جريدة الوطن
محمد بن عامر العيسري
في عام 840هـ/1436م فجّر يوحنا جوتنبرج (1397-1468م) - وهو الاسم الذي لمع في مدينة ماينـز بألمانيا ـ ثورة كانت إيذانًا بعصر جديد لتداول المعرفة وانتشارها، وتبادل الثقافات، وذلك باختراع الطباعة.
ثم ظهر أول كتاب مطبوع في أوروبا ما بين (844-854هـ / 1440-1450م). ثم ظهرت الطباعة في روما سنة 870هـ/1465م، وفي البندقية سنة 874هـ/1469م، وفي باريس سنة 875هـ/1470م، وفي برشلونة سنة 876هـ/1471م، وفي إنجلترا سنة 879هـ/1474م .
وفي عام 1486م عُرفت الطباعة بالحروف العربية، وطبع في عام 1505م في مدينة غرناطة كتابان بالعربية هما: وسائل تعلُّم قراءة اللغة العربية ومعرفتها، ومعجم عربي بحروف قشتالية، بتوجيه من الملك فردينان وزوجته إيزابيلا.
ودخلت الطباعة فعلياً إلى العالم العربي في أقطار عدة وفي أزمنة متفاوتة بعد دخولها تركيا أواخر القرن 15م ، فقد عرفت لبنان الطباعة منذ عهد مبكر قياساً بالبلدان العربية الأخرى ويعود ذلك إلى سنة 1610م (1018هـ)، عندما أنشئت المطبعة المارونية على يد رهبان دير قزحيا. وفي سوريا تعد مطبعة حلب من أقدم المطابع العربية، حيث ظهرت عام 1706م.
أما في مصر فقد ارتبط ظهور الطباعة بحملة نابليون بونابرت على مصر عام 1798م، الذي حمل معه ثلاث مطابع مجهزة بحروف عربية ويونانية وفرنسية.
وأما في الجزيرة العربية فيرجح بعض الباحثين أن أول مطبعة عربية ظهرت في اليمن عام 1297هـ (1879م) عندما أنشأ العثمانيون مطبعة عرفت بمطبعة صنعاء أو مطبعة الولاية.
وفي ذات تلك الحقبة عرف العمانيون في مهجرهم الإفريقي في جزيرة زنجبار تحديداً أول مطبعة حكومية عمانية، وهي المطبعة السلطانية التي تعد من أقدم المطابع العربية في شرق إفريقيا، والتي أنشأها السلطان برغش بن سعيد بن سلطان (1287- 1305هـ/ 1870- 1887م) بزنجبار سنة 1299هـ/ 1882م.
وإذا عدنا إلى الوجود العماني في شرق إفريقيا فما من شك بأنه ضارب في أعماق التاريخ. وبالنظر إلى المكونات الثقافية والرصيد الحضاري الذي تمتع به العمانيون بزنجبار خلال الحقبة التي سبقت إنشاء المطبعة السلطانية فإن جملة من علماء عمان قد هاجروا إلى الجزيرة تزامناً مع الهجرة التي نشطت بتشجيع من السيد سعيد بن سلطان ( 1804-1856م) وحملوا معهم الكثير من الكتب العمانية المخطوطة، وأسسوا لنهضة ثقافية معرفية تباينت عن الحالة العمانية نتيجة اختلاف البيئة واحتكاكهم بالأعراق والأجناس المختلفة التي احتضنتها جزيرة زنجبار. ومن أظهر النماذج هجرة الشيخ العلامة ناصر بن أبي نبهان الخروصي بصحبة السيد سعيد بن سلطان الذي قربه وأدناه إلى بلاطه، فانعكس ذلك إيجاباً على شخصية الشيخ ناصر ومكنه من تحقيق اتساع في منجزه المعرفي ليشتمل على الفلسفة وعلم النبات وأدبيات أخرى تتعدى علوم الشريعة الإسلامية.
ميلاد المطبعة السلطانية:
نبعت فكرة إنشاء المطبعة السلطانية لدى السلطان برغش في رحلته السياحية في بعض البلدان العربية كمصر وبلاد الشام ثم بلدان أوروبا سنة 1294هـ/ 1877م، والتي وثقها زاهر بن سعيد النخلي الكاتب الأول في دار السلطان في كتاب (تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجبار) بإشراف: القس لويس صابنجي. ونتيجة لما شاهده السلطان في تلك البلدان من دور تقوم به المطابع فقد قرر إدخال الطباعة لأول مرة إلى زنجبار، وهو ما تم بالفعل سنة 1299هـ/ 1882م وذلك باستيراده مطبعةً مُجَهَّزَةً بكل اللوازم من مطبعة الآباء اليسوعيين في بيروت. على أنه ثمة اختلاف في المصادر حول مصدر هذه المطبعة بين كونها جلبت من الهند أو أن السلطان جلبها من بريطانيا، ويذهب مصدر آخر إلى أنها جلبت من سوريا عقب زيارة السلطان لها عام 1872م.
وقد استقدم السلطان للمطبعة عُمَّالا لبنانيين للإدارة والتشغيل وتدريب الموظفين على استعمالها. وأشرف بنفسه على أعمال الطباعة، وكلَّف عدداً من العلماء العمانيين المعتنين بالتراث بالإشراف على الطباعة، ومراجعة الكتب وتصحيحها، منهم الشَّيْخ يَحْيَى بن خَلْفَان بن أبِي نَبْهَان الْخَرُوصِيّ (ت1322هـ/ 1904م) والشيخ سَيْف بنِ نَاصِر بن سُلَيْمَان الْخَرُوصِيّ (ت1341هـ/ 1923م) والشيخ أبو مسلم ناصر بن سالم البهلاني الرواحي (ت1339هـ/ 1920م).
وفي إحدى رسائل الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي إلى عمه الشيخ خميس بن جاعد بن خميس الخروصي، المؤرخة في 8 جمادى الأولى 1298هـ أشار إلى نشأة المطبعة السلطانية وأن السلطان قد جلب عمالا أربعة من بيروت بعد أن فشل من قبلهم في تشغيل المطبعة فأشار إليه الشيخ يحيى بأن ذلك غرم لا طائل منه فكانت النتيجة أن أرسل السلطان لجلب أولئك العمال الأربعة من بيروت، وأشار الشيخ يحيى إلى أن بدء العمل في طباعة أول كتاب وهو الجزء الأول من كتاب قاموس الشريعة كان في شهر رمضان وهو هنا يشير إلى سنة 1297هـ بما أن الرسالة مؤرخة في شهر جمادى الأولى من سنة 1298هـ ، كما أشار إلى عدد النسخ وكلفة الورق في معرض ذكره لما أمر به السلطان برغش من طباعة 200 نسخة وأن كلفة الجزء ألف قرش للورق ( القرطاس). وذكر الشيخ يحيى أيضاً تقريظه للكتاب وفهرسته له في قصيدته التي وضعت في الجزء الأول.
ونقرأ في سطور الرسالة مشاعر السرور التي تملكت الشيخ يحيى بنشأة أول مطبعة عمانية، واعداً الشيخ خميس بن جاعد بأن يرسل له نسخة من أول كتاب مطبوع بعد اكتمال عملية الطباعة.
تظهر عناية السلطان برغش المبكرة بالطباعة في كون كتاب ((تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجبار) الآنف الذكر والذي طبع بمطبعة النحلة بلندن سنة 1295هـ/ 1878م أول كتاب عماني يلج إلى عالم الطباعة ويؤرِّخُ لبداية توجُّه العُمَانيين نحو تقنية المطابع، وقد كانت طباعة الكتاب من ثمار رحلة السلطان وسياحته التي أرخ لها الكتاب ذاته.
ولم يكن ما قام به السلطان برغش بن سعيد من إنشاء للمطبعة أمراً عجباً فهو سلطان زنجبار الأبرز الذي تنسب إليه جملة من الأعمال الإصلاحية الجليلة بالجزيرة، والتي منها إنشاء البنى التحتية والخدمات وتطوير شبكات المياه والطرق والحدائق العامة والمستشفيات والمباني الحكومية، وتشييد بيت العجائب عام 1883، وتشجيعه شركة الهند البريطانية للملاحة البخارية على القيام برحلات بخارية ما بين عدن وزنجبار شهرياً، مما سهل نقل بريد زنجبار إلى أنحاء متعددة من العالم. وفي مجال تطوير الاتصالات فقد اتفق مع شركة التلغراف الشرقية (Eastern Telegraph Company) على مد كيبل تحت البحر من عدن إلى زنجبار مقابل التنازل عن جزيرة بيو ، وقد تم الأنتهاء من مد الكيبل عام 1879. وافتتح مكتب محلي للبرق وجلب الفنيين من لندن وغوا وبومباي.
كما تم في عهده اصدار أول عملة محلية تسمى الريال الزنجباري والمشهورة في الخليج بالريال البرغشي، وكان ذلك في عام 1881/1882م واستمرت حتى عام 1908م عندما تغيرت إلى الروبية الزنجبارية.
إنتاج المطبعة السلطانية:
تحتل التآليف الدينية النصيب الأوفر من المنجز الثقافي العماني فيما مضى، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة كما يرى الشيخ أحمد بن سعود السيابي منها كون الجهود التأليفية في عمان اقتصرت أو كادت تقتصر على علماء الدين، بمعنى أن أفراد المجتمع إما أن يكونوا في عداد العوام أو النخبة والتي تكون غالباً علماء الدين أنفسهم، وتكوين عالم الدين يكون عادة من خلال العقيدة والفقه. ويرى السيابي أنه قلما نجد في الحضارة العمانية عالماً في فن من الفنون مستقلاً عن الوسط الديني، خلافاً للبلدان الأخرى التي نجد فيها المؤرخ البحت والأديب المستقل بأدبه والفيلسوف المستقل بفلسفته.
لذا كان من الطبيعي أن تتصدر العلوم الدينية إنتاج المطبعة السلطانية، فكان كتاب قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة للشيخ جميّل بن خميس بن لافي السعدي (ق13هـ/ 19م) وهو أضخم موسوعة في الفقه الإباضي أول كتاب يطبع في المطبعة، وقد صدر منه خمسة عشر جزءا بين سنتي 1297هـ/ 1880م - 1303هـ/ 1886م.
وقد صدّر الجزء الأول منه بقصيدة للشيخ الأديب علي بن خميس بن سالم البرواني أثنى فيها على السلطان برغش وأشار إلى طباعة كتاب قاموس الشريعة إثر تشغيل المطبعة وفيها يقول:
وكوكب السعد في الآفـاق قد طلعا
أغصانها بالعـلا، والعدل قد سطعا
أخلاقه، وأجاب الفضل حين دعا
سياسة السـادة الماضين حين رعى
بما يـنوء على السادات مضطلعا
ولا تراه لبذل الجود ممتنعا
للمعتفين وبحر يقذف الفزعا
فأحرز الحمد في الغايات حين سعى
على مطَابع أسـتان ومصر معا
سُطُـورُه كمثال الدرِّ إذ رُصِعَا
قاموس مذهبنا يدعو لمن طبعا
بشراك فانهض فداعي المجد قد صدعا
وهــذه دولة الإحسان قد بسقت
بالقائم الحازم اليقـظان من كرمت
لبرغش بن سعيد الشهم قد ظهرت
مسدد الرأي في تـــدبير نازلة
ما كان يوماً لخطب جلّ مكترثاً
من راحتيه له بحران بحر ندىً
ما زال يسعـى لنشر العِلم مجتهداً
أتى بمطبعة تزهو بمالكها
لَمَّا أُدِيرَتْ على القامُوسِ فانْتَظَمَتْ
وَافَى اليَــراعُ على بشر يؤرخه
ولعل للعلماء العمانيين دورا في اختيار المطبوعات وترتيب أولويات الطبع والنشر. ومن أولئك العلماء الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي ( 1227هـ/1812م - 1322هـ/1906م) الذي ترك بصمات في أكثر مطبوعات المطبعة السلطانية من ترتيب وتصحيح وتقييد لوقفيات السلاطين الذين تعاقبوا على حكم زنجبار، وذلك في أول كل مطبوع. ولد الشيخ يحيى الخروصي في بلدة الهجار من وادي بني خروص ثم انتقل إلى العليا فتعلم القرآن الكريم والعربية وعلوم الشريعة الإسلامية على يد جملة من العلماء في مقدمتهم عمه الشيخ ناصر بن جاعد بن خميس الخروصي. هاجر إلى إفريقيا إثر وفاة الإمام عزان بن قيس البوسعيدي سنة 1287هـ/1870م، فاشتغل بمهمة القضاء في عهد حكومة السلطان برغش بن سعيد بن سلطان.
وبعيد انشاء المطبعة السلطانية التحق بالعمل في المطبعة وذلك بالقيام بمهمة تصحيح الكتب تمهيداً لطباعتها في المطبعة إلى جانب تصدره للفتيا. وقد كان توجهه هذا نتيجة اشتغالها من قبل ومنذ مرحلة مبكرة من عمره على نسخ الكثير من الكتب والرسائل شعراً ونثراً واشتغل على جمع المسائل الفقهية للعملاء واقتناء المخطوطات القديمة والغيعاز غلى النساخ بان ينسخوا له الكثير من الكتب.
ومما يعد مؤشراً على مكانته العلمية والمعرفية ما يروى من أن جملة الكتب التي أوقفها وتركها من بعده تناهز الأربعة آلاف كتاب.
وقد صدّر الشيخ يحيى بن خلفان الخروصي الجزء الأول من كتاب قاموس الشريعة بقصيدة وضعت في الكتاب بخط يده، وقد نظمها تقريظاً للكتاب وتبياناً لأجزائه وأبوابها وموضوعاتها.
كما كان للشيخ العلامة أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديم البهلاني الرواحي (ت1339هـ/ 1920م) وهو أشهر من أن نعرّف به هنا، ومن رواد الإصلاح والتنوير في زنجبار دور في الحراك الذي فتحت المطبعة السلطانية آفاقه.
ومن أولئك العلماء أيضاً الشيخ سيف بن ناصر بن سليمان الخروصي ( 1271هـ/1855م - 1341هـ/1923م) الذي ولد ببلدة ستال بوادي بني خروص وأخذ علوم الشريعة عن الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي وجملة من أهل العلم، ثم سافر إلى زنجبار سنة 1300هـ وتولى القضاء هنالك في عهد السلاطين برغش بن سعيد وخليفة بن سعيد وعلي بن سعيد وحمد بن ثويني وحمود بن محمد بن سعيد وقد اعتزل القضاء في عهد هذا الأخير. وله تآليف عدة أشهرها كتابه (جامع أركان الإسلام) و (حلية الأمجاد في أساليب الجهاد) و (الإرشاد بشرح مهمات الاعتقاد) وقصائد شعرية وأجوبة.
تتلمذ على يديه جملة من العملاء منهم الشيخ سعيد بن ناصر الغيثي والشيخ محمد بن على البرواني والشيخ سالم بن محمد الرواحي.
ومن أهم الكتب التي صدرت عن المطبعة السلطانية :
"قاموس الشريعة" للشيخ جميل بن خميس السعدي (ق13هـ/ 19م)
"هميان الزاد" لقطب الأئمة محمد بن يوسف اطفيش (ت1332هـ/ 1914م) صدر في 13 جزءا بين سنتي 1305هـ/ 1888م - 1314هـ/ 1896م، وقرظه أبو مسلم البهلاني نثرا وشعرا.
"كتاب أبي مَسْأَلَة"؛ تأليف: أبِي العَبَّاس أحْمَد بن مُحَمَّد بن بَكْر الفُرْسَطَّائِي النفوسي (ت504هـ/ 1111م)؛ سنة 1318هـ/ 1900م.
"حاشية الترتيب"؛ تأليف: محمد بن عمر ابنِ أبِي سِتَّةَ الجِرْبِي (ت1088هـ/ 1677م) في ثلاثة مجلدات، بين سنتي 1304- 1308هـ/ 1886- 1890م. قرظه نثرًا وشِعْرًا: أبو مسلم البهلاني.
"مُخْتَصَرُ البِسْيَوِيّ"؛ تأليف: أبي الحسن علي بن محمد بن علي البسيوي (ق4هـ/ 10م)؛ سنة 1304هـ/ 1886م، وفي آخره تقريظ للشيخ سيف بن ناصر الخروصي.
"مَنْهَلُ الوُرَّادِ"؛ تأليف: أحمد بن أبِي بَكْر بن سُمَيْط العَلَوي (ت1343هـ/ 1924م) تَمَامُ طَبْعِهِ سنة 1313هـ/ 1895م، قرظه أبو مسلم.
"مَدارِجُ الكَمَال بِنَظْمِ مُخْتَصَرِ الخِصَال"؛ لنور الدين السّالِمِيّ (ت1332هـ/ 1914م)، تَمَامُ طبعِهِ سنة 1316هـ/ 1898م، قَرَّظَه نثرًا وشعرًا أبو مسلم.
وكان سلاطين زنجبار الذين تعاقبوا على الحكم بدءا من السلطان برغش بن سعيد منشئ المطبعة حتى السلطان حمد بن ثويني يوقفون الكتب التي تصدر عن المطبعة السلطانية ويُمنع بيعها وتداولها في الأسواق، وفي كل كتاب دونت وقفية السلطان من قبل أحد العلماء الذين يتصدرهم الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي، تم تصحح الوقفية وتعتمد من قبل السلطان، ومن تلك التقييدات الوقفية النموذج الآتي :
"قد أوقف سيدُنا ومولانا الأجل الأكرم المحترم المعظم الهمام برغش بن سعيد بن سلطان بن الإمام جميع الكتب المطبوعة من أجزاء قاموس الشريعة أولها وآخرها على طلبة العلم المتعلمين والراغبين فيه المجتهدين، ابتغاء ما عند الله تعالى من الثواب، وهَرَبًا من أليم العقاب، وإنه قد أخذ عهد الله وميثاقه على من صار في يده شيء من هذه الكتب أن لا يبيعها ولا يهبها ولا يرهنها ولا يتملكها، وأن لا يمنعها من كان مستحقا للقراءة منها، وأن لا يعطيها من هو غير مأمون عليها خوفا من ضياعها، وإن احتاجت إلى إصلاح فليصلحها مَنْ صارت في يده وأجره على الله تعالى؛ وقفا مؤبدا صحيحا شرعيا لا يُحال ولا يزال، ولا تباع هذه الكتب ولا تورث ولا توهب ولا ترهن ولا تملك حتى يرث الأرض وارثها. أُشْهِدُ الله تعالى على ذلك وكافة المسلمين (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). وكتب هذا عن أمره خادمه الفقير لله يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي بيده في 10 رمضان 1299هـ .صَحَّح ذلك السيد برغش بن سعيد".
كما كان لتجليد الكتب بالمطبعة السطانية ثيمة خاصة تتميز بلون أحمر وختم مذهب ذي طابع عماني عرف بها وشاع استخدامه حتى في تجليد الكتب المخطوطة التي نسخت في زنجبار خلال تلك الحقبة.
وقد كانت حركة نشر الكتب في المطبعة خلال حقبة حكم السلاطين :
برغش بن سعيد وهو مؤسس المطبعة.
خليفة بن سعيد بن سلطان (1305هـ/1888م - 1307هـ/1890م) الذي استلم حكم زنجبار بعد وفاة أخيه السلطان برغش، وقد وقع على معاهدة مع شركة شرق أفريقيا الألمانية منح بمقتضاه الألمان الحق في تحصيل الرسوم الجمركية والضرائب على طول ساحل تنجانيقا، وحصلت في دولته ثورة الشيخ بشير بن سالم الحارثي ضد الألمان في باغ مويو وبنغاني في الساحل الأفريقي، وكان يمده بالآلات الحربية والمأكولات حتى يتقوى على مقاومتهم .وقد نال وسام فارس الصليب الكبير الفخري (وسام القديس مايكل والقديس جورج) من بريطانيا.
علي بن سعيد بن سلطان (1307هـ/1890م - 1310هـ/1893م) وفي عهده تم وضع أول دستور للسلطنة وتشكيل حكومة دستورية عام 1891، بالإضافة إلى تشكيل مجلس الوزراء وفصل السلطات.
حمد بن ثويني بن سعيد (1310هـ/1893م - 1313هـ 1896م) وكان قد قرّب العلماء وأجلّهم، وللشيخ الشاعر أبي مسلم البهلاني الرواحي قصائد بليغة في مدحه وذكر مناقبه.
وفي عهد السلطان علي بن حمود بن محمد اقتصر دور المطبعة السلطانية على إصدار الأوراق الرسمية للدولة، كالمراسيم والقرارات وأوسمة الشرف وسجلات القضاء والعهود الدولية وعقود المعاملات والمراسلات السلطانية.
وقد كان لإنشاء السلطان برغش للمطبعة الفضل في تأسيس وانطلاق النهضة الثقافية الفكرية في جزيرة زنجبار لتكون جسراً للتواصل المعرفي مع بلدان العالم، فقد أعقب إنشاء المطبعة إنشاء أكثر من عشر مطابع أهلية في زنجبار.
كما كان لمجمل تلك المطابع كبير الدور في الصحافة العمانية بزنجبار وذلك بصدور قرابة 12 صحيفة امتدت لحقبة أكثر من 60 عاماً أشهرها: (النجاح - النادي - الفلق - النهضة - المرشد - الأمة - الإصلاح - المعرفة).
--------------------------------------------------------------------
المصادر والمراجع :
المطبعة السلطانية (مقال غير منشور) للباحث سلطان بن مبارك بن حمد الشيباني
الطباعة العمانية (مقال غير منشور) للباحث سلطان بن مبارك بن حمد الشيباني
الإسهامات الثقافية العمانية لرواد العهد الأول من تاريخ الصحافة العمانية . د. عبدالله بن خميس الكندي. منشور في العدد 16 من مجلة الدراسات العمانية. وزارة التراث والثقافة.2010م.
الصحافة العمانية المهاجرة وشخصياتها . د. محسن بن حمود الكندي. دار رياض الريس . ط 2 ، 2009م.
الشيخ العلامة يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي وإسهاماته للمكتبة العمانية. خالد بن عبدالله بن سيف الخروصي. 1430هـ/2009م.
مجموعة كتب من مطبوعات المطبعة السلطانية.
وثيقة مخطوطة (رسالة من الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي إلى الشيخ خميس بن أبي نبهان الخروصي) بحوزة الباحث حارث الخروصي.
تاريخ الطباعة (موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف)
ويكيبيديا (الموسوعة الحرة)
لقاء صحفي مع سعادة الشيخ أحمد بن سعود السيابي حول التراث العلمي العماني، منشور في ملحق أشرعة بجريدة الوطن بتاريخ 24 رجب 1432هـ الموافق 26 يونيو 2011