د.سليمان المحذوري
ملحق اشرعة، جريدة الوطن 14 مايو 2017
مدينة صور العُمانية هي أول مدينة عربية تُشرق عليها الشمس، وهي مدينة بحريّة تطلّ بوجهها على مياه المحيط الهندي؛ كنقطة التقاء ما بين بحر عُمان شمالاً وبحر العرب جنوباً . ورغم شهرة البحارة الصوريين إلا أنّ مدينة صور لم تحظ بالاهتمام التاريخي الذي يليق بها كمدينة عُمانية بحريّة عريقة . ومن المعلوم أنّ الموانئ العُمانية مثل قلهات ومسقط ومطرح وصحار وغيرها كانت تتناوب فترات الازدهار طبقاً للظروف والمتغيرات السياسية والاقتصادية. وبالنسبة لمدينة صور يذكر محمود أبوالعلا في كتابه “موانئ سلطنة عُمان قديماً وحديثاً” أنّ الأهمية التجارية لهذه المدينة بدأت منذ القرن السادس الميلادي وكانت تجارتها أساساً مع الساحل الشرقي لإفريقيا، وأصبحت من أكبر الموانئ العُمانية في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20م.
وكما هو معلوم أنّ علاقة العُمانيين بالبحر موغلة في القدم؛ الأمر الذي يسرّ لهم الاتصال والتواصل الحضاري مع الأمم والشعوب القاطنة على ضفاف المحيط الهندي بذراعيه الشمالي متجهين إلى الموانئ الفارسية الجنوبية وموانئ الخليج العربي وصولاً إلى العراق، وطريق آخر يتجه إلى الهند والصين. أما الذراع الآخر من المحيط الهندي ؛ فقد نال حظاً وافراً من ريادة البحارة العُمانيين؛ حيث جابوا غماره وبمهارة فائقة مستغلين حركة الرياح الموسمية Monsoon للتجارة مع موانئ شرق إفريقيا ابتداءً بالصومال شمالاً وانتهاءً بموزمبيق جنوباً.
استطاع العُمانيون عن طريق استخدام حركة الرياح الموسميّة القيام برحلتين منتظمتين في السنة؛ ففي فصل الخريف تدفع الرياح الشماليّة الشرقيّة (الأزيب) السفن العُمانية باتجاه شرق إفريقيا، وموسم هبوب هذه الرياح يبدأ عادة من أواخر شهر سبتمبر، وينتهي موسمها في أوائل شهر مايو تقريباً؛ حيث تخرج السفن من الموانئ العُمانية إلى المحيط الهندي ثم تسير بمحاذاة الساحل الإفريقي الشرقي لترسو في زنجبار العاصمة التجاريّة في ساحل إفريقيا الشرقية ، والمحطة الرئيسية للتجارة في المحيط الهندي. وفي فصل الربيع تعود السفن إلى عُمان محمّلة بسلع إفريقية مُتنوعة مع الرياح الجنوبيّة الغربيّة (الكوس). وبمضي الزمن اكتسب العُمانيون خبرة تامّة بمواقيت الرياح واتجاهاتها، وأضحت رحلاتهم التجاريّة إلى بلاد “السواحل” ومدة استقرارهم فيها أكثر تنظيماً . كما أنّ من ضمن العوامل والأسباب التي كانت تقف وراء تفوق عُمان في الملاحة البحريّة هو التطور الكبير في حقل العلوم البحريّة؛ فقد ألف أساتذة العلوم البحرية العُمانية عدة كتب ومُؤلفات في علوم الملاحة ومن بينهم أحمد بن ماجد وسليمان المهري.
وفي هذا الخضمّ لم تكن صور مدينة متفرجة على ما يدور في مياه المحيط الهندي؛ بل كانت في قلب الحدث وجزءاً لا يتجزأ من صناعة التاريخ البحري العُماني. وواحدة من أعرق المدن البحرية العُمانية. إذ ارتبطت بالبحر وارتبط البحر بها منذ زمن بعيد؛ لذلك كانت مدينة صور مشاركة في جلّ تاريخ عُمان البحري بحكم موقعها على بحر العرب كبوابة لعُمان من الجهة الشرقية، وملتقى للطرق البحرية ومحطة لانطلاق التجارة والأسفار من خلال أسطولها البحري الذي لعب دوراً تاريخياً هاماً في الحركة التجارية إلى الهند ومنطقة الخليج العربي واليمن إلى جانب موانئ شرق القارة الإفريقية. إذ اشتهرت المدينة بتجارة “الترانزيت” ، وكانت مركزاً تجارياً بين موانئ المحيط الهندي لتجميع السلع واعادة تصديرها. كما شكلّ خورها الطويل ملاذاً آمنا للسفن من الرياح والأمواج العاتية. إلى جانب المهارة العالية التي تمتّع بها البحارة الصوريون في ركوب البحر واستثماره لفائدتهم، أضف إلى ذلك أنّ الاستقرار الذي نعمت به المدينة لفترات زمنية طويلة ساهم في استمرار نشاطها التجاري.
صور وصناعة السفن
وفي هذا الاطار لا بد من الإشارة إلى أنّ من أسرار التفوق الملاحي لأبناء مدينة صور وما ميزهم دون سواهم شهرتهم الواسعة في مضمار صناعة السفن والمراكب الشراعية. حيث نالت المدينة منذ وقت مبكر صيتاً في صناعة السفن خاصةً السفن ذات الأحجام الكبيرة التي كانت تُستخدم للتجارة مع شرق إفريقيا، وكانت معظم المراكب أحادية الصاري تُزود بشراعين لرحلاتها الطويلة؛ أحدهما للأحوال الجويّة العاديّة، والآخر للأحول الجويّة المضطربة.
ومن هذه السفن البدن والبغلة والبوم والغنجة والجالبوت إضافة إلى السنبوق. وكانت بعض الأنواع من هذه المراكب تُصنع في مدن أخرى بالإضافة إلى مدينة صور؛ فيما انفردت هذه المدينة بصناعة مراكب الشحن التي تستخدم في الابحار لمسافات طويلة مثل الغنجة والسنبوق. وفي هذا الصدد يذكر النوخذا خميس بن راشد بن ناجم المخيني أن السفن التي كانت تسافر للتجارة مع زنجبار هي البدن، والجالبوت، والسنبوق، والبوم، وكانت كل سفينة تحمل في حدود 30-35 بحارا.
وكانت هذه المراكب تُصنع باستخدام الأخشاب المحلية كالسدر والقرط خاصة صناعة أجزاء (الشلمان) في السفينة، أو الأخشاب المستوردة كالساج والميط والكرنج التي كانت تجلب من كاليكوت بالهند وشرق إفريقيا. وفي مراحل صنع السفينة يشترك في إنجازها عدد كبير من الرجال ومن ضمن أناشيدهم:
بو سلامة تمدن.. يشرب شاهي ملبن
إن بغيته في الأكواب .. وإلا داخل فناجين
حالي يا موز حالي.. يا صباح السلاطين
إلا أنّ مجد صناعة السفن في صور تراجع مع ظهور السفن البخارية الحديثة التي حلّت تدريجياً محلّ السفن الشراعية التي اشتهرت المدينة بصناعتها.
الطرق التجارية والسلع المتبادلة
ذكر لي النوخذا سعيد بن راشد بن عبدالله المخيني في مقابلة معه في ديسمبر 2005م – آخر رحلة له كانت عام 1973م على سفينة فتح الخير- أنهم كانوا في رحلاتهم يستفيدون من حركة الرياح الموسمية؛ حيث تدفعهم رياح الشمال “النيروز” جنوباً باتجاه بلاد السواحل .
وموسم السفر إلى شرق إفريقيا عادةً يبدأ من شهر نوفمبر وينتهي في نهاية إبريل وبداية مايو؛ حيث يُعد فصل الصيف فترة زمنية للراحة والاستجمام، إضافة إلى صيانة السفينة، وإعادة دهنها بالمواد المانعة للتسرب. وكان من عادة البحّارة العُمانيين عندما ينطلقون من موانئهم في عُمان باتجاه مناطق إفريقيا الشرقيّة ملازمة الساحل دون التعمق في مياه المحيط الهندي ؛ من أجل المرور على أكبر عدد ممكن من المرافئ أو الجزر المُتناثرة قبالة السواحل الإفريقية.
تبدأ المراكب الصورية رحلتها مارّة بخور جراما كمحطة أولى قبل الإبحار إلى زنجبار، ومن هذا الخور تنطلق المراكب إلى رأس الحد ، ثم تأخذ المراكب طريقاً محاذياً حتى تصل إلى رأس مدركة وصولاً إلى جزيرة مصيرة فميناء مرباط في ظفار؛ للتزود بالمؤن الضروريّة كالأسماك المُجفّفة والمُملحة والماء والخشب والفحم ، ومنها إلى رأس فرتك ثم تتجه المراكب في خط مستقيم محاذية الساحل مروراً بالشحر والمكلا حتى تصل عدن، وبعد الانتهاء من مهامها التجاريّة تبحر جنوباً بمحاذاة الساحل صوب رأس الغضروفي. وبعض المراكب كانت تسلك طريقاً مباشراً إلى زنجبار حيث تنطلق السفن من ميناء مرباط باتجاه جنوبي غربي مروراً بجزيرة سقطرى إلى جزيرة عبد الكوري ومنها إلى رأس حافون . ثم تبدأ المرحلة الثانية من الرحلة باتجاه زنجبار؛ حيث تنطلق السفن التجاريّة بمحاذاة الساحل الإفريقي الشرقي حتى تصل إلى محطات مثل مقديشو ومركة وبراوة ، والتي تُشكّل مراكز مهمّة لعمليات التبادل التجاري ومحطات لتوقف السفن. ثم تدخل السفن أرخبيل لامو وبعد ذلك تتجه السفن جنوباً إلى مالندي وممباسة التي تُعتبر من أكبر المدن الساحليّة في الشرق الإفريقي بعدها تلتزم في مسارها حتى تصل تانجا فإلى زنجبار المركز الرئيسي السياسي والتجاري للعُمانيين ، وبمبا (الجزيرة الخضراء). وبعض السفن كانت تكمل رحلتها إلى جزر القمر ومنها إلى مدغشقر، والبعض الآخر يصل إلى موزمبيق وكما يذكر النوخذا سعيد المخيني أن السفن الصورية وصلت إلى موزمبيق في أقصى جنوب ساحل إفريقيا الشرقي خاصة خلال الحرب العالمية الثانية بسبب غلاء المعيشة.
ونظراً لطول الرحلة التجارية بين عُمان وشرق إفريقيا فقد كانت تُنظّم بشكل قوافل تجارية لمجابهة أخطار الطريق وأهواله ؛ اذ كان عدد المراكب في القافلة الواحدة يصل أحياناً إلى ست عشرة سفينة. وقد اعتمد البحارة العُمانيون في تسيير سفنهم على مجموعة من الإشارات الملاحيّة (المجاري)، والتي تشتمل على معلومات عن النجوم ، وعلى جداول فلكية وخطوط العرض المتعلقة بالموانئ التي ترسو فيها السفن ، إلى جانب معلومات عن الرياح واتجاهاتها ومواسمها، وكذلك معلومات عن طبيعة السواحل وتعرجاتها. كما استخدم النواخذة والملاّحون عددا من الأدوات والأجهزة التي كانت تعينهم على تحديد مواقعهم في عرض البحر، والتعّرف على أحوال الطقس والمناخ مثل: الإسطرلاب، والكمال، والديرة (الابرة المغناطيسية أو البوصلة البحرية)، والباطلي.
أما عن أهم السلع التجارية المتبادلة مع موانئ إفريقيا الشرقية يقول النوخذا سعيد المخيني من لامو كانوا يستوردون خشب الجندل “المنغروف” الذي يستخدم في سقوف المنازل، ومن زنجبار القرنفل وغيرها من السلع. ويذكر لنا النوخذا خميس المخيني أن العاج يأتي في طليعة السلع المستوردة من كينيا ويقول رغم أنّها كانت سلعة ممنوعة إلا انّها كانت تجلب من داخل إفريقيا عن طريق تجار القوافل. وفي المقابل كانوا يصدرون إلى إفريقيا الليمون المجفف وأخشاب السمر والغاف، والسمك المجفف” العوال”، وتمر “الفرض”.
وكانت السفن تمضي قرابة الشهرين في معاملاتها التجارية وتحميل بضائع جديدة، وبعد رحلة تجارية مثمرة تعود مع هبوب الرياح الجنوبية الغربية “الكوس” في منتصف إبريل. وطريق العودة من بلاد السواحل هي نفس طريق السفر إليها، ولكن بعكس اتجاهها ، فمن الموانئ، الجنوبية كميناء كلوة وسفالة تساير المراكب الساحل الإفريقي إلى ميناء حافون ، ومن حافون تنطلق عبر خليج بربرة، إلى جزيرة عبد الكوري، ثم تواصل السفن السير مباشرة حتى تصل صور أو مسقط قبل منتصف مايو.
وعندما يقترب وصول البحارة الى أرض الوطن وعند لقاء الأهل والأصدقاء يغنون فرحاً فن “الشوباني” وهو من الفنون الإفريقية الأصل :
اسمع حنين ورنة .. فوق الغرفة
بدوية عسقت مولد.. وشقت ثوبه
لا إله الله يا ممبسة
عطوني بسرة خنيزي.. ما با زنجبار
ولد البحر بحراني.. لا تمشي وياه
لا إله الله يا ممبسة
قضية رفع الأعلام الفرنسية
ارتبط تاريخ عُمان الحديث بشكل عام وتاريخ صور على وجه الخصوص بقضية رفع الأعلام الفرنسية على السفن العُمانية. حيث تتلخص هذه القصة في منح السلطات الفرنسية تصاريح رفع الأعلام الفرنسية على السفن التابعة لمدينة صور التي كانت تربطها علاقات تجارية مع المستعمرات الفرنسية في المحيط الهندي مثل جزيرة مايوت القمرية ونوصي بيه- شمال مدغشقر-؛ وذلك من أجل التغلب على مُشكلة اعتراض السفن الإنجليزية التي كانت تحدّ من نشاطها الملاحي والتجاري في مياه المحيط الهندي.
وفي هذا الصدد يذكر القاسمي أنّ أقدم وثيقة تتعلق برفع العلم الفرنسي على السفن العُمانية تعود إلى عام 1845م، حيث وصل عدد السفن الصورية التي كانت ترفع الأعلام الفرنسية في عام 1896م إلى 44 سفينة. ورفع الاعلام الفرنسية خلال نصف قرن أسهم في ازدهار تجارة الصوريين بسبب عدم تعرض سفنهم للتفتيش من قبل الإنجليز. واستمر التجار العُمانيون في رفع الأعلام على سفنهم إلى أن أصدرت المحكمة الدوليّة حكمها عام 1905م بمنع أية دولة أوروبية من منح حق رفع علمها على السفن العُمانية.
الحوادث البحرية للسفن الصوريّة
كما هو معلوم أنّ رحلات السفن العُمانية لم تكن دائماً كما تشتهي السفن؛ إذ كانت تصادفها الصعاب وهي تمخر عباب البحار كارتفاع الموج، وشدة الرياح، واشتداد العواصف والأمطار الغزيرة؛ ينطبق عليها وصف المسعودي في كتابه “مروج الذهب” أنّ البحارة عندما يدخلون خليج عدن ويقتربون من المنطقة المحاذية للصومال تكون الأمواج عالية يرتجزون ويقولون: بربرا وحافوني… وموجها المجنوني/ حافوني وبربرا … وموجها كما ترى.
ويتضمّن كتاب “التاريخ البحري المروي لولاية صور” بعضاً من حكايات وقصص السفن الصورية؛ فعلى سبيل المثال تُعد غرقة السفينة “سمحة” من أسوأ الفواجع التي مرت على المدينة في رحلة عودتها من زنجبار عام 1959م وعلى متنها 174 بسبب زيادة وزن السفينة. كما تعرضت السفينة “الوشار” في رحلة العودة من إفريقيا لرياح شديدة وأمواج عاتية أدت إلى غرق السفينة. إلى جانب قصص وحوداث أخرى يرويها البحارة تروي قصة الكفاح والمغامرات للبحارة الصوريين. هذه القصص لو تمّ الاشتغال عليها وتوظيفها فنياً وسينمائياً من قبل المختصين؛ لأنتجت لنا أفلاماً سينمائية توثق جانباً مهماً من تاريخنا البحري ولربما لقيت رواجاً عالمياً.
قصة سفينة فتح الخير
سيكتمل مشهد التاريخ البحري لمدينة صور بالحديث عن قصة سفينة “فتح الخير” التي كانت ضمن الأسطول التجاري الكبير للمدينة خلال النصف الثاني من القرن 20م. وقد صنعت السفينة وهي من نوع الغنجة عام 1951م بمدينة صور كسفينة تجارية؛ حيث كانت تجوب مياه المحيط الهندي مدة 43 سنة حاملة البضائع العُمانية كالتمور والليمون المجفف والأسماك المملحة وغيرها، تتجه به إلى السواحل الإفريقية وغيرها من البلدان ثم تحمل البهارات والتوابل والبضائع المختلفة من تلك البلاد، وتعيد تصديرها إلى الهند والبصرة في العراق.
وقد انتهى المطاف بهذه السفينة في دبي ثم اليمن إلى أن اعادها أهل صور إلى أحضان موطنها الأصلي في صور عام 1993م لتبقى شامخة تحكي جزءاً من التاريخ البحري العريق لمدينة صور، وتحفة فنية شاهدة على براعة الصناعة الصورية للسفن العُمانية.
وأثناء زيارتي للمدينة في ديسمبر عام 2005م عرّجت على مشروع متحف “فتح الخير” التي كانت هذه السفينة جزءاً أساسيا منه، وبعد مضي أكثر من عشرة أعوام زرت المدينة مرة أخرى في ديسمبر عام 2016 وما زال المشروع يراوح مكانه ينتظر أن يرى النور سأترك الإجابة مفتوحة للقائمين على هذا المشروع عموماً وأهل صور خاصة .
وهكذا يتضح لنا أنّ السفن العمانية كانت لها تجارة قديمة ومنتظمة مع بلاد شرق إفريقيا ؛ فقد مكّنت خبرة العُمانيين بشؤون الملاحة وفنونها من معرفة طرق الملاحة البحريّة وقوانينها ، كما أنّ مهاراتهم الملاحيّة أهّلتهم لمعرفة نظام هبوب الرياح الموسمية في منطقة المحيط الهندي ، ومن ثم فقد سخّروا مهاراتهم الملاحيّة لخدمة أغراضهم التجاريّة مع شرق إفريقيا؛ وبالتالي لعبت هذه العلاقة المبكرة دورا في الاتصال الحضاري بين الشعوب القاطنة على ضفاف المحيط الهندي. وكانت السفن الصورية بمثابة جسر تعبر من خلاله مختلف المؤثرات الحضارية المتبادلة بين عُمان ومناطق إفريقيا الشرقية . وكانت زنجبارآنذاك تنعم بالخير الوفير، وكانت مصدر التجارة شبهها النوخذا خميس المخيني بـ “اللؤلؤة”، وكان أغلب التجار هناك عُمانيين إلى جانب وجود أجناس أخرى ليشكلوا معاً لوحة حضارية ما زالت آثارها ماثلة إلى يومنا هذا ومما ميز العُمانيون دون سواهم أنهم لم يعيشوا بمعزل عن الأفارقة بل تزاوجوا معهم وكانوا يأكلون معا ويشربون معاً. ورغم ذلك ما زال كثير من هذا الإرث البحري العُماني مدفوناً في صدور البحارة والتجار وقد اندثر أغلبه بموتهم، إلى جانب أن بطون المخطوطات المتفرقة هنا وهناك خاصة المتعلقة بعلم البحار والفلك ما زالت تكتنز علماً غزيراً تنتظر من يُقلب صفحاتها وينفض عنها الغبار علّه يحظى بكنز عُماني ظل حبيساً ردحاً من الزمن.
المراجع:
• لقاء مع النوخذا خميس بن راشد بن ناجم المخيني، مدينة صور، 29 ديسمبر 2005م.
• لقاء مع النوخذا سعيد بن راشد بن عبدالله المخيني، مدينة صور، 29 ديسمبر 2005م.
• حسن صالح شهاب. رحلات المراكب البحرية ، مجلة نزوى، اكتوبر 1998م.
• حمود بن حمد الغيلاني & محمد بن حمد العريمي. التاريخ البحري المروي لولاية صور، وزارة التراث والثقافة، 2012م.
• حمود بن حمد الغيلاني. التاريخ الملاحي وصناعة السفن في مدينة صور العُمانية، المطابع العربية،2006م.
• سلطان بن محمد القاسمي. الوثائق العربية العمانية في مراكز الأرشيف الفرنسية، ط1، 1993م.
• محمد بن مبارك العريمي. “مدينة صور العمانية” الدلالة اللغوية والبعد الزمني، مجلة نزوى ، العدد 21، يناير 2000م.
• محمود أبوالعلا. موانئ سلطنة عُمان والتنمية قديماً وحديثاً، الكويت 1985م.
• المنتدى الأدبي. صور عبر التاريخ، ط2، 2000م.
• وزارة الإعلام ، عُمان في التاريخ ، لندن ، دار أميل للنشر المحدودة ، 1995م.
• وزارة التراث والثقافة. عُمان وتاريخها البحري، ط2 ، وزارة التراث والثقافة ، 2002م.