جريدة الشبيبة
الإثنين، ٢٢ يونيو، ٢٠١٥
من على شواطئ زنجبار حيث النسيم العليل يداعب الأمواج تبدأ رحلة الكتابة لدى الدبلوماسي سعود بن أحمد البوسعيدي في مذكراته "مذكرات رجل عماني من زنجبار". وكأنه عود على بدء، عود للمكان الذي أثر كثيرا في المؤلف وأخذ جل حياته وشاهد كل تفاصيله، وبدءاً لأن هذه البرهة من الزمن والتي تحركت خلالها موجة بحرية وعانقت جمال الشاطئ كانت كفيلة بتحريك الكثير من المشاعر والذكريات لدى البوسعيدي وجعلته يكتب مذكرات ليست مليئة بالتفاصيل فحسب وإنما أيضا مليئة بالحنين.الكتاب حررته جين جعفر وترجمه إلى العربية الشاعر حسن المطروشي.
تلك الحركة على طرف الشاطىء حركت الكثير من المشاعر، إلا أن أكثر ما حركته ذكريات ما حدث عام 1964 في زنجبار، فجأة تتحول حركة الشاطىء إلى ذاكرة ثورة. وفيما يبدو أن هذا الحدث كان المحرك الأساسي للكثير من الكتابة عن زنجبار سواء كانت سياسية أم أدبية.كان البوسعيدي في الخمسين من عمره عندما حدث الانفجار، وكان متزوجا وأبا لثلاثة أطفال ينعم معهم بحياة هادئة ومستقرة.. لكن ما حدث مزق كل شيء، وشتت الكثير من الحيوات كما تشير مقدمة الكتاب.تبدأ مذكرات البوسعيدي من الفترة التي سبقت الانقلاب في زنجبار، وبأسلوب وصفي آسر تأخذك المذكرات إلى الحديث عن تفاصيل كثيرة تماست مع المؤلف في تلك الأيام حيث كان على اتصال مباشر بمكتب الرئيس. ويتحدث المؤلف عن تطور الانقلاب الذي قاده عبيد أماني كارومي الذي نودي به رئيساً لزنجبار منذ اليوم الأول. وفي اليوم الثالث تم اعتقال المؤلف مع مجموعة من المسؤولين واقتيدوا جميعا إلى مقر محطة راديو صوت زنجبار حيث وجدوا هناك قادة الثورة
يقول الكاتب في مقدمته للكتاب "كانت أعمق التجارب أثرا في حياتي، دون شك، هي حدث الثورة في زنجبار عام 1964م، إذ كنت حينها في الخمسين من العمر، متزوجا وأبا لثلاثة أطفال، وأنعم بحياة مستقرة، ولديَّ وظيفة جيدة. إن هذه الثورة الوحشية قد مزقت العالم بالنسبة لنا، كما نعلم جميعا، وشتتت حياة من بقوا بعدها على قيد الحياة. ولكن الإنسان لديه قدرة هائلة على تجاوز الأمور، وهذا ما يعكسه النصف الثاني من الكتاب الذي يتحدث حول إعادة بناء حياة جديدة ــ مثلما تأتي لأكثر العمانيين الزنجباريين".وإذا كانت أحداث الثورة قد أثرت في الكاتب إلى هذا الحد وجعلته يستعيد الكثير من التفاصيل إلا أن المؤلف يفتح نافذة مهمة في سياق الأحداث ويعود بالتفاصيل إلى عام 1914م حيث كان العالم على وشك اختبار قدراته التكنولوجية حديثة الاكتشاف في الحرب العالمية الأولى. وحياة المؤلف في كل سياقاته وكما يقول بنفسه في غير مكان تشبه في كثير من النواحي التحولات التي حدثت في القرن العشرين لذلك دمج المؤلف ما هو شخصي في السياق الأوسع للتاريخ، دون إقحام مفتعل، بغية الإبقاء على طراوة السرد كمحور رئيس في صياغة مادة الكتاب.وفي منتصف الكتاب تقريبا، نعود إلى عام 1964 للحديث عن الثورة الزنجبارية مجددا، حيث تتواصل أحداث التاريخ عبر عدة محطات مضطربة تمتد لعدة سنوات، إلى حين تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ مقاليد الحكم في عمان عام 1970م. لقد كانت لحظة حاسمة تبشر بميلاد عصر جديد من التغيير، يسهم في بناء وطن حقيقي لآلاف العمانيين الذين شردتهم الثورة، أو لأولئك الذين كانوا يعيشون في الخارج، نظرا لقساوة الظروف التي كانت سائدة قبل مجيء صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم.
ويسرد المؤلف قصة العمانيين مع زنجبار كيف بدأت وأين انتهت.. ثم يسرد المغامرات الأولى لجده في زنجبار وعلاقته بالسيد خالد بن برغش خلال مرحلة الاضطرابات عام 1896.وتتشعب المذكرات وتتنوع في ما تطرح ولكنها في كل ذلك كانت تقدم تاريخا وتقدم تفاصيل عما كان يحدث في زنجبار في مرحلة مهمة من مراحل الوجود العماني فيها.كل الأحداث التي يذكرها الكتاب وإن كان بعضها معروفا ومدونا في كتب التاريخ وحتى في كتب المذكرات إلا أن الكتاب يأخذك إلى عوالم جديدة، وتفاصيل دقيقة شارك الكاتب في صنعها أو كان بالجوار منها ولذلك يكتسب الكتاب أهميته من هذه النقطة. كما أن الكاتب لا يأخذك في سرده بطريقة الزمن المتوالي ولكن في بعض الأحيان يستخدم تقنيات سردية روائية في الرجوع بالأحداث إلى الوراء عن طريق الفلاش باك أو عن طريق تداعي السرد. ويتحول الكاتب في بعض الأحيان إلى كاتب أدب رحلات حينما يتحدث عن رحلاته التي ترحلها في مختلف بقاع العالم
تلك الحركة على طرف الشاطىء حركت الكثير من المشاعر، إلا أن أكثر ما حركته ذكريات ما حدث عام 1964 في زنجبار، فجأة تتحول حركة الشاطىء إلى ذاكرة ثورة. وفيما يبدو أن هذا الحدث كان المحرك الأساسي للكثير من الكتابة عن زنجبار سواء كانت سياسية أم أدبية.كان البوسعيدي في الخمسين من عمره عندما حدث الانفجار، وكان متزوجا وأبا لثلاثة أطفال ينعم معهم بحياة هادئة ومستقرة.. لكن ما حدث مزق كل شيء، وشتت الكثير من الحيوات كما تشير مقدمة الكتاب.تبدأ مذكرات البوسعيدي من الفترة التي سبقت الانقلاب في زنجبار، وبأسلوب وصفي آسر تأخذك المذكرات إلى الحديث عن تفاصيل كثيرة تماست مع المؤلف في تلك الأيام حيث كان على اتصال مباشر بمكتب الرئيس. ويتحدث المؤلف عن تطور الانقلاب الذي قاده عبيد أماني كارومي الذي نودي به رئيساً لزنجبار منذ اليوم الأول. وفي اليوم الثالث تم اعتقال المؤلف مع مجموعة من المسؤولين واقتيدوا جميعا إلى مقر محطة راديو صوت زنجبار حيث وجدوا هناك قادة الثورة
يقول الكاتب في مقدمته للكتاب "كانت أعمق التجارب أثرا في حياتي، دون شك، هي حدث الثورة في زنجبار عام 1964م، إذ كنت حينها في الخمسين من العمر، متزوجا وأبا لثلاثة أطفال، وأنعم بحياة مستقرة، ولديَّ وظيفة جيدة. إن هذه الثورة الوحشية قد مزقت العالم بالنسبة لنا، كما نعلم جميعا، وشتتت حياة من بقوا بعدها على قيد الحياة. ولكن الإنسان لديه قدرة هائلة على تجاوز الأمور، وهذا ما يعكسه النصف الثاني من الكتاب الذي يتحدث حول إعادة بناء حياة جديدة ــ مثلما تأتي لأكثر العمانيين الزنجباريين".وإذا كانت أحداث الثورة قد أثرت في الكاتب إلى هذا الحد وجعلته يستعيد الكثير من التفاصيل إلا أن المؤلف يفتح نافذة مهمة في سياق الأحداث ويعود بالتفاصيل إلى عام 1914م حيث كان العالم على وشك اختبار قدراته التكنولوجية حديثة الاكتشاف في الحرب العالمية الأولى. وحياة المؤلف في كل سياقاته وكما يقول بنفسه في غير مكان تشبه في كثير من النواحي التحولات التي حدثت في القرن العشرين لذلك دمج المؤلف ما هو شخصي في السياق الأوسع للتاريخ، دون إقحام مفتعل، بغية الإبقاء على طراوة السرد كمحور رئيس في صياغة مادة الكتاب.وفي منتصف الكتاب تقريبا، نعود إلى عام 1964 للحديث عن الثورة الزنجبارية مجددا، حيث تتواصل أحداث التاريخ عبر عدة محطات مضطربة تمتد لعدة سنوات، إلى حين تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ مقاليد الحكم في عمان عام 1970م. لقد كانت لحظة حاسمة تبشر بميلاد عصر جديد من التغيير، يسهم في بناء وطن حقيقي لآلاف العمانيين الذين شردتهم الثورة، أو لأولئك الذين كانوا يعيشون في الخارج، نظرا لقساوة الظروف التي كانت سائدة قبل مجيء صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم.
ويسرد المؤلف قصة العمانيين مع زنجبار كيف بدأت وأين انتهت.. ثم يسرد المغامرات الأولى لجده في زنجبار وعلاقته بالسيد خالد بن برغش خلال مرحلة الاضطرابات عام 1896.وتتشعب المذكرات وتتنوع في ما تطرح ولكنها في كل ذلك كانت تقدم تاريخا وتقدم تفاصيل عما كان يحدث في زنجبار في مرحلة مهمة من مراحل الوجود العماني فيها.كل الأحداث التي يذكرها الكتاب وإن كان بعضها معروفا ومدونا في كتب التاريخ وحتى في كتب المذكرات إلا أن الكتاب يأخذك إلى عوالم جديدة، وتفاصيل دقيقة شارك الكاتب في صنعها أو كان بالجوار منها ولذلك يكتسب الكتاب أهميته من هذه النقطة. كما أن الكاتب لا يأخذك في سرده بطريقة الزمن المتوالي ولكن في بعض الأحيان يستخدم تقنيات سردية روائية في الرجوع بالأحداث إلى الوراء عن طريق الفلاش باك أو عن طريق تداعي السرد. ويتحول الكاتب في بعض الأحيان إلى كاتب أدب رحلات حينما يتحدث عن رحلاته التي ترحلها في مختلف بقاع العالم
No comments:
Post a Comment