدم شرعيته، وإلغاء الرق في زنجبار معناه إعتاق جميع الأرقاء الذين كانوا يشكلون، حسب ما ذكرناه، ثلثي عدد السكان، وكان ملاك هذه الأعداد الكبيرة يتكفلون، في ظل وجود نظام الرق، بتوفير مستلزمات الحياة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن، والإدارة البريطانية كانت تتخوف من أنه حالما يتم إعتاقهم فلن يكون هناك إجبار لمالكيهم السابقين بتوفير مستلزمات احتياجاتهم لبدء حياة مستقلة، وفي الوقت نفسه كانت غير مقتنعة بإمكانيتها في توفير البديل إذا لم توفر لهم أراضي للسكنى.
كما كانت إمكانية إيجاد فرص عمل لهم خارج نطاق الزراعة "محدودة"، أضف إلى ذلك أن توفير البديل إن وجد يكلف خزينة الدولة أكثر من طاقتها، ولم يكن لدى الإدارة البريطانية الرغبة في ضخ أموال باهظة لمصلحة الأرقاء، مما حدا بالإدارة البريطانية إلى اللجوء إلى إلغاء الصفة القانونية للرق كبديل لإلغاء الرق". (زنجبار وجوارها الإفريقي 2010، ص24).
ويرى الباحث في هذا الموقف البريطاني تبريرا يعزز شكوكه في عدم جدية الإدارة البريطانية في محاربة الرق وتجارته لأسباب إنسانية، ولكن ما من قانون إنساني إلا ويحتاج في تطبيقه إلى الوقت وحسن التخطيط والتبصر، وخصوصاً أن الملاك العرب والوسطاء الهنود كانوا غير متعاطفين مع أي شكل من أشكال تحرير الأرقاء، وبخاصة تحرير الأفارقة السود.
وقد رأينا كذلك في العقود الراهنة كيف فشلت دول وغرقت مجتمعات إفريقية عديدة في بحور الفوضى والفساد، رغم وجود "الأفارقة الوطنيين" على رأس حركات الاستقلال، وتوافر الثروات والمحاصيل في هذه الدول، وانتهاء الاستعمار والإدارة الأجنبية، ولا يدافع أحد بالطبع عن السياسة البريطانية في مستعمراتها ومحمياتها، ولكن لا الأفارقة في بلدانهم المستقلة، ولا نحن في العالم العربي، نجحنا دائما في تقديم إدارة أفضل. وما يورده د. تركي في الفقرة اللاحقة، يظهر لنا في الواقع بُعد نظر الإدارة البريطانية، مهما اتهمنا تلك الإدارة بعدم النزاهة والميكيافيلية، وبخاصة أن هذه الإدارة كانت أمام مجتمع بالغ التخلف والانقسام والمعاناة من الاستغلال، مثل زنجبار أواخر القرن التاسع عشر! ويشرح د. تركي هذه النقطة فيقول: "خشيت الإدارة البريطانية أن يؤدي الإعتاق الفوري للأرقاء إلى وجود مجتمع متذمر، وتكون النتيجة الحتمية لهؤلاء المعتقين القيام بأعمال ذات صبغة ثورية؛ لذا نجدها تصرّ على فكرة التدرج في إلغاء الرق والاكتفاء بإلغاء صفته القانونية، وكانت تهدف من جراء ذلك إلى امتصاص نقمة الأرقاء المعتقين، وزيادة في الحيطة والحذر، فقد لجأت الإدارة البريطانية إلى اتخاذ إجراءات احترازية ضد طالبي الحرية من الأرقاء، إذ أصرت على أن يكون عبء الحصول على الحرية منوطا بالرقيق نفسه، كما لا يحق له الحصول على حريته ما لم يكن لديه إفادة إثبات مورد دخل من أي مصدر كان، وكما سنرى لاحقا فإن الإدارة البريطانية شجعت الأرقاء على البقاء في أراضي أسيادهم والعمل معهم بظروف جديدة ومناسبة لتضمن بقاء الأرض مزروعة وبقاء الرقيق عليها". (زنجبار وجوارها الإفريقي، ص25).
هل كانت الإدارة الإنكليزية متحمسة لاستمرار الرق في زنجبار، وتحاول مجاملة ضغوط جمعيات مكافحة الرق فحسب؟
ما يورده الباحث في دراسته ينفي هذا الاتهام، فقد كانت الأوضاع الاقتصادية في زنجبار تسير من سيئ إلى أسوأ، بعد أن فشلت الإدارة في إعادة زنجبار إلى وضعها كميناء، وكانت الزراعة في زنجبار كذلك تعاني قلة اليد العاملة والاعتماد على زراعة محصول واحد، وكان الملاك العرب بدورهم يعانون الديون المتراكمة عليهم، وكانت الإدارة البريطانية، يقول الباحث، مدركة ضرورة تغيير نمط الاقتصاد الزراعي التقليدي.
كان أحد الحلول التي يريد الإنكليز تطبيقها زيادة العمالة، وإغراء أفارقة آخرين بالتقدم للعمل في زنجبار إلى جانب من يمكن جلبهم من عمال الهند والصين. يقول د. تركي: "واتخذت الإدارة البريطانية زمام المبادرة عندما حاولت تطبيق مبدأ استخدام العمال الأحرار في إقطاعياتها الزراعية، وكان ذلك عن طريق جلب عمال أحرار من الهند والصين، غير أن المحاولة فشلت بسبب عدم ملاءمة الأحوال المناخية في زنجبار لهؤلاء العمال؛ مما أدى إلى صرف النظر عنها، وكان المخزون البشري الخصب المرشح للحصول على اليد العاملة متوافراً في البر الإفريقي حيث العديد من القبائل الإفريقية التي كانت ترغب في العمل في زنجبار، إلا أن تلك القبائل الإفريقية التي كانت ترغب في العمل في زنجبار كانت تتردد خوفا من الوقوع في براثن العبودية، غير أن الإدارة البريطانية كانت تأمل أن يكون لإلغاء الصفة القانونية للرق وزوال شبح العبودية أثره في استقطاب أعداد كبيرة من عمال البر الإفريقي للقدوم إلى زنجبار للعمل سواء بصفة مؤقتة أو دائمة، مما يساعد في الحد من مشكلة نقص الأيدي العاملة". (ص28-29).
وهكذا صدر في النهاية مرسوم إلغاء الصفة القانونية للرق، وقام بتوقيعه السيد "حمود بن محمد" سلطان زنجبار في 5 أبريل 1897، وتم نشر المرسوم كذلك باللغة العربية، لغة المكاتبات الرسمية، لا اللغة السواحيلية، مما عرض الإدارة البريطانية لاحقاً للنقد من البعثات التبشيرية العاملة في زنجبار وجمعية مكافحة الرق في لندن، وكذلك البرلمان البريطاني، بحجة أنها كانت لغة الأقلية العربية من الملاك لا الأفارقة الأرقاء، وبينت السلطات البريطانية أن سكان زنجبار من الأرقاء غير متعلمين، ونشره بأي لغة لم يكن يعني لهم شيئاً. ورغم كل هذه الانتقادات كان جميع الأرقاء في جزيرتي "زنجبار" و"بمبة" قد سمعوا بالمرسوم، بما فيه حقهم بالتقدم للمحاكم مطالبة بالحرية، ولم تكن النخبة والأرستقراطية العربية في زنجبار مرحبة بالمرسوم خوفاً من نتائج تطبيقه على مصالحهم، إلا أن الإدارة الإنكليزية أسندت إليهم الدور الأساسي في تنفيذه، لأسباب اقتصادية واجتماعية يشرحها الباحث.
عمد الملاك العرب أسوة بالحاكم إلى توقيع عقود عمل مع الأرقاء المحررين، وكان معظم هؤلاء من كبار الملاك، أما أصحاب الأملاك الصغيرة "فلم تكن لديهم القدرة على الدفع النقدي لأرقائهم مقابل العمل اليومي، ناهيك عن الدفع مقابل العمل الإضافي، أو الموافقة على السماح لأرقائهم بالعمل فقط لأربع وعشرين ساعة في الأسبوع، مما كان له أثر في إلحاق أضرار جسيمة بأصحاب الأراضي الصغيرة والزيادة في معاناتهم".
لم يتناول الباحث موقف الفقهاء المسلمين ورجال الدين في زنجبار من هذا المرسوم ومن الرق والعبودية بشكل عام، المؤيد منهم والمحايد والمعارض، ولا أدري إن كان لهذا المرسوم أي صدى في مجتمعات العالم الإسلامي أو بين مسلمي شرق إفريقيا وشمالها، ومن الغريب أن الأرقاء أنفسهم لم يتحمسوا كثيراً للمرسوم، وما منحهم من حريات إلا بعد مرور وقت.
ويورد الباحث د. تركي اقتباساً عن باحث غربي هو Lyan، يقول فيه إن الأرقاء لم يكونوا على غير دراية بأهداف المرسوم، بل "إنه من التهديدات المجدية التي تلجأ إليها الإدارة الزنجبارية ضد العاطلين عن العمل والكسالى وعديمي الفائدة من الأرقاء وتهديدهم بإعتاقهم"! ويبدو أن هذا التخويف كان مستخدماً قبل صدور المرسوم.
درس د. بنيان تركي كذلك ثورة عربية في إفريقيا نادرا ما درسها باحث، قام بها عرب الساحل الشرقي لإفريقيا بقيادة الشيخ بشير بن سالم الحارثي.
وكانت معظم ثورات العرب في آسيا وإفريقيا ضد الإنكليز والفرنسيين إلا هذه فقد كانت ضد الألمان، وهذا ما سنعرضه في المقال القادم!
No comments:
Post a Comment