مدرين المكتومية
جريدة الرؤية
الثلاثاء 06 ديسمبر 2016
موروني تلك العاصمة الجميلة التي ما إن وضعنا أقدامنا على أرضها حتى كنا محاطين بترحيب واهتمام كبير من قبل سكانها؛ فعلى الرغم من بساطة العيش وقلة الحيلة إلا أنّ قناعة العيش سمة من سمات البقاء.. في جزر القمر نتنفّس النقاء، ونشبع ناظرينا بالخضرة ولا تبخل علينا السماء بأن تدر من غيومها القليل من المطر ليخفف عنا الحرارة في هذا الوقت من العام..
بلد يحاول جاهدا أن ينهض بنفسه على الرغم من قلة أدواته إلا أنّه ظلّ متمسكا بفرض وجوده بين دول العالم. ولو تحدثنا عن علاقتنا كعمانيين بسكان هذا البلد يكفينا أن رؤية "الدشداشة العمانية" و "الكمة العمانية" وما ترتديه النساء والذي نطلق عليه بلغتنا المحلية "ليسو" وغيرها لازالت حاضرة في محافلهم ولازالوا يذكرون العلاقات والروابط التي تجمعنا بهم.
ولا يمكن أن ننسى أنّ جزر القمر وبالتحديد موروني بلد الأمن التي لا يقلق فيها الفرد من أن يمشي وحده في الليل، ويكتشف مساءتها البسيطة وطقوس سكانها التي تبدأ بساحات الشواء وتنتهي بفنونهم الشعبية التي تدق طبولها معلنة عن سعادة لا توصف، ولباسهم البسيط الذي يعبّر عن شخصيّتهم المتواضعة ونساءهم اللاتي يصنعن لأنفسهن الجمال بمستحضرات طبيعية وبكل تواضع يجدن أنهن أجمل من أي نساء أخريات لأنهن يصنعن من الجمال جمالا آخر.
ولعلنا اليوم نزيح الستار عن تلك العلاقات التي قد تكون مغيبة للجيل الجديد ونكشف أسرارها ونفتح باب الحوار بيننا وبين سكان العاصمة موروني، وذلك من خلال مؤتمر "علاقات عمان بدول القرن الإفريقي " والتي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والتي تضمنت ٤٦ ورقة عمل قدمتها مجموعة من الدكاترة والأساتذة والباحثين في مجال التاريخ والعلاقات بين عمان ودول القرن الإفريقي.
فحين نأتي لنرى حجم تلك العلاقات سنكتشف أنّ لعمان مكانتها المعترف بها والتي يرددها الجميع، وقد كشفت الكثير من البحوث التي تميّزت بالتنوّع والثراء الكثير من الجوانب منها "الوجود العماني في جزيرة مايوت القمرية قبل الاستعمار الفرنسي، إمارة آل بوسعيد في جزيرة موهيلي القمرية، السكان القمريين في زنجبار وأسرة البوسعيد العمانية، عمان وسوقطرة في العصور الوسطى، جسور العلاقات التاريخية بين عمان وجزر القمر، بعض الشخصيات ذات أصول عمانية في جزر القمر والتأثير العماني في مدارس تحفيظ القرآن الكريم "الكتاتيب" بجزر القمر وغيرها من البحوث والدراسات التي كشفت الكثير من الجوانب، التي لم تقتصر على الجانب التاريخي فقط بل تجاوزتها نحو الروابط العلمية والعملية والسياسية وهذا ما يجعلنا نجد أنّ هناك تواجدا عمانيا لا يمكن نكرانه.
عمان يد السلام تمد يدها وتبذل قصارى جهدها لتعيد شريط علاقاتها بدول القرن الإفريقي؛ ليكون بمثابة إحياء للذكرى واحتفال بكل المنجزات التي قدمتها على المستوى الداخلي والخارجي؛ وليس هذا فقط بل لتبعث رسالة التسامح والسلام لكل العالم. وها هي هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية إحدى الجهات الحكومية التي تقوم بدورها في رسم تلك العلاقات، وإظهارها للعالم من خلال المؤتمر الدولي الخامس لعلاقات عمان بدول القرن الإفريقي، والذي سبقته مؤتمرات وجهود أخرى تسجل التواجد العماني هناك وترسم خارطة استمرار تلك العلاقات والصلات العميقة.
No comments:
Post a Comment